< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

37/05/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- قصد القربى والتعيين.

ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه): ((مسألة 1: لا إشكال في أنه يجوز للمالك التوكيل في أداء الزكاة، كما يجوز له التوكيل في الإيصال إلى الفقير، وفي الأول ينوي الوكيل حين الدفع إلى الفقير عن المالك، والأحوط تولي المالك للنية أيضا حين الدفع إلى الوكيل ، وفي الثاني لا بد من تولي المالك للنية حين الدفع إلى الوكيل، والأحوط استمرارها إلى حين دفع الوكيل إلى الفقير))[1] .

يقع الكلام في هذه المسالة في مقامات:-

المقام الاول:- في صحة الوكالة. فهل الوكالة صحيحة في هذه المسالة او لا تكون صحيحة؟.

المقام الثاني:- في من يتولى النية ، فهل المالك يتولى نية القربى او الوكيل هو الذي ينوي نية القربى؟.

المقام الثالث:- في محل نية القربى وموضعها ، وهل هي حين الدفع او حين قبض المستحق؟.

اما الكلام في المقام الاول ففيه تفصيل فانه توجد عندنا صورتان:-

الصورة الاولى:- لا شبهة في صحة الوكالة في الامور الاعتبارية وانها تكون على القاعدة ولا تحتاج صحة الوكالة فيها الى أي دليل بل هو على القاعدة ومتعارف لدى العرف والعقلاء كالمعاملات بأجمعها فانه يصح التوكيل في النكاح والطلاق والبيع والشراء وسائر المعاملات كالمضاربة والمساقات ونحوهما فان الوكالة فيها تكون على القاعدة فاذا وكل الزوج والزوجة شخصان لاجراء العقد فان الزوج هو الزوج حقيقة لا العاقد فان العاقد وكيل في اجراء العقد فقط ولا يصح اطلاق الزوج عليه وكذا اذا كان وكيلا في البيع فالبايع حقيقة هو الموكل دون الوكيل والوكيل مجرد وكيل في اجراء العقد فقط والا ففي الحقيقة البايع هو الموكل وكذا الحال اذا كان مشتريا فان الوكيل وكيل في اجراء العقد فقط والا فالمشتري هو الموكل وهو صاحب الثمن ومن هنا يكون عقد الفضولي باطلا واما اذا اجاز المالك صار صحيحا باعتبار ان المالك اذا اجاز فالعقد منتسب اليه وهو عقد المالك وان لم يكن عقدا له في حال الحدوث ولكن اصبح عقدا له في حال البقاء فاذا صار عقدا له وبيعا له فهو مشمول لأدلة الرضا ويحكم بصحته والنقل وبالانتقال اذن الوكالة في الامور الاعتبارية معنى حرفي والوكيل بمثابة الآلة ولا موضوعية له والعقد منتسب حقيقة الى الموكل دون الوكيل.

الصورة الثانية:- واما في الامور التكوينية فهي على قسمين:-

القسم الاول:- الافعال التكوينية المباشرة للفاعل كالأكل والشرب والصلاة والصيام والحج والسفر وما شاكل ذلك فان هذه الافعال في نفسها غير قابلة للوكالة فانه لا معنى للتوكيل في الاكل او التوكيل في الصلاة او الصيام ، فان الامور التكوينية والافعال التكوينية غير قابلة للانتساب الى غير الوكيل فلا يمكن صدور الاكل من غيره فالأكل غير قابل للتوكيل وكذا الشرب وكذا الحركة وكذا الصلاة وما شاكل ذلك الا بدليل خاص وهذا الدليل قد ورد في باب الصلاة بعد الموت او في حال الحياة اذا كان عاجزا عن الاتيان بالحج وعلم بان عجزه مستمر الى حين الموت فانه يجوز حينئذ التوكيل ومعنى التوكيل هنا هو ان الوكيل نائب عنه فيأتي بالصلاة بداعي فراغ ذمته لا بداعي الامر المتوجه الى المنوب عنه فان الامر المتوجه الى المنوب عنه قد سقط بموته فلا يعقل توجيه الامر الى الميت ، بل النائب يأتي بالعمل بداعي الامر المتوجه الى النائب من جهة النيابة والوكالة ، وهذا ثابت بدليل خاص ولولا الدليل على ذلك لم يقل بصحة الاستنابة.

القسم الثاني:- الافعال التكوينية القابلة للانتساب الى الغير كالقبض فان القبض قابل للتوكيل فيمكن ان يوكل شخصاً لقبض هذا المال وكالة عنه او نيابة عنه او اعطاء شيء لشخص فانه قابل للتوكيل فان الاعطاء امر اعتباري قابل للتوكيل او ايصال شيء الى شخص فهو قابل للتوكيل او اخراج الزكاة من مال فهو قابل للتوكيل ودفعها الى مستحقيها فهو قابل للتوكيل ويكون هذا التوكيل على القاعدة ولا يحتاج الى دليل ، نعم قد وردت روايات كثيرة في التوكيل في ارسال الزكاة وبعثها ودفعها الى غيره ليصرفها على مستحقيها وفي مواردها فقد ورد ذلك في الروايات الكثيرة أي القسم الثاني من التوكيل وهو التوكيل في الايصال وهو لا يحتاج الى الروايات بل هو على القاعدة فان لكل شخص ان يوكل شخصا في ارسال ماله الى شخص اخر او ايصال زكاته الى مستحقيها او ايصال الخمس الى مستحقيه فكل ذلك قابل للوكالة ويكون على القاعدة فحينئذ كما ان التوكيل صحيح في اخراج الزكاة من ماله وتعيينها في مال معين ودفعها الى الفقير كذلك التوكيل صحيح في ايصالها فقط.

اما الكلام في المقام الثاني وهو فيمن يتولى نية القربى هل هو المالك ام الوكيل؟ ، فأما اذا كان الوكيل وكيل في الايصال فلا شبهة في ان نية القربى على المالك فان ايصال الزكاة لا يحتاج الى نية القربى بل يمكن ايصال الزكاة بيد غافل عن انها زكاة او ايصالها بيد المجنون او بيد صبي او ما شاكل ذلك.

اذن قصد القربى انما هو وظيفة المالك فحين اخراج الزكاة من ماله وتعيينها في ماله ودفعها الى المستحق فلابد ان يقصد بها القربة ، اذن المتولي لقصد القربى في هذا الفرض هو الموكل دون الوكيل لأنه وكيل فقط في الايصال وقصد القربى انما هو معتبر في دفع الزكاة لا في ايصالها الى مستحقيها.

اما القسم الاخر من التوكيل وهو ما اذا كان وكيلا في دفع الزكاة واخراجها وتعيينها في مال ودفعه الى المستحق ففيه كلام يأتي ان شاء الله تعالى.


[1] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم الطبطبائي اليزدي، ج4، ص156.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo