< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

36/04/19

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الزكاة
الى هنا قد تبين ان ما هو المشهور من تصنيف الرقاب الى ثلاثة اصناف لا دليل عليه فان العبد المكاتب تصرف الزكاة في مال كتابته سواء كان محتاجا او لا فان التقيد بالاحتياج لا دليل عليه فان الرواية التي تدل على ذلك ضعيفة من ناحية السند، كما انه لا فرق بين اداء مال الكتابة المشروطة قبل الاجل او بعده وايضا ذكرنا انه لا فرق ان يؤدي الزكاة للمولى او الى العبد .
الصنف الثاني : العبد تحت الشدة، وذكرنا ان كلمة الشدة لم ترد في شيء من الروايات والوارد فيها كلمة الضرورة ويستفاد من هذه الكلمة الشدة وكيف ما كان فهل لهذا التقيد دليل او انه ليس له دليل ؟ ومقتضى اطلاق الآية صرف الزكاة في عتق الرقبة سواء كان العبد تحت الشدة ام لم يكن تحت الشدة، وقد يستدل على ذلك برواية ابي بصير عن ابي عبد الله عليه السلام قال : سألته عن الرجل يجتمع عنده من الزكاة الخمس مئة والست مئة يشتري بها نسمه ويعتقها فقال : اذا يظلم قوما اخرين حقوقهم، ثم مكث مليا ثم قال : الا ان يكون عبدا مسلما في ضرورة فيشتريه ويعتقه)[1] فان هذه الرواية تدل على جواز شراء العبد اذا كان في شدة وضرورة الا انها ضعيفة من ناحية السند فان عمر الذي روى عن ابي بصير مجهول من اجل ذلك الرواية ضعيفة، نعم روى الشيخ في التهذيب هذه الرواية عن عمر ابن ابي نصر وهو ثقة الا ان نسخ التهذيب ايضا مختلفة فان الشيخ اخذ هذه الرواية من الكافي وهي ضعيفة من ناحية السند فالتعبير في كتابه التهذيب برواية عمر ابن ابي نصر فهو اشتباه من الشيخ رحمه الله لان هذا التعبير لم يرد في الكافي مع انه هو المصدر لهذه الرواية وكيف ما كان فالرواية ضعيفة من ناحية السند فلا دليل على هذا التقيد .
ومع الاغماض عن سند الرواية فهل يمكن الاخذ بدلالتها ؟ ذكر السيد الاستاذ قده على ما في تقرير بحثه من حمل هذه الجملة (اذا يظلم الناس حقوقهم) يعني اذا صرف الزكاة في الرقاب بان يشتري عبدا ويقوم بعتقه يظلم الناس حقوقهم حمل السيد الاستاذ على الكراهة فان صرف الزكاة في عتق الرقبة بدون شدة تضيع لحقوق الناس، ولكن حمل هذا التضييع على الكراهة ومع ذلك فانه يجوز وان كان مكروها اذا لم يكن العبد تحت الشدة واما اذا كان تحت الشدة فلا يكون مكروها هكذا ذكره السيد الاستاذ وانه لا بئس بدلالة هذه الرواية لو تم سندها .
ولكن حمل هذه الجملة على الكراهة لا يخلو عن اشكال فان قوله عليه السلام (اذا يظلم الناس حقوقهم) الظلم في نفسه حرام لانه سلب الحق عن مستحقه وهو محرم في الشريعة المقدسة وحمله على الكراهة بحاجة الى قرينة ولا قرينة على ذلك، او لا اقل ان الرواية مجملة فلا يمكن الاستدلال بهذه الرواية على تقدير تمامية سندها اما انه لا يجوز صرف الزكاة في عتق الرقبة اذا لم تكن تحت الشدة من جهة انه ظلم على الناس وتضيع حقوقهم وهو غير جائز او من جهة ان هذه الرواية مجملة او اقل من اجمالها لو لم تكن ظاهرة في الحرمة فلا تكون ظاهرة في الجواز فهي مجملة فلا يمكن الاستدلال بدلالتها .
الصنف الثالث : وهو عتق الرقبة مطلقا شرط عدم وجود المستحق ومصرف اخر، والكلام في هذا القيد هل له دليل من اجل تقيد اطلاق الآية المباركة بذلك ؟ ولابد من النظر الى الروايات منها موثقة عبيد ابن زرارة قال سألت ابا عبد الله عليه السلام عن رجل اخرج زكاة ماله الف درهم فلم يجد موضعا يدفع ذلك اليه فنظر الى مملوك يباع في من يريده فاشتراه بتلك الاف درهم التي اخرجها من زكاته فاعتقه هل يجوز ذلك ؟ قال : نعم، لا بئس بذلك)[2] وهذه الرواية واضحة الدلالة في جواز شراء الرقبة من الزكاة وعتقها الا ان السائل قد قيد بعدم وجود موضع لهذه الزكاة ولكن هذا القيد انما ورد في كلام السائل ولم يرد في كلام الامام عليه السلام وانه مطلق يجوز ولا بئس ولم يقيده بعدم وجدان موضع اخر فالعبرة هي بكلام الامام عليه السلام فان هذه الرواية لا تصلح ان تكون مقيدة لأطلاق الآية المباركة وان اطلاقها محكم وحجة ومقتضى اطلاقها جواز شراء الرقبة من الزكاة سواء كان هناك مستحق او لم يجد
فالنتيجة : ان هذه الاصناف الثلاثة الاول وهو المشهور بين الاصحاب فهو غير ثابت من ان المكاتب اذا احتاج الى المال فان التقيد غير ثابت وكذا تقيد اطلاق الآية بالعبد يكون تحت الشدة ايضا غير ثابت فان الثابت هو جواز شراء العبد مطلقا على جميع التقادير يجوز شراء العبد من الزكاة ثم يقوم بعتقه .
ثم ان هنا قول اخر وهو ان العتق اذا وجب على الشخص من جهة الكفارة كما في كفارة افطار شهر رمضان او كفارة القتل او ما شاكل ذلك يجوز شراء العبد من الزكاة ثم يقوم بعتقه اداء للكفارة فهل هذا القول ثابت او انه غير ثابت ؟ وقد استدل على هذا القول برواية مرسلة في تفسير علي ابن ابراهيم الى ان قال : وفي الرقاب قوم لزمتهم كفارات في قتل الخطأ وفي الظهار وفي اليمان وفي قتل الصيد في الحرم وليس عندهم ما يكفرون وهم مؤمنون فجعل الله لهم سهما في الصدقات لكفر عنهم) الرواية ضعيفة من ناحية السند فلا يمكن الاعتماد عليها، ومع الاغماض عن ذلك الا ان هذه الرواية تدل على اداء الكفارة حتى اذا لم يكن في هذه الكفارة عتق رقبة ككفارة الصيد في الحرم فان كفارته بدنه وليس فيها عتق رقبة مضافا الى ان كفارة اليمين وكفارة الظهار والقتل الخطأ وكفارة الافطار العمدي العتق احد افراد الكفارة فاذا اشترى عبدا وقام بعتقه فهل يصدق صرف الزكاة في الرقاب ؟ الظاهر عدم الصدق فانه صرفها في اداء الكفارة فان العتق واجب عليه من جهة الكفارة وصرف الزكاة من جهة التكفير عن ذمته فلا يصدق عليه عنوان الرقاب فالنتيجة ان هذه الرواية على تقدير صحتها لا يصدق عليها صرف الزكاة في الرقاب فلا دليل على هذا القول فاذا وجب عليه العتق من باب الكفارة فلا يجوز صرف الزكاة فيه الا اذا كان من عليه الكفارة فقيرا يجوز اخذ الزكاة وصرفها لأداء الكفارة .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo