< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

34/07/09

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع : الاعتكاف
 تحصل مما ذكرناه ان الاعتكاف حقيقة واحدة وهو عبارة عن اللبث في المسجد والمكث فيه ، وله احكام وشروط ، والشارع جعله مستحبا ومندوبا ، وقد يطرأ عليه الوجوب بعنوان ثانوي كالنذر والعهد ، وطروء الوجوب عليه بالعنوان الثانوي لا يوجب تغييره ، فان الوجوب امر اعتباري لا يصلح ان يكون مغيرا لشيء ، كما ان النذر امر اعتباري لا يمكن ان يكون مغيرا لشيء.
 فعروض الوجوب عليه بعنوان ثانوي كعنوان النذر او الشرط او العهد لا يوجب التغيير في الموضوع ، فالواجب ليس فرد آخر غير المندوب وهو المندوب حقيقة وصار واجب بالعرض ، كما اذا نذر نافلة الليل فانه لا يغير النافلة وهي باقية على جميع احكامها ، او نذر نافلة مرتبة فالنافلة باقية على جميع احكامها ومجرد عروض الوجوب عليها بعنوان ثانوي كالنذر او العهد لا يوجب التغيير .
 فما في الجواب عن المحقق الاردبيلي من ان هناك فردين احدهما المندوب والآخر الواجب ليس الامر كذلك ، بل هما فرد واحد قد يطرأ عليه الوجوب بعنوان ثانوي ، وله حكم واحد وشروط واحدة .
 كما ان ما ذكره السيد الاستاذ (قده) من انه لا يمكن التعدي من حكم فرد الى حكم فرد آخر، ليس الامر كذلك ليس هنا فردان لكي يكون احدهما محكوم بحكم ويمكن التعدي الى حكم فرد آخر ليس محكوما بهذا الحكم .
 ثم ذكر السيد الاستاذ (قده) على ما في تقرير بحثه : والصحيح ان الصحيحة تشمل الواجب والمندوب معا ، ولا تختص بالاعتكاف المندوب بل تشمل الواجب ايضا ، غاية الامر تشمل الواجب الموسع ولا تشمل الواجب المعين ، باعتبار ان الوارد في الصحيحة (اذا اعتكف ثلاثة ايام وهو في اليوم الرابع بالخيار يريد ان يخرج من المسجد ويريد ان يعتكف ) فالصحيحة تشمل الواجب ولكنه الواجب الموسع ، فان الواجب الموسع لا ينافي ان يكون في اليوم الرابع هو بالخيار ، ولا يشمل الواجب المعين .
 الظاهر ان الصحيحة في مورد بيان حكم الاعتكاف ، وليست ناظرة الى انه واجب او مستحب ، واردة في بيان حكم الاعتكاف وان المكلف اذا اعتكف ثلاثة ايام انتهى هذا الاعتكاف ، واما بالنسبة الى الاعتكاف الثاني فهو مخير بين ان يعتكف يومين آخرين وضم يوم ثالث ، او لا يخرج من المسجد. اي انه مخير بين التفريق والتتابع ، وهذا الحكم يعم الواجب ايضا فاذا طرأ عليه الوجوب (وجوب التتابع) حكم التتابع مذكور في هذه الصحيحة فان هذه الصحيحة تدل على ان المكلف مخير بين التتابع وبين التفريق ، فاذا اعتكف بعد الايام الثلاثة متتابعا في اليوم الرابع واليوم الخامس وجب عليه ضم اليوم السادس ، وكذلك الحال في فرض التفريق ، فعلى هذا اذا نذر اعتكاف خمسة ايام وبعد الثلاثة اعتكف اليوم الرابع واليوم الخامس متتابعاوجب عليه ضم اليوم السادس ، فهذا المعنى هو المستفاد من الصحيحة ، فان الصحيحة تدل على حكم التفريق وحكم التتابع كليهما معا ، سواء أكان التتابع في نفسه جائزا او واجبا ، والتفريق جائزا او واجبا ، لا فرق في ذلك والصحيحة بينت حكم التفريق والتتابع معا ، فلا فرق بين كون الواجب والمستحب ، فان الواجب ليس فردا آخر والصحيحة في مقام بيان حكم الاعتكاف ولا نظر لها الى انه واجب او مستحب ، باعتبار ان الواجب ليس فردا آخر حتى يقال ان الصحيحة تشمله او لا تشمله .
 المسألة (17):
 لو نذر زمانا معينا شهرا او غيره وتركه نسيانا او عصيانا او اضطرارا وجب قضاؤه . [1]
 
 ذكر السيد الاستاذ (قده) :على ما في تقرير بحثه ان عمدة الدليل على وجوب القضاء هو الاجماع ، فقد ادعي الاجماع على وجوب القضاء في هذه المسألة ، والتزم بهذا الاجماع من لم يلتزم بالاجماع كصاحب المدارك (قده) فانه لا يلتزم بالاجماعات المنقولة مع ذلك في المقام التزم بذلك وذكر ان الحكم مقطوع به عند الاصحاب فلا يبعد تحقق الاجماع في المقام .
 وكيفما كان فقد ذكر السيد الاستاذ ان عمدة الدليل هو الاجماع ، واما الروايات فلا يمكن الاستدلال بها ، فانه لا يمكن الاستدلال بالمرسل النبوي (اقض ما فات كما فات) فانه ضعيف من ناحية الارسال فلا يمكن الاستدلال به . وكذلك بالمرسلة الاخرى (من فاتته فريضة فليقضها ) فانه لا يمكن الاستدلال بها من جهة ضعفها سندا .
 واما صحيحة زرارة (يقضي ما فاته كما فاته [2] ) فقد ذكر ان الصحيحة مختصة بالصلاة ولا يمكن التعدي من موردها الى باقي الموارد.
 ولكن ذكرنا بان الصحيحة مطلقة وتطبيقها في الصلاة والتطبيق لا يوجب التخصيص ، وان كلمة (ما) الموصولة مطلقة ، فالصحيحة تدل على امرين :
 احدهما : وجوب قضاء ما فات .
 والآخر : اعتبار المماثلة بين المقضي والفائت .
 فالمماثلة معتبرة بين المقضي والفائت ، فلا مانع من التمسك باطلاق هذه الصحيحة لاثبات وجوب القضاء في المقام .
 وقد يستدل على ذلك بجملة من الروايات الأخرى :
 منها الروايات الواردة في المرأة الحائض اوفي المريض :
  • صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج : عن ابي عبد الله (ع) قال : اذا مرض المعتكف او طمثت المرأة المعتكفة فانه يأتي بيته ثم يعيد اذا بريء ويصوم ) وسائل الشيعة، الشيخ حر العاملي، ج10، ص554، باب جواز خروج المعتكف لمرض او حيض، باب11، الحديث1، ط آل البيت. .
 وناقش فيه السيد الاستاذ (قده) بان هذه الصحيحة لا تدل على وجوب القضاء وتدل على وجوب الاعادة، والامر بالاعادة امر ارشادي ، ارشاد الى بطلان الاعتكاف بالمرض ، باعتبار انه اذا صار مريضا لا يقدر على الصوم ، او اذا صارت المرأة حائضا لا تقدر على المكث في المسجد او الصوم،فمن اجل ذلك الاعتكاف باطل.فالامر بالاعادة في هذه الصحيحة ارشاد الى بطلان الاعتكاف الاول والامر باعادة الاعتكاف الاول ، ولا تدل على وجوب القضاء ، فان وجوب القضاء منوط بان يكون الاعتكاف موقتا بوقت خاص وقد فات الاعتكاف في وقته فعندئذ هل يجب قضاءه في خارج الوقت ؟ او لا يجب القضاء في خارج الوقت ؟ والرواية خالية عن ذلك وهي تدل على ان الرجل اوالمرأة اعتكف في المسجد ومرض ولم يقدرعلى الصيام بطل اعتكافه وامر الامام (ع) بالاعادة فانه ظاهر في ان الامر بالاعادة ارشاد الىبطلان الاعتكاف الاول واعادته مرة اخرى .فهذه الصحيحة لا تدل على وجوب القضاء .
  • ومنها صحيحة ابي بصير عن ابي عبد الله (ع) :في المعتكفة اذا طمثت ؟ قال : ترجع الى بيتها فاذا طهرت رجعت وقضت ما عليها . وسائل الشيعة، الشيخ حر العاملي، ج10، ص555، باب جواز خروج المعتكف لمرض او حيض، باب11، الحديث3، ط آل البيت.
 قال (قده) ان المراد من القضاء معناه اللغوي ( مطلق الاتيان ) فان اعتكافها قد بطل بمجيء الحيض ، فاذا بطل فعليها اعادة هذا الاعتكاف . فحال هذه الصحيحة حال الصحيحة الاولى ، وان الامر بالقضاء ارشاد الى بطلان الاعتكاف الاول واعادته ، ولا تدل على وجوب القضاء . وعلى تقدير الدلالة على وجوب القضاء لا يمكن التعدي عن مورد هذه الروايات الى مورد تلك الموارد فان التعدي بحاجة الى قرينة ، فاذا فات الاعتكاف بتركه نسيانا او عصيانا او اضطرارا فالتعدي عن مورد هذه الروايات الى وجوب القضاء في هذه الموارد بحاجة الى دليل .


[1] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم الطباطبائي، ج3، ص681، ط جماعة المدرسين.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ حر العاملي، ج8، ص268، أبواب الخلل الواقع في الصلاة، باب6، الحديث1، ط آل البيت.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo