< قائمة الدروس

آیة‌الله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

37/03/11

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : الحق أن الأوامر والنواهي تكون متعلقة بالطبائع دون الأفراد
يظهر من كلماتهم ان المراد من الطبيعي هو الماهية قلنا ان الماهية من حيث هي هي ليست موجودة ولا معدومة ولا واحدة ولا كثيرة حتى قالوا في مقام الماهوي رفع المتناقضين معقول يصح ان يقال انها غير موجودة وغير معدومة وكل من الحكمين صحيحا باعتبار انها ليست شيئا , فقالوا بعد ذلك ان الاوامر تتعلق بالطبائع فما هو مقصودهم من ذلك ؟ .
والذي ينبغي ان يقال ولا يفرق بين القول بأصالة الوجود وان الوجود امر واقعي وهو منشأ الاثار المتوقعة من الشيء وهو الذي يوجد ويعدم وبين القول بأصالة الماهية بان الماهية هي منشأ الاثار المتوقعة من الشيء سواء قلنا بهذا او بذاك , باعتبار ان القائلين بأصالة الماهية مع قطع النظر عن الوجود يمكن ان يترنب عليها اي اثار باعتبار انهم قالوا ان الوجود وان كان امرا اعتباريا والحقيقية للماهية ولكن الماهية اذا لم تتصف بالوجود فلا تكون محكومتا باي حكم ولاتكون منشأ لأي اثر توقع منها فهذا معنى مشترك بين القولين . فبعد هذا التذكير لما قلناه في الجلسة السابقة نقول
ان مقصودهم من الماهية هو ما يمتاز به شيء عن شيء وهذا الامتياز هو عبارة عن عدم المشاركة , فالمقولات العشر الجوهر والاعراض التسعة متميزة بعضها عن بعض ويمكن ان يقال ان هذا الامتياز وهو عدم الاشتراك هو عبارة عن الماهية , ومعلوم ايضا كما ان الجوهر متميز عن العرض فكذلك الاعراض التسعة متميزة بعضها عن بعض بتمام ذاتها وواقعيتها والجوهر بتمام واقعه متميز عن العرض وليس هذا الامتياز ناشئا من الفصل او من الاعراض ونحوها بل ان الامتياز ذاتي ونفس هذا الامتياز هو نعبر عنه الماهية , فقالوا ان الجوهر ماهية اذا وجدت وجدت لافي موضوع والعرض ماهية اذا وجدت وجدت في موضوع وهذا منشأ الامتياز هذا نسميه بالجوهر وذاك نسميه بالعرض , ثم الاعراض تتميز عن الاعراض الاخرى تتميز بنفس ذاتها وهي تلك المقولات التسعة ( على المشهور )[1] , اذن هذا منشأ الامتياز هو الماهية ولذلك ورد في بعض عبائر المحققين خصوصا اهل المعقول قالوا ان الماهية مثار الكثرة وليس مثار الاشتراك , فمنشأ الاختلاف والتمايز والكثرة من جهة الماهية وايضا عبر عنها ان ماهية الشيء حد الشيء اي ما يميزه ويفصله عن شيء اخر .
وهذه الاعراض التسعة هي مقولات تكوينية وفي مقابل هذه المقولات التكوينية التي تنحصر فيها الكائنات كلها اما جوهر واما عرض والعرض اما من هذا القسم من الاعراض او من ذلك العرض من المقولات وفي مقابل هذه المقولات العشر مقولة الامر الاعتباري والاعتباري غير خاضع لا للجوهر ولا للعرض وانما هو نحو وجود بحت وله ماهية اعتبارية بمعنى ان امتياز ذلك الامر الاعتباري عن سائر الامور الاعتبارية وامتيازه عن كل واحدة من المقولات العشرة ايضا بنفس تلك الماهية الاعتبارية , وهذه الماهية الاعتبارية يحكم عليها بانها موجودة او غير موجودة بنفس اعتبار من بيده الصلاحية والاعتبار لإيجاد هذا الامر الاعتباري , اذن اصبحت عندنا احدى عشر مقولة .
وهذا الامر الاعتباري تجدوه في ثنايا كلمات الاعلام قديما وحديثا وان كانوا في مقام حصر المقولات قالو انها عشر فقط جوهر وتسعة اعراض ونجد الاعتراف منهم بالماهية الاعتبارية ,
ثم ان هذه الماهيات الاعتبارية ايضا تنقسم فالصلاة ماهية اعتبارية ويوجدها من بيده الاعتبار وهو المولى جلة عظمته او من يخول له التشريع , وكذا ماهية الحج والصوم ايضا اعتبارية .
وهناك بعض الامور الاعتبارية غير خاضعة لاعتبار الشارع المقدس مثلا شخص يأسس مؤسسة ويضع لها نظاما فهذا النظام وجوده اعتباري و اعدامه وجعله بيد جاعل هذه المؤسسة وهو الذي له صلاحية الاعتبار , صاحب البيت الفلاني يجعل لبيته نظاما وهذا النظام يكون مجعولا بالاعتبار ويكون خاضعا لاعتبار من بيده الاعتبار .
يقول الامر الاعتباري ليس له خضوعا اي لا يخضع للمقولات التكوينية وانما يخضع لمن بيده الاعتبار , والامر الاعتباري يختلف عن الامر الاعتباري الاخر .
الالفاظ الدالة على مدلولاتها وهذه الالفاظ يضعها من بيده وضع اللغات , وقلنا في بحث الوضع ان الوضع هو خلق العلقة بين اللفظ وبين مفهوم يتصوره جاعل هذه العلقة فهو يتصور المعنى ويضع اللفظ لا لخصوص ذلك المعنى الموجود في ذهنه والا كان استعماله لما هو موجود في ذهن الاخر
وفي ذهنه هو في مقام اخر يكون مجازا ,ليس كذلك بل هو يضع اللفظ ليستخدمه لأجل الاشارة والدلالة على الماهية , وذلك المتميز بمنشأ الامتياز ذلك يكون مدلولا , فاللفظ يدل على الماهية ولكن بعد فرض امتياز تلك الماهية عن الماهيات الاخرى , فاذا المولى وضع لفظ الصلاة لطبيعي الصلاة او لصلاة الصبح فيحدد الصلاة بحدود معينة وهذه الحدود داخلة في صميم ماهية الصلاة بمعنى انها تميز هذه الماهية عن تلك الماهية الاخرى , صلاة الصبح عن صلاة العشاء وهكذا . فأما نفس الوجود فليس موضوع للماهية بل لو قلنا ان الوجود داخل ي الموضوع له فيلزم ان يكون كل صلاة غير ذلك فيكون مجازا , فاستعمال اللفظ في تلك الصلاة الموجودة في ذهن المولى يكون استعمالها في ما اوجده المكلف يكون مجازا , واذا ما اوجده هذا المكلف ما اوجد غير المكلف كل ذلك يختلف فلابد ان يكون كله مجازا , بل ان هذا المتميز في ذهن الواضع يجعل هذا المتميز غير متقيد في كمقام تعيين اللفظ بخصوص الموجود في الذهن ولذلك جميع موارد تحقق صلاة الصبح يكون استعمال لفظ صلاة الصبح فيه حقيقتا وليس مجازا , هذا ما فصلناه في بحث الدلالة ز
الى هنا تمكنا من فهم مطلب وهو ان الماهية التي قد يعبر عنها بالطبيعة عبارة عن حدود شيء يمكن ان يتحقق ويمكن ان لا يتحقق فاذا كان الامر كذلك فاذا امر المولى بماهية فاذا لوحظت بلحاظ تحققها في نفس الامر والواقع يعبر عنها بالطبيعة واذا لم تلاحظ بلحاظ تحققها في نفس الامر والواقع فتسمى بالماهية فقط , فمقصود القائلين ان الاوامر تتعلق بالطبائع يقول ذلك المعنى المميز وتميزه ان كان من الامور التكوينية فتميزه يكون بدخوله تحت المقولات العشر اما اذا كان من الامور الاعتبارية فيكون امتيازه بدخوله تحت ذلك الامر الاعتباري الذي جعله من بيده الاعتبار والجعل , اذن مقصود القائلين ان الالفاظ والاسماء موضوعة للماهية والامر يتعلق بمدلول ذلك الاسم مقصودهم الماهية التي تكون سارية وذلك المتميز الذي يوجد بالوجود وينعدم بانعدام الوجود , فهذا المتميز هو عبارة عن الماهية مع قطع النظر عن تحققها في عالم التحقق وهو نفس الامر والواقع واذا لوحظ هذا المعنى المحدد بلحاظ تحققه في نفس الامر والواقع يعبر عنه بالطبيعة
فالنتيجة ان المقصود بالطبيعة الماهية بهذا المعنى اي بالحدود المميزة للشيء , وشيئية الشيء بالوجود وليس بالماهية حتى اذا قلنا بالماهية فهو بعد تلبسها بالوجود على القول بأصالة الماهية .
ما هو الفرق بين الطبيعة والفرد : الفرد اذا كان القدر الجامع بين الشيء والشيء داخلا يدور عليه واقع هذا الشيء فهذا امتياز بين هذا وذاك فهما فردان , اما اذا كان بين زيد وعمر جامع مشترك بمعنى ان كان بين شيء وشيء ما به واقعه والامتياز مشتركا فهما فردان اما اذا لم يكن الاشتراك بينهما في ما به بل بامتياز ما به شيئيته فهذا يسمى ماهيتان مختلفتان فزيد مع الفرس طبيعتان وماهيتان مختلفتان لان ما به شيئية الفرس ما به شيئية زيد متميز واما زيد وعمر وبكر فما به شيئيته وانسانيته واحد فاذا كان الاشتراك ما به واقعية الشيء مع التعدد في بعض الامور فهذا يسمى ماهية واحدة والفرد متعدد , اما اذا لم يكن كذلك فيكون الماهية متعددة .
وبعد هذا نقول بما ان الالفاظ التي استخدمها المولى فردا وضعت لذلك الجامع المشترك بين هذه الافراد فلذلك نقول ان الالفاظ موضوعة للماهية المشتركة فبما انه استعمل لفظ الصلاة او لفظ الصوم في مقام الامر فالأمر يتعلق بذلك القدر المشترك بين هذه الافراد قلنا لان صلاة الصبح لليوم ومع صلاة الصبح للغد ومع صلاة الصبح للامس مابه صلاتيته ومابه شيئيته مشترك مع بعض الخصوصيات المميزة بينهم وتلك الخصوصية نعبر عنها بالماهية الشخصية والمميزات لهذه الصلاة صلاة زيد الصبح وصلاة عمر الصبح هذه مختلفة ولكن هذا الاختلاف ليس في صميمها فيكون الاختلاف في الفرد , اما اذا لم يكن الاختلاف في الفرد كما بين صلاة الصبح وصلاة الظهر فهذا اختلاف في الماهية .
القائل بتعلق الامر بالطبائع يدعي ان الاوامر تتعلق بذلك الجامع المشترك بين الافراد , واما خصوصيات الافراد فربما تكون دخيلتا في كون هذا الفرد افضل من ذاك وهذا اشرف من ذاك هذا ممكن ولكن ما به فرديته الفرد وواقعه واقع مشترك وبما ان المطلوب الايجاد فتعلق الطلب بمعنى هذا القدر الجامع الماهوي يتخذه المولى وسيلة لان يصب الطلب على الوجود الذي يسع هذه الطبيعة بجميع مصاديقها عبر عنه في الكفاية بالوجود السعي فالآمر في مقام الامر يستخدم اللفظ الموضوع للماهية والطلب يوجه ويطلب من العبد ايجاد ذلك الوجود السعي الشامل لهذه الماهية بجميع مصاديقها وهذا هو معنى السعي , فإذن الصحيح ان اوامر تتعلق بالماهية بمعنى ان الآمر يستعمل اللفظ الموضوع للماهية الجامعة ويصب الطلب على الوجود الذي يكون وجودا لهذا الجامع كله الذي يعبر عنه بالوجود السعي . اما اذا لوحظ الفرد فبما ان فردية الفرد تتعدد بتعدد الفرد فلابد من تحقق اوامر غير متناهية لان الافراد غير متناهية فلابد ان تكون الاوامر غير متناهية ايضا فالأمر بخصوص هذه الصلاة يكون غير الامر الذي يتعلق بفرد اخر ومن هنا لا ندعي فقط انه امر وجداني بل هو برهاني انه لا يعقل ان تتعلق الاوامر بالأفراد والا لزم ان تكون انشاآت غير متناهية ووجوبات غير متناهية ووجودات غير متناهية تقتضي ان يكون ايجاد هذه الاوامر يستمر وهذا يستلزم ان تكون الشريعة غير كاملة بعد , ويلزم ان يكون التشريع مستمرا الى ان تنتهي البشرية وهذا قطعا غلط لان الله تعالى قال ( اليوم اكملت لكم دينكم ) هذا لب المطلب في هذه المسالة .


[1] المشهور تسعة لان هذا الحصر استقرآي ولم يكن برهان عقلي على عدم وجود مقولة اخرى ولم يقم برهان انها تسعة لا اقل ولا اكثر.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo