< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

36/12/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- اصناف المستحقين.

ذكرنا ان مقتضى القاعدة هو وجوب نقل الزكاة الى بلد آخر اذا لم يكن المستحق موجوداً في بلد الزكاة لأن هذا هو مقتضى ولاية المالك ، فان ولاية المالك على اخراج الزكاة وصرفها على مستحقيها تقتضي ذلك ، فاذا لم يكن المستحق موجودا في بلده فيجب عليه نقلها الى بلد آخر وصرفها على مستحقيها في ذلك البلد الآخر فهذا هو مقتضى القاعدة ومقتضى ولاية المالك.

وتدل على جواز النقل:- جملة من الروايات وهذه الروايات وان كانت مختلفة من حيث المدلول والمضمون ولكن جميعها متفقة على جواز النقل اذا لم يكن مصرفها موجودا في بلد الزكاة ، غاية الامر بعضها مطلق ويدل على جواز النقل مطلقا سواء كان المستحق موجودا في البلد او لم يكن موجودا في البلد وبعضها يدل على التبعيض فيقسم الزكاة ويصرف مقدارا منها في البلد ومقدار آخر في بلد آخر.

فقد ورد في صحيحة دروست انه يرسل الى بلد آخر بمقدار الثلث او الربع ، وهذا التبعيض مبني على الاستحباب ، فإنَّ نقل الزكاة بتمامها الى بلد اخر جائز اذا لم يكن المستحق موجودا.

ان قلت:- ان هذا النقل يحتاج الى اذن الحاكم الشرعي؟

قلت:- لا يحتاج هذا النقل الى اذن الحاكم الشرعي لعدم الدليل على ذلك فان الحاكم الشرعي وان كانت له ولاية على صرف الزكاة في مواردها ، الا ان ولاية المالك ليست في طول ولاية الحاكم ، بل في عرضها فان الروايات التي دلت على ولاية المالك غير مقيدة بعدم التمكن من اذن الحاكم الشرعي ، فهي مطلقة من هذه الجهة ومقتضى اطلاقها ان ولاية المالك في عرض ولاية الحاكم ، فالمالك مخير بين ان يصرف الزكاة بنفسه او يرسلها الى الحاكم الشرعي.

فان قلت:- اذا تلفت الزكاة في اثناء الطريق فهل على المالك ضمان او لا؟

الجواب:- لا ضمان عليه فانه يعمل على طبق وظيفته ، فان وظيفته نقل الزكاة الى بلد اخر بعد ان لم يكن المستحق موجودا في بلد ، فهو وليٌ ويدُ الولي يدٌ أمينة فلا ضمان عليه الا مع التفريط او التقصير فاذا فرط في حفظ الزكاة او قصر فهو ضامن لها.

فان قيل:- ان جواز النقل واضح ولكن الكلام في وجوب النقل ، فهل يجب هذا النقل او لا يجب؟

الجواب:- ان النقل جائز واما الوجوب فلا فقد ذكر الماتن (قدس الله نفسه) ان وجوب النقل مشروط بشرطين ومقيد بقيدين:

القيد الاول:- ان لا يكون وجود المستحق مرجواً في بلد ولا رجاء له في وجود المستحق في المستقبل.

القيد الثاني:- ان لا يكون موجودا في البلد مصارف اخرى للزكاة كابن السبيل وسبيل الله وما شاكل ذلك.

فاذا تحقق هذان القيدان فحينئذ يجب نقل الزكاة الى بلد اخر ، واما اذا كان وجود المستحق مرجوا ويحتمل وجود المستحق في هذا البلد بعد شهر مثلا او شهرين او اكثر او توجد مصارف اخرى للزكاة في هذا البلد فلا يجب نقلها.

وقد استدل على هذا الوجوب:-

اولاً:- بانه على طبق القاعدة فان الشيء اذا وجب على الشخص وجب عليه الاتيان به فورا اما التأخير فهو بحاجة الى دليل فاذا حلت الزكاة في النصاب وجب على المالك اخراجها وصرفها على مستحقيها واما التأخير فلا يجوز لأنه بحاجة الى دليل فان كان هناك دليل يدل على جواز التأخير فلا باس به واما اذا لم يكن هناك دليل يدل على جواز التأخير فلا يجوز التأخير فان اخراج الزكاة واجب عليه واذا وجب عليه فلابد من الاتيان به والامتثال وفراغ ذمته عنه.

ثانياً:- ويؤكد ذلك جملة من الروايات ، وهذه الروايات على طائفتين:-

الطائفة الاولى:- يستفاد من جملة من الروايات وجوب اخراج الزكاة وصرفها فورا.

الرواية الاولى:- صحيحة سعد بن سعد الأشعري ، (عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال : سألته عن الرجل تحل عليه الزكاة في السنة في ثلاثة أوقات ، أيؤخرها حتى يدفعها في وقت واحد ؟ فقال : متى حلت أخرجها . وعن الزكاة في الحنطة والشعير والتمر والزبيب ، متى تجب على صاحبها ؟ قال : إذا صرم واذا خرص)[1] .

فان هذه الصحيحة واضحة الدلالة على وجوب الاخراج فورا ومن الواضح ان الاخراج مقدمة لصرفها على مستحقيها ، وإلا فلا موضوعية للإخراج.

الرواية الثانية:- صحيحة ابي بصير (قال : قال أبو عبدالله ( عليه السلام ) : اذا أردت أن تعطي زكاتك قبل حلها بشهر أو شهرين فلا بأس ، وليس لك أن تؤخرها بعد حلها)[2] .

فان هذه الصحيحة واضحة الدلالة على انه اذا أراد دفع الزكاة قبل وقتها فلا باس ولكن بعد حلها فلا يجوز التاخير ولابد من اخراجها وصرفها على مستحقيها فورا.

فهذه الروايات تدل بوضح على عدم جواز التاخير.

الطائفة الثانية:- يستفاد منها جواز التأخير الى شهرين او الى ثلاثة اشهر.

صحيحة عبد الله ابن سنان عن (أبي عبدالله (عليه السلام) إنه قال في الرجل يخرج زكاته فيقسم بعضها ويبقى بعض يلتمس لها المواضع فيكون بين أوله وآخره ثلاثة أشهر ، قال : لا بأس)[3] .

فالتاخير بثلاثة اشهر لا باس به شريطة التماس مواضع للزكاة ولعل هذه المواضع اهم بنظره في صرف الزكاة فيها.

ولكن هذه الصحيحة التي تدل على جواز التاخير الى ثلاثة اشهر لا تقاوم الروايات الاولى فان في هذه الصحيحة قد قسّم زكاته الى المستحقين وبقي البعض التماسا ورجاء لمواضع اخرى يصرف فيها ولعل تلك المواضع بنظره اهم وارجح.

وكيفا كان فهذه الرواية ليست واضحة في جواز التاخير مطلقا بدون أي مرجح.


[1] وسائل الشيعة، العاملي، ج9، ص307، ابواب المستحقين للزكاة، الباب52، ح1، ط آل البيت.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo