< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الفقه

37/07/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : التيمم _ طهارة مايتيمم به _

فصل : يشترط فيما يتيمم به أن يكون طاهرا، فلو كان نجسا بطل وإن كان جاهلا بنجاسته أو ناسيا ... . [1]

هذا الذي هو شائع اساسه من الشافعية ولايطابق ما هو موجود في اللغة ومن هنا تسرب الى كلمات فقهائنا الابرار رض , فطهور وزنه فعول ووزن فعل يوجد في المبالغة واما نفس كلمة الطهور مبالغة في الطاهر ثم التعدي منه باعتبار التشكيك غير ممكن ثم بعد ذلك تفسيره طاهر في نفسه مطهر لغيره كل ذلك اساسه اؤلئك . فانت تفسر كلام النبي الاعظم ص بهذا المعنى جدا غير واضح مع كل احترامنا لفقهائنا الابرار الموجود عندهم هذا التفسير .

نحاول الفهم على ضوء القواعد التي بأيدينا فطهور استعمل اسم جنس واستعمل بمعنى مصدر في اللغة , فطهور قالوا مصدر مشتق منه فاذا قلنا مصدر مشتق كما قاله المحققون مثل صاحب الكفاية _ فليكن مصدرا ليس بمشكلة _ فطهور مصدر ونص على ذلك اهل اللغة منهم سيبويه ايضا قال طهور استعمل مصدر بمعنى تطَهُر وبمعنى اسم الجنس بمعنى ما يتطهر به مثل فطور ما يفطر عليه وضوء مايتوضؤ به وغير ذلك استعمل بهذا الوزن , فالطهور ان أخذ بمعنى اسم الجنس يعني جامد فيكون معناه ما يتطهر به او معناه المصدري التطهر وليس التطهير , فالكلام في طهور , واستعمل في القرآن مرة في سورة الفرقان ومرة في سورة هل اتى ﴿ وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا ﴿48﴾لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا [2] فهنا استعمل كلمة الطهور فغي الكتاب العزيز ﴿ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا [3] , ففي سورة الفرقان انزل ماء طهورا فهل ليطهر الارض ؟ لنحيي به بلدة ميتا .. ! فما المناسبة بين التطهير وبين احياء الارض ؟ فلا مناسبة بينهما فهل هنا طاهر في نفسه ومطهر غيره ! وكذلك في سورة هل اتى ( وسقاهم ربهم شرابا ... ) والمروي عن المعصوم ع انه ما يتطهر به أي انه ما يتقرب به الى الله سبحانه , فكيف انت تفسره بطاهر ومطهر ؟ ! وكذلك فالآية الاولى فيعني يكون من نظافته يسقى كذا يعني تزال عن الارض آثار الجدب والميت , فكلمة الطهور في القرآن استعملت في ما يتطهر به وليس بمعنى ما يُطهر .

وبعد هذا التوضيح نعود الى حديث النبي ص ( جعلت لي الارض مسجدا وطهورا ) [4] فمسجدا واضح والمقصود منه موضع السجود انت تصلي اين ما شئت واما طهور هو ما يتطهر به الارض ما يتطهر به واثبات الطهارة في مايتيمم او يتطهر به مبني على اثبات الملازمة الشرعية او العقلية او العرفية بين المطهرية وبين الطاهر واين تثبت بهذا وهو عين المدعى , واما استغراب الذي ظهر في كلمات بعض فقهائنا الابرار مثل الكركي في جامع المقاصد من انه كيف مطهرا مالايكون طاهرا هذا غريب جدا , فان الله تعالى يخرج الطاهر من النجس ومن النجس الطاهر يخرج الانسان من المني النجس ونزرع في المكان النجس الشيء وناكل طاهرا , ثم انه في الجلسة السابقة ذكرنا ان الطهارة من الحدث او من الخبث حكم شرعي سواء قلنا بان الاحكام الشرعية مجعولة كما عليه المعظم ام قلنا انها منتزعة كما قال الانصاري واصر عليه فعلى كل حال اما حكم شرعي او منتزع من حكم شرعي فمجعول شرعي مباشرةً او مجعول شرعي بجعل منشأ انتزاعه على رأي الشيخ الاعظم , فالطهارة هي بفعل اله تعالى لا بفعل الماء ولا بفعل التراب[5] .

والتفت الى هذا صاحب الجواهر رض فقال اذا اردت ان تستدل بهذا الحديث الشريف فلابد ان تثبت الملازمة بين استخدامه للطهارة وبين كونه طاهرا _ هو عبر تبعا للفقهاء مطهر وطهارة _ فكيف يكون هذا الماء يحدث الحكم ! فهو توقف عن اثبات الملازمة فلا دليل عنده للملازمة يعني هو اعلن عجزه عن ذلك فالملازمة لابد ان تكون شرعية فانت تثبت بنفس الحديث فهذه مصادرة , فالاستدلال بالحديث على اعتبار الطهارة في التراب لأجل التيمم بالتراب جدا غير واضح وان صدر من غير واحد من الاجلاء الابرار , والغريب الروايات على كثرة ورودها في التيمم ساكتة ومعرضة عن بيان شرطية الطهارة , فالمقصود من الحديث لابد ان يكون ما يتطهر به فقط .

بقيت عندنا الآية الشريفة فنحاول فهمها ( فتيمموا صعيدا طيبا ) قالوا الطيب معناه الطاهر لكننا لم نجد ذلك في اللغة فالطيب ما يستطاب أي ما يلائم رغبة الانسان نفسه ورغبته في الاكل والشرب ﴿ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ[6] فهل يعني ذلك ان البلد ليس فيها نجاسة ! اذن هذا التفسير غير واضح .

والسيد الاعظم ايضا مال الى هذا وقال المقصود به الطاهر ولم يأتي بشاهد ولم يثبت لغة طيب بمعنى طاهر فلم يأتوا بشاهد على ذلك لا هو ولا غيره .

نعم يمكن ان يفسر طيب بما يكون بعيدا لاعن الاستقذار يعني نفس الانسان تشمئز من ارض قذرة فيكون اختيار ترابا لا تستقذره وعليه قلنا ان الصعيد هو المكان المرتفع وهو كناية عن نظافة المكان مما يستقذر به .

فالنتيجة لم يثبت عندنا دليل لفظي او اصل عملي يقتضي على اعتبار الطهارة في التراب .


[5] ليس الماء او التراب هو الذي يعطي الطهارة انما الله تعالى جعل هذا موضوعا او محلا لجعل الطهارة وانشائها لا انه هو الذي يجعل الطهارة انما هو حكم تعبدي فان فعلت كذا فانت خرجت من الحدث الى الطهارة وان فعلت كذا فقد خرجت من الطهارة الى الحدث فهذه احكام تعبدية بحتة فربطها بالقضايا التكوينية غريب جدا.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo