< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

37/06/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- قصد القربى والتعيين.

ذكرنا ان تشريع الوكالة في أداء الزكاة واعطائها لمستحقيها واخراجها من النصاب وتعيينها صحة الوكالة ومشروعيتها تكون على القاعدة ولا تحتاج الى أي دليل شرعي.

ولكن مع الاغماض عن ذلك وتسليم ان صحة الوكالة في ذلك بحاجة الى دليل ولا تكون على القاعد فهل يوجد دليل على صحة هذه الوكالة او ليس لا يوجد؟

ذكرنا في الدرس السابق الرواية الاولى وهي موثقة سماعة وقلنا انها لا تدل على المطلوب.

الرواية الثانية:- صحيحة علي ابن يقطين قال : سألت أبا الحسن (عليه السلام) عمن يلي صدقة العشر على من لا بأس به ؟ فقال : إن كان ثقة فمره يضعها في مواضعها ، وإن لم يكن ثقة فخذها منه وضعها في مواضعها))[1] .

تقريب الاستدلال بهذه الصحيحة ان هذه الصحيحة تدل على صحة الوكالة ، فان الامر بجمع الزكاة ووضعها في موضعها من باب الوكالة وانه وكيل من قبل المالك في وضع الزكاة في مواضعها واعطائها الى مستحقيها.

ولكن الظاهر ان هذه الصحيحة اجنبية عن الوكالة في الاداء وفي وضع الزكاة في موضعها ، فان هذه الصحيحة موردها عامل الزكاة الذي جمع الزكاة من الاغنياء ثم يضعها في موضعها ، فالصحيحة في مقام بيان صفة العامل لا صفة الوكيل ، فان كان العامل ثقة يضع الزكاة في مواضعها فهو والا فخذها منه وضعها في مواضعها.

وليس المراد من وضع علي ابن يقطين الزكاة في مواضعها ان يكون بالمباشرة حتى يقال انه بعيد باعتبار انه وزير بل المراد من وضعها مواضعها بواسطة اشخاص اخرى تكون مورد الثقة ، اذن مورد هذه الصحيحة هو العامل لا الوكيل ، وعليه فهذه الصحيحة اجنبية عن المقام.

الرواية الثالث:- صحيحة عن عبدالله بن سنان قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول : باع أبي من هشام بن عبد الملك أرضا له بكذا وكذا ألف دينار ، واشترط عليه زكاة ذلك المال عشر سنين ، وإنما فعل ذلك لأن هشاماً كان هو الوالي))[2] .

بدعوى ان هذه الصحيحة تدل على ان صحة الاشتراط منوط بصحة الوكالة في المرتبة السابقة ، فانه يشترط عليه الوكالة في اداء الزكاة ، ولانه كان معلوما لديه ان الوكالة في اداء الزكاة صحيحة فلهذا اشترط على المشتري اداء الزكاة.

ولكن يمكن المناقشة في ذلك فان هذا الشرط انما يكون شرطا في ضمن العقد والشرط في ضمن العقد نافذ ، والمشروط ليس هو الوكالة فان البائع اشترط على المشتري اداء زكاة المبيع الذي هو ملكه من مال المشتري ومن المعلوم ان هذا ليس بوكالة بل الوكالة ان يكون وكيلا في اداء الزكاة من مال الموكل والمفروض ان المشروط ان المشتري يؤدي الزكاة من ماله لا من مال البائع ، اذن البائع ليس موكلا للمشتري والمشتري ليس وكيلا غاية الامر ان هذا الشرط يكون في ضمن العقد وهو نافذ من باب وجوب الوفاء بالشرط ، اذن لا تدل هذه الصحيحة على صحة الوكالة في اداء الزكاة واعطائها الى مستحقيها.

الرواية الرابعة:- صحيحة الحلبي عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال : باع أبي أرضا من سليمان بن عبد الملك بمال فاشترط في بيعه أن يزكي هذا المال من عنده لست سنين))[3] .

وهذه الصحيحة كالصحيحة عبد الله ابن سنان فان متعلق هذا الاشتراط ليس الوكالة وان المشتري ليس وكيلا من المالك البائع باعتبار انه لا يزكي مال البائع بل يزي مال المشتري غاية الامر ان نتيجة هذه التزكية فراغ ذمة البائع ايضا.

اذن وجوب الوفاء بهذا الشرط باعتبار انه شرط في ضمن العقد.

النتيجة ان ما ذكره السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) هو الصحيح من انه لم يرد في شيء من الروايات ما يدل على صحة الوكالة في اداء الزكاة ولا في اعطاء الزكاة الى مستحقيها واخراجها من النصاب وتعيينها فانه لم يرد في الروايات صحة الوكالة في هذه الامور.

بقي هنا شيء وهو ان المتبرع بالزكاة كما اذا تبرع زيد بدفع زكاة عمر فهل يصح هذا التبرع او لا يصح؟

الجواب:- الكلام يقع في موردين.

المورد الاول:- ان هذا المتبرع هل يصح منه هذا التبرع ويقصد به القربى او لا يصح؟

الجواب:- ومن الواضح انه لا يصح قصد القربى من المتبرع فان قصد القربى انما يجب على من هو مأمور بأداء الزكاة وهو المالك والامر بإيتاء الزكاة متوجه اليه والزكاة من العبادات فيجب عليه قصد القربى واما المتبرع فهو اجنبي عن ذلك.

المورد الثاني:- ان قصد القربى من المتبرع هل هو صحيح في نفسه او لا يكون صحيحا؟

قد يقال ـــ كما قيل ـــ ان قصد القربى لا يعتبر فيما اذا كان اداء الزكاة من المتبرع ، فاذا قام المالك بأداء زكاة ماله فيجب عليه قصد القربى بتمام عناصرها من الاخلاص وقصد الاسم والعنوان ، واما اذا كان اداء الزكاة من المتبرع فلا دليل على اعتبار قصد القربى فان التبرع كالتبرع بالدين.

ولكنه يقال:- لا شبهة ان الدين يؤدى بالتبرع ولكن يوجد فرق بين اداء الدين واداء الزكاة فان الدين كلي في الذمة فاذا تبرع بمال فهذا المال مصداق للدين واقعا واليدين ينطبق عليه من باب انطباق الكلي على الفرد واما الزكاة فهي متعلقة بالعين وليست كليا في الذمة والتبرع انما يجوز على المشهور لو فرضنا ان قصد القربى غير معتبر فهو على المشهور من انه يجوز اداء الزكاة من جنس اخر لا من جنس النصاب ، فحينئذ لا باس من هذه الناحية بالتبرع واما اذا قلنا من انه لا يجوز يؤدي الزكاة من جنس اخر أي لابد من اخراج الزكاة من نفس النصاب فلا يجوز التبرع.

نعم قد ثبت في الغلاة الاربعة وزكاة النقدين انه يجوز تبديل زكاة الغلاة بالنقدين وكذا في الذهب والفضة فيجوز ان يؤدي زكاة الذهب من الفضة ويجوز ان يؤدي زكاة الفضة من الذهب واما هذا التبديل فهو غير جائز في زكاة الانعام فلا يجوز ان يؤدي شاة من خارج النصاب بل لابد ان تعطى الشاة من النصاب.

وللكلام بقية تأتي ان شاء الله تعالى.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo