< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

36/05/19

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الزكاة
لا شبهة في ان الرجحان معتبر في متعلق النذر وليس النذر كالعهد واليمين والشرط فان الرجحان غير معتبر في متعلق هذه الامور ولهذا يكون العهد صحيحا وان لم يكن متعلقه راجحا واليمين صحيحة وان لم يكن متعلقها راجحا بينما النذر ليس كذلك فانه يعتبر في صحته ان يكون متعلقه راجحا ولا شبهة في ذلك، وعلى هذا فاذا نذر صوم يوم معين او نذر اعطاء زكاته لفقير معين او نذر صلاة ركعتين في مسجد معين من دون خصوصية لهذا المسجد او لهذا اليوم او لهذا الفقير فهل يصح هذا النذر او لا يصح ؟
ذكر السيد الاستاذ قده على ما في تقرير بحثه ان هذا النذر صحيحة لان الطبيعي راجح وان الفرد من الصلاة وهي الصلاة في هذا المسجد بالخصوص لا رجحان فيها او صوم هذا اليوم المعين كصوم يوم السبت ليس فيه رجحان بالنسبة الصوم يوم الاحد وهكذا، ذكر السيد الاستاذ ان صحة النذر باعتبار رجحان الطبيعي لا فرده
فما ذكره قده قابل للمناقشة فانه ان اراد بالطبيعي ان متعلق النذر هو الطبيعي فالأمر ليس كذلك لان متعلق النذر حصة خاصة من الطبيعي وفرد معين من الطبيعي لا طبيعي الصلاة مقيد للنذر بالصلاة الحصة الخاصة المقيد وقوعها بهذا المسجد هي متعلق النذر وكذا الصوم وكذلك بالنسبة الى اعطاء الزكاة ليس متعلق النذر الطبيعي وان اراد بذلك ان الرجحان في تطبيق الطبيعي على المنذور وهو الحصة الخاصة ولكن الطبيعي ينطبق على هذه الحصة انطباق الطبيعي على فرده فمن اجل ذلك يصح النذر
ولكن يرد عليه ان هذا الانطباق لا يوجب ترجيح متعلق النذر فاذا لم يكن متعلق النذر في نفسه راجحا وانطباق الطبيعي عليه لا يوجب رجحانه اذ يكفي في انطباق الطبيعي ان لا يكون الفرد مبغوضا فاذا لم يكن الفرد مبغوضا الطبيعي ينطبق عليه ولا يتوقف الانطباق على ان يكون الفرد راجحا فانطباق الطبيعي لا يكشف عن رجحان الفرد حتى يحكم بصحة النذر وقد ذكر قده في ما يأتي ان انطباق الطبيعي على الفرد لا يدل على ان الفرد راجٌ، وقد ذلك بعد عدة اسطر فالانطباق لا يكشف على ان الفرد راجح حتى يحكم بصحة النذر
فما ذكره قده تام بالنسبة الى الصلاة فان متعلق النذر ليس طبيعي الصلاة بل طبيعي الصلاة ينطبق على فرد منها وهو الفرد الواقع في هذا المسجد الخاص والانطباق لا يكشف عن رجحان الفرد ولكن ذلك لا يتم بالنسبة الى الصوم فانه قد ورد في الروايات ان صوم كل يوم بحده مستحب فاذا نذر فالنذر صحيح وان كان لا فرق بين صوم يوم السبت وصوم يوم الاحد فان صوم كل يوم راجح فاذا كان المنذور في نفسه راجحا صح النذر فبالنسبة للصوم يصح اذا نذر صوم معين لان متعلقه راجح بنفسه وكذا بالنسبة الى الزكاة فان اعطاء الزكاة للفقير راجح لانه يسد حاجته وحاجة عائلته فما ذكره قده لو تم فإنما يتم في الصلاة فقط
ثم اذا اعطى الزكاة لغير المنذور كما لو نذر اعطاء زكاته لزيد الفقير ولكنه اعطى لعمر الفقير فان كان سهوا فهو مجزأ وليس عليه عقوبة ولا كفارة بمقتضى ادلة رفع النسيان فان النسيان يرفع العقوبة ويرفع الكفارة فلا كفارة ولا عقوبة مضافا الى ان الكفارة مترتبة على مخالفة النذر اذا كانت باختيار الناذر اما اذا لم تكن باختيار الناذر فلا توجب الكفارة، واما الاجزاء فهو واضح فان دليل الوفاء بالنذر لا يصلح ان يكون مقيدا لدليل وجوب اعطاء الزكاة للفقير لان الحكم متعدد بتعدد افراد الفقير ولا يمكن حمل المطلق على المقيد في مثل المقام فلا شبهة في الاجزاء ولا يجب على المالك استرجاع الزكاة منه او اعطاء الزكاة مرة ثانية للفقير المنذور، واما اذا كان ذلك عندي فلا شبهة في الاجزاء ايضا فان دليل وجوب الوفاء لا يوجب التقيد، فاذا كان ما اعطاه لغير المنذور غير الواجب فهو حرام وباطل باعتبار انه مفوت للواجب
والجواب عن ذلك الوجه واضح فان الفوت لا يكون مستندا الى اعطاء الزكاة لغير المنذور بل الفوت مستند الى ارادة المالك واختياره فانه باختياره ترك الوفاء بالنذر واختار اعطاء الزكاة لغير المنذور فالفوت مستند الى ارادته واختياره لا الى اعطاء الزكاة لغير المنذور فان اعطاء الزكاة لغير المنذور ليس مصداقا للفوت فان الفوت مستند الى ارادة المالك واختياره لا الى اعطاء الزكاة لغير المنذور هذا مضافا الى اننا لو سلمنا ان ما اعطاه من الزكاة الى اغير المنذور مصداق للفوت وهو مفوت للواجب فاذا عدم اعطاء الزكاة لغير المنذور مقدمة للواجب ومقدمة الواجب واجب فترك الاعطاء لغير المنذور واجب من باب المقدمة فيكون فعله حرام وهو الاعطاء
ولكن ذلك ايضا غير صحيح لانه لا دليل على وجوب المقدمة وعلى تقدير تسليم وجوب المقدمة فالوجوب غيري والغيري لا يمنع عن الصحة فان وجوب الغيري لا يكون ناشئ عن وجود مفسدة او كراهة فيه فان الوجب الغيري في الحقيقة ليس وجوب غيري ولهذا لا يكون مانع عن صحة الاعطاء لغير المنذور فلا اثر له
الوجه الثاني : ان الامر بالوفاء بالنذر يدل على النهي عن ضده فان الامر بإعطاء الزكاة الى الفقير المنذور يدل على النهي عن ضده وهو الاعطاء لغير المنذور، وهذا انما يتم في الصلاة والزكاة واما في الصوم لا يتم فان صوم يوم الاحد ليس ضد لصوم يوم السبت لان الجمع بين الامرين ممكن، نعم اعطاء الزكاة لغير المنذور مضاد لإعطاء المنذور والجمع بينهما لا يمكن فان زكاته لا تكفي لكليهما معا وهكذا بالنسبة الى الصلاة فان الصلاة في مسجد اخر مضاد لهذا المسجد في وقت واحد فان الامر بالشيء يقتضي النهي عن ضده والنهي يدل على الفساد
والجواب عن ذلك اولا ان الامر بالشيء لا يدل على النهي على ضده على تقدير تسليم ذلك فهذا النهي نهي غيري لا يدل على فساد العبادة لان الدال على الفساد هو المبغوضيه والكراهة واجتماع المتعلق النهي عن المفسدة والنهي الغيري لا يكون متعلقه مبغوضا ولا مكروها ولا مشتمل على مفسدة .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo