< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

37/03/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- اصناف المستحقين.

ذكر الماتن (قدس الله نفسه): ((كما أن مؤنة النقل عليه لا من الزكاة، ولو كان النقل بإذن الفقيه لم يضمن وإن كان مع وجود المستحق في البلد، وكذا بل وأولى منه لو وكله في قبضها عنه بالولاية العامة ثم أذن له في نقلها))[1] .

ذكر الماتن (قدس الله نفسه) في هذه المسالة فروعا:-

الفرع الاول:- ان هذه الفروع مبنية على انه لا ولاية للمالك على نقل الزكاة الى بلد اخر وصرفها في مواردها في ذلك البلد ، وانما الولاية ثابتة للمالك في اخراج الزكاة وتعيينها وصرفها في بلد الزكاة ، فهذا المقدار من الولاية ثابت للمالك ، واما نقلها من بلدها الى بلد اخر وصرفها على مسحقيها في ذلك البلد فغير ثابتة ، ولهذا لو نقلها الى بلد اخر وتلفت في الطريق فعليه ضمانها وكذا مؤونة النقل عليه.

الفرع الثاني:- ان المالك اذا إستأذن من الحاكم الشرعي باعتبار انه للحاكم الشرعي ولاية على نقل الزكاة ، فاذا اذن الحاكم للمالك في النقل فحينئذ لو تلفت في الطريق فلا ضمان عليه ، وكذا ليست عليه مؤونة النقل.

الفرع الثالث:- والاولى من ذلك ما اذا وكّل الحاكمُ الشرعي المالكَ في قبض الزكاة واذن في نقلها الى بلد اخر فحينئذ اولى ان لا يكون المالكُ ضامنا اذا تلفت في الطريق وليس عليه مؤونة النقل.

فقد تعرض الماتن (قدس الله نفسه) لهذه الفروع:-

اما الفرع الاول فبناء على انه لا ولاية للمالك على نقل الزكاة وانما تكون ولايته على اخراجها وتعيينها وصرفها على مستحقيها في بلد الزكاة ، فحينئذ اذا نقل الزكاة الى بلد اخر فتلفت فعليه ضمانها ، وكذا عليه مؤونة النقل اذا كان المستحق موجودا في البلد ولم يدفع الزكاة اليه ، فلا شبهة في ضمان المالك حينئذ لو تلفت ، وكذا لا شبهة في ان مؤونة النقل عليه ، واما اذا لم يكن المستحق موجودا فلا يجوز له النقل ايضا باعتبار ان ولاية النقل لم تثبت للمالك بل وضيفته ان يقوم بتحويل الزكاة الى الحاكم الشرعي او وكيله فاذا نقلها بدون ذلك فنقلها غير جائز ، فاذا تلفت فعليه ضمانها وعليه مؤونة النقل.

واما الفرع الثاني ما اذا اذن الحاكم الشرعي في النقل سواء كان المستحق موجودا في بلد الزكاة او لا ، فاذا كان المالك مأذونا من قبل الولي وهو الحاكم الشرعي ونقلها وتلفت فليس عليه ضمانها ، كما انه ليس عليه مؤونة النقل اذا كان النقل بأذن ولي الامر وهو الحاكم الشرعي.

والفرع الثالث وهو ان الحاكم الشرعي وكّل المالك في قبض الزكاة ، ثم اذن له في نقلها الى بلد اخر ، ففي هذا الفرع قال الماتن (قدس الله نفسه) انه اولى بعدم ضمان المالك اذا تلفت في الطريق وليس عليه مؤونة النقل ، ففي هذا الفرع عدم الضمان اولى من الفرع الثاني.

فان قيل:- هل يوجد فرق بين الفرعين[2] او انه لا فرق بينهما؟

الجواب :- لا فرق بينهما ، فان معنى ان الحاكم الشرعي قد اذن للمالك في اخذ الزكاة ونقلها الى مكان اخر فهو يتضمن التوكيل ، فان الوكالة عقد اذني ، فاذ اذن للمالك في اخذ زكاته ونقلها الى بلد اخر وصرفها على مستحقيها في ذلك البلد فان هذا الاذن يتضمن التوكيل في القبض من قبل الحاكم الشرعي ، فان معنى انه اذن له في اخذ الزكاة ونقلها فهو بطبيعة الحال يكون المالك قد اخذ الزكاة من قبل الحاكم الشرعي ، فالمالك يأخذ الزكاة من قبل الحاكم الشرعي ثم ينقلها الى بلد اخر ، ومعنى اخذها من قبل الحاكم الشرعي أنَّ الزكاة خرجت عن عهدة المالك وانتقلت الى عهدة الحاكم الشرعي ، فمن اجل ذلك اذا تلفت في الطريق فلا ضمان على المالك ، غاية الامر في الفرع الثاني لم يصرح بذلك[3] واما في الفرع الثالث فقد صرح بذلك.

اذن معنى اذن الحاكم الشرعي للمالك في اخذ زكاته ونقلها الى بلد اخر هو التوكيل في اخذ الزكاة من قبل الحاكم الشرعي ، وهذا معناه ان الزكاة خرجت عن عهد المالك وانتقلت الى عهدت الحاكم الشرعي.

والظاهر ان ما ذكره السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) على ما في تقرير بحثه[4] من انه لا فرق بين الصورتين في الواقع هو الصحيح ، فان الصورة الاولى ترجع الى الصورة الثانية.

هذا كله على القول بان لا ولاية للمالك في نقل الزكاة من بلدها الى بلد اخر.

واما بناء على ما ذكرناه من الولاية ثابتة للمالك في عرض ولاية لحكم لا في طولها فان المالك مع انه ولي في اخراج الزكاة من ماله وافرازها وتعيينا في مال معين فهو له الولاية في نقلها من بلدها بلد اخر وصرفها في مواردها في ذلك البلد ، فهذه الولاية ثابتة للمالك بمقتضى اطلاق الروايات الكثيرة التي لا يبعد بلوغها حد التواتر.

اذن المالك لا يضمن بالنقل الا بالتفريط والتعدي والتقصير ، فاذا نقل الزكاة الى بلد اخر وقصر في حفضها وتلفت فالمالك ضامن ، لأنه يدَه وإنْ كانت يدٌ امينة ، إلا أنها تضمن بالتفريط والتقصير ، فان الامين يضمن بالتقصير والتفريط ، وكذا الحاكم الشرعي فانه ايضا يضمن بالتفريط والتقصير ، كما اذا فرضنا ان الطريق غير مأمون والحاكم الشرعي أمر بنقل الزكاة الى بلد اخر وفي حال النقل تلفت الزكاة باعتبار ان الطريق غير مأمون وقطاع الطريق موجودين فعليه الضمان ، فلا فرق من هذه الناحية بين المالك والحاكم الشرعي.

واما صحيحتا زرارة ومحمد ابن مسلم التي تدل على التفصيل بين ما اذا كان المستحق موجودا في البلد ولم يدفع الزكاة اليه وقام بنقلها وتلفت في الطريق فهو ضامن لها وان لم يكن المستحق موجودا فلا ضمان؟

فجوابه:- ذكرنا ان مناسبات الحكم والموضوع تقتضي انه نوع افراط وتقصير في حفظ الزكاة ولا اقل من اجمال الروايتين من هذه الناحية.

النتيجة ان المالك اذا قصر في حفظ الزكاة فهو ضامن ، وكذا الحاكم الشرعي اذا قصر في حفظ الزكاة فهو ضامن ، وكذا لو قصر في حفظ بيت المال فهو ضامن ، فلا شبهة في ضمانه اما مع عدم التقصير فلا ضمان.

ثم ذكر الماتن (قدس الله نفسه): ((لو كان له مال في غير بلد الزكاة أو نقل مالا له من بلد الزكاة إلى بلد آخر جاز احتسابه زكاة عما عليه في بلده ولو مع وجود المستحق فيه، وكذا لو كان له دين في ذمة شخص في بلد آخر جاز احتسابه زكاة وليس شئ من هذه من النقل الذي هو محل الخلاف في جوازه وعدمه فلا إشكال في شئ منها))[5] .


[2] الثاني والثالث.
[3] أي لم يصرح الحاكم الشرعي بالتوكيل.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo