< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

37/01/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- اصناف المستحقين.

ذكرنا انه قد استدل على جواز تأخير دفع الزكاة الى مستحقيها بعد اخراجها ــ فان الواجب فورا هو اخراج الزكاة من امواله واما صرفها في مواردها فهو غير واجب فورا ــ بجملة من الروايات.

ولكن ذكرنا ان هذه الروايات لا تدل على جواز التأخير مطلقا وذلك:-

اولاً:- ان هذه الروايات مجملة فقوله × في الرواية الاولى: (بين اوله وآخره ثلاثة أشهر)[1] أي اول تعلق الزكاة بالغلاة الاربعة وآخره وقت التصفية ووقت اخراج الزكاة ، فقد تكون هذه الفترة ثلاثة أشهر وقد تكون اقل من ذلك فقد تكون شهرين او أقل من شهرين.

وكذا الرواية الثانية قوله × : (لا باس بتأجيلها) أي تأجيل الزكاة بعد تعلق الزكاة بالحنطة او الشعير او التمر او الزبيب ، أي المالك يقسم الزكاة من حين تعلق الزكاة ويفرز حصة الفقراء من هذا الحين.

وبين تعلق الزكاة وتصفية الزكاة واخراجها فترة زمنية قد تكون شهرين وقد تكون اكثر من ذلك ، فمن هذه الناحية الروايات مجملة فالتحديد بثلاث اشهر تارة وبشهرين اخرى ، فمن هذه الجهة وان هذه الفترة الزمنية تختلف وليست على منوال واحد.

ثانياً:- مضافا الى ان هذه الروايات لا تنطبق على سائر اصناف الزكاة فمثلا اذا بلغ النصاب في سائر اصناف الزكاة تعلقت الزكاة به ووجب اخراجها وليست هناك فترة زمنية بين تعلق الزكاة وتصفية الزكاة واخراجها كما في الغلاة فاذ بلغ الغنم اربعين تعلقت الزكاة به فواحد من هذه الاربعين زكاة ، وكذا الابل اذا بلغت خمسة ففيه شاة ، وكذا البقر فان هذه الروايات لا تنطبق على سائر الاصناف وانما تنطبق على الغلاة الاربعة فقط.

ان قلت:- انه من المحتمل ان جواز تأخير الزكاة في الغلاة يكون في سائر الاصناف بعد تعلق الزكاة بها ويجوز التأجيل الى ثلاثة اشهر؟

قلت:- هذا الاحتمال بعيد جداً.

ثالثاً:- ومن ناحية اخرى ذكرنا ان مقتضى القاعدة وجوب صرف الزكاة فورا بعد اخراجها فان التأخير بحاجة الى دليل وعناية زائدة.

الاستدلال على عدم جواز التأخير:-

قد استدل على عدم جواز التأخير بصحيحة ضريس ((قال : سأل المدائني أبا جعفر (عليه السلام) قال : إنّ لنا زكاة نخرجها من أموالنا ، ففي مَن نضعها ؟ "فقال : في أهل ولايتك" فقال : إنّي في بلاد ليس بها أحد من أوليائك "فقال : ابعث بها إلى بلادهم تُدفع إليهم ، ولا تدفعها إلى قوم إذا دعوتهم غداً إلى أمرك لم يجيبوك وكان ـ والله ـ الذبح))[2] .

فان في هذه الصحيحة قد جاء الامر بنقل الزكاة وارسالها الى بلد آخر اذا لم يكن المستحق موجودا في بلد الزكاة وهذا الامر امر وجوبي.

اذن هذه الصحيحة تدل على وجوب صرف الزكاة بعد اخراجها في مواردها فان لم يكن المستحق موجودا في بلد الزكاة فيجب نقلها الى بلد اخر وصرفها في مواضعها في ذلك البلد.

ولكن استشكل على هذه الدلالة السيد الاستاذ + وحاصل هذا الاشكال:- [3]

انه لو كان هذا الامر (الامر بنقل الزكاة الى بلد آخر) امرا مولويا وجوبيا للزم تقييد اطلاق هذه الرواية بقيدين:-

الاول:- عدم وجود المستحق في بلد الزكاة.

الثاني:- عدم وجود مصرف آخر للزكاة من المصارف الثمانية.

ومن الواضح ان تقييد اطلاق هذه الصحيحة بهذين القيدين يوجب حملها على الفرد النادر ، لان افتراض بلد لا يوجد فيه فقير ولا مصرف من مصارف الزكاة فيه هذا قليل جدا ونادر جدا اذا وجد.

فبلدٌ لا يوجد فيه فقير او مصرف من مصارف الزكاة فان هذا البلد اما لا يوجد او اذا وجد فهو نادر جدا ، فتقييد اطلاق هذه الصحيحة بهذين القيدين يستلزم حملها على الفرد النادر وهو مستهجن وقبيح.

النتيجة لابد من حمل هذا الامر (الامر بنقل الزكاة من بلدها الى بلد آخر) على الامر الارشادي؟ والامر الارشادي لا ينافي وجود المستحق في البلد فان المولى ارشد الفقير الى طريق الوصول الى مقصده ومطلبه فهو لا ينافي عدم التقييد واطلاق الصحيحة. هكذا ذكر السيد الاستاذ +.

ولكن يرد عليه:- ان الظاهر انه لا اطلاق في هذه الصحيحة بالنسبة الى وجود المستحق حتى نحتاج الى تقييدها بعدم وجود المستحق ، فان مورد هذه الصحيحة هو عدم وجود المستحق ، لان المالك سأل الامام× عندي زكاة فيمن نضعها؟ فقال × في اهل ولايتك. فقال السائل: ليس في هذا البلد من اهل الولاية فان اهل الولاية غير موجودين في هذا البلد أي المستحق غير موجود في هذا البلد.

اذن لا اطلاق في هذه الصحيحة من هذه الناحية فان موردها عدم وجود المستحق.

نعم للرواية اطلاق بالنسبة الى المصارف الأخرى غير الفقير ، ولعل المالك يعتقد بانه لا يجب عليه صرف الزكاة في مساجدهم او مدارسهم او طرقهم ولهذا سال الامامَ × والامامُ × امر بإرسال الزكاة ونقلها الى بلد اخر.

الحاصل:- لا مانع من حمل الامر على الامر المولوي الوجوبي فان كل امر صدر من الامام × ظاهر في المولوية وظاهر في الوجوب ، وحمله على الارشاد بحاجة الى قرينة وعناية زائدة ، ولا يلزم من الحمل على المولوية تقييد هذه الصحيحة بهذين القيدين فان مورد هذه الصحيحة هو عدم وجود المستحق.

اذن ما ذكره السيد الاستاذ + من حمل الامر على الارشاد لا موجب له ولا مانع من ان يكون هذا الامر امرا مولويا وجوبيا.


[3] قال + : ((وأمّا الاستدلال لذلك بصحيحة ضريس المتقدّمة ففي غير محلّه، إذ الظاهر من قول السائل: ففي من نضعها، أ نّه عازم على الدفع إلى الفقير ولا يريد الصرف في سائر المصارف، فالأمر بالنقل في هذه الحالة إرشاد إلى طريق يوصل السائل إلى مطلوبه، لا انّه حكم تكليفي مولوي ليدلّ على الوجوب، كيف ؟! ولو اُريد ذلك للزم التقييد باليأس عن الفقير وبتعذّر مصرف آخر، ومن البيّن أن ذينك التقييدين يستوجبان حمل الصحيحة على الفرد النادر جدّاً، إذ ليت شعري كيف يمكن فرض بلد لا يوجد ولا يرجى فيه لا المستحقّ ولا مصرف آخر حتّى سهم سبيل الله مع أنّ الطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق كما تقدّم ؟! ولو كان فهو من الندرة بمكان، ولازمه ما عرفت من الحمل على النادر المستهجن ((. المستند في شرح العروة الوثقى، الشيخ مرتضى البروجردي، ج14، ص227.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo