< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

37/03/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- اصناف المستحقين.

ذكرنا ان الطائفة الاولى عمدتها صحيحة ابي ولاد فإنها تدل على انه لا يجوز اعطاء الزكاة للفقير اقل من خمسة دراهم ، واما الطائفة الثانية فتدل على جواز اعطائه اقل من خمسة دراهم ، اي الثلاثة دراهم او الدرهمين وفي بعضها درهم واحد ، فليس للأقل حد خاص ومعين.

وذكرنا ان الطائفة الثانية اظهر من الطائفة الاولى ، فالجمع الدلالي العرفي بينهما ممكن بحمل الظاهر على الاظهر ، فالنتيجة انه لا حد للأقل.

ولكن مع الاغماض عن ذلك وفرض انه هذا الجمع غير ممكن ، فهل يمكن الجمع بطريق اخر او لا يمكن؟

الجواب:- الظاهر انه لا مانع من الجمع بطريق اخر ، ولكن هذا الجمع انما هو بتقديم صحيحة ابي ولاد.

فان الطائفة الثانية تدل على امرين:-

الاول:- تدل على جواز اعطاء الفقير اقل من خمسة دراهم وهي تدل على هذا بالنص.

الثاني:- دلالتها على عدم وجوب اعطاء ازيد من ثلاثة دراهم الى الفقير وهذه الدلالة حاصلة بالإطلاق الناشئ من سكوت المولى في مقام البيان.

فان المولى امر بإعطاء الفقير ثلاثة دراهم من الزكاة او درهمين ثم سكت فالطلاق الناشئ من السكوت في مقام البيان يدل على عدم وجوب اعطاء الزائد على هذا.

وذكرنا ان الاطلاق الناشئ من السكوت في مقام البيان من اضعف الاطلاقات ، ومن اضعف الدلالات ويقدم عليه كل دلالة.

واما صحيحة ابي ولاد فتدل:-

تدل على وجوب اعطاء الزائد بالنص ، فان صحيحة ابي ولاد تدل على اعطاء الفقير خمسة دراهم ولا يجوز اعطائه اقل من ذلك.

والحاصل :- ان صحيحة ابي ولاد تدل بالنص على الزيادة ، واما الطائفة الثانية فتدل على نفي الزيادة بالإطلاق الناشئ من السكوت في مقام البيان ، اذن لابد من تقديم صحيحة ابي ولاد على الطائفة الثانية.

النتيجة انه لا يجوز اعطاء الفقير اقل من خمسة دراهم ، وهذا نظير ما اذا ورد في الدليل (صم خمسة ايام) ثم ورد (صم عشرة ايام) فحينئذ لابد من تقديم الدليل الثاني على الدليل الاول فان الدليل الاول يدل على وجوب صيام خمسة ايام بالنص وعلى نفي وجوب صيام الزائد بالإطلاق الناشئ من سكوت المولى في مقام البيان ، واما الدليل الثاني فيدل على وجوب صوم الزائد على الخمسة بالنص ، اذن الدليل الثاني مقدم على الدليل الاول ، اذن الواجب هو صوم عشرة ايام لا خمسة ايام.

اذن نتيجة هذا الجمع العرفي هو تقديم صحيحة ابي ولاد على الطائفة الثانية.

ثم ان صحيحة ابي ولاد يمكن القول بانها لا تدل على الحرمة بل تدل على الكراهة ، فهي لا تدل على اكثر من الكراهة وذلك لأمور:-

الامر الاول:- ان مناسبات الحكم والموضوع الارتكازية ان لا يعطى الفقير اقل من خمسة دراهم حفاظا لماء وجهه وكرامته لان اعطاء الاقل فيه حزازة وفيه تخفيف لكرامته فمن اجل ذلك تكون صحيحة ابي ولاد ظاهرة في الكراهة لا في الحرمة.

الامر الثاني:- مضافا الى الروايات التي تدل على جواز اعطاء الاقل لا يبعد بلوغها حد التواتر الاجمالي فإنها روايات كثيرة ومختلفة ولهذا يجوز للفقه او الامام (عليه السلام) ان يوزع الزكاة على جميع الاصناف وإن وصل الى كل صنف اقل من خمسة دراهم ، فلا شبهة في جواز ذلك.

اذن صحيحة ابي ولاد مخالفة للسنة ولابد من طرحها ولا تكون حجة.

وكذا صحيحة ابي ولاد على تقدير حجيتها فهي تدل على اعطاء خمسة دراهم من كل صنف من اصناف الزكاة لا من الفضة فقط بل حتى من زكاة الغلاة والانعام والنقدين فما ذكره الماتن (قدس الله نفسه) من ان الأحواط مراعاة اعطاء زكاة اولَ نصابِ كلِ صنفٍ فلا دليل عليه ، أي ان يعطي من زكاة الغنم شاة فان زكاة اول نصاب للغنم شاة ، وزكاة الابل شاة فإنها اول نصاب للابل ويعطي عجيل فهو اول زكاة نصاب البقر فهذا لا دليل عليه اصلا فان صحيحة ابي ولاد تدل على اعطاء الفقير خمسة دراهم من كل صنف من اصناف الزكاة سواء كان زكاة الغلاة او الانعام الثلاثة او النقدين.

ثم ذكر الماتن (قدس الله نفسه): ((التاسعة عشر: يستحب للفقيه أو العامل أو الفقير الذي يأخذ الزكاة الدعاء للمالك، بل هو الأحوط بالنسبة إلى الفقيه الذي يقبض بالولاية العامة))[1] .

الاستحباب هو المعروف والمشهور بين الاصحاب ولكن ذهب جماعة الى وجوب الدعاء.

ويقع الكلام في الدليل على ذلك فهل الدعاء مستحب او انه واجب؟ فاذا كان واجبا فهل هو واجب على النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وعلى الائمة الاطهار او على الفقيه الجامع للشرائط او على الفقير او على العامل او على ابن السبيل او ما شاكل ذلك؟.

والدليل على ذلك هو الآية المباركة وهو قوله تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾[2] . فان هذه الآية المباركة ظاهرها الوجوب أي وجوب الدعاء ، فان الامر ظاهر في الوجوب ، كما ان الامر بالاخذ ظاهر في وجوب الاخذ ، ولهذا يقع الكلام في ان الاخذ واجب او مستحب؟ وكذا الدعاء واجب او مستحب؟.

ذهب جماعة الى استحباب الدعاء بل هو المعروف والمشهور بين الاصحاب ولكن في مقابل ذلك ذهب جماعة الى الوجوب.

ثم يقع الكلام في ان هذا الدعاء مختص بالنبي الاكرم والائمة الاطهار او يمكن التعدي الى الفقيه الجامع للشرائط الذي هو نائب عام لهم او الى الفقير او الى العامل او الى ابن السبيل او ما شاكل ذلك او لا يمكن التعدي؟

اذن يقع الكلام في موردين:-

المورد الاول :- هل الدعاء واجب او مستحب.

المورد الثاني:- هل يمكن التعدي الى الفقيه او الفقير او العامل.

اما الاول فالمعروف بين والمشهور بين الاصحاب ان الامر بالصلاة امر مولوي مردد بين انه امر استحبابي او امر وجوبي.

ولكن الظاهر ان هذا الامر امر ارشادي وليس امرا مولويا ، كما ان الامر بالاخذ امر ارشادي حيث علل الامر بالاخذ لتطهيرهم من رجس المعصية وتزكيتهم من رجس المعاصي ، اذن المناط هو تطهيرهم وتزكيتهم سواء كان باخذ النبي الاكرم او باخذ الائمة الاطهار او باخذ الفقيه الجامع للشرائط او باخذ الفقير او باخذ العامل ، فلا فرق فان هذا الملاك ــ وهو الطهرة والتزكية ــ يحصل ، اذن الامر بالاخذ ارشاد الى حصول الطهارة والتزكية ، وكذا الامر بالصلاة انما هو لسكون نفس المالك وقناعته وايمانه بالشريعة الاسلامية اكثر فاكثر.

اذن الدعاء انما هو بهذا الملاك ، فالمناط بحصول السكون سواء حصل هذا السكون من دعاء النبي الاكرم او من دعاء الائمة الاطهار او من دعاء الفقيه او من دعاء الفقير او من دعاء العامل وابن السبيلا ، فلا فرق لان المناط بحصول السكون للمالك فهذا هو الملاك.

اذن الامر بالصلاة انما هو ارشاد لحصول السكون للمالك فليس هذا الامر امر مولويا حتى نتكلم بانه امر وجوبي او امر استحبابي.

وحينئذ اذا كان الامر ارشاديا فلا يكون الدعاء مختصا بالنبي او الائمة الاطهار بل المناط بحصول السكون للمالك من دعاء أي شخص كان سواء كان من دعاء النبي او الائمة او الفقيه او الفقير او العامل او ابن السبيل ، فاذ حصل له السكون كفى ذلك ولا خصوصية لدعاء النبي.

ومن هنا يظهر انه لا خصوصية ان يكون الدعاء بلفظ الصلوات بل باي لفظ كان لان المناط انما هو بحصول السكون للمالك سواء كان الدعاء بلفظ الصلوات ام بلفظ اخر فلا فرق من هذه الناحية.


[1] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم اليزدي الطبطبائي، ج4، ص46، ط جماعة المدرسين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo