< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

37/06/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : الأمر بالأمر بشيء .

التزمنا في البحث السابق من ان الفوت امر عدمي وهو فات الشيء يعني لم يدركه واتينا بالشواهد ان مادة الفوت تستعمل في هذا واستعمل في كتاب الله العزيز ايضا بهذا المعنى العدمي مع اختلاف الصيغ ولكن الكلام في المادة , ايضا واستشهدنا بكلمات بعض اصحاب اللغة على المدعى , ونضيف الى ذلك ان صريح كتاب تاج العروس ينقل عن استاذه وهو كان احد اللغويين في الازهر معروف باللغة ان هذا التفسير اي تفسير الفوت بالأمر العدمي وهو عدم الادراك يأتي في بعض الامثلة مثلا فاتتني الصلاة او فاتني الحج ونحو ذلك اما في باقي التفاسير فلاياتي ذلك وانما معنى الفوت هو السبق , وهذا الزبيدي حاول ان يؤيد قول استاذه بقول الاصمعي وبميل صاحب لسان العرب الى هذا المعنى , _ ولعل هذا في الاستعمالات العراقية اذا كان الشخص واقف في الباب او في غير الباب يقال له فوت اي اسبقني فاستعمل بمعنى السبق _ .

فهذا كله صحيح ولكن الذي نقوله في هذا الشأن ان الاستعمال الذي في العراق انه لا يكون دليلا باعتبار ان الاستعمال اليوم لا يستدل به على المعنى العربي القديم .

واما ما قال استاذ الزبيدي فهو اجتهاد والاجتهاد في اللغة مرفوض والاجتهاد يقتضي ان يكون الفوت هو عدم الادراك ويؤيد ذلك بالشعر العربي ( كلانا اذا ما نال شيئا فاته ومن يحترس حرثي وحرثك يهزل ) وهذا الشعر لأمرؤ القيس في معلقته ومن المعلوم ان هذا الشعر يستشهد به الا ان يقال كما قال البعض ان نسبة هذه الاشعار الى اصحاب المعلقات كذب فذاك مطلب آخر ولكن ان ثبت هو من الشعر العربي القديم حتى اذا لم يكن هو لأمرؤ القيس فمع ذلك يستشهد به ,

فالنتيجة مازلنا على راينا من ان الفوت امر عدمي وهو عدم الادراك ولو تنزلنا وقلنا ان الفوت يتحقق بانضمام امر وجودي الى عدمي وهو السبق وعدم الادراك يسبقني زيد فاتني ولم ادركه فيكون هناك امران احدهما وجودي وهو سبق زيد والثاني عدمي وهو عدم تمكني من وضع يدي عليه وحبسه فيكون مجموع هذين الامرين عبارتا عن الفوت وعلى هذا لا يمكن ان يقال ان الفوت هو خصوص الامر الوجودي فإما هو امر عدمي فقط او هما امر وجودي وعدمي فيتحقق منهما الفوت ولكن الموضوع للحكم وهو وجوب الاتيان بالفعل خارج الوقت موضوعه الجانب العدمي فقط والدليل على ذلك هو اذا كان الانسان محدثا ولم يصلي في الوقت تقصيرا او قصورا والعياذ بالله فحينئذ يتحقق موضوع القضاء قطعا ولكن ما هو موضوع وجوب القضاء ؟ ليس انه الزمان سبقني بل الموضوع هو انه لم يفعل وهذا امر وجداني لا ينبغي الشك فيه فعلى هذا اما ان الفوت امر عدمي فقط او هو مركب ولكن الذي يترتب عليه الحكم الشرعي في الروايات هو الجانب العدمي واما انه امر وجودي فقط فهذا غير واحد وان اجتهد في ذلك استاذ الزبيدي وغيره منهم السيد الاعظم وغيره من جلهم حيث قالوا انه امر وجودي , هذا تتمة الكلام في البحث السابق وهو الواجب المؤقت .

فصل : ، أمر به لو كان الغرض حصوله ، ولم يكن له غرض في توسيط أمر الغير به إلّا تبليغ أمره به ، كما هو المتعارف في أمر الرسل بالأمر أو النهي[1] .... .

ثم دخل صاحب الكفاية في بحث اخر وهو ( الامر بالأمر امر بالمأمور به او لا ؟ ) وفي هذا البحث لابد ان نفرض ثلاث اركان الركن الاول هو الامر الصادر من الاول والركن الثاني هو الامر الصادر من الوسيط والركن الثالث هو الفعل الحاصل من ذلك الشخص الثالث الذي يأمره الثاني , ومثاله هو ان الله تعالى يأمر النبي ص ان يأمرنا بالصلاة , فهنا الله تعالى هو الركن الاول والنبي الاعظم هو الركن الثاني والعبيد والامة الركن الثالث بما يصدر منهم الفعل المأمور به وهو الصلاة .

فهل محل البحث هو ان فعل العبد وفعل الامة وهو المأمور به هل يعتبر مأمور به بأمر النبي فقط او يعتبر مأمور به بأمر الله سبحانه ؟ وهذا الثاني هو محل البحث وفي المثال الذي ذكرناه لا تترتب عليه اي ثمرة لأنه يجب على العباد فعل شيء سواء امرنا به ذات الباري او امر به الرسول الاعظم ص لأنه كما يجب طاعة الله تجب علينا طاعة الرسول ص ( اطيعوا الله واطيعوا الرسول ) فلا تترتب عليه الثمرة الفقهية حتى نستنتج حكما فقهيا في هذا البحث في هذا المثال ولذلك بعض الاعلام رض منهم السيد الاعظم ذكروا مثالا اخر تترتب عليه ثمرة وهو ان الله تعالى بواسطة اوليائه المعصومين امرنا ان نامر صبياننا بالصلاة في عمر محدد لسبع كما في بعض الروايات فحينئذ ان قلنا ان فعل الصبي وهو الصلاة مأمور به بأمر الله كما هو مأمور به بأمر الوالد والجد فمعن ى ذلك تكون عبادات الصبي مشروعتا يعني امر الله وامر النبي عبارة عن تشريع وان قلنا ان فعل الصبي مأمور به بأمر الوالد او الجد واما امر الله والمعصوم فقد تعلق بإنشاء الامر من الاب والجد ولم يتعلق بفعل الولد فلا تثبت مشروعية عبادات الصبي بهذا النص ( اما عن طريق دليل اخر تمكنا من الاثبات فذاك مطلب اخر ) .

واما تحقيق البحث : فصاحب الكفاية وغيره منهم السيد الاعظم رض جعلوا البحث يدور مدار المولى فان كان غرض المولى الذي هو الركن الاول متعلقا ومترتبا على الركن الثالث وهو فعل الصبي في المثال فيكون امر الامر بالأمر بالشيء يكون امرا يعني يكون فعل الصبي مأمورا به بأمر الله سبحانه وان لم يكن كذلك فلايكون , ومن هنا تتولد ثلاث اقسام للمسالة

القسم الاول : ان يكون غرض الله وغرض المعصوم مرتبطا مباشرتا بفعل الصبي فالله تعالى لا يخاطب الصبي انما يأمرني بان اصير وسيطا بأمر ولدي بالصلاة .

القسم الثاني : لا يكون للمولى تعالى ولا لأوليائه غرض في فعل الصبي انما غرضه يتحقق بمجرد فعل الوالد والجد وهو انشاء الامر فحينئذ يكون فعل الصبي مأمورا بأمر الوالد ولا يكون مأمورا به بأمر المولى جل وعلى .

القسم الثالث : ان يكون غرض المولى الحقيقي متعلقا على المركب من امرين احدهما فعل الصبي والآخر يكون فعله حاصلا بعد امر الوالد له فيكون هناك الغرض مترتبا على الامرين معا .

وهذه الاقسام الثلاثة من اين تولدت ؟ الجواب انها تولدت من اعتقاد الاعلام رض ان المسالة مرتبطة بغرض المولى والغرض له في عالم الثبوت وعالم الامكان اقسام ثلاثة في محل البحث فتنشأ هذه الاقسام الثلاثة .


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo