< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

37/03/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- اصناف المستحقين.

ذكرنا ان الروايات الواردة في هذه المسألة على ثلاث طوائف.

الاولى:- تدل على انه لا يجوز استرداد الصدقة وارجاعها مجانا سواء كانت واجبة ام كانت مستحبة.

الثانية:- تدل على عدم جواز استردادها لا مجانا ولا بالشراء ولا بالهبة.

الثالثة:- تدل على جواز استردادها بالشراء او بالهبة.

اما الطائفة الاولى فليس لها معارض فهي واضحة الدلالة على انه لا يجوز استرجاع الصدقة مجانا سواء كانت واجبة او مستحبة.

أما اذا كانت الصدقة واجبة فهي واضحة بل لا مجال للبحث عن ارجاعها واستردادها فان استردادها بدون البدل لا يمكن.

ولكن الكلام بالنسبة الى الصدقة المستحبة فانه الصدقة المستحبة اذا كانت لله فلا يجوز ارجاعها للروايات التي تنص على ان ما كان لله لا يجوز ارجاعه. واما اذا لم تكن الصدقة لله فلا مانع من استردادها.

اذن في الصدقة المستحبة لابد من التفصيل بين ما اذا كانت لله فلا يجوز ارجاعها وبين ما اذا لم تكن لله فيجوز ارجاعها واستردادها.

واما الطائفة الثانية فهي متعارضة مع الطائفة الثالثة فان الطائفة الثانية تدل على عدم جواز استردادها بالشراء ولا بالهبة واما الطائفة الثالثة فتدل على الجواز.

فان كان النهي في الثانية نهيا مولويا كان ظاهرا في حرمة الاسترداد بالشراء والهبة ، واما الطائفة الثالثة فهي ناصة في الجواز.

اذن الجمع الدلالي العرفي بينهما ممكن ولا يكون التعارض بينهما مستقرا ، فيرتفع التعارض بينهما بالجمع الدلالي العرفي بحمل النهي الظاهر في الحرمة على النص فيحمل النهي على الكراهة ، وبذلك يجمع بين الطائفتين.

ثم انه في الطائفة الثانية احتمالات:-

الاحتمال الاول:- ان يكون متعلق النهي هو الصدقة الموقوفة ، فان الصدقة تطلق على الوقف ايضا ن اذن المنهي عنه في هذه الطائفة هو الصدقة الموقوفة عينا او منفعة فان الصدقة الموقوفة عينا او منفعة لا يجوز شرائها ولا هبتها.

ولكن هذا الاحتمال لا يمكن الاخذ به وذلك لان هذا التقييد[1] لا قرينة عليه فان الوارد في هذه الطائفة هو شراء الصدقة وهبة الصدقة واسترداد الصدقة ، اذن تقييدها بالوقف بحاجة الى قرينة ولا يوجد قرينة لا في نفس هذه الروايات ولا من الخارج.

مضافا الى انه اذا كانت الصدقة واجبة فالمراد من الشراء هو التبديل[2] ، وهذا سوف نتكلم فيه.

الاحتمال الثاني:- ان المراد من النهي عن استرداد الصدقة بالشراء او بالهبة هو الصدقة قبل قبضها[3] ، فقبل قبضها لا يجوز استردادها بالشراء او الهبة.

ولكن هذا الاحتمال ضعيف من عدة وجوه:-

اولاً:- لان هذا الاحتمال لا ينسجم مع استثناء الارث فان في هذه الروايات نهي عن شراء الصدقة وعن هبتها إلا بالإرث فظاهر هذا الاستثناء هو استثناء متصل ومن الواضح ان الارث لا يمكن الا بعد قبض المتصدق عليه وصيرورة الصدقة ملكا للمتصدق عليه ، فاذا صارت ملكا له فمات انتقلت ورثته.

اذن الارث قرينة على ان الشراء والهبة بعد قبض المتصدق عليه وبعد صيرورته مالكا للصدقة ، وحمل الاستثناء على الاستثناء المنقطع خلاف الظاهر.

ثانيا:- ان ظاهر الروايات ان الشراء بعد القبض فالوارد (يتصدق بصدقة) فان كلمة يتصدق بصدقة ظاهر في انه اعطى الصدقة للمتصدق عليه فيكون الشراء بعد القبض والهبة بعد القبض.

اذن حمل الشراء والهبة على قبل القبض بحاجة الى قرينة ولا قرينة لا في هذه الروايات ولا من الخارج.

ثالثا:- هو ان نفس الشراء فان الظاهر هو شراء الصدقة من المتصدق عليه وشراء الصدقة من المتصدق عليه انما يكون بعد القبض وبعد كونه مالكا لها.

فمن اجل ذلك هذا الحمل لا يمكن.

مضافا الى ان الصدقة اذا كانت واجبة فعلى المشهور يجوز تبديل الزكاة بغيرها ، فعندئذ يجوز الشراء على المشهور ولا وجه لعدم جواز الشراء ، فان شراء الصدقة الواجبة معناه تبديلها أي تبديل الزكاة بالنقد وتبديل الزكاة بالنقد عند المشهور جائز مطلقا في جميع اقسام الزكاة.

واما بناء على ما ذكرنا من انه لا يجوز التبديل بالنقدين الا في زكاة الغلات وزكاة النقدين فقط واما في زكاة الانعام الثلاثة فلا يجوز التبديل ولو بالنقدين.

وعلى هذا فاذا كانت الصدقة الواجبة من النقدين او من الغلات الاربعة فيجوز الشراء اذا كان بمعنى التبديل واما الهبة فلا معنى لها قبل القبض.

الاحتمال الثالث:- ان يكون المراد من الشراء هو الشراء بعد القبض وبعد كون المتصدق عليه مالكا لها فعندئذ يكون الشراء على القاعدة فان المتصدق عليه مالك لها ، فاذ صار مالكا فلا يكون صدقة فلا ينطبق عليه عنوان الصدقة لان عنوان الصدقة قد انتفى عنه وصارت ملكا للمتصدق عليه فيجوز للمتصدق عليه ان يبيعها او يهبها ويجوز له كل تصرف فان تصرفه يكون حينئذ في ملكه وهو جائز.

ولكن هذا الحمل مستبعد لأنه لا معنى للنهي شراء الصدقة وهبتها فان المتصدق عليه يبع ماله ويبيع ملكه ويجوز لكل احد يشتري منه او يقوم بهية ملكه لشخص وهو باختياره فلا معنى للنهي عنه

مضافا الى ان اضافة الاسترداد الى الصدقة او اضافة الشراء الى الصدقة او اضافة الهبة الى الصدقة ظاهرة في الصدقة الفعلية ، وحملها على ما كانت صدقة سابقا خلاف الظاهر ، فان الظاهر من شراء الصدقة هو الصدقة الفعلية وهو الصدقة قبل القبض فانها قبل القبض صدقة فعلا واما بعد القبض فلا تكون صدقة بل هي ملك للمتصدق عليه.

اذن اضافة الشراء الى الصدقة واضافة الهبة الى الصدقة قرينة على ان الشراء قبل القبض وان الهبة قبل القبض لأنها بعد القبض ليست صدقة بل هي ملك للمتصدق عليه.

هذا كله فيما اذا كان النهي نهيا مولويا وظاهرا في الحرمة.

ولكن الظاهر ان هذا النهي نهي ارشادي فهو ارشاد الى بطلان هذا الشراء وبطلان هذه الهبة فان النهي عن المعاملات ظاهر في الارشاد الى البطلان كما اذا نهى عن بيع شيء او نهى عن العقد على شيء فانه ظاهر في الارشاد الى فساده أي ان هذا العقد باطل وفاسد وهذا البيع فاسد.

وكذا في المقام فان النهي عن شراء الصدقة ظاهر في فساد هذا الشراء او هبة الصدقة فهو ظاهر في فسادها ، وحينئذ يكون التعارض بين هذه الطائفة[4] والطائفة الثالثة مستقر.

الوجه في ذلك:- لان الطائفة الثانية مفادها الارشاد الى فساد الشراء والهبة والطائفة الثالثة مفادها صحت الشراء والهبة ، اذن التعرض بينهما مستقر واذا كان التعارض بينهما مستقر فيسقطان معا والمرجع هو اطلاقات الآيات الكريمة وهي قوله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ﴾[5] وقوله تعالى: ﴿إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ﴾[6] وقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ﴾[7] ن وما شاكل ذلك.

اذن المرجع بعد سقوطهما هو اطلاق الآيات المباركة.

 


[1] أي تقييد الصدقة بالموقوفة.
[2] أي تبديل الزكاة بغيرها.
[3] أي قبل ان يقبض المتصدق عليه.
[4] الطائفة الثانية.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo