< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

35/02/10

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الزكاة
الى هنا قد تبين ان وجوب الزكاة مختص بتسعة اشياء ولا وجوب في ما عداها فان الروايات التي تدل على وجوب الزكاة فيها ناصه في نفي الزكاة عن غيرها عفى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عن ما عداها ومن الواضح ان العفو ناص في نفي الوجوب لا شبهة في ذلك هذا مضافا الى انه روايات خاصة صريحة في نفي الوجوب عن ما عدى تسعة اشياء ومن هنا حملنا الروايات التي تدل على وجوب الزكاة في الحبوب على الاستحباب وان الزكاة في سائر الحبوب مستحب في ما عدا الحنطة والشعير والزبيب والتمر في ما عداها الزكاة مستحب لان الروايات النافية للزكاة عما عدا تسعة اشياء ناصه في ذلك والروايات التي تدل على وجوب الزكاة في الحبوب هذه الروايات ظاهرة في الوجوب فلابد من رفع اليد عن ظهورها بقرينة النص الذي هو من احد موارد الجمع الدلالي العرفي ، اما الثمار بأقسامها المختلفة فقد تقدم انه لا دليل على وجوب الزكاة فيها ولا على استحبابها
ثم بعد ذلك ذكر قدس سره الثاني استحباب الزكاة على مال التجارة على الاصح ، المشهور بين الاصحاب ان الزكاة مستحبة في مال التجارة وذهب جماعة منهم السيد الاستاذ قدس سره انه لا استحباب على مال التجارة والروايات الواردة في المسألة روايات مختلفة طائفة منها تدل على وجوب الزكاة في مال التجارة
منها صحيحة اسماعيل ابن عبد الخالق قال سألته سعيد الاعرج وانا اسمع فقال انا نكبس الزيت والسمن نطلب به التجارة وربما مكث عندنا السنة والسنتين هل عليه زكاة قال (ان كنت تربح به شيء او تجد راس مالك فعليك زكاته وان كنت انما تربص به لأنك لا تجد الا وضيعة فليس عليك زكاة حتى يصير ذهبا او فضة فاذا صار ذهب او فضة للسنة التي اتجرت فيها) فان هذه الصحيحة تدل على وجوب الزكاة في مال التجارة ودلالتها واضحة
ومنها صحيحة محمد ابن مسلم سالة ابا عبد لله عليه السلام عن رجل اشترى متاعا ففسد عليه متاعه وقد زكا متاعه قبل ان يشتري المتاع متى يزكيه فقال (ان كان امسك متاعه يبتغي به راس ماله فليس عليه زكاة وان كان حبسه بعد ما يجد رأس ماله فعليه الزكاة بعد ما امسكه بعد راس المال) قال وسالته عن الرجل توجد عنده الاموال يعمل بها فقال (اذا حال عليه الحول فعليه ان يزكيها) فهذه الصحيحة ايضا تدل على وجوب الزكاة في مال التجارة وكذا غيرهما
فاذا مقتضى هذه الطائفة وجوب الزكاة في مال التجارة كوجوب الزكاة في الحنطة والشعير والتمر والزبيب والانعام الثلاثة والذهب والفضة ولكن في مقابل هذه الروايات طائفة اخرى من الروايات تدل على عدم الوجوب
منها صحيحة زرارة قال كنت قاعدا عند ابي جعفر عليه السلام وليس عنده غير ابنه جعفر عليه السلام فقال يا زرارة ان ابا ذر وعثمان تنازعا على عهد رسول الله صلى الله عليه واله فقال عثمان كل مال من ذهب او فضة يدار ويعمل ويتجر به ففيه الزكاة اذا حال عليه الحول فقال ابو ذر فأما ما يتجر به او دير او عمل به فليس فيه زكاة انما الزكاة اذا كان ركاضا كنزا موضوعا فاذا حال عليه الحول ففيه الزكاة فاختصما على ذلك الى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فقال القول ما قال ابو ذر فقال ابو عبد لله عليه السلام لأبيه ما تريد الا ان يخرج مثل هذا فيكفي الناس فهذه الصحيحة واضحة الدلالة انه لا زكاة في ما يتجر ويعمل به فان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال (القول ما قال ابو ذر) فان هذه الصحيحة واضحة الدلالة على عدم وجوب الزكاة في مال التجارة
ومنها صحيحة سليمان ابن خال قال سئل ابو عبد لله عليه السلام عن رجل كان له مال كثير فأشترى به متاعا ثم وضعه فقال هذا متاع موضوع فاذا احببت بعته فيرجع الي راس مالي وافضل منه هل علي فيه صدقة وهو متاع قال لا حتى يبعه قال هل يؤدي عنه ان باعه لما مضى اذا كان متعا قال لا فان هذه الصحيحة ايضا واضحة الدلالة على عدم وجوب الزكاة في مال التجارة
ومنها صحيحة زرارة عن ابي جعفر عليه السلام انه قال (الزكاة في المال الصامت الذي يحول عليه الحول ولم يحركه) فان هذه الصحيحة تدل على ان الزكاة في المال الصامت والمال الذي لم يحركه اما الزكاة في مال التجارة تدل بالالتزام على عدم الزكاة في مال التجارة ومنها غيرها من الروايات فاذا تقع المعارضة بين هاتين الطائفتين من الروايات ، وذكر السيد الاستاذ قدس سره على ما في تقرير بحثه ان بين الطائفتين معارضة لان بين قولين قول ان فيه زكاة وقول انه ليس فيه زكاة بين هاتين الجملتين تعارض فيه زكاة وليس فيه زكاة يرى العرف بينهما تعارض الطائفة الاولى تدل على ان فيه زكاة والطائفة تدل على انه ليس فيه زكاة بين ما فيه زكاة وما ليس فيه زكاة تعارض فاذاً الجمع العرفي الدلالي بين الطائفتين لا يمكن التعارض مستقر ويسري الى سنديهما من مرحلة الدلالة الى مرحلة السند فيقع التعارض بين سنديهما فلابد من الرجوع الى مرجحات باب المعارضة ولا يقع تقديم الطائفة الثانية على الطائفة الاولى لان الاولى موافقة للعامة والطائفة الثانية مخالفة للعامة ومخالفة العامة من احدى المرجحات في باب التعارض فاذا وقع التعارض بين الروايتين وكانت احداهما موافقة للعامة والاخرى مخالفة لهم لابد من تقديم المخالفة على الموافقة وحمل الموافقة على التقية فاذاً يحمل الطائفة الاولى على التقية ونأخذ بالطائفة الثانية ومقتضاها عدم وجوب الزكاة واما الاستحباب فلا دليل عليه
ومع الاغماض عن ذلك تقع المعارضة بينهما فتسقطان من جهة المعارضة اذا لا ترجيح لاحداهما على الاخرى فاذا لم يكن مرجح في البين فتسقطان معا فان دليل الحجية لا يمكن شموله لكلتيهما معا وشمول لاحداهما دون الاخرى ترجيح من غير مرجح فاذاً بطبيعة الحال يسقط دليل الحجية فلا يشمل شيء منهما فاذاً لا تكون الطائفة الاولى حجة ولا الطائفة الثانية وهذا هو معنى سقوطهما فاذا سقطة كلتا الطائفتين فالمرجع هو الاصل العملي وهو اصالة البراءة عن وجوب الزكاة ، النتيجة انه لا استحباب في البين على كلا التقديرين سواء جعلنا مخالفة العامة من المرجح ونقدم الطائفة الثانية على الاولى فلا دليل على الاستحباب او نقول بسقوط كلتا الطائفتين من جهة المعارضة فأيضا لا دليل على الاستحباب فاذاً ما هو المعروف والمشهور بين الاصحاب من استحباب مال التجارة لا دليل عليه هكذا ذكره السيد الاستاذ قدس سره على ما في تقرير بحثه
الظاهر ان الجمع العرفي بين الطائفتين ممكن فان الطائفة الاولى ظاهرة في الوجوب غاية الامر ناصه في مشروعية الزكاة أي في الاستحباب وظاهرة في الوجوب واما الطائفة الثانية ناصه في نفي الوجوب فان قول رسول الله صلى الله عليه واله وسلم القول ما قال ابو ذر فانه ناص في عدم الوجوب كان الزكاة في مال التجارة غير واجبة فاذاً ما ذكره السيد الاستاذ من التعارض بين ما فيه الزكاة وما ليس فيه الزكاة التعارض بدوي لا انه مستقر فان ما فيه الزكاة ظاهر في الوجوب وان كان ناص في المشروعية ظاهر في الوجوب وليس فيه زكاة ناص في نفي الوجوب فالتعارض بين الظاهر والنص فلابد من رفع اليد عن الظاهر بقرينة النص لانه من احد موارد الجمع الدلالي العرفي فاذا التعارض غير مستقر ولا يسري من مرحلة الدلالة الى مرحلة السند فكلتا الطائفتان من الروايات مشمول لدليل الحجية لإمكان الجمع الدلالي بينهما بحمل الطائفة الاولى على الاستحباب بقرينة الطائفة الثانية الناصه في نفي الوجوب فالنتيجة ان الدليل على الاستحباب موجود وان الزكاة في مال التجارة مستحب

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo