< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الفقه

37/07/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : التيمم _ ما يصح التيمم به _

(مسألة 9): إذا لم يكن عنده ما يتيمم به وجب تحصيله ولو بالشراء أو نحوه.[1] .

افتى السيد اليزدي رض بوجوب تحصيل ما يتيمم به ولو بالشراء .

والكلام قد يكون على طبق القاعدة في هذه المسالة وقد يكون بلحاظ الادلة الفقهية الموجودة بين يدي الفقهاء رض فأما من حيث القاعدة فان قلنا بوجوب مقدمة الواجب فحينئذ لا شك في تحصيل التراب لأنه مقدمة المقدمة خصوصا بعد فرض ان التيمم قد وجب بدليل خاص لا بعنوان القاعدة بوجوب المقدمة فهذه المقدمة للصلاة وهي الطهارة بالوضوء او التيمم فقد دل عليها النص الشريف فإذن اصل وجوب الصلاة ووجوب التيمم ثابت بالنص الشريف فوجوب المقدمة يكون كاف لإثبات تحصيل التراب وبغيره _ ان جوزنا التيمم بغير التراب _ فيكون من باب وجوب تحصيل المقدمة .

واما على الذي لا يقول بوجوب المقدمة على الاطلاق مثل السيد الاعظم رض وغيره من الفقهاء فحينئذ يفتقر الى دليل خاص تعبدي فهذا هو مقتضى القاعدة العامة , ونحن حيث التزمنا في الاصول بوجوب المقدمة مطلقا تبعا لصاحب الكفاية فالمسالة عندنا واضحة لا نفتقر الى الدليل ولكن جلستنا كطلاب علوم فيجب البحث حتى وان قلنا بعدم وجوب المقدمة باعتبار ان البحث علمي , واستدل على ذلك بثلاثة ادلة :

الدليل الاول : ما دل على وجوب تحصيل الماء ولو بأضعاف ثمن السوق ومن تلك الادلة نتعدى الى التراب لان كل واحدة من الطهارتين واجب فاذا وجب تحصيل الماء وجب تحصيل التراب ايضا , وعندنا روايتان قد تقدم الكلام فيهما لأجل اثبات وجوب الشراء ,

الرواية الاولى : وهي معتبرة ذكرها المحمدون (محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن البرقي ، عن سعد بن سعد ، عن صفوان قال : سألت أبا الحسن ( عليه السلام ) عن رجل احتاج إلى الوضوء للصلاة وهو لا يقدر على الماء ، فوجد بقدر ما يتوضأ به بمائة درهم أو بألف وهو واجد لها ، يشتري ويتوضأ أو يتيممّ ؟ قال : لا ، بل يشتري ، قد أصابني مثل ذلك فاشتريت وتوضأت وما يسرني بذلك مال كثير )[2] فالإمام ع اشترى الماء بمال كثير لأجل الوضوء والشيخ الكليني والشيخ الطوسي ذكرا الرواية بسندين كمعتبرين ولكن الشيخ الصدوق ذكرها مرسلتا .

الرواية الثانية : رواية العياشي[3] (محمد بن مسعود العياشي في ( تفسيره ) عن الحسين بن أبي طلحة قال : سألت عبداً صالحاً ( عليه السلام ) عن قول الله عز وجل :( أو لامستم النساء فلم تجدوا ماءاً فتيمموا صعيدا طيبا ) ، ما حد ذلك ؟ قال : فإن لم تجدوا بشراء أو بغير شراء : إن وجد قدر وضوء بمائة الف ، أو بألف وكم بلغ ؟ قال : ذلك على قدر جدته)[4] , فأيضا هنا يعود الى الوضوء فأصل وجوب الشراء لا ينبغي الريب في ذلك بالنسبة الى الوضوء وتعدينا منه الى الغسل وان كان النص وارد في خصوص الوضوء ولكن التعدي كمن الوضوء او الغسل الى التيمم هذا غير واضح ولا دليل عليه لان هذه احكام تعبدية , اذن هذا اهم الادلة وذهب من ايدينا .

الدليل الثاني : وفي كلام حكيم الفقهاء يقول ( لإطلاق دليل وجوب الطهارة ) فجعل هذه الجملة تأييدا لفتوى اليزدي رض ففتوى السيد اليزدي قال وجب البحث وجب الشراء فعلق هنا السيد الحكيم فقال لأطلاق دليل وجوب الطهارة .

فتأملنا لكن لم نجد معنى واضح لكلامه الشريف فالبحث عن التراب ليس طهارتا حتى يقال انه اطلاق الدليل كما يقتضي الطهارة يقتضي البحث عن التراب فالبحث عن التراب هو توصل الى ما يتطهر به فكلامه الشريف مجملا غير واضح فهذا توصل فالدليل دل على وجوب الطهارة ولكنه الدليل الدال على ثبوت الحكم لا يدل على وجوب تحصيل الموضوع فالدليل دل على وجوب الوضوء وجوب التيمم ووجوب الغسل فكل ذلك يمشي وموضوعه توفر الماء وتوفر التراب فهذا موضوع والدليل الدال على ثبوت الحكم وهو وجوب التيمم لا يدل على وجوب تحصيل الموضوع وتحقيق الموضوع _اذا فتحنا هذا الباب فسوف يتغير كثير من الفقه _ .

وعلى كل حال اللهم الا ان يقصد رض ان ادلة وجوب المقدمة موردها ما اذا كان وجوب ذي المقدمة مطلقا أي يقصد بإطلاق دليل الطهارة تهيئاه الموضوع لدليل حكم وجوب المقدمة فهذا يتمشى فهناك في بحث المقدمة قرر الاعلام ان دليل وجوب المقدمة حيث يكون وجوب ذي المقدمة مطلقا واما اذا كان مثل وجوب الحج مقيدا بتوفر الاستطاعة فلا يجب عليك تحصيل الاستطاعة فليس وجوب الحج كوجوب الصلاة فوجوب الصلاة مطلق عليك ان تصلي بخلاف الحج فانه ان استطعت وجب عليك الحج , فمعنى ذلك حيث ان الامر بالحج مقيد بالاستطاعة فلا يجب تحصيل الاستطاعة بخلاف وجوب الصلاة الذي هو مطلق فيجب تحصيل التمكن من الصلاة من باب وجوب المقدمة فأدلة وجوب المقدمة مختصة بما اذا كان الامر بذي المقدمة مطلقا ليس مقيدا فيقصد عليه رض بالإطلاق هذا المعنى لا انه يريد ان يستدل بأصل وجوب الطهارة وجوب البحث عن التراب انما يريد ان يهيأ موضوع وجوب المقدمة ,

هذا تأويل منا ولكن هذا ايضا لا يمشي .

الوجه فيه : ان نفس الطهارة مقدمة فان كان يريد ان يثبت وجوب البحث من باب المقدمة بهذا البيان عليه ان يستدل بوجوب ان الصلاة لا تترك بحال فالصلاة واجب نفسي ووجوب الصلاة يعني وجوب مقدماتها كلها بمقتضى وجوب المقدمة حينئذ عليه الاستدلال بأدلة وجوب الصلاة واطلاق ادلة وجوب الصلاة لا اطلاق ادلة وجوب الطهارة , اذن هذا الذي ذكرناه لا يتمشى مع الموازين العلمية فعليه يتمسك بدليل وجوب الصلاة فيثبت بذلك مورد للحكم بوجوب المقدمة لان المقدمة تجب بمقتضى ادلة وجوب المقدمة ان كان وجوب الواجب نفسي مطلقا لا غيري مطلقا وانت تريد ان تثبت ان الوجوب الغيري مطلق فهذا لا يفيد ! , وارسله ارسال المسلمات فكلامه غامض غير واضح .

فان قلنا بوجوب المقدمة على الاطلاق فهذا يمشي بدون أي مانع اللهم الا ان يكون الشراء مضرا بحاله ولو حالا كما لو كان في السفر فيأتي دليل نفي الحرج ونفي الضرر فيرفع وجوب الشراء وهذا خروج عن محل الكلام وانما الكلام مع التمكن من الشراء ولو بأضعاف الثمن فالتعدي من الرواية الى التيمم غير واضح , ونعود الى باقي الادلة :

الدليل الثالث : ما دل على ان التراب احد الطهورين ويكفيك عشر سنين وهذا التعليل ليس فيه دلالتا على وجوب تحصيل التراب انما يقول اذا كان متمكنا من التراب والكلام في تحصيل القدرة لا في المحافظة على القدرة .

الدليل الرابع : انه نزل التراب منزلة الوضوء فاذا كان التيمم بمنزلة الوضوء او كان التراب بمنزلة الماء فما يثبت للمنزل عليه يثبت للمنزل ايضا .

وهذا حسب الموازين العلمية صعب الالتزام به والوجه في ذلك لأنه قرر في محله اذا دل دليل ان هذا منزل منزلة ذاك فيه مباني مختلفة قيل انه :

الراي الاول : يثبت كل حكم ثابت للمنزل عليه يثبت للمنزل

الراي الآخر : هو ان ابرز الاحكام الثابتة للمنزل عليه يثبت للمنزل .

الرأي الثالث: الاجمال ما لم يكن هناك دليل واضح انه تنزيل هذا منزلة ذاك في أي جهة كما في الآية الكريمة في حق النبي ص ﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا[5] فيكون من الحكمة التي كانت دعت الله سبحانه او المصلحة التي دعت الله سبحانه الى ارسال موسى ع نفس تلك المصلحة والغاية في بعثة النبي ص , والا فاذا لم يصرح بدليل وجهة التنزيل ولما نُزل هذا المنزلة فهذا مجمل , وفي المقام ادلة التنزيل ليس فيها دلالة على ان جميع ما ثبت للمنزل عليه وهو الماء يثبت للمنزل وهو التراب ومن جملة ذلك وهو الشراء ووجوب الوصول اليه , ومقتضى القاعدة نقول شك في التكليف فتجري البراءة , وعلى كل حال ان كل هذه الادلة غير واضحة الا القول بوجوب المقدمة وذاك كل على مبناه


[3] مشكلة كتاب تفسير العياشي لست ادري لماذا حذف الشيخ الطوسي لا نعرف سبب حذف الاسناد في هذا الكتاب فالموجود بين ايدينا اليوم من تفسير العياشي مقطوع الاسناد فكل الاسانيد محذوفة وهو اعرف بما فعل ولكن سقطت القيمة العلمية لكل هذه الروايات.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo