< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

37/06/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- قصد القربى والتعيين.

الى هنا قد تبين أنّ وليَ الامر اذا أخذ الزكاة من الكافر او من الممتنع فهو متكفلٌ بقصد القربى.

ودعوى سقوط قصد القربى في هذه الموارد لا يمكن المساعدة عليها ، لان الزكاة من العبادات كالصلاة والصيام وما شاكلها ، فكما ان الصلاة لا تسقط الا مع قصد القربى سواء من النائب او ولي الامر او من المكلف نفسه فلا يمكن سقوط الصلاة بدون قصد القربى فكذا الزكاة فان اداء الزكاة يتوقف على قصد القربى سواء أكان اداء الزكاة من المالك او كان اداء الزكاة من النائب او من ولي الامر ، فان اداء النائب للزكاة فعل المنوب عنه وليس كالوكيل ، وكذا ولي الامر فان اداء الزكاة فعله لا فعل المالك ولهذا يجب عليه ان ينوي القربى حين اداء الزكاة وحين اعطائها للفقراء.

ثم ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه): (مسألة 6): لو كان له مال غائب مثلا فنوى أنه إن كان باقيا فهذا زكاته، وإن كان تالفا فهو صدقة مستحبة صح بخلاف ما لو ردد في نيته ولم يعين هذا المقدار أيضا فنوى أن هذا زكاة واجبة أو صدقة مندوبة فإنه لا يجزي))[1] .

هنا ذكر الماتن (قدس سره) مسألتين.

الاولى:- انه نوى انه زكاة اذا كان باقيا وصدقة مستحبة اذا كان تالفاً ، فنية عنوان الزكاة جزمي ولا تردد في النية بل التردد انما هو في تلف هذا المال وبقاءه ، أما في النية أي نية الزكاة ونية الصدقة المستحبة فلا تردد.

الثانية:- انه متردد في النية وانه اما زكاة او صدقة فهذا المال الذي لا يعلم انه باق او تالف نوى انه اما زكاة او صدقة بمعنى انه نوى الجامع بينهما.

اما المسالة الاولى فالظاهر انها صحيحة فان عنوان الزكاة كعنوان الصلاة وكعنوان سائر العبادات ، فان عناوين العبادات من العناوين القصدية ومقومة للعبادات كصلاة الظهر فاذا صلى اربع ركعات بقصد القربى لم تكن مصداقا لصلاة الظهر طالما لم ينويها ظهرا او صلى اربع ركعات ولم ينوي انها صلاة العصر فلن تقع عصرا ولن تكون مصداقا لصلاة العصر ولا تنطبق عليها صلاة العصر لان قصد هذا العنوان مقوم للعبادة كما اذا اتى بأربع ركعات بقصد القربى لم تقع لا ظهرا ولا عصرا ولا تكون مصداقا لصلاة الظهر ولا مصداق لصلاة العصر وكذا الحال في صلاة المغرب فان هذا القصد ليس من جهة التمييز بين صلاة الظهر وصلاة العصر فانها مشتركتان في الركعات وفي الاجزاء والافعال وهذا القصد ليس من اجل التمييز بل هذا القصد مقوم لصلاة الظهر وبدون هذا القصد لم تقع هذه الصلاة مصداقا لصلاة الظهر ، ولهذا صلاة المغرب ليس لها شريك ومع ذلك يعتبر ان يأتي بعنوان صلاة المغرب وباسمها الخاص وعنوانها المخصوص فاذا اتى بثلاث ركعات بقصد القربى لم تكن مصداقا لصلاة المغرب ولم تكن صحيحة وكذا الحال في صلاة العشاء وصلاة الفجر كما اذا اتى بركعتين الجامع بين صلاة الفجر ونافلتها لم تقع شيء منهما لا صلاة الفجر ولا نافلة الفجر فان صلاة الفجر متقومة بقصد عنوانها واسمها الخاص وكذلك نافلة الفجر لابد ان يأتي بها بقصد نافلة الفجر والا لم تقع نافلة الفجر ، والزكاة ايضا من هذا القبيل فانه نوى ان هذا المال زكاة ولا تردد في هذه النية بل التردد انما هو تلف هذا المال وكذا لا تردد في نية الصدقة المستحبة فمن اجل ذلك هذه المسالة صحيحة ولا باس بها فاذا نوى انها زكاة اذا كان باقيا او صدقة مستحبة اذا كان تالفا صح ذلك من جهة انه قصد عنوان الزكاة ، ومن هنا قلنا ان المعتبر في صحة الزكاة قصد القربى بتمام عناصره من قصد القربى ومن الاخلاص والاجتناب عن الريا ومن قصد الاسم والعنوان للعبادة بان يأتي بالزكاة بعنوانها واسمها الخاص حين دفع الزكاة ، أما اذا دفع المال الى الفقير ولم يقصد انه زكاة لم يقع زكاة بل هو هدية او مال المالك فله استرجاعه واسترداده ، وكيفما كان فلا شبهة في ان قصد العنوان في العبادات معتبر وهذا العنوان مقوم للعبادة.

واما المسالة الثانية فهي باطلة وغير صحيحة لان المكلف تردد في النية فانه لم ينوي الزكاة بدون تردد بل نوها انها اما زكاة او صدقة مستحبة ، ومرد ذلك انه نوى الجامع بينهما أي نوى احداهما ، فاذا نوى الجامع لم يقع شيء منهما لا الزكاة ولا الصدقة المستحبة كما اذا نوى الجامع بين صلاة الظهر وصلاة العصر فلم يقع شيء منهما او نوى الجامع بين صلاة الفجر ونافلة الفجر لم يقع شيء منهما ، وما نحن فيه كذلك فانه قصد الجامع بين الزكاة الواجبة وبين الصدقة المستحبة فلم يقع شيء منهما لا الزكاة الواجبة ولا الصدقة المستحبة.

ثم ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه): (مسألة 7): لو أخرج عن ماله الغائب زكاة ثم بان كونه تالفا فإن كان ما أعطاه باقيا له أن يسترده، وإن كان تالفا استرد عوضه، إذا كان القابض عالما بالحال وإلا فلا))[2] .

اذا اعطى للفقير مالاً زكاة عن ماله الغائب ولكنه بعد ذلك تبين ان المال الغائب تالف فيبقى هذا المال على ملكه لان ماله اذا تلف تلفت الزكاة ايضا وحينئذ لا يجب عليه اخراج زكاة التالف فلو اخرج زكاة ماله ثم علم انه تلف فالمدفوع يبقى في ملك المالك فله استرداده اذا بقي عينه واما اذا تلف فقد ذكر الماتن (قدس الله نفسه) انه ان كان الفقير عالما بالحال وان هذا ليس زكاة وان ماله تالف فهو ضامن لان يده على هذا المال يد ضمان فاذا تلف عنده فهو ضامن وللمالك ان يطالب بالضمان من المثل او القيمة ، واما اذا لم يعلم وكان جاهلا بالحال فلا شيء عليه.

هذا الذي قاله الماتن (قد سره) مبني على ان تسليط المالك شخصا على ماله هل يوجب جواز التصرف فيه وسقوط الضمان ايضا او ان هذا التسليط يوجب جواز سقوط التصرف فقط تكليفا اما الضمان فهو باق؟ فهذا فيه كلام نتكلم فيه ان شاء الله تعالى.


[1] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم الطبطبائي اليزدي، ج4، ص158، ط جماعة المدرسين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo