< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

38/08/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- زكاة الفطرة.

ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه): فصل في وقت وجوبها وهو دخول ليلة العيد جامعا للشرائط، ويستمر إلى الزوال لمن لم يصل صلاة العيد، والأحوط عدم تأخيرها عن الصلاة إذا صلاها فيقدمها عليها، وإن صلى في أول وقتها، وإن خرج وقتها ولم يخرجها فإن كان قد عزلها دفعها إلى المستحق بعنوان الزكاة، وإن لم يعزلها فالأحوط الأقوى عدم سقوطها، بل يؤديها بقصد القربة من غير تعرض للأداء والقضاء)[1] .

كان كلامنا في الاقوال في المسالة في مبدا وجوب زكاة الفطرة على المكلف وذكرنا ان الاقوال اربعة قول وهو المشهور بين الاصحاب وهو ان مبدأ وجوب الفطرة من غروب ليلة العيد وتدل على هذا القول صحيحة معاوية بن عمار كما تقدم.

والقول الثاني ان مبدأ وجوب زكاة الفطرة من اول شهر رمضان فيجوز للمكلف ان يدفع فطرته من اول شهر رمضان وتدل على ذلك صحيحة الفضلاء ونقرأ هذه الصحيحة وهي عن زرارة وبكير ابني أعين والفضيل بن يسار ومحمد بن مسلم وبريد بن معاوية كلهم ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السلام) ، أنهما قالا : على الرجل أن يعطي عن كل من يعول من حر وعبد ، وصغير وكبير ، يعطى يوم الفطر قبل الصلاة فهو أفضل ، وهو في سعة أن يعطيها من أول يوم يدخل من شهر رمضان إلى آخره . . . والحديث)[2] .

فالصحيحة واضحة الدلالة وان المكلف مخير في دفع الفطرة من اول شهر رمضان الى اخره وان كان الافضل اعطاء الفطرة من غروب ليلة العيد ولكنه يجوز وهو في سعة فهذا يدل على ان وجوب الفطرة وقته متسع يدخل من اول يوم في شهر رمضان وهو متسع الى قبل صلاة العيد لمن يصلي او الى زوال يوم العيد والمكلف مخير بين ان يدفع زكاة الفطرة في اول شهر رمضان او في وسطه او في آخره او بعد الغروب او وقت الفجر او قبل صلاة العيد او قبل الزوال كما هو الحال في جميع الواجبات الموسعة كالصلاة فانه وجوبها موسع من اول الزوال الى الغروب او من اول الغروب الى نصف الليل او الى ما قبل الفجر ومن طلوع الفجر الى طلوع الشمس فالمكلف مخير بين اتيان الصلاة في اول الوقت او في وسطه او اخره وهذه الصحيحة ظاهرة في ان وقت وجوب زكاة الفطرة متسع والمكلف مخير بين ان يدفع اول الشهر او آخره او وسطه او ليلة العيد او فجر ليلة العيد او قبل صلاة العيد.

ولكن قام جماعة بتأويلات متعددة.

الاول:- ان المراد من اعطاء زكاة الفطرة اول شهر رمضان هو اعطائها قرضا أي ان المكلف يعطي الفقير قرضا ثم يحسب الدين زكاة الفطرة في وقتها.

ولكن من الواضح ان هذا الحمل بعيد جدا فهو غير محتمل ولا اشعار في هذه الصحيحة على ان المراد من اعطاء الفطرة اعطاء القرض فان الصحيحة ناصة في انه اعطى بعنوان الفطرة وحمله على القرض بحاجة الى قرينة واضحة ولا قرينة على ذلك لا في نفس الصحيحة ولا من الخارج.

مضافا الى انه لا خصوصية للقرض في اول شهر رمضان فيمكن ان يعطي القرض للفقير قبل شهر رمضان ويمكن ان يعطي في اواخر شهر رمضان او في وسط شهر رمضان ولا خصوصية لاعطاء القرض في اول شهر رمضان ، اذن هذا التأويل لا اساس له.

الثاني:- ان الصحيحة لا تدل على ان وجوب زكاة الفطرة فعلي بل عدم اعطاء الفطرة قبل ليلة العيد شرط للوجوب فمن لم يعطي الفطرة من اول شهر رمضان الى اخره فهو شرط للوجوب فلابد ان يعطي ليلة العيد اول الغروب او الفجر.

وهذا التأويل ايضا غير صحيح فان ظاهر الصحيحة ان وقت الوجوب موسع يدخل وقت الوجوب من اول يوم في شهر رمضان الى قبل صلاة العيد وهو مخير ولا اشعار في الصحيحة ان الوجوب غير موجود فاذا لم يكن الوجوب موجودا فكيف تكون الفطرة مشروعة فمشروعية الفطرة من جهة انها مأمور بها ومتعلق الوجوب فاذا لم يكن الوجوب موجودا فكيف تكون الفطرة مشروعة حتى يكون عدم اعطائها شرطا للوجوب.

الثالث:- ان اعطاء الفطرة في اول شهر رمضان من باب التعجيل أي تعجيل اعطاء الفطرة للفقير ودفعها للفقير ومن الواضح ان التعجيل بحاجة الى دليل وبحاجة الى ملاك ، وذكر ان الملاك موجود وهو حاجة الفقير فان حاجة الفقير الى الطعام موجودة فهذا الملاك يستدعي التعجيل في اعطاء الفطرة.

وهذا الحمل ايضا خلاف الظاهر فان ظاهر الصحيحة ان اعطاء الفطرة في وقتها لا من باب التعجيل فان حمله على التعجيل بحاجة الى قرينة ولا قرينة على التعجيل.

مضافا الى ان التعجيل لا يمكن ان يكون بلا ملاك فمشروعية زكاة الفطرة واعطائها للفقير بحاجة الى ملاك فان كان الملاك موجودا وهو حاجة الفقير فلا محالة يكون الحكم ايضا موجود فان الحكم تابع للملاك اذا كان الملاك موجودا فالحكم لا محالة يكون موجودا ، اما ان الملاك هو حاجة الفقير تماما هذا غير معلوم لأنه لا طريق لنا الى ملاكات الاحكام الشرعية بتمام خصوصياته ولعل هنا خصوصيات اخرى غير حاجة الفقير وهذه الخصوصيات لا توجد الا بعد غروب ليلة العيد ، اذن الحمل على التعجيل لا يمكن.

وقد يستدل على التعجيل بموثقة اسحاق بن عمار قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن تعجيل الفطرة بيوم ؟ فقال : لا بأس به . . . الحديث)[3] .

فان هذه الموثقة تدل على انه لا باس بتعجيل الفطرة بيوم.

ولكن هذه الموثقة لا تدل على ان التعجيل قبل وجوب زكاة الفطرة ، اذن التعجيل في نفسه لا باس به بل هو امر محبوب كما هو الحال في جميع الواجبات الموسعة فان التعجيل الى الاتيان بها في اول الوقت محبوب وهو افضل فالتعجيل بلحاظ ان وقت وجوب زكاة الفطرة موسع فاذا كان موسعا لا باس بالتعجيل بل هو امر محبوب ومستحب كما هو الحال في الصلاة وغيرها من الواجبات الموسعة.

النتيجة انه لا يمكن حمل الصحيحة على التعجيل فانه بحاجة الى قرينة.

الرابع:- انه ورد في بعض الروايات ان ختام الصوم باخراج الفطرة فهذه الروايات تدل على ان زكاة الفطرة خاتمة الصوم لا في اول شهر رمضان.

ومنها:- رواية أبان وغيره ، عن الصادق جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) قال : من ختم صيامه بقول صالح أو عمل صالح تقبل الله منه صيامه ، فقيل : يا بن رسول الله ما القول الصالح ؟ قال : شهادة أن لا إله إلا الله ، والعمل الصالح إخراج الفطرة)[4] .

جعل العمل الصالح اخراج الفطرة وهو خاتمة الصوم.

الا ان قوله عليه السلام العمل الصالح اخراج الفطرة لا يدل على انه ليس عملا صالحا اذا اخرج الفطرة اول شهر رمضان فهو عمل صالح ايضا.

مضافا الى انه لا يدل على الوجوب فانه يجب اعطاء زكاة الفطرة بعد شهر رمضان فيدل على ذلك وانما يدل على الاستحباب وانه عمل صالح وانه افضل كشهادة ان لا اله الا الله كما انه امر محبوب ومستحب وعمل صالح كذلك اخراج الفطرة وهو افضل اذا كان بعد شهر رمضان وهذا لا يدل على انه لا يجوز دفع زكاة الفطرة في اول شهر مضان ، النتيجة ان الصحيحة ظاهرة في ان وقت وجوب زكاة الفطرة متسع من اول دخول شهر رمضان الى ما قبل صلاة العيد او الى قبل الزوال لمن لم يصلي صلاة العيد.

النتيجة ان جميع هذه التأويلات غير صحيحة ولا دليل على ذلك ولا قرينة عليها لا في نفس الصحيحة ولا من الخارج بقي الكلام في القولين الاخرين.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo