< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

34/07/10

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع : قضاء الاعتكاف
 ذكرنا ان السيد الاستاذ (قده) قد ذكران عمدة الدليل على وجوب قضاء الاعتكاف المنذور الاجماع ولا دليل غير الاجماع، واما الروايات فهي لا تدل على وجوب القضاء، لانها اما ضعيفة من ناحية السند كالمرسلتين، او من ناحية الدلالة كصحيحة زرارة.
 ولكن ذكرنا ان صحيحة زرارة لا مانع من شمولها للمقام، فانها مطلقة، غاية الامر ان تطبيقها على باب الصلاة لا يوجب التخصيص والتقييد .
  فالصحيحة تدل على امرين :
 احدهما : وجوب قضاء الفائت .
 والآخر : اعتبار المماثلة بين المقضي وبين الفائت .
 وربما استدل على وجوب القضاء بما دل على وجوب قضاء الصوم المنذور المعين، فاذا نذر صوم يوم معين كيوم الجمعة او ما شاكله، وتركه عصيانا او نسيانا او اضطرارا، وجب عليه قضاءه . ويمكن الاستدلال به على وجوب القضاء في المقام، فان الاعتكاف يستلزم الصوم، فالصوم صوم معين بمقتضى ما دل على وجوب قضاء الصوم المعين يجب قضاءه، ووجوب قضاءه يستلزم وجوب قضاء الاعتكاف ايضا بالدلالة الالتزامية في المقام .
  ولكن لا يمكن الاستدلال على ذلك، فان مورد النذر في المقام ومصب النذر هو الاعتكاف، غاية الامر الصوم شرط في صحة الاعتكاف، واما مورد الروايات فمصب النذر ومورده هو صوم اليوم المعين، فلا يمكن التعدي عن مورد هذه الروايات الى المقام، والتعدي بحاجة الى قرينة ولا قرينة على التعدي .
 واما الروايات الواردة في المريض والحائض، فلا يمكن العمل بهذه الروايات وان كانت تامة من ناحية السند، فانه لا شبهة في عدم وجوب اعادة الاعتكاف، فان الاعتاف في نفسه مستحب، ولا يحتمل انه اذا ابطل اعتكافه او بطل اعتكافه بالاخلال به وجب اعادته، هذا غير محتمل . فالعمل بظاهر هذه الروايات الدالة على وجوب الاعادة او وجوب القضاء لا يمكن الأخذ به . نعم استحباب الاعادة فلا بأس به وكذلك استحباب القضاء، كاستحباب قضاء النوافل، ولكن وجوب الاعادة كما هو ظاهر الرواية او وجوب القضاء فلا يمكن العمل به .
  فالأخذ بظاهر هذه الروايات لا يمكن، والتعدي بحاجة الى قرينة فلا يمكن العمل بهذه الروايات والاستدلال بها .
  وهنا رواية أخرى الامر فيها كذلك وهي موثقة ابي بصير عن ابي عبد الله (ع) قال : أي امرأة كانت معتكفة، ثم حرمت عليها الصلاة فخرجت من المسجد وطهرت، فليس ينبغي لزوجها ان يجامعها حتى تعود الى المسجد وتقضي اعتكافها [1]
  .
 فانه لا يمكن الأخذ بظاهرهذه الرواية، أذ معناه ان اعتكافها باق على ذمتها فهي غير باطلة، وبعد الطهارة فلا يجوز لزوجها ان يجامعها حتى تعود الى المسجد وتتم اعتكافها، فهذه الرواية وان كانت تامة سندا الّا انه لا يمكن الأخذ بظاهر هذه الرواية .
 فالنتيجة انه (على ما ذكره السيد الاستاذ (قده)) لا يوجد دليل على وجوب القضاء غير الاجماع .
 ولكن ذكرنا غير مرة ان الاعتماد على الاجماع لا يمكن، ولا يمكن اثبات الحكم منه، فان الاجماع في نفسه لا يكون حجة، وحجيته من جهة انه واصل الينا من زمن الائمة (ع) يدا بيد وطبقة بعد طبقة، ولا طريق لنا الى ذلك، ولا طريق لنا الى الاجماعات المنقولة بين المتأخرين، فان اثبات ان هذه الاجماعات ثابتة عند المتقدمين مشكل، فضلا عن ان هذه الاجماعات قد وصلت الينا من زمن الائمة (ع)، فلا يمكن الاعتماد على الاجماع، والعمدة اطلاق صحيحة زرارة، ومقتضى هذا الاطلاق انه لا مانع من الحكم بوجوب القضاء .
 ثم ذكر الماتن (قده) : ولو عمت الشهور فلم يتعين عنده ذلك المعين عمل بالظن، ومع عدمه يتخير بين موارد الاحتمال .
 هذا لعله المعروف والمشهور بين الاصحاب، اذا لم يتمكن المكلف من الامتثال القطعي فتصل النوبة الى الامتثال الظني، واذا لم يتمكن من الامتثال الظني لعدم حصول الظن له فوظيفته التخيير، مخير بين افراد الاحتمال.
 والسيد الماتن (قده) في المقام بنى على ذلك، فاذا فرضنا ان الشهر المنذور اشتبه بين شهور، فلا يدري انه هذا الشهر او الشهر الثاني او الشهر الثالث، فان ظن بأن هذا الشهر او الشهر الثاني عمل بهذا الظن واعتكف في هذا الشهر المظنون، واما اذا لم يظن بذلك تخير بين ان يعتكف في الشهر الاول او الشهر الثاني او الثالث، ولكن من الواضح انه لا دليل على حجية الظن حتى نعمل به، بل في المقام العلم الاجمالي موجود، ومقتضى هذا العلم الاجمالي هو الاحتياط، فهو يعلم ان هذا الشهر المنذور اعتكافه أحد هذه الشهور فيجب عليه الاحتياط والاعتكاف في جميع هذه الشهور، الاّ اذا كان حرجيا عليه فهو مرفوع وجوبه بمقدار الحرج، فطالما لم يكن حرجيا فيجب عليه الاعتكاف من باب الاحتياط .
 فمقتضى القاعدة في المقام هو وجوب الاحتياط ، لا العمل بالتخيير ولا العمل بالظن والاحتياط ان امكن ولم يكن حرجيا .
 وهل يمكن التمسك بالاستصحاب ؟ استصحاب بقاء الشهر المنذور الى الشهر الأخير ؟ او لا يمكن ؟
 ذكر السيد الاستاذ (قده) ان هذا الاستصحاب معارض باستصحاب بقاء عدمه المردد بين العدم الازلي والعدم الحادث .
 وقد تقدم تفصيل ذلك سابقا.
 وهنا مسألة اخرى نتعرض لها وهي : في باب الاسير اذا لم يعلم شهر رمضان فيعمل بالظن وقد ورد ذلك في الرواية، وهي صحيحة عبد الرحمن بن ابي عبد الله عن ابي عبد الله (ع) قال : قلت له رجل أسرته الروم ولم يصح له شهر رمضان، ولم يدر اي شهر هو، قال يصوم شهر يتوخى ويحسب، فان كان الشهر الذي صامه قبل شهر رمضان لم يجزه، وان كان بعد شهر رمضان أجزأه . [2]
  فهذه الصحيحة تدل على ذلك، ولكن موردها الأسير، ولكن التعدي من موردها الى مورد نذر اعتكاف شهر معين بحاجة الى دليل والى قرينة .
 واما ما ذكره السيد الاستاذ (قده) في المقام من ان استصحاب بقاء شهر المنذور الى الشهر الأخير معارض باستصحاب بقاء عدمه المردد بين عدمه الأزلي وعدمه الحادث فسوف نتكلم في انه معارض ام لا ؟


[1] وسائل الشيعة، الشيخ حر العاملي، ج2، ص368، أبواب الحيض، باب51، حديث2، ط آل البيت.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ حر العاملي، ج10، ص277، من أبواب احكام شهر رمضان ، باب7، حديث1، ط آل البيت.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo