الموضوع:- خــتــام.

ذكرنا ان ولي الصبي والمجنون اذا تصرف على طبق ولايته اجتهادا او تقليدا فلا ضمان عليه سواء أكان المال المعطى موجودا عند الفقير ام كان تالفا ، وليس بإمكان الصبي اذا بلغ ان يعارض الولي تقليدا او اجتهادا.

ولكن ذكر السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) على ما في تقرير بحثه[1] من ان الصبي اذا بلغ ووصل حد التكليف وقلد شخصا لا يرى تعلق الزكاة بماله ولا بمال المجنون ففي مثل ذلك ذكر السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) ان الصبي يعلم بان تصرف الولي لم يكن من باب الولاية أي لم يكن له ولاية على اخراج الزكاة فإخراج الزكاة في غير مورده ومن غير اهله ولم يكن له ولاية على ذلك غاية الامر انه تخيل الولاية ولكن في الواقع لم يكن له ولاية على اخراج الزكاة.

وذكر ان العين المعطى اذا كانت باقية عند الفقير فللصبي بعد بلوغه بمقتضى اجتهاده او تقليده ان يقوم باستردادها ، واذا كانت تالفة فلا يبعد ضمان الولي بالمثل او القيمة لان تصرفه كان بلا ولاية ، ودعوى ان يد الولي يد امينة هذه الدعوى غير ثابتة.

اذن للصبي بعد البلوغ بمقتضى اجتهاده او تقليده ان يطالب الولي بالضمان او يرجع الى الحاكم الشرعي لأجل فصل الخصومة بينه وبين الولي.

هذا ما ذكره (قدس الله نفسه) على ما في تقرير بحثه.

ولكن هذا الذي ذكره السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) غريب ، فان تقليد الصبي واجتهاده ليس أقوى من تقليد الولي او اجتهاده ، والمفروض ان الولي بمقتضى ولايته على مال الصبي ومال المجنون اخرج الزكاة واعطاها للفقير بمقتضى اجتهاده او بمقتضى تقليده ، وليس اجتهاد الصبي بعد بلوغه او تقليده كاشف عن بطلان اجتهاد الولي او تقليده لان كلا الاجتهادين حكم ظاهري ، واجتهاد الولي في ظرفه يكون حجة عليه او تقليده في ظرفه يكون حجة عليه وهو يعمل على طبق الحجة ولا يرى الولي حجية تقليد الصبي ، فان تقليد الصبي او اجتهاده حجة عليه وليس بحجة على الولي.

اذن اذا كان عمل الولي بمقتضى اجتهاده او بمقتضى تقليده واخرج الزكاة بمقتضى ولايته فكيف يكون ضامنا اذا عمل بوظيفه ، بل ذكرنا انه لا يجوز للصبي ـــ بعد بلوغه وتقليده من يرى عدم تعلق الزكاة بمال الصبي ـــ ان يقوم باسترداد العين الموجودة عند الفقير للشك في انها باقية في ملك الصبي او خرجت عن ملكه ودخلت في ملك الفقير وحيث ان الشبهة حكمية فلا يمكن جريان الاستصحاب ، اذن ليس للصبي ان يقوم باسترداد هذه العين.

واما اذا تلفت العين فلا ضمان لأننا ذكرنا ان يدَ الولي كـ يدِ المالك وليس يده يد ضامنة لان الشارع جعله وليا على اموال الصبي واموال المجنون بعد منعهما من التصرف في اموالهما فان الصبي ممنوع من التصرف في ماله وكذا المجنون وجعل الولاية للاب او للجد من قبل الاب او للحاكم الشرعي ، فما ذكره السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) لا يمكن المساعدة عليه بل هو غريب.

واما الكلام في سائر التصرفات كبيع مال اليتيم او المجنون او شراء دار لليتيم او للمجنون او شراء سيارة لليتيم او للمجنون او زوج الولي الصبي او المجنون فتوجد صور.

الصورة الاولى:- ان الولي يرى مصلحة في هذا البيع او الشراء او التزويج او لم يرى فيه مفسدة كما اذا كان الولي الاب او الجد من قبل الاب فان تصرفهما في مال الصبي او المجنون نافذ حتى اذا لم تكن في هذا التصرف مصلحة بشرط ان لا تكون فيه مفسدة ، نعم في تصرف الحاكم الشرعي يعتبر ان تكون في تصرفه ـــ مثل البيع او الشراء او التزويج ـــ مصلحة فاذا كان في تصرفه مصلحة فهو نافذ والا فهو غير نافذ.

اذن لو تصرف الاب او الجد من قبل الاب وكان لا يرى في تصرفه مفسدة او تصرف الحاكم الشرعي وكان يرى في تصرفه مصلحة ثم بلغ الصبي او عقل المجنون وناقش في تصرفه وقال ان تصرفه فيه مفسدة او ان تصرفه ليس فيه مصلحة فدعوى الصبي او المجنون غير مسموعة ، فان هذا التصرف صحيح في ظرفه ونافذ وبطلانه بحاجة الى دليل ولا دليل على البطلان ومجرد دعوى الصبي بعد البلوغ او المجنون بعد ان يعقل انه لا مصلحة فيه او فيه مفسدة غير مسموعة.

واما اذا رأى الولي صحة العقد بالفارسي او صحة العقد بالمعاطاة فاشترى دارا للصبي او دارا للمجنون بالعقد الفارسي او بالمعاطاة ثم ان الصبي بعد البلوغ او المجنون بعد ان عقل قلد من يرى بطلان المعاطاة ويرى بطلان العقد بالفارسي فحينئذ إن كانت الدار موجودة تحت يد الصبي او المجنون فلابد إما من استرضاء مالك الدار بتصرف الصبي او المجنون بالدار او يجدد العقد ، فان الصبي او المجنون بمقتضى اجتهاده او تقليده يرى فعلاً ان تصرفه في هذا الدار غير جائز لأنه يرى بحسب تقليده او اجتهاده ان هذه الدار ملك لصاحبها فيكون تصرفه غير جائز ، وكذا اذا زوج الولي الصبي او المجنون إمراة بالعقد الفارسي او بالمعاطاة ثم الصبي بعد البلوغ او المجنون بعد ان عقل قلد شخصا يرى بطلان النكاح بالفارسي او بطلان النكاح بالمعاطاة ففي مثل ذلك لابد من تجديد العقد فان الصبي او المجنون لا يتمكن من الاستمتاع بهذه المرأة لأنه يرى ان العقد الواقع بينهما باطل فهي اجنبية عنه فلابد حينئذ من تجديد العقد ، هذا اذا كانت العين موجودة كما اذا كانت الدار موجودة بعد بلوغ الصبي او كانت الزوجة موجودة بعد بلوغ الصبي ، واما اذا لم تكن الزوجة موجودة بعد بلوغ الصبي بان ماتت الزوجة او ان الدار تلفت او انتقلت الى ملك شخص اخر مجهول لا يدري اين هو ففي مثل ذلك تصرف الولي نافذ في ظرفه ، واما في ظرف بلوغ الصبي او عقل المجنون وتقليده من يرى بطلان العقد بالمعاطاة او بطلان العقد بالفارسي فالمفروض ان عين المبيع او عين الزوجة غير موجودة ولذا لا اثر لهذا البطلان ولا يترتب على اجتهاد الصبي او المجنون او تقليده من يرى بطلان العقد بالمعاطاة او بطلان العقد بالفارسي أي اثر.

فان الاثر انما يترتب اذا كانت الزوجة موجودة او كانت الدار موجودة وكانت تحت يد الصبي فحينئذ الاثار موجودة فان الصبي لا يتمكن من التصرف في الدار ، فإما ان يرضى مالك الدار بالتصرف بان يقع التراضي بينهما او يجدد العقد بينه وبين مالك الدار ، وكذا في الزوجة لا يجوز له الاستمتاع بها الا اذا جدد العقد ، اما اذا تكن الزوجة موجودة بعد بلوغه او كانت الدار غير موجودة بعد بلوغه فلا اثر في البين ولا اثر لتقليد الصبي من يرى بطلان العقد بالمعاطاة او يرى بطلان العقد بالفارسية.

هذا فيما اذا كان الصبي او المجنون بعد البلوغ قلد من يرى بطلان العقد بالمعاطاة او بالفارسي.

واما اذا عدل الولي عن راية كما لو كان راي الولي ـــ بحسب اجتهاده او تقليده ـــ صحة العقد بالمعاطاة وصحة العقد بالفارسي وقد اشترى دارا بالعقد الفارسي او بالمعاطاة للصبي او للمجنون او زوج إمراة للصبي او المجنون بالعقد الفارسي او بالمعاطاة ثم بعد فترة عدل الولي عن رايه وبنى على ان العقد بالفارسي باطل او العقد بالمعاطاة باطل فحينئذ ان كانت المرأة موجودة فلابد من تجديد العقد وعلى الولي ان يجدد هذا العقد لأنه يرى بطلانه سواء بلغ الصبي او لم يبلغ ، وكذا اذا اشترى دارا للصبي فلابد حينئذ إما من استرضاء مالك الدار او تجديد العقد بينه وبين مالك الدار.

اما اذا لم تكن المرأة موجودة وذلك بان ماتت المرأة او لم تكن الدار موجودة بعد الشراء بان تلفت فلا أثر لهذا العدول ولا يترتب على هذا العدول أي أثر.

بقي شيء نتكلم فيه ان شاء الله تعالى.