< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

37/06/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- خــتــام.

ذكرنا ان الماتن (قدس الله نفسه) قد ذكر انه اذا اعطى زكاة ماله الغائب عنه ولكنه كان تالفا فحينئذ يكون المدفوع باق في ملك المالك ، فان كان باقيا في يد الفقير فيسترده ويسترجعه من الفقير ، وان كان تالفا وكان الفقير عالما بالحال فهو ضامن فيطالبه بالمثل او القيمة ، وان لم يكن عالما فلا ضمان عليه ، هذا هو المعروف والمشهور ، وقد أقر على ذلك السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) بدعوى ان المالك سلط الفقيرَ على ماله وتسليطه على ماله كما يكون سببا لجواز تصرفه فيه تكليفا يكون سببا لجواز تصرفه فيه وضعا فلا ضمان اذا تصرف فيه تصرفا متلفا لان تسليطه عليه رافع للضمان ايضا.

ولكن الظاهر ان الامر في المقام ليس كذلك ، فان المالك سلط الفقير على هذا المال بعنوان انه زكاة ماله لا بعنوان ماله ، ثم بان انه ليس بزكاة بل هو مال المالك ، والمالك لم يسلطه عليه بعنوان انه ماله ، والذي هو رافع للضمان هو تسليط المالك غيره على ماله ، فاذا سلط شخصا على ماله فهو رافع للضمان اذا قام بالتصرف في ماله تصرفا متلفا ، والمفروض ان في المقام ليس التسليط على ماله وانما تسليطه عليه بعنوان انه زكاةٌ ومال الفقراء لا بعنوان انه ماله ، فمن اجل ذلك يدخل المقام في اطلاقات الادلة التي تدل على ان من اتلف مال الغير فهو ضامن بالمثل او القيمة بلا فرق بين ان يكون جاهلا او ناسيا او نائما ، اذن ما ذكره الماتن (قدس سره) لا يمكن المساعدة عليه.

ثم ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه): ((ختام فيه مسائل متفرقة الأولى: استحباب استخراج زكاة مال التجارة ونحوه للصبي والمجنون تكليف للولي وليس من باب النيابة عن الصبي والمجنون، فالمناط فيه اجتهاد الولي أو تقليده ، فلو كان من مذهبه اجتهادا أو تقليدا وجوب إخراجها أو استحبابه ليس للصبي بعد بلوغه معارضته وإن قلد من يقول بعدم الجواز كما أن الحال كذلك في سائر تصرفات الولي في مال الصبي أو نفسه من تزويج ونحوه، فلو باع ماله بالعقد الفارسي أو عقد له النكاح بالعقد الفارسي أو نحو ذلك من المسائل الخلافية وكان مذهبه الجواز ليس للصبي بعد بلوغه إفساده بتقليد من لا يرى الصحة، نعم لو شك الولي بحسب الاجتهاد أو التقليد في وجوب الإخراج أو استحبابه أو عدمهما وأراد الاحتياط بالإخراج ففي جوازه إشكال لأن الاحتياط فيه معارض بالاحتياط في تصرف مال الصبي، نعم لا يبعد ذلك إذا كان الاحتياط وجوبيا وكذا الحال في غير الزكاة كمسألة وجوب إخراج الخمس من أرباح التجارة للصبي حيث إنه محل للخلاف، وكذا في سائر التصرفات في ماله، والمسألة محل إشكال مع أنها سيالة))[1] .

يقع الكلام في هذه المسألة في فروع.

الفرع الاول:- فيه جهات من البحث.

الجهة الاولى :- ان المأمور بإخراج الزكاة من مال الصبي او المجنون التجاري هو وليه ، فان الامر متوجه اليه فهو مأمور بالتصرف في امواله ، واما الصبي فهو ممنوع من التصرف في امواله ، وكذلك المجنون ولا يكون تصرفه مجزيا ونافذا في الشريعة المقدسة بل ولي الصبي والمجنون هو مأمور بالتصرف في ماله والامر موجه اليه فعندئذ هو يقوم بإخراج زكاة مال الصبي واداءها الى مستحقيها ، وحيث ان الزكاة عبادة ولابد ان يكون الاداء بقصد القربة بتمام عناصره من قصد الاخلاص وقصد العنوان ، اذن على الولي ان يؤدي زكاة مال الصبي ومال المجنون بقصد القربى بتمام عناصره من قصد الاخلاص وقصد عنوان الزكاة واسمها الخاص.

الجهة الثانية:- ان الصبي اذا كان مميزا وانه كالبالغ ولم يبقى من بلوغه الا سنة او اقل من سنة وهو ذو عقل ويميز الضرر عن النفع وحاله حال البالغ من هذه الناحية ، فهل يجوز له ان يقوم بإخراج الزكاة من ماله ويؤديها الى مستحقيها ويقصد بذلك القربى او لا يجوز؟

الجواب:- الظاهر عدم الجواز فان الروايات التي تدل على منع الصبي من التصرف في امواله وأنّ تصرفه لا يكون نافذا ولا يكون مجزيا بإطلاقها تشمل الصبي المميز ايضا ، والتقييد بحاجة الى دليل ولا دليل على التقييد أي التقييد بغير الصبي المميز ، اذن هذه الروايات تشمل الصبي المميز ايضا.

واما اذا اذن وليه بإخراج زكاة ماله او بأدائها واعطائها لمستحقيها فحينئذ لا شبهة في الجواز فان تصرفه كان بإذن الولي واذا كان تصرفه في ماله بإذن الولي فلا شبهة في جوازه وحيث ان الاداء كان فعل الصبي المميز غاية الامر انه بإذن الولي واعطاء الزكاة واخراجها من ماله بإذن الولي فله ان ينوي القربى في اداء الزكاة واعطائها لمستحقيها فحينئذ لا شبهة في جواز التصرف كما لا شبهة في انه ينوي القربى بتمام عناصرها حين الاداء وحين الاعطاء.

الجهة الثالثة:- اذا كان اخراج الزكاة من مال الصبي او المجنون ليس فيه مصلحة للصبي او للمجنون فهل يجوز للولي اخراج الزكاة من ماله او لا يجوز؟

اما اذا كان في هذا الاخراج مفسدة فلا يجوز لولي الصبي والمجنون اخراج الزكاة من ماله واعطائها لمستحقيها باعتبار ان ولاية الولي سواء كان الولي الاب او الجد من قبل الاب او الولي هو الحاكم الشرعي أي منهم كان الولي فلا يجوز له اخراج الزكاة واعطائها لمستحقيها اذا كان فيه مفسدة على الصبي او على المجنون باعتبار ان هذه الزكاة مستحبة واستحبابه فيها اذا لم تكن فيه مفسدة او كان فيه مصلحة للصبي او المجنون فاذا كان فيه مفسدة فلا يجوز اخراج الزكاة لا من الحاكم الشرعي ولا من الاب ولا من الجد من قبل الاب.

واما اذا لم تكن فيه مفسدة ولكن لم تكن فيه مصلحة فحينئذ لا يجوز للحاكم الشرعي ان يخرج زكاة ماله واعطائها لمستحقيها فان ولاية الحاكم الشرعي على الصبي او المجنون انما هي ثابتة فيما اذا كان تصرف الولي فيه مصلحة للصبي او للمجنون ، واما اذا لم تكن في تصرف الولي أي الحاكم الشرعي مصلحة للصبي او مصلحة للمجنون فلا يجوز مثل هذا التصرف.

اما اذا كان الولي هو الاب او الجد من قبل الاب فيجوز له اخراج الزكاة لان ولاية الاب او الجد من قبل الاب أوسع من ولاية الحاكم الشرعي فيجوز للاب التصرف في مال الصبي او المجنون سواء كان فيه مصلحة او لم تكن فيه مصلحة.

نعم ليس له للاب ولا للجد من قبل الاب ولاية اذا كانت في تصرفه مفسدة ، واما اذا لم تكن فيه مصلحة فولاية الاب والجد ثابتة في هذه الحالة ايضا ، وهذا هو الفرق بين ولاية الحاكم الشرعي وولاية الابد او الجد من قبل الاب.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo