< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

37/04/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- وقت الإخراج.

ان قيل:- ان التعارض اذا استقر بين الطائفتين فبطبيعة الحال تسقطان معا من جهة المعارضة وبعد سقوطهما يكون المرجع هو اطلاقات الروايات التي تدل على عدم جواز تقديم الزكاة على وقتها.

ولكن يقال:- انا ذكرنا ان هذه الروايات المطلقة مخالفة للروايات التي تدل على جواز التقديم وبما ان تلك الروايات تبلغ من الكثرة حد التواتر فهي مخالفة للسنة ، فاذا كانت مخالفة للسنة فلا تكون حجة لأنها مشمولة بالروايات التي تدل على ان ما خالف الكتاب والسنة فهو مردود وزخرف وباطل ولم اقله فلا تكون حجة ، اذن لا معارضة في البين ، لا ان المعارضة بينهما مستقرة وتسقطان من جهة المعارضة ولكن المرجع هو تلك الروايات.

نعم هذا صحيح فيما اذا لم تبلغ تلك الروايات حد التواتر الاجمالي ، واما اذا بلغت من الكثرة حد التواتر الاجمالي فهذا البيان غير تام.

ثم ذكر الماتن (قدس الله نفسه): ((فلو قدمها كان المال باقيا على ملكه مع بقاء عينه، ويضمن تلفه القابض إن علم بالحال ، وللمالك احتسابه جديدا مع بقائه أو احتساب عوضه مع ضمانه ، وبقاء فقر القابض، وله العدول عنه إلى غيره))[1] .

الفقير تارة يعلم بان المال ليس بزكاة وانه باقٍ في ملك المالك ، واخرى يكون جاهلا.

فأما اذا كان الفقير عالما بذلك ويتصرف في المال يؤدي الى تلفه فهو ضامن لان يده ليست يدُ امين ، بل يده يد غاصب لانه يعلم انه مال الغير ويعلم ان المالك اذا علم انه ليس بزكاة فانه لا يعطيه له ، بل اعطاه المالك بعنوان الزكاة وهو في الواقع ليس بزكاة باعتبار ان وقت الزكاة لم يجئ بعد.

واما اذا كان الفقير جاهلا بذلك ولا يعلم انه زكاة او مال ولكن يعلم ان المالك سلطه على هذا المال وهو يتصرف فيه فحينئذ اذا تلف عنده فلا ضمان عليه لان تلفه مستند الى تسليط المالكُ الفقيرَ عليه ، فمن اجل ذلك لا يكون ضامنا.

واما اذا كان ضامنا ومديونا فيجوز للمالك ان يحتسبه زكاة فان الروايات تدل على انه لا مانع من احتساب الدين زكاة اذا كان المديون فقيرا ومتمكنا من أداء الدين.

نعم اذا لم يتمكن من أداء الدين فلا يجوز احتسابه زكاة ولا من سهم السادة ولا من سهم الامام (عليه السلام) فانه دين ميت وعلى الدائن ان ينتظر ويصبر الى حين مسيرة ولا يجوز للمالك المطالبة كما لا يجوز احتسابه من الزكاة او من حق اخر لأنه دين ميت لا اثر له.

نعم اذا كان الفقير متمكنا من أداء الدين ولم يكن عاصيا فحينئذ يجوز احتسابه زكاة فقد ورد في الروايات انه لا مانع من احتساب الدين زكاة.

ودعوى انه لا يجوز احتسابه زكاة لأنه مشمول بالروايات التي على انه لا يجوز صرف الزكاة في أداء دينٍ يصرف في الحرام فقد ورد في الروايات ذلك وفي محل الكلام الفقير يعلم انه مال الغير وتصرف فيه واتلفه وتصرفه واتلافه يكون حراما فهو مديون من جهة تصرفه واتلافه المحرم عليه فمن اجل ذلك يكون مديونا.

مدفوعة فان الروايات موردها الغارم فان الغارم اذا استدان مالاً وصرفه في المعصية كشرب الخمر وما شاكل ذلك فلا يجوز ان يؤدي دينه من الزكاة التي هي نصيب الغارم ، ولابد ان يصرف نصيب الغارم في اداء دينه الذي لم يصرف في الحرام ، اما اذا صرف دينه في الحرام فلا يجوز اداءه من الزكاة التي هي نصيب الغارم.

واما اداءه من نصيب الفقراء فهي كلام اخر وهو غير بعيد لا سيما اذا تاب عن الحرام.

واما في المقام فانه لم يصرف الدين في المعصية بل هو عصى وصار مديونا فالعصيان سبب لدينه لا انه صرف دينه في المعصية فان تصرفه المحرم هو سبب لكونه مديونا لا انه استدان اولا ثم صرفه في الحرام ، اذن المقام خارج عن مورد هذه الروايات ولا تشمله.

ثم ذكر الماتن (قدس الله نفسه): (مسألة 5): إذا أراد أن يعطي فقيرا شيئا ولم يجئ وقت وجوب الزكاة عليه يجوز أن يعطيه قرضا، فإذا جاء وقت الوجوب حسبه عليه زكاة بشرط بقائه على صفة الاستحقاق وبقاء الدافع والمال على صفة الوجوب، ولا يجب عليه ذلك بل يجوز مع بقائه على الاستحقاق الأخذ منه والدفع إلى غيره، وإن كان الأحوط الاحتساب عليه وعدم الأخذ منه))[2] .

ذكر الماتن (قدس الله نفسه) في هذه المسالة امرين:-

الامر الاول:- جواز اعطاء المال للفقير قرضا او امانة او وديعة قبل وقت الزكاة فاذا جاء وقت الزكاة يحسبه زكاة.

الامر الثاني:- يجوز للمالك ان يأخذ هذا المال من الفقير ويصرفه في مورد اخر وان كان الاحوط استحبابا عدم اخذه منه.

اما الامر الاول فهو على القاعدة فانه يجوز للمالك ان يقرض الفقير مالا بداعي احتسابه زكاة اذا جاء وقتها فهذا لا مانع منه ، او يضع ماله امانة عنده او وديعة بنية حسابها زكاة في حال مجيء وقت الزكاة فاذا جاء وقت الزكاة يحتسبها زكاة ولا مانع من ذلك.

وتدل على ذلك جملة من الروايات ، ولكنها جميعا ضعيفة من ناحية السند فلا يمكن الاستدلال بها ، نعم لا باس بالتأييد ، ولكن لا نحتاج الى الروايات بل هو على القاعدة.

اما الامر الثاني وهو اخذه منه وصرفه في مورد اخر فهو ايضا لا مانع منه فانه بعدُ لم يحسبه زكاة ، فاذا لم يحسبه زكاة فلم يصر ملكا للفقير بل هو امانة عند الفقير او دين عليه او وديعة فيجوز للمالك ان يأخذه لأنه ماله لان الفقير لم يملكه لان الفقير انما يملك اذا احتسب المالك هذا المال زكاة فحينئذ يملك الفقير ولا يجوز للمالك اخذه منه ، اما قبل احتسابه فالفقير غير مالك وهذا ايضا على القاعدة.

ولكن الماتن ذكر ان الاحوط ان لا يأخذ منه وهذا الاحتياط استحباب.

ولعل منشاء هذا الاحتياط الروايات فان الوارد في الروايات تقول انه يحتسب الزكاة لهذا الفقير الذي اقرضه او جعل ماله امانة عنده بداعي ان يحسبه زكاة اذا جاء وقتها.

وكيفما كان فلا شبهة في جواز ذلك.

ثم ذكر الماتن (قدس الله نفسه): (مسألة 6): لو أعطاه قرضا فزاد عنده زيادة متصلة أو منفصلة فالزيادة له لا للمالك، كما أنه لو نقص كان النقص عليه فإن خرج عن الاستحقاق أو أراد المالك الدفع إلى غيره يسترد عوضه لا عينه ، كما هو مقتضى حكم القرض بل مع عدم الزيادة أيضا ليس عليه إلا رد المثل أو القيمة))[3] .

يأتي الكلام في هذه المسالة ان شاء الله تعالى.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo