< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

37/06/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : النهي في العبادة .

كان الكلام في ما ورد في كلمات الاعلام في البحث هل هو الترك او كف النفس وقلنا يظهر من صاحب الكفاية دفع الاشكال القائل ان الترك سابق على صدور النهي وكذلك الترك ازلي فلا معنى لان يتعلق الطلب به واجاب عنه رض بانه هذا وان كان ازليا من حيث اصل حدوث البحث الا انه من حيث البقاء هو في قدرة الانسان ان يبقي هذا التر ك او لا يبقيه , هكذا جاء في كلام الكفاية وهذا الكلام منه رض غير واضح علينا

الوجه فيه : ان بقاء الشيء يعني استمراره وكيف يبقي العدم ؟ وانما يمكن ابقاء العدم بترك الوجود وترك الوجود عبارة اخرى عن كف النفس فكيف يكون الترك بقاءا في قدرة الانسان بعد فرض ان الترك هو عبارة عن العدم والعدم من حيث السبق هو سابق وبقائه ليس بتأثير لان الترك عدم والعدم لا يظهر فيه التأثير

وبعبارة واضحة ان البقاء انما يكون مقدورا اذا كان الايجاد مقدورا واذا لم يكن الايجاد مقدورا فالإبقاء ايضا لا يكون مقدورا والإيجاد للعدم لامعنى له فان العدم ازلي لم يكن حاصلا بفعل احد وكذلك استمرار العدم وابقاء العدم ليس له معنى معقول الا ان يقال انه عبارة عن عدم ايجاد الفعل فهذا يعود الى كف النفس فانت فررت من كف النفس وعدت اليه فكأنك فررت من المطر ووقفت تحت الميزاب , فما افاده في الكفاية دفعا لإشكال ودليل الخصم غير واضح .

ويظهر من النائيني رض على ما في اجود التقريرات بيان آخر وهذا البيان اقرب الى الواقع من بيان صاحب الكفاية فأفاد على ما نسب اليه :

ان القدرة على الشيء تتعلق بتعلقها بطرفي النقيض ولا يعقل تعلق القدرة _ هذا ما نفهمه من عبارته مع التوضيح _ فيقول ان القدرة تتعلق بطرفي النقيض ولا يقال ان وجود الفعل مقدور وعدمه ليس مقدورا فان القدرة لا تتعلق بالوجود فقط فاذا كانت القدرة على الوجود فقط فهو الجاء اضطرار ولا يسمى قدرتا فالنار لا يقال انها قادرة على منح الحرارة لان النار غير قادرة على عدم الحرارة ولذلك نقول النار مضطرة ومجبولة مضطرة الى منح الحرارة وكذلك الماء ليس قادرا على منح الرطوبة فان القدرة انما تتعلق بطرفي النقيض فاذا كان الوجود مقدورا فالعدم لابد ان يكون مقدورا واذا كان العدم غير مقدور والوجود غير مقدورا فهذا يسمى اضطرارا وليس قدرتاً , واذا كانت القدرة تتعلق بطرفي النقيض فالقدرة على الايجاد تلازم القدرة على العدم تلازم بمعنى لابد ان يكون _ ليس اللزوم بالمعنى الفلسفي وهو ان يكون احد المتلازمين علةً للآخر او كلاهما معلولين لعلة ثالثة بل معناه يقارن ذلك _ لا يمكن ان يتحقق احدهما وهو القدرة على الفعل لا يمكن ان تتحقق الا مع تحقق القدرة على الترك وبالعكس فالقدرة على الترك لا يمكن ان تتحقق الا مع القدرة على الفعل فهذا المطلب موجود ولكن بعبارة مجملة في كلام المحقق النائيني رض وهو متين جدا فحينئذ الجواب الصحيح عن شبهة القائلين ان النهي هو كف النفس لا ما في كلام صاحب الكفاية وكما في القوانين ولعله كذلك في كلام المعالم من ان العدم وان لم يكن مقدورا من حيث الحدوث ولا كنه مقدور من حيث البقاء جدا غير واضح وهذا الكلام لا يرجع الى محصل .

والصحيح ما مال اليه النائيني رض من ان القدرة لا تتعلق بأحد طرفي النقيض وانما تتعلق بطرفي النقيض يعني بالإيجاد والاعدام بالفعل والترك , فبما ان المكلف قادر على ايجاد الفعل فهو قادر على ترك الفعل ايضا , فلابد ان يكون الفاعل يصدر منه باقتضاء طبعه لا بإرادته فلا يكون قابلا لتعلق التكليف ابدا .

ثم ان للسيد الاعظم في المقام كلام وهذا الكلام لست ادري من باب الاتباع او هو من تطابق الافكار وهو موجود في تعليقته على اجود التقريرات وكذلك موجود في كلام المحقق العراقي في المقالات فما افاد هذان العلمان ؟

ملخص المطلب يقول السيد الاعظم بعدما فرضنا ان النهي هو عبارة عن الزجر نلتزم بان المطلوب في الامر هو البعث والتحريك فاذا كان المطلوب هو الزجر في النهي وفي الامر المطلوب هو البعث والتحريك فهذا الكلام الذي اثاره الاعلام منذ القديم وهو ان المطلوب هو الترك او كف النفس لا مورد له اصلا انما المقصود الزجر عن المنهي عنه وفي الامر هو البعث نحو المأمور به , والكلام فعلا مع قوله رض من ان المطلوب في الامر البعث .

فنقول ماذا تقصدان من البعث ؟ التحريك او هو اندفاع , قوله سبحانه ( اذ انبعث اشقاها ) في قصة نبي الله صالح , لان اساسه كان فاسدا وحكم عقله الفاسد دفعه الى الفعل لم يكن الانبعاث والحركة مثل حركة النار وحركة الهوى يعني بمقتضى الطبيعة بل كان مقتضى حكم عقله فعقله قال له اعقر الناقة وخلصنا منها لأنه يوم كامل لانشرب الماء , فالبعث والانبعاث وهو انفعال لقبول الاثر من الباعث اذن المعنى هو التحريك .

هل الامر هو الذي يحرك او حكم العقل هو الذي يحرك المكلف الى الامتثال ؟ السيد الاعظم يقول الامر يبعث وليس حكم العقل وهذا جدا غير واضح هذا قاله السيد الاعظم والمحقق العراقي رض فهذا جدا غير واضح , فنقول ان البعث او التحريك يكون بحكم العقل بمناط وجوب الطاعة والا اذا طلب السافل من العالي فهنا العقل لا يبعثه على الفعل وانما يبعثه اذا كان الطالب عالي والمطلوب منه هو الداني فيتحقق موضوع حكم العقل او العقلاء _ على الاختلاف _ بوجوب الطاعة وهذا الحكم العقلي هو الذي يبعث ويحرك ويكون باعثا وليس الامر .

فالنتيجة ان تفسير الامر بانه هو الباعث جدا غير واضح واما قوله ان النهي يدل على الزجر فجدا غير واضح لان النهي معناه الترك والنهي لا يترك وكذلك الامر لا يبعث والباعث هو المحرك هو العقل والا فالأوامر موجودة في حق كل المكلفين لا كالمسلمين على راي السيد والا على راي عموم الامامية في حق الكفار والمسلمين على حد سواء فالمشهور قالو ان الكفار مكلفون بالفروع يعني كما وجوب الصلاة كما هو ثابت في رقابنا كذلك ثابت في رقاب الكفار فان كان كلك والامر باعث فلما لا ينبعث الكفار الى الامتثال كيف يكون الامر باعثا[[1] ] , والعصاة من المسلمين اكثر من المطيعين فاذا كان الامر هو الباعث والمحرك فلما لا يطيعون .

تحصل مما سبق ان ما افاده السيد الاعظم لرفع الشبهة في ان المطلوب هو الترك في النفس هو الزجر في النهي وفي الامر هو عبارة على البعث فقلنا ان البعث ليس هو مدلولا للأمر فالبعث هو التحريك والدفع وذاك عبارة عن حكم العقل فالعقل يقول لا ينبغي ان تترك وينبغي لك الفعل وهذا المقصود بالبعث .


[1] السيد الاعظم لا يقول ان الكفار مكلفون بالفروع .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo