< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

36/11/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- اصناف المستحقين.

ذكرنا انه لا خلاف بين الامامية (أدام الله عزهم) في عدم وجوب بسط الزكاة على الاصناف الثمانية ، بل لا خلاف بينهم في عدم وجوب بسط الزكاة على افراد صنف واحد من الاصناف الثمانية ، فيجوز دفع الزكاة الى فقير واحد او مسكين واحد فهذا مما لا خلاف فيه ، وسياتي الدليل على ذلك وان الاجماع المدعى على هذه المسالة لا يصلح دليلا ، لا سيما ان مدرك الاجماع هو الروايات التي سوف نتعرض اليها في المستقبل ، فهو ليس اجاعا تعبدياً حتى يكون كاشفا ، بل هو اجماع مدركي وحينئذ لابد من الرجوع الى مدرك هذا الاجماع لنرى هل هو تام او ليس بتام.

ولكن خالف في ذلك جماعة من العامة فقالوا بوجوب بسط الزكاة على الاصناف الثمانية وذكر بعضهم وجوب المراعاة في كل صنف اقل الجمع وهو ثلاثة افراد في كل صنف.

وقد استدل على ذلك بالآية المباركة ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾[1] ، بتقريب ان كلمة (اللام) تدل على الملك ، اذن هذه الاصناف الثمانية مالكة للزكاة فلابد من توزيع الزكاة عليهم بالتساوي كما اذا فرضنا ان المال ملك لزيد وبكر وعمر فلابد من توزيع هذا المال على الجميع ولا يمكن دفعه الى واحد منهم.

وقد ناقش في هذا الاستلال السيد الاستاذ + بوجوه:-

الوجه الاول:- ان كلمة (اللام) في هذه الآية لا تدل على الملك بقرينة ان كلمة اللام داخلة على اربعة اصناف من الاصناف الثمانية وهم (الفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم) ، واما الاربعة الاصناف الباقية فانه بدل كلمة اللام بكلمة الواو فقال (وفي الرقاب والغارمين ) ومن الواضح ان كلمة الواو لا تدل على الملك ، اذن وحدة السياق في الآية المباركة غير محفوظة لان كلمة اللام غير داخلة على جميع الاصناف ، بل هي داخلة على الاصناف الاربعة الاولى دون الاربعة الثانية ، اذن عدم التنسيق بين هذه الاصناف الثمانية قرينة على ان هذه الاصناف الثمانية مصرف للزكاة لا ان الزكاة ملك لهم ، هكذا ذكر السيد الاستاذ +.

ولكن للمناقشة فيه مجال:- اذ لا شبهة ان كلمة اللام ظاهرة في الاختصاص وفي الملك واما تبديل سياق الآية بسياق اخر في اربعة اصناف اخرى فهذا لا يمنع من الاخذ بهذا الظهور[2] ، فلا مانع من التفريق فإن هذا التبديل يدل على ان الاصناف الاخيرة مصرف للزكاة وان الملك في الاصناف الاربعة الاخيرة لا معنى له فان ملك الرقاب لا معنى له وكذا ملك الغارمين لا معنى له ، اذن تبديل تنسيق الآية بالنسبة الى الاصناف الاربعة الاخيرة لا يصلح ان يكون قرينة على رفع اليد عن ظهور كلمة اللام في الاختصاص والملك.

الوجه الثاني:- ذكر السيد الاستاذ + انه مع الاغماض عن ذلك وتسليم ان كلمة اللام ظاهرة في الملك ، الا انه لابد من رفع اليد عن هذا الظهور فان الجمع المحلى باللام ظاهر في الاستغراق في العموم الاستغراقي في العموم الافرادي فاذا كانت كلمة اللام ظاهرة في الملك فهذا معناه ان كل فرد من افراد الفقراء مالك وكل فرد من افراد المساكين مالك للزكاة وهكذا ولكن هذا لا يمكن الالتزام به ، ولا شبهة اننا لو قلنا بالملك فيكون المالك طبيعي الفقراء لا كل فرد من افراده وطبيعي المساكين مالك لا كل فرد من افراده ، اذن هؤلاء الاصناف الثمانية الطبيعي هو المالك او الطبيعي مصرف للزكاة ، اما كون المالك كل فرد فرد فهذا غير محتمل ، ولهذا لابد من رفع اليد عن ظهور كلمة اللام في الملك فانه لا يمكن الجمع بين هذا الظهور وظهور الجمع المحلى باللام في العموم الاستغراقي والعموم الافرادي.

وهذا الذي افاده + ايضا قابل للمناقشة:-

اولاً:- ان الجمع المحلى باللام هل هو موضوع للدلالة على العموم الاستغراقي او هو محل كلام ، فذهب جماعة منهم الى ان الجمع المحلى باللام غير موضوع للدلالة على العموم الاستغراقي والعموم الافرادي وهذا القول هو الاظهر

ثانياً:- مضاف الى ان الكلمة اذا دخلت عليها الالف واللام التي للجنس يراد من الجمع المحلى باللام هو الطبيعي لا الافرادي لا العموم الاستغراقي ولا العموم الافرادي ، اذن الملك هو الطبيعي ولا مانع من الالتزام بذلك فهذا الوجه ايضا قابل للمناقشة.

الوجه الثالث:- مع الاغماض عن كل ذلك الا ان اول ما شرع في الشريعة الاسلامية هو زكاة الفطرة فإنها قد شرعت في الاسلام قبل تشريع زكاة الاموال ومن الواضح ان زكاة الفطرة غير قابلة للبسط لقلتها فان زكاة عائلة واحدة كيف يمكن بسطها على الاصناف الثمانية خصوصا اذا كانت العائلة مركبة من ثلاث افراد او اربعة فكيف يمكن تقسيمها على الاصناف الثمانية بل في زكاة الاموال غير ممكن غالبا.

ودعوى ان مقابلة الجمع بالجمع يفيد التوزيع ــ مثلا تكون زكاة الفطرة لزيد لصنف واحد وزكاة عمر لصنف اخر وزكاة بكر لصنف ثالث وهكذا ــ مما لا يمكن الالتزام بها فانه خلاف الظاهر وهو بحاجة الى قرينة.

ولكن هذا الوجه ايضا قابل للمناقشة:- فان العامة يقولون بالتوزيع فيما اذ امكن ذلك كما لو كانت هناك زكاة تكفي للأصناف الثمانية ، اما اذا لم يمكن التوزيع كما لو كانت الزكاة لا تكفي للأصناف الثمانية فلا يقولون بوجوب البسط والتوزيع فهذا الاشكال غير وارد عليهم.

وكيف ما كان فما ذكره جماعة من العامة من تبسيط الزكاة وتوزيعها على جميع الاصناف واستدلالهم بالآية المباركة غير تام لان الآية لا تدل على التبسيط والتوزيع ــ وان لم ترد الاشكالات المتقدمة ــ فان الآية المباركة في مقام بيان موارد صرف الزكاة وان الزكاة لابد ان تصرف في هذه الموارد وليست في مقام بيان توزيعها على التساوي او على التفاضل فالاستدلال بالآية المباركة على ذلك غير صحيح.

 


[1] سورة التوبة، ص196، الآية60.
[2] أي ظهور كلمة اللام في الملك.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo