< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

37/08/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : اجتماع الامر والنهي _

التاسع : إنّه قد عرفت أن المعتبر في هذا الباب ، أن يكون كلّ واحد من الطبيعة المأمور بها والمنهي عنها ، مشتملة على مناط الحكم مطلقاً ، حتى في حال الاجتماع ، فلو كان هناك ما دلّ على ذلك من اجماع أو غيره فلا إشكال.. .[[1] ]

نقدم بعض المطالب :

الحكم الاقتضائي لمن يقول بمراتب الحكم مثل صاحب الكفاية وغير واحد من علمائنا الابرار يقصد به ان نفس الحكم الذي هو مجعول شرعي فلنفرض الوجوب بناء على القول بان الوجوب يستفاد من الامر نفس الوجوب مجعول شرعي او نقول انه مستفاد من العقل كما نقول به نحن والذي اوجده الشرع هو الطلب فنفس هذا الفعل من المولى وهو هذا الذي يعبر عنه بالحكم نفس الحكم فيه صلاحية لان يوجد فهناك امور لا تملك صلاحية الوجود بل صلاحية العدم مثل اجتماع النقيضين وارتفاع النقيضين وشريك الباري وهكذا الامور التي يستحيل وجودها في عالمها فهذه فاقدة للاقتضاء , فالمقصود من الحكم الاقتضائي كما يأتي البحث في محله عن ثبوت المراتب هو نفس الحكم اذا قطع النظر عن ما هو خارج عن هذا الحكم الذي له وجود وماهية بناء على ان الماهية لها ماهية واذا لم تكن لها مالية فهو امر اعتباري وجد صرف فهذا الوجود فيه صلاحية لان يوجد هذا معنى الحكم الاقتضائي الموجود في كلام الكفاية .

والمقتضي لجعل الحكم في متعلق الحكم المقتضي شيء والمصالح والمفاسد التي يؤمن بها العدلية في الاحكام وينكرها الاشاعرة شيء آخر وكثيرا ما يقع الخلط في كلماتهم بين المصلحة والمفسدة من جهة وبين ما هو مقتضي للحكم الموجود في متعلقه من جهة اخرى .

وفي مقام التفرقة بين المطلبين نعرض مثالا وهو ان الشيء اذا كان له طعم مر وشيء آخر له طعم ليس مرا , فنفس الطعم شيء والمصلحة التي تدفع الطبيب الى الزام المريض بأكل هذا الذي فيه مرارة شيء آخر , فهذه المرارة شيء موجود تكوينا في هذا الدواء والطبيب لما يأمرني بتناول هذا او يمنعني عن تناول هذا فهو شيء آخر , فلاينبغي الخلط بينهما فقد يعبر عن هذه الاوصاف الموجودة في الفعل بالمقتضي للحكم ولكن ليس المقصود بالمقتضي المصلحة والمفسدة الداعيتين لإنشاء الحكم وايجاد الامر ولإيجاد النهي والذي ينكره الاشاعرة هو المصلحة التي لأجلها يأمر الطبيب المريض بتناول هذا او ينهاه عن تناول هذا , ينكرون تلك المصلحة في فعل المولى التي يؤمن بها العدلية تكون باعثةً للمولى الى انشاء الحكم فيقولون يفعل كيف شاء ولاينكرون فوائد ومضار في متعلق الحكم او موضوع الحكم الذي يأمر به وينهى عنه المولى في بعض الاحيان , فاصبح الفرق واضحا بين المصلحة والمفسدة التي هي محل بحث بين العدلية والاشاعرة وبين المقتضي الموجود في متعلق الحكم او في موضوع الحكم فإنكار تبعية الاحكام للمصالح والمفاسد لا يعني وجود وعدم وجود المقتضي في متعلق الحكم او في موضوع الحكم , فصاحب الكفاية على ضوء هذين المطلبين بعد توضيحنا لهما تبين لنا انما حاول السيد الاعظم رض من دفع كلام الكفاية من انه مبني على القول بالمصالح والمفاسد الذي يؤمن به العدلية غير واضح علينا .

فكلام صاحب الكفاية يقول لا يكون داخلا في محل البحث الا اذا احرز اقتضاء الحكم موجود في الطرفين وكذلك نحرز المقتضي في متعلق الحكم في المجمع فكلا المقتضيين لابد ان يكون موجودا ولا علاقة لهذا الكلام للاختلاف بين العدلية والاشاعرة .

ولنا ملاحظتان احدهما مبنائية مع صاحب الكفاية على ضوء ما فسرنا به كلامه رض :

الملاحظة الاولى : وهي المبنائية فهو ربط مسالة اجتماع الامر والنهي بالقول بمراتب الاحكام ونحن رفضنا مراتب الاحكام جملة وتفصيلا ومرارا قلنا للقول بمراتب الاحكام فان الحكم وجوده اعتباري والامور الاعتبارية تختلف باختلاف الاعتبار فلما يكون مرحلة الاقتضاء مجعول يعني اعتبار ثم فعلية او انشاء فهذا اعتبار آخر فهذا الاعتبار هل هو الاعتبار الاول او هو غيره ؟ فان قلت عينه فأقول انك بدلت التعبير فقط وهما مرتبة واحدة وليس مرتبتان وان قلت ان ذا الانشاء اعتبار والاقتضاء اعتبار آخر فاذا تعدد الاعتبار تعدد المعتبر فعليه يصبح الجعل والمجعول اثنين فلماذا تسميه هذا مطلبا من ذاك , والفعلية كذلك ايجاد الفعلية نفس الاعتبار الاول او غيره فان قلت نفسه فليس ثلاث مراتب انما هو شيء واحد وان قلت الاعتبار غير ما تقدم فحينئذ صار عندنا ثلاث اعتبارات وثلاث معتبرات فلماذا تقول مرتبة من ذاك , فهذا مرتبة من ذاك يعني هناك وحدة ملحوظة ولكن يكون فيها نمو مثل الشجرة كان شبرا فصار شبرين وهكذا وكذلك في طول الخط المستقيم وكذلك حرارة شديدة وخفيفة وحمرة خفيفة او ضعيفة فهذا يعني مراتب الشيء واما الايجاد متعدد والموجد متعدد فهذا لا يسمى تعدد مراتب الاحكام فهذا مجمل ما نعتمد عليه في رد مراتب الحكم .

الملاحظة الثانية : يقول ان كان كلا الدليلين دليل الطلب ودليل النهي فيهما اطلاق فاذا كان فيهما اطلاق وكانا متكفلين لمرتبة الفعلية _ لو سلمنا بالقول بمراتب الحكم _ للحكمين الوجوب والحرمة مثلا فحينئذ يكون على القول بجواز الاجتماع دليلان يكونان دالين على وجود مقتضيين وملاكين في المورد واما على القول بالامتناع فيكون اطلاقان متنافيان ولايدلان على وجود المقتضيين للحكمين معا , فنسأله ونقول انت تريد ان تبين كيف يكون المقام داخلا تحت مسالة اجتماع الامر والنهي وانت تقول اذا قلنا بالجواز يكون من باب الاجتماع واذا لم نقل بالجواز فلا يكون من باب الاجتماع فهذا ليس تحريرا لمحل البحث انما محل البحث يكون اذا كان مناط البحث موجود على كلا الرأيين وليس موجودا على رأي آخر , فهذا ليس بيان لمناط البحث فانت تريد ان تبين لنا كيف يكون اطلاقان واردين في مقام البحث يقول لابد ان يكون الاطلاقان دالين على وجود المقتضي فعلى هذا موجود وعلى القول بالجواز ولا يكون داخلا على القول بالامتناع , فنقول على هذا كيف ادخلته في البحث , فهذا يكون نتيجة اختيار القول بالجواز او القول بالامتناع فهو يريد ان يبين ان هذا المقام يكون مورد بحث اجتماع الامر والنهي او لا يكون فيقول ان قلنا بالجواز احرزنا فيه المقتضي من الجانبين فيكون من بحث الاجتماع وان قلنا بالامتناع فلا يكون من البحث , فهذا تهافت واضح في كلامه وسكوت الاعلام ايضا غير واضح .

والذي ينبغي ان يقال في هذا المورد في محل البحث في المقام وهو بناء على عدم وجود المراتب الحكم وايضا يجري كلامنا على القول بمراتب الحكم _ ان يكون مصب الحكمين بالطلب وطلب الترك لابد ان يكون كل من الماهيتين او الطبيعتين مشتملةً على ما يقتضي الامر به والنهي عنه وهذا غير المصلحة والمفسدة فهذا بحث آخر ويكون لكل من الدليلين ما يوجب شمول الحكم وسريانه في مصاديق هذه الطبيعة كلها مثلا الصلاة ان زالت الشمس فصلي _ ان قلنا بمثال القوم الصلاة والغصب _ قال المولى اذا زالت الشمس وجبت صلاتان فكلمة صلي صيغة افعل بعد تمامية الجوانب الاخرى لإثبات الحكم فالحكم سار مع الطبيعة سواء كانت الصلاة في البيت او في السوق او غيرها او في اول الوقت او آخره فكل هذه المصاديق العرضية والطولية الطبيعة سارية فيها فلابد ان نحرز سريان تلك الطبيعة في جميع المصاديق من الخارج اما من مقدمات الحكمة او سبب آخر فلابد ان نحرز سريان الحكم مع سريان الطبيعة في جميع المصاديق العرضية والطولية الا ما خرج بالدليل وكذلك في جانب النهي فلابد ان نحرز سريان النهي مع الطبيعة المنهي عنها في جميع المصاديق حتى في المورد الذي يلتقيان ايضا يكون الوجوب في نفسه ساريا حتى في ذلك الفرد الملاقي مع الفرد المنهي عنه وكذلك النهي يكون ساريا في جميع مصاديق المنهي عنه حتى ذلك الفرد المصاحب والمجتمع حسب تعبيرهم مع الفرد المأمور به .

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo