< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

36/03/26

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الزكاة
تحصل مما ذكرنا ان الميت اذا كانت له تركة تفي بديونه فهو غني لا يجوز دفعها من الزكاة او احتسابها لانه ليس من افراد الغارمين هو ليس فقير وليس عليه مؤونة نفسه وعياله فان مقدار الدين من الارث لا ينتقل الى الورثة ويبقى في ملك الميت ولهذا يجب الاداء من التركة ولا يجوز من الزكاة وهو واضح .
ثم ذكر الماتن قده : نعم لو كان له تركة لكن لا يمكن الاستيفاء منها لامتناع الورثة أو غيرهم فالظاهر الجواز [1]، فاذا كان عنده تركة تفي ولكن الورثة مانعة عن ذلك اما عامدا عالما او جاهلا بالدين فعلى كلا التقديرين يجوز ان يؤدي دينه من الزكاة فان التركة اذا كانت مانعة عن التصرف فلا اثر لها فانه لا يمكن لوصي الميت ان يتصرف فيها فيجوز ان يؤدي دين الميت من الزكاة او يحتسبه وهذا نظير ما لو تلفت التركة او سرقت او ما شاكل ذلك فان في هذا الفرض لا شبهة في جواز اداء الدين من الزكاة .
واما صحيحة محمد ابن مسلم المتقدمة فلا تشمل صورة امتناع الورثة عند اداء الدين من التركة لان الصحيحة منصرفة عن هذه الصورة وظاهرة في ان الورثة في مقام اداء الدين فان كان ما تركه وافي بدينه واورثه للورثة ثم علم ان عليه دين قضاه من حصة جميع الورثة واداء الدين لا ينتقل الى الورثة ويبقى في ملك الميت فصحيحة محمد ابن مسلم لا اطلاق لها ولا يشمل هذه الصورة .
ثم ذكر الماتن قده : لا يجب اعلام الفقير بان المدفوع اليه زكاة بل لو كان ممن يترفع ويدخله الحياء منها وهو مستحق يستحب ان يدفعه اليه على وجه الصلة ظاهرا والزكاة واقعا، وقد استدل على ذلك بوجوه :-
الوجه الاول : الاجماع من الاصحاب على جواز دفع الزكاة بعنوان الهدية او الهبة او صلة الرحم او ما شاكل ذلك وان كان في الواقع زكاة اذا كان الشخص يستحي ان يأخذ بعنوان الزكاة ويرى ان اخذه بعنوان الزكاة مهانة له لمكانته الاجتماعية عند الناس فيجوز ان يدفع الزكاة على وجه الهدية او صلة الرحم ظاهرا وان كان واقعا زكاة، وهذا الاجماع ظاهر من الاصحاب وهو حجة ولكن تقدم ان مثل هذا الاجماع لا يمكن المساعدة عليه فان الاجماع في نفسه لا يكون حجة الا اذا وصل الينا من زمن الائمة عليهم السلام طبقة بعد طبقة ويد بيد ولا يمكن احراز ذلك في اجماعات القدماء فضلا عن المتأخرين وبدون احراز ذلك فلا يكون الاجماع حجة .
الوجه الثاني : اطلاقات الادلة من الآيات المباركة والروايات التي تدل على دفع الزكاة الى الفقير فانه لم يرد من هذه الادلة ان يدفع بعنوان انه زكاة سواء كان بعنوان الزكاة او الصلة او الهدية اطلاق الادلة تشمل الجميع فلا مانع من التمسك بهذه الاطلاقات وجواز دفع الزكاة بعنوان الصلة او الهدية ظاهرا وان كان زكاة واقعا .
الوجه الثالث : صحيحة ابي بصير وهي ناصه في ذلك قال قلت لأبي جعفر عليه السلام الرجل من اصحابنا يستحي ان يأخذ من الزكاة واعطيه من الزكاة ولا اسمي من الزكاة فقال : اعطه ولا تسم له ولا تذل المؤمن)[2] فهذه الصحيحة ناصه في جواز اعطاء الزكاة بعنوان اخر لا بعنوان الزكاة اذا كانت الزكاة فيها اهانة له، ولكن قد يقال كما قيل ان هذه الصحيحة معارضه بصحيحة محمد ابن مسلم قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام الرجل يكون محتاجا فيبعث إليه بالصدقة فلا يقبلها على وجه الصدقة يأخذه من ذلك ذمام واستحياء وانقباض، فنعطيها إياه على غير ذلك الوجه وهي منا صدقة ؟ فقال : لا، إذا كانت زكاة فله أن يقبلها، فإن لم يقبلها على وجه الزكاة فلا تعطها إياه)[3] فان هذه الصحيحة تدل على عدم جواز اعطاء الزكاة بعنوان اخر وفي ذيل هذا الحديث قد ورد في باب اخر (ما ينبغي ان يستحيي مما فرض الله انما هي فريضة الله له فلا يستحي منها)[4] ذكر السيد الاستاذ قده على ما جاء في تقرير بحثه ان هذه الجملة غير قابلة للتصديق وعلل ذلك بان الزكاة فريضة على المالك وعلى الدافع وكونها فريضة على المالك لا يستلزم استحياء الفقير او عدم مهانته وذلته، فقوله عليه السلام ما ينبغي له ان يستحيي انها فريضة الله له أي للفقير فان هذه الجملة غير قابلة للتصديق فلابد من رد علمها الى اهله باعتبار ان الفقير ذو شأن بين الناس واخذ الزكاة فيها مهانة له ولهذا يستحيي ولهذا تكون الزكاة محرمة على بني هاشم من جهة انها اوساخ الاموال .
الظاهر ان الامر ليس كذلك فان ما ورد في هذا الذيل لا ينبغي للفقير ان يستحي ان يأخذ الزكاة لان الله جعل الفقراء شركاء مع الاغنياء والفقير يأخذ حصته من المالك فلا يستحي فلذا الوارد ما ينبغي ولم يرد يجب عليه ان لا يستحيي، نعم لو كان الوراد بصيغة الورود فهو غير قابل للتصديق، واما كون الزكاة اوساخ الاموال يعني ان الزكاة امر زائد على اموال الناس فهو ملك لغيره وهو الفقير وليس معنى الاوساخ الوسخ المتعارف بل المراد الزائد، واما حرمة الزكاة على بني هاشم لمصلحة لا نعرفها مع ان زكاة بني هاشم على بني هاشم لا مانع منه .
واما الجملة الاولى التي تدل على انه لا يعطي الزكاة اذا لم يقبلها بعنوان الزكاة فهل يمكن الجمع بين صحيحة محمد ابن مسلم التي هي ناهية عن اعطاء الزكاة بعنوان اخر وبين صحيحة ابي بصير وهل بينهما معارضه ولا يمكن الجمع الدلالي العرفي بينهما ؟
الظاهر امكان الجمع الدلالي العرفي فان صحيحة محمد ابن مسلم ظاهرة في حرمة الاعطاء بعنوان اخر واما صحيحة ابي بصير ناصه بالجواز ومن الواضح انه لابد من رفع اليد عن الدليل بدليل اخر فانه من احد موارد الجمع الدلالي العرفي حمل الظاهر على النص او حمل الظاهر على الاظهر فلا تصل النوبة الى المعارضة يعني ان المعارضة غير مستقرة بينهما ولا تسري من مرحلة الدلالة الى مرحلة السند لكي تكون المعارضة مستقرة، ومع الجمع الدلالي العرفي بينهما ترتفع المعارضة بحمل الظاهر على النص، فالنتيجة جواز اعطاء الزكاة بعنوان اخر اذا كان عنوان الزكاة هتك للفقير ومذلة .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo