< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

37/05/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- قصد القربى والتعيين.

كان كلامُنا فيما إذا دفع المالكُ مالاً بعنوان الزكاة وقصد احدهما ، فقلنا انه توجد اقوال في المسألة.

القول الاول:- انه وقع للمجموع بنحو التوزيع ، وهذا القول هو ظاهر الماتن (قدس الله نفسه) واختاره المحقق النائيني (قدس سره).

القول الثاني:- انه يقع لاحدهما غير المعين.

القول الثالث:- انه باطل ولم يقع لا لاحدهما المعين ولا لاحدهما لا بعينه.

اما القول الاول وهو ان يقع للمجموع بنحو التوزيع الذي اختاره المحقق النائيني (قدس سره) ، فانه يوجد هنا صورتان:-

الصورة الاولى:- إذا كان على المكلف واجبان ولا ميز بينهما وليس لهما واقع موضوعي في الخارج كقضاء صوم يومين على ذمة المكلف او اذا كان عليه دين من زيد درهمين ، ففي مثل ذلك لا شبهة بان المكلف اذا صام أحد اليومين سقط احدهما لا بعينه أي سقط احدهما من دون تمييز واذا صام اليوم الآخر سقط صوم كلا اليومين عن ذمته وبرئة ذمته تماما ، او اذا أدى درهم واحد لزيد سقط درهم واحد عن ذمته واذا دفع درهماً آخر سقط كلا الدرهمين ، وكذا الحال في نصاب الزكاة كما اذا كان عنده مئة وعشرين شاة فإنَّ زكاتها شاتان ولا ميز بينهما ولا واقع معين لهما في الخارج ولهذا اذا قام المالك بدفع شاة بعنوان الزكاة للفقير سقط أحد الشاتين عن ذمته واذا دفع شاة أخرى بعنوان الزكاة للفقير سقط كلا الشاتين عن ذمته ففي مثل ذلك لا موضوع للتوزيع ولا موضوع لوقوع المدفوع زكاة للمجموع بنحو التوزيع فلا محالة يقع المدفوع لاحدهما بدون تعيين لأنه لا واقع معين لهما في الخارج.

الصورة الثانية:- اذا كان على المكلف واجبان وكان بينهما تمييز ولهما واقع معين في الخارج كزكاة الحنطة فانها تمتاز عن زكاة الشعير وعن زكاة النقدين وعن زكاة الغنم فان زكاة الحنطة لها واقع معين في الخارج وزكاة الشعير لها واقع معين في الخارج ، فانه بناء على المشهور ان الزكاة الواجبة هو الجامع بين العشر ونصف العشر من الحنطة وبين كمية من الذهب او الفضة وبين جنس آخر من الاجناس فالمالك مخير بين هذه الافراد الثلاثة ، وكذا الحال بالنسبة الى الشعير فهو مخير بين دفع العشر ونصف العشر من الشعير وبين دفع كمة من الذهب او الفضة بعنوان الزكاة للفقير بداعي الامر بالجامع وبين دفع جنس اخر من الاجناس بعنوان الزكاة للفقير ، ففي مثل ذلك توجد حالات:-

الاولى:- اذا عين المدفوع وقصد انه زكاة الحنطة فهو زكاة الحنطة واذا عين انه زكاة للشعير فهو يقع زكاة للشعير فان ما قصد هو زكاة الشعير وهو الواقع.

الثانية:- ان قصد انه زكاة المجموع (أي مجموع الحنطة والشعير) فيقع زكاة للمجموع بنحو التوزيع.

الثالثة:- اذا قصد احدهما لا بعينه فالمعروف والمشهور بطلان ذلك ، فانَّ احدهما لا بعينه إن أريد به احدهما المفهومي فلا واقع موضوعي له في الخارج غير المفهوم الذهني واما في الخارج فلا وجود له ، وإن أريد احدهما المصداقي فهو الفرد المردد والفرد المردد غير معقول وجوده في الخارج فمن اجل ذلك يقع باطلا.

واما المحقق النائيني (قدس سره) فقد ذكر انه وقع للمجموع بنحو التوزيع باعتبار ان المالك دفع كمية من الحنطة بعنوان الزكاة او دفع كمية من الذهب او الفضة بعنوان الزكاة للفقير بداعي الامر بالطبيعة ، اذن المدفوع زكاة ولا يقع لاحدهما المعين لأنه ترجيح بلا مرجح باعتبار ان نسبة المدفوع الى كل من الزكاتين على السوية ووقوعه زكاة للحنطة ترجيح بلا مرجح او زكاة للشعير ترجيح بلا مرجح ، ومن أجل ذلك يقع للمجموع بنحو التوزيع باعتبار انه زكاة فاذا لم يمكن وقوعه لاحدهما المعين فبطبيعة الحال يقع للمجموع ، اذن يكون وقوعه للمجموع على القاعدة ولا مانع منه هكذا ذكر المحقق النائيني (قدس سره).

ولكن ما ذكره (قدس سره) غير تام ، فكيف يقع للمجموع مع ان المالك قد قصد انه زكاة لاحدهما؟!! فانَّ هذا معناه ان ما قُصد لم يقع وما وقع لم يُقصد أي أن ما قصده المالك وهو احدهما لا بعينه لم يقع في الخارج وما وقع في الخارج وهو زكاة المجموع بنحو التوزيع لم يقصده المالك ، وهذا لا يمكن فان الزكاة تابع للقصد فان المالك لم يقصد ان المدفوع زكاة لمجموع المالين (أي زكاة للحنطة والشعير معا) فمن اجل ذلك لا يمكن المساعدة على ما ذكره المحقق النائيني (قدس سره).

واما القول الثاني وهو انه يقع لاحدهما لا بعينه ، فهذا ايضا غير تام فلابد فيه من التفصيل فانه يوجد صنفان من الواجب.

الاول:- اذا كان على ذمة المكلف واجبان لا ميز بينهما ولا واقع معين لهما في الخارج كقضاء صوم يومين او ما شاكله ففي مثل ذلك هذا القول تام فانه يقع لاحدهما فاذا صام احد اليومين سقط احد اليومين عن ذمته لا اليومين معا والاشتراك غير معقول.

الثاني:- ما اذا كان على المكلف واجبان مميزان في الخارج ولهما واقع موضوعي في الخارج كزكاة الحنطة وزكاة الشعير فان زكاة الحنطة في ذمة المالك وزكاة الشعير ايضا في ذمة المالك ولهما ميز باعتبار اضافة كل منهما الى متعلقهما ولهما واقع موضوعي في الخارج وواقع معين في الخارج ، ففي مثل ذلك اذا قصد الزكاة لاحدهما وان المدفوع لاحدهما فلا يمكن وقوعه في الخارج لان احدهما لا واقع له في الخارج لا احدهما المفهومي ولا احدهما المصداقي ، اذن كيف يقع لاحدهما؟! فهي سالبة بانتفاء الموضوع ولا وجود لاحدهما حتى تقع الزكاة له ولأجل ذلك يكون باطلا.

اذن هذا القول وهو وقوعها لاحدهما لا بعينه مطلقا غير صحيح فلابد من التفصيل.

والصحيح في هذه المسالة وهو قول المشهور من انه اذا قصد احدهما لا بعينه فهو باطل لم يقع لا لاحدهما المعين دون الاخر فانه ترجيح بلا مرجح ولا للمجموع بنحو التوزيع لأنه غير مقصود ، اذن لا محالة يكون باطلا.

النتيجة ان هذا القول مطلقا غير صحيح ولابد من التفصيل.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo