< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

34/07/16

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع : المسألة (18) : يعتبر في الاعتكاف الواحد وحدة المسجد فلا يجوز ان يجعله في مسجدين سواء اكانا متصلين ام منفصلين نعم لو كان متصلين على وجه يعد مسجدا واحدا فلا مانع .
 الامر كما افاده (قده) وذلك لامور :
 الامر الاول : ان سيرة المتشرعة جارية من زمن الرسول الاكرم (ص) الى زماننا هذا , ان الاعتكاف في مسجد واحد وهو المسجد الجامع او مسجد يصلى فيه الجمعة او الجماعة على ما تقدم البحث فيه . فهذه السيرة بما انها متصلة بزمان الائمة (ع) فتكون حجة , وخلافها لم يظهر من هذه السيرة .
 الامر الثاني : ان المنصرف من الروايات التي تدل على الاعتكاف في مسجد منصرف الى الاعتكاف في مسجد واحد , اما اذا اعتكف في مسجدين او اكثر بان يكون مكثه في يوم في مسجد وفي يوم ثاني في مسجد آخر وفي يوم ثالث في مسجد ثالث هذا غير منصرف من هذه الروايات , المنصرف منها هو الاعتكاف واللبث في مسجد واحد.
 الامر الثالث : الروايات التي تدل على ان من خرج من المسجد لضرورة فيجب عليه ان يرجع الى نفس المسجد , فان هذه الروايات تدل على انه لا يجوز تعدد الاعتكاف في مسجدين :
 منها : صحيحة منصور بن حازم عن ابي عبد الله (ع) : قال : المعتكف بمكة يصلي في اي بيوتها شاء , والمعتكف بغيرها لا يصلي الاّ في المسجد الذي سماه [1] . فان مكة بما انها حرم الله تعالى يجوز الاعتكاف في تمام مكة لانها بمنزلة مسجد واحد , وهي تدل بوضوح على عدم جواز الاعتكاف في مسجدين .
 ومنها : صحيحة عبد الله بن سنان عن ابي عبد الله (ع) :قال : سمعته يقول المعتكف في مكة يصلي في اي بيوتها شاء , سواء عليه صلى في المسجد او في بيوتها ....الى ان قال ولا يصلي المعتكف في بيت غير المسجد الذي اعتكف فيه الاّ بمكة [2] . فان هذه الصحيحة تدل على ان المعتكف في المسجد لا يصلي الاّ في نفس هذا المسجد ولا يصلي في غيره .
 ومنها : صحيحة داود بن سرحان عن ابي عبد الله (ع) في حديث قال : ولا ينبغي للمعتكف ان يخرج من المسجد الجامع الاّ لحاجة لابد منها , ثم لا يجلس حتى يرجع [3] . فقوله ( حتى يرجع ) ظاهر في الرجوع الى نفس المسجد . لا انه يرجع الى مسجد آخر .
 ومثلها صحيحة الحلبي : ولا ينبغي للمعتكف ان يخرج من المسجد الجامع الاّ لحاجة لابد منها , ثم لا يجلس حتى يرجع [4] .
 ومنها صحيحته الاخرى (داود بن سرحان) قال : كنت بالمدينة في شهر رمضان فقلت لابي عبد الله (ع) اني اريد ان اعتكف فماذا اقول وماذا افرض على نفسي ؟ فقال : لا تخرج من المسجد الاّ لحاجة لا بد منها , ولا تقعد تحت ظلال حتى تعود الى مجلسك [5] . فان هذه الصحيحة واضحة الدلالة .
 وكيفما كان فلا يجوز الاعتكاف في المسجدين , ان لم يثبت مشروعية الاعتكاف في المسجدين فلابد ان يكون الاعتكاف في مسجد واحد .
 المسألة (19) : لو اعتكف في مسجد ثم اتفق مانع من اتمامه فيه من خوف او هدم او نحو ذلك بطل , ووجب عليه استئنافه او قضاؤه ان كان واجبا في مسجد آخر او ذلك المسجد اذا ارتفع عنه المانع .
 لان المعتبر في صحة الاعتكاف امران : احدهما : ان يكون في مسجد واحد . الثاني : ان تكون ثلاثة ايام متصلة ولا يجوز الفاصل بينها .
 فلا يجوز اتمامه في مسجد آخر لانه لا يجوز الاعتكاف في مسجدين بل لابد ان يكون في مسجد واحد , ولا يجوز اتمامه بعد ارتفاع المانع لانه يوجب الفصل بين ايام الاعتكاف. فمن اجل ذلك بطل اعتكافه , فلا يجوز له اتمامه في مسجد آخر , ولا اتمامه في هذا المسجد بعد ارتفاع المانع .
 المسألة (20) : سطح المسجد وسردابه ومحرابه منه ما لم يعلم خروجها , وكذا مضافاته اذا جعلت جزء منه كما لو وسع فيه.
 لم يتعرض الماتن (قده) لصورة الشك , وظاهره دخولها في المستثنى منه ( ما لم يعلم خروجها ) , العلم بأنه ليس بمسجد غير مجز , اما ما لم يعلم بان السطح ليس من المسجد , او سردابه ليس من المسجد , ما لم يعلم بذلك فمعناه انه يجزي , ويمكن توجيه كلام الماتن (قده) : بان المكلف شاك في ان الواقف جعل المسجد بنحو يشمل سطح المسجد ومحرابه وسردابه جميعا ؟ او جعل المسجد بنحو لا يشمل سطح المسجد ولا سردابه ولا محرابه؟ الشك في سعة الجعل وضيقه وان الجعل مضيق او متسع , فهو شاك في سعة الجعل وضيقه , وفي مثل ذلك لا مانع من التمسك بالاصل العملي , فانه يشك في انه يتعين عليه الاعتكاف في داخل المسجد او انه مخيير بين الاعتكاف في داخل المسجد او الاعتكاف على سطحه , او انه يتعين عليه الاعتكاف في داخل المسجد او مخيير بين الاعتكاف فيه والاعتكاف في سردابه , فلا مانع من الرجوع الى اصالة البراءة عن التعيين وهو مخيير بين ان يعتكف في داخل المسجد او ان يعتكف في سردابه او في سطح المسجد , مخيير بينهما , فانه من دوران الامر بين التعيين والتخيير واصالة البراءة تجري عن التعيين , فوظيفة المكلف هي التخيير . فيمكن تصحيح ما ذكره الماتن (قده) بذلك .
 واما السيد الاستاذ (قده) على ما في تقرير بحثه : اعتبر العلم بانه من المسجد , اذا لم يعلم انه من المسجد فلا يجوز الاعتكاف فيه , واذا علم ان سردابه من المسجد جاز الاعتكاف فيه , واما اذا لم يعلم فلا يجوز , وكذلك سطح المسجد فانه اذا علم انه من المسجد جاز الاعتكاف فيه والاّ فلا يجوز . وتمسك باصالة العدم ( اصالة عدم كونه مسجدا ) , والكلام في جريان هذه الاصالة (اصالة العدم ) - اي اصالة عدم سعة الجعل لان المسجديّة ليست ذاتية فهي مجعولة . فهل هذه الاصالة تجري وتثبت بان المسجد مضيق وان سطح المسجد ليس بمسجد وان سردابه ليس بمسجد ؟ او انها معارضة باصالة عدم ضيق الجعل ؟ او انها لا تجري لأنها لا تثبت ان الجعل مضيق ألاّ على القول بالاصل المثبت , فمن اجل ذلك لا تجري , كما ان اصالة عدم الضيق لا تجري لانه لا يثبت ان الجعل موسع , فلابد من الرجوع الى اصالة البراءة عن التعيين عند دوران الامر بين التعيين والتخيير , فلا محالة المرجع هو اصالة البراءة عن التعيين لان فيه كلفة زائدة . والمرجع هو التخيير فالمكلف مخيير في ذلك .
 المسألة (21) : اذا عين موضعا خاصا من المسجد محلا لاعتكافه لم يتعين وكان قصده لغوا .
 الامر كما افاده (قده) , ولا أثر لتعيين المحل في المسجد للاعتكاف.
 المسألة (22) : قبر مسلم وهاني ليس جزءا من مسجد الكوفة على الظاهر .
 وهو كما افاده (قده) .
 
 


[1] الوسائل (آل البيت) /ج 10 / ص 551 / باب 8 / كتاب الاعتكاف / الحديث 2 .
[2] الوسائل (آل البيت) /ج 10 / ص 552 / باب 8 / كتاب الاعتكاف / الحديث 3 .
[3] الوسائل (آل البيت) /ج 10 / ص 549 / باب 7 / كتاب الاعتكاف / الحديث 1 .
[4] الوسائل (آل البيت) /ج 10 / ص 549 / باب 7 / كتاب الاعتكاف / الحديث 2 .
[5] الوسائل (آل البيت) /ج 10 / ص 550 / باب 7 / كتاب الاعتكاف / الحديث 3 .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo