< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

34/07/28

بسم الله الرحمن الرحیم

 
 تقدم الكلام في ما ذكره الماتن (قد) من انه اذا ازال شخصاً من مكان وجلس في مكانه بطل اعتكافه , وكذلك اذا جلس على فراش مغصوب ,
 ولكن ذكرنا انه لا وجه للبطلان في كلتا المسألتين , اما المسألة الاولى فان مجرد جلوس الشخص في مكان معين لا يحدث له حقاً شرعياً كحق الاختصاص او ما شاكل ذلك , غاية الامر انه اولى بهذا المكان طالما هو موجود فيه , واما اذا ذهب فلا حق له اصلاً , واما اذا ازاله عن هذا المكان فالازالة محرمة وهو آثم ولكنه اذا جلس في المكان لم يتصرف في حقه وجلوسه مباح ولا شيء عليه واعتكافه صحيح , واما في المسألة الثانية فهو يختلف فان تصرفه في الفرش المغصوب حرام واما تصرفه في المسجد ومكثه فيه فليس بمحرم , وفرق بينهما فان مكثه على الفرش مباشرة واما مكثه في المسجد فبالواسطة وبغير المباشرة فحرمة احدهما لا تسري الى الآخر , فحرمة التصرف في الفرش المغصوب لا تسري الى اللبث في المسجد والمكث فيه , وما ذكره الماتن (قده) لا يمكن المساعدة عليه .
 ثم ذكر الماتن (قده) ان المسجد اذا كان مفروشاً بتراب او آجر مغصوب ولا يمكن ازالته فاحتاط بعدم الجلوس عليها , واما اذا امكن ازالتها فحالها حال الفرش فلا يجوز الجلوس عليها واذا جلس فاعتكافه باطل كما ان اعتكافه باطل اذا جلس على الفرش المغصوب , ولهذا قيّد بعدم التمكن من ازالتها عن المسجد او ان ازالتها من المسجد تؤدي الى تلفها وسقوط قيمتها المالية ولا يبذل المال بازائها . وهنا مسألتان :
 المسألة الاولى : اذا عدّ هذا المال ( الآجر او التراب المغصوب المفروش به المسجد ) تالفاً بنظر العرف , ومع تلفها فتسقط ماليتها , ولا يبذل العقلاء المال بازائها .
 المسألة الثانية : ان الغاصب اذا كان ضامناً لها مع التلف , فاذا كانت قيميّة فيضمن القيمة , واذا كانت مثليّة فيضمن المثل , فهل يكون التالف من هذه الاشياء ملكاً للغاصب وخرج عن ملكية المالك باعتبار ان المالك يملك بدلها ؟ واذا ملك بدل هذه الاشياء من القيمة او المثل فتنتقل هذه الاشياء الى ملك الغاصب لكن لا مالية لها بل مجرد ملك لها , او متعلق لحق الغاصب فلا يجوز التصرف فيها ومزاحمة الغاصب فيها .
 اما المسألة الاولى : فقد ذكر السيد الاستاذ (قده) على ما في تقرير بحثه ان هذه الاشياء اذا عدّت تالفة عند العرف سقطت ملكيتها وماليتها معاً , فلا مالية لها ولا ملكية وخرجت عن ملك المالك .
 الظاهر ان ما ذكره هنا مخالف لما ذكره في بحث الفقه من المكاسب , من انه فرق بين الملكية والمالية , وسقوط المالية لا يستلزم سقوط الملكية فيمكن ان يكون الشيء مملوكاً ولا مالية له , كحبة من الحنطة فانها مملوكة ولا ماهية لها , او كأس من الماء بالقرب من النهر فانه مالك له وليس له مالية ولا يبذل المال بازائه , فالتفكيك بين الملكية والمالية واضح , فاذا تلفت هذه الاشياء وعدّت تالفة بنظر العرف سقطت ماليتها , واما حرمة التصرف فموضوعها المال وليس الملك , فاذا سقطت عن المالية فيجوز التصرف فيها , كما اذا وقعت دار الشخص في الطريق واصبحت شارعا بامر من الحكومة او بستانا او ما شاكل ذلك فقد خرجت عن المالية ولكن ملكيتها باقية فاذا عادت فالمالك يبقى مالك لهذه الدار , ولهذا يجوز التصرف في هذا الشارع بالمشي والجلوس فيه ولا يكون محرماً , لانها سقطت عن المالية .
 واما هنا فقد ذكر (قده) انها سقطت عن الملكية ايضاّ وتبقى متعلقة لحقه , كما لو مات حيوانه فانه لا مالية له ولا ملكية ولكنه متعلق لحقه , فلا تجوز مزاحمته فيه , وكذلك اذا انكسر اناءه فالمكسور متعلق لحقه فلا يجوز مزاحمته فيه . ولكن الظاهر انه مخالف لما ذكره في بحث المكاسب من ان سقوط المالية لا يستلزم سقوط الملكية حتى وان وقعت داره في الشارع والملكية تبقى واذا عاد الشارع عما عليه فهذا المقدار من الارض ملك له ولا يخرج عن ملكيته .
 واما المسألة الثانية : فاذا كان الغاصب ضامناً للتالف من المثل او القيمة فالظاهر ان المال التالف صار ملكاً للغاصب , اذ لا يمكن ان يبقى في ملك المالك لانه جمع بين العوضين معاً , فاذا ملك المالك بدل ماله من المثل او القيمة فالمال يخرج عن ملكه ويصير ملك للغاصب وان لم تكن له مالية , فلا يجوز التصرف فيه الاّ باذنه اذا قلنا ان جواز التصرف منوط بالملك , ولكن الامر ليس كذلك فان جواز التصرف وحرمة التصرف منوط بالمال , اذا كان مالاً فلا يجوز التصرف فيه الاّ باذن المالك , واما اذا لم يكن له مالية كحبة من الحنطة فلا يمنع من التصرف فيه ولا يكون التصرف فيه حراماً لعدم الدليل , فان الدليل دل على حرمة التصرف في مال الغير ولم يرد في اي دليل ان حرمة التصرف في ملك الغير , فالنتيجة ان البدل اذا انتقل الى المالك فالمبدل ينتقل الى الغاصب ويكون ملكاً له .
 المسألة (33) : اذا جلس على المغصوب ناسياً او جاهلاً او مكرهاً او مضطراً لم يبطل اعتكافه .
 اما في فرض النسيان فلا شبهة فيه لما ذكرناه من ان الناسي خارج من عمومات الأدلة ومستثنى منها , فاذا نسي ان هذا المكان مغصوب فهو حلال له واقعاً ومكثه فيه وتصرفه فيه حلال واقعاً , كما اذا نسي ان هذا الماء مغصوب وتوضأ به فلا شبهة ان وضوئه صحيح او اغتسل فيه فلا شبهة ان غسله صحيح , وكذا الحال في المكره اذا كان مكرهاً على ارتكاب حرام او ترك واجب فلا شبهة انه يجوز له ذلك واقعاً وهو ايضا مستثنى من اطلاقات ادلة التحريم , وكذلك المضطر , فالناسي والمكره والمضطر والخاطيء والغافل كل ذلك خارج من اطلاقات الادلة ومستثناة من الادلة في الواقع , واما الجاهل فان كان جهله مركباً فهو داخل في الغافل فلا يكون مكلفاً بشيء وهو غافل حقيقة واطلاق الجهل المركب عليه مسامحة اذ لا معنى لكون الجهل مركباً , واما اذا كان جهله بسيطاً فان كان مقصراً فوظيفته وجوب الاحتياط والواقع منجز , فان كان الماء في الواقع مغصوباً فحرمته منجزة عليه ويجب عليه الاحتياط وترك الوضوء به ولو توضأ به فلا شبهة في بطلان وضوئه , فان كان جهله عن تقصير فلا شبهة في وجوب الاحتياط عليه ولا يجوز له التصرف في مشكوك الغصبية كالماء والارض او ما شاكل ذلك , واما اذا كان جهله عن قصور فالمرجع الاصول المؤمنة كاصالة البراءة او الاستصحاب او ما شاكل ذلك كقاعدة اليد ونحو ذلك , ففي مثل ذلك هل يمكن الحكم بالصحة ؟ كما اذا كان جهله بان هذا الماء مغصوب , فهذا الجهل جهل بسيط ولكن من غير تقصير بل عن قصور فلو كان هذا الماء في الواقع مغصوباً لم تكن حرمته منجزة عليه فهل يصح الوضوء به او لا يصح ؟
 المعروف والمشهور بين الاصحاب صحة الوضوء به , بل قد ادعي عليه الاجماع , ولكن اشكل عليه السيد الاستاذ(قده) بما سيأتي الكلام عنه .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo