< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

34/01/27

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع : النهي التنزيهي
 اما الركيزة الثالثة : وهي قبح الاتيان بالحصة المنهي عنها وقد اختار هذه الركيزة المحقق النائيني قدس سره وقد افاد من اجل ذلك ان المعتبر في صحة العبادة امور :- الامر الاول ان يكون الفعل في نفسه حسن ومحبوبا للمولى ، الامر الثاني ان يكون المكلف قاصد التقرب به الى المولى بان يأتي به لله تعالى لا لغيره لا مستقلا ولا في الشرك فيه ، الامر الثالث ان يكون صدوره من المكلف حسنا
 فاذا توفرت هذه الشروط في العبادة فهي صحيحة ومع الاخلال بها او بحصة منها فالعبادة فاسدة هكذا ذكره قدس سره ، وقد علق عليه الاستاذ قدس سره بانه لا دليل على اعتبار الحسن في الحال لا من العقل ولا من الشرع هذا مضافا الى ان الحسن مكان الحسن الفعلي فاذا كان الفعل حسن بنفسه وبذاته فبطبيعة الحال يكون صدوره من الفاعل حسن واما اذا كان الفعل في نفسه قبيح ومحرما فبطبيعة الحال يكون صدوره من الفاعل قبيحا ومبغوض فاذا الحسن الفاعل لا ينفك عن الحسن الفعلي ولا وجه الى جعله شرط مستقلا فالحسن الفعلي لا ينفك عن الحسن الفاعلي وعلى هذا فالمعتبر في صحة العبادات امران :- احدهما يكون الفعل محبوب في نفسه وحسن بذاته ثانيا ان يقصد المكلف التقرب به ان يأتي به لله لا شريك له ، فاذا توفر هذان الشرطان فالعبادة محكومة بالصحة ومع الاخلال بهما او بأحدهما فالعبادة محكومة بالفساد فما ما ذكره المحقق النائيني قدس سره من اعتبار الحسن الفاعلي في صحة العبادة لا دليل عليه اولا لا من العقل ولا من الشرع هذا مضافا الى انه لا ينفك عن الحسن الفاعلي فلا وجه لجعله شرط مستقل
 الى هنا قد تبين الى ان بطلان العبادة على ضوء الركيزة الاولى انما هو لملاك عدم انطباق الواجب على الحرام والمحبوب على المبغوض هذا هو مقتضى الركيزة الاولى ومن هنا قلنا ان هذه الركيزة لا تختص بالعبادات وتشمل الواجبات التوصلية ايضا فان كل واجب لا يمكن ان ينطبق على الحرام والمحبوب لا يمكن ان ينطبق على المبغوض ، واما على ضوء الركيزة الثانية فبطلان العبادة انما هو لمكلاك عدم التقرب بالحصة المنهي عنها بالنهي النفسي التحريمي فانه لا يمكن التقرب بها لأنها مبغوضة للمولى ومحرمة وهذه الركيزة تختص بالعبادة ولا تشمل العبادات التوصلية ، واما الركيزة الثالثة فقد مر انها غير صحيحة فالمعتبر في العبادات امران احدهما ان يكون الفعل محبوبا وثانيا ان يكون بقصد القربى ، هذا كله في الجهة الاولى وهي ان النهي في العبادة هل يقتضي فسادها او لا يقتضي فسادها
 الجهة الثانية : في معنى الصحة هل هي صحة العبادة عن تمامية الواجب بأجزائه وشرائطه او انه عبارة اسقاط القضاء والعبادة او ان الصحة عبارة عن انطباق المأمور به بكامل اجزائه وشرائطه على القصد المأتى به في الخارج ، وجوه واقوال في المسألة :
 القول الاول ان الصحة هل متمثلة في تمامية الشيء بأجزائه وشرائطه فاذا كانت تامة من حيث الاجزاء والشرائط فهي متصفة بالصحة ، القول الثاني : ان صحة العبادة عبارة عن اسقاط القضاء والاعادة ، القول الثالث : ان صحة العبادة عبارة عن انطباق المأمور به بكل أجزاءه وشرائطه على الفرد المأتى به بالخارج ، والصحيح من هذه الاقوال فهو القول الاخير اما القول الثاني فهو تفسير الصحة فان صحة العبادة هو اسقاط العبادة وعدم وجوب قضاءها واعادتها وهذا التفسير ليس تفسير للصحة ، واما القول الاول هو ان الصحة عبارة عن تمامية الشيء بأجزائه وشرائطه فاذا اريد التماميه في مرحلة الجعل والاعتبار فان الشارع اعتبر الصلاة بأجزائها وشرائطها في عالم الاعتبار والجعل ثم جعل الوجوب في الخارج لها وكذا سائر العبادات والمعاملات ان اريد ذلك فيرد عليه ان الصحة ليس التماميه فان العبادة لا تتصف بالصحة بتماميه اجزاءها وشرائطها في عالم الجعل والاعتبار فان الصحة من لوازم الوجوب الخارجي واما الوجوب الاعتباري فلا يتصف بالصحة تارة وبالفساد اخرى فاذا ان اريد بالتماميه التماميه في حالة الجعل والاعتبار فليس بصحيحة واذا اريد بها في مرحلة الوجود والامتثال في الخارج فهو صحيح فان المكلف اذا اتى بالعبادة في الخارج بتمام اجزائها وشرائطها انطبق عليها المأمور به بكامل اجزاءه وشرائطه فاذا انطبق على الحصة المأتى بها في الخارج فلا محال يحكم بالصحة لأنها منتزهة من انطباق المأمور به بكامل اجزاءه وشرائطه على الحصة المأتى بها بالخارج فاذا الصحيح هو القول الثاني والصحة منتزعه من ذلك واما اذا لم ينطبق المأمور به بكامل شرائطه واجزاءه على تمام المأتي به بالخارج فيحكم بالفساد فاذا الصحة امر انتزاعي منتزع من انطباق المأمور به بكامل اجزاءه وشرائطه على الحصة المأتي بها في الخارج والنتيجة ان الصحة منتزعة من انطباق المأمور به على الفرد المأتي به بالخارج ولا فرق بين ذلك بين ان يكون الشيء مركب او بسيط كما ان الشيء المركب يتصف بالصحة تارة وبالفساد اخرى فكذلك الشيء البسيط كالفكرة فأنها امر بسيط تتصف بالصحة والفساد فاذا اتصاف الشيء بالصحة والفساد لا يختص بالشيء المركب فكما ان الشيء المركب يتصف بالصحة والفساد فكذلك الشيء البسيط غاية الامر ان ملاك الصحة والفساد يختلف باختلاف المركب والبسيط ومن هنا يذهب ان ما ذكره المحقق النائيني قدس سره من ان المركب يتصف بالصحة والفساد واما الشيء البسيط لا يتصف بالصحة والفساد فانه يدور وجوده بين الوجود والعدم اما موجود بمفاد كان التامة او معدوم بمفاد ليس التامة او بالعدم المحمول ولا يمكن ان يكون الشيء البسيط متصف بمفاد كان الناقصة او متصف بعدم النفي فان المتصف بمفاد كانه الناقصة انما هو الشيء المركب وكذلك المتصف بالعدم النعتي فهو الشيء المركب فان العدم النعتي في طول العدم المحمول وكذا مفاد كان الناقصة في طول مفاد كان التامة والشيء البسيط لا يتصف بالوجود النعتي فهو اما موجود في الخارج بالوجود المحمولي او معدوم في الخارج بالعدم المحمولي ولا يتساوى في الاتصال ما ذكره المحقق النائيني قدس سره مبني على امرين احدهما ان اتصاف الشيء بالصحة تارة وبالفساد اخرى انما هو باعتبار ترتب الاثر عليه فاذا ترتب عليه اثر اتصف بالصحة واذا لم يترتب عليه اثر يتصف بالفساد ومن الواضح ان الاثر في مرتبة متأخرة عليه وجوديا فان ثبوت الاثر للشيء انما هو بمفاد كان الناقصة فالوجود النعتي كما ان عدم الترتب انما هو باثر النعتية ومن الواضح ان الشيء البسيط لا يتصف لا بالعدم النعتي ولا بالوجود النعتي انما يتصف بوجود المحمولي او بالعدم المحمولي اتصافه بالوجود النعتي خلف فرضه انه بسيط فاذا كان ملاك اتصاف الشيء بالصحة تارة وبالفساد اخرى ترتب الاثر وعدم ترتب الاثر فلا محال يكون مختص بالمركب والشيء المركب اذا كان تام الاجزاء تترتب عليه الصحة واذا كان ناقص يترتب عليه الفساد واتصافه تارة بالصحة واخرى بالفساد بملاك ترتب الاثر عليه وعدم الترتب وملاك ترتب الاثر وعدمه تمامية الاجزاء ونقصانها فاذا كان تام الاجزاء فهو ملاك اتصافه بالصحة وترتب الاثر عليه واذا كان ناقص فهو بمكلاك اتصافه من جهة عدم ترتب الاثر عليه وهذا الملاك غير متصور بالشيء البسيط
 الامر الثاني : ان التقابل بين الصحة والفساد من تقابل الملكة والعدم فاذا فرضنا ان الشيء البسيط واجب يترتب عليه الاثر فلا يمكن ان يتصف بالصحة لاستحالة اتصافه بالفساد فاذا كان اتصافه بالفساد مستحيلا فبطبيعة الحال يكون اتصافه بالصحة ايضا مستحيل لان المتقابلين بتقابل العدم والملكة استحالة احدهما يستلزم استحالة الاخر فاذا استحال اتصافه بالفساد استحال اتصافه بالصحة ايضا فما ذكره المحقق النائيني مبني على هذين الامرين لكن هناك ملاك اخر اتصاف الشيء بالصحة تارة وبالفساد اخرى فهو ملاك مطابقة الشيء الواقع فاذا كان للشيء واقع موضوعي فاذا كان مطابق للواقع يتصف بالصحة واذا لم يكن مطابقا لواقعه يتصف بالفساد هذا الملاك يختص بالأشياء البسيطة كالفكرة والراي وما شاكل ذلك فان الرأي اذا كان مطابق للواقع فهو يتصف بالصحة واذا كان غير مطابق للواقع فهذا رأي باطل وفاسد وكذا الفكرة اذا كانت مطابقة للواقع فهذه الفكرة صحيحة واذا لم تكن مطابقة للواقع فهي باطلة فاذا ليس الملاك منحصر بترتب الاثر ونقصان الشيء الذي هو ملاك عدم ترتب الاثر بل هنا ملاك اخر اتصاف الشيء بالصحة تارة و بالفساد تارة اخر هو فيما اذا كان للشيء موضوعي فاذا كان مطابق لواقعه فهو صحيح واذا لم يكن مطابق لواقعه فهو باطل وفاسد فالنتيجة ان ما ذكره المحقق النائيني قدس سره من تخصيص اتصاف الشيء تارة وبالفساد اخرى بالمركب دون البسيط فلا يمكن المساعدة علية .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo