< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

37/05/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- قصد القربى والتعيين.

ذكرنا ان المالك اذا دفع كمية من المال بعنوان الزكاة للفقير بداعي الامر بالجامع بدون ان يقصد انها زكاة الحنطة او زكاة الشعير فالمعروف والمشهور بين الاصحاب ان هذا المال المدفوع لم يقع زكاة ، فان وقوعها لاحدهما المعين ترجيح بلا مرجح ووقوعه لاحدهما لا بعينه لا وجود له في الخارج.

ولكن خالف في ذلك المحقق النائيني (قدس سره) وذكر انه يقع للمجموع أي للحنطة والشعير معا بنحو التوزيع وان لم يكن المالك قاصدا للمجموع ولكن مقتضى القاعدة ذلك فان المالك قصد عنوان الزكاة فقط وحيث ان نسبتها الى كل واحد منهما على حد سواء فبطبيعة الحال تكون زكاة لكلا المالين أي للحنطة والشعير بنحو التوزيع ، واما نية المالك كونها زكاة لاحدهما فهذه النية لاغية ولا اثر لها.

ولكن ذكرنا ان ما ذكره المحقق النائيني (قدس سره) لا يمكن الاخذ به ، فان المالك انما دفع المال بعنوان الزكاة ولم يعين انها زكاة الحنطة او الشعير فلا يمكن ان يكون المدفوع زكاة للحنطة او للشعير لأنه ترجيح بلا مرجح ، واما وقوعها زكاة لكليهما بنحو التوزيع فهذا بحاجة الى القصد والمرفوض ان المالك لم يقصد ذلك فكيف يكون المدفوع زكاة للمجموع بنحو التوزيع مع ان الزكاة تابعة للقصد؟! إذ معنى ذلك ان ما قصد لم يقع وما وقع لم يقصده وهو لا يمكن .

هذا كله بناء على المشهور وهو الصحيح من ان الزكاة متعلقة بالأعيان الخارجية وان طبيعي الفقير مالك للزكاة وشريك مع المالك في العشر او نصف العشر ، إما بنحو الاشاعة او بنحو الشركة في المالية او بنحو اخر كما في زكاة الابل فان الفقير لا يكون شريكا مع المالك في الابل لا في العين ولا في مالية الابل ، فزكاة خمس ابل شاة وزكاة عشرة ابل شاتان ، فان الزكاة في البقر وفي الابل من غير جنس العين الزكوية ، واما في الغنم فهو بنحو الكلي في المعين أي زكاة الاربعين شاة هي شاة من نفس الاربعين لا من خارج الاربعين ، اذن هذا هو المعروف والمشهور بين الاصحاب وهو الصحيح على تفصيل تقدم.

واما بناء على القول الاخر بان الزكاة مجرد تكليف كالكفارة فان الكفارة مجرد تكليف ، ولا يكون الفقير شريكا مع المالك ولا يكون الفقير مالكا للكفارة بل مجرد تكليف على المالك باطعام عشرة مساكين او اطعام ستين مسكين او صيام شهرين متتابعين او عتق رقبة او صيام ثلاثة ايام وهكذا ، فهو مجرد تكليف وليس فيه وضع فان الحكم الوضعي ليس موجود ، وعلى هذا فاذا كان في ذمة المالك زكاة حنطة وزكاة شعير وزكاة نقود فالزكاة غير متعلقة بالحنطة الخارجية ولا بالشعير الخارجي ولا بالنقود الخارجية الرائجة بل هو مجرد تكليف ثابت في ذمة المالك ، وعلى هذا فلا تمييز بين زكاة الحنطة وزكاة الشعير في الذمة فان زكاة الحنطة ـــ على المشهور ـــ هو الجامع بين الافراد الثلاثة[1] ، وان زكاة الحنطة ـــ على ما اخترناه ـــ هو الجامع بين الفردين[2] ، وكذا زكاة الشعير ، فان الجامع هو الذي في الذمة فقط وليست العين متعلقة للزكاة ، ولذا يجوز تصرف المالك في العين فلا يحتاج تصرفه الى اخراج الزكاة ، فيجوز له التصرف في الاعيان الخارجية من الحنطة او الشعير او النقود سواء ادى الزكاة او لم يؤديها ، واذا اتلفها فلا ضمان عليه لان الزكاة متعلقة في ذمته كالصلاة والصيام والكفارة ، وعلى هذا فاذا اعطى كمية من المال بعنوان الزكاة للفقير سقط احدى الزكاتين لا بعينه اللذان في ذمته وبقيت الاخرى لأنه لا تمييز بينهما في الذهن ولا واقع معين لهما في الخارج ، فان الزكاة في الذمة ولا ميز بين زكاة الحنطة وزكاة الشعير ، واذا دفع كمية اخرى من المال سقطت الاخرى ايضا ، نظير من عليه قضاء يومين من الصيام او عليه دين درهمين لان التعيين غير ممكن لعدم التعيين بينهما في الخارج ولا ميز لهما في الذهن ، اذن ما ذكرنا من انه لو لم يعين الزكاة لم يقع زكاة فهو مبني على مسلك المشهور من ان متعلق الزكاة هو الاعيان الخارجية والفقير شريك وان الزكاة ليست مجرد تكليف بل هو تكليف ووضع.

ثم ان ما ذكره السيد الاستاذ (قدس سره) على المشهور وفي تقرير بحثة قد جاء انه لا مانع من تعلق الملك باحدهما لا بعينه فاذا دفع المالك كمية من المال بعنوان الزكاة للفقير بدون تعين فلا مانع من ان تكون ملكية الفقير تعلقت بالا معين ، غاية الامر يعين ذلك بالقرعة هكذا جاء في تقرير بحث سيدنا الاستاذ (قدس الله نفسه).

ولكن الظاهر انه غير صحيح فان القرعة انما هي في الموارد التي يكون للشيء واقع معين ولكنه مجهول عندنا ، فعندئذ يعين بالقرعة ، واما في المقام فليس له واقع معين فان احدهما لا بعينه ليس له واقع معين في الخارج اما الفرد المردد فهو غير معقول واما احدهما لا بعينه المفهومي فلا وجود له في الخارج ، اذن هي سالبة بانتفاء الموضوع فكيف يمكن تعيين الواقع بالقرعة فهو لا واقع له حتى يعين بالقرعة فما جاء في تقرير بحثه (قدس الله نفسه) لا يمكن المساعدة عليه.

ثم ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه): ((مسألة 1: لا إشكال في أنه يجوز للمالك التوكيل في أداء الزكاة، كما يجوز له التوكيل في الإيصال إلى الفقير، وفي الأول ينوي الوكيل حين الدفع إلى الفقير عن المالك، والأحوط تولي المالك للنية أيضا حين الدفع إلى الوكيل ، وفي الثاني لا بد من تولي المالك للنية حين الدفع إلى الوكيل، والأحوط استمرارها إلى حين دفع الوكيل إلى الفقير))[3] .

 


[1] الحنطة او احد النقدين او جنس اخر.
[2] الحنطة او احد النقدين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo