< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

34/11/21

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع : دوران الامر بين التخصيص والتخصص
 كان كلامنا في دوران الامر بين التخصيص والتخصص فاذا ورد من المولى عام وورد خاص بان قال المولى اكرم كل عالم ثم قال لا تكرم زيدا فدار الامر بين ان يكون خروج زيد من العام هل هو بالتخصص والخروج الموضوعي او ان خروجه من العام خروج حكمي وبالتخصيص ففي مثل ذلك هل يمكن التمسك بإصالة العموم لإثبات ان خروجه بالتخصص وخروجه خروج موضوعي وليس حكمي فقط فهل يمكن التمسك بإصالة العموم او لا يمكن ، فيه قولان
 الاول : المعروف والمشهور بين الاصحاب انه لا مانع من التمسك بإصالة العموم لإثبات ان خروجه يكون بالتخصص والخروج الموضوعي وان زيد ليس من افراد العالم ولا مانع من ذلك بتقريب ان مدلول اصالة العموم المطابقي هو عدم التخصيص فان اصالة العموم تدل على عدم تخصيص العام وان العام لم يخصص تدل على ذلك بالمطابقة وبالالتزام تدل على ان خروج زيد انما يكون بالتخصص وخروج موضوعي وحيث ان اصالة العموم من الاصول اللفظية ومن الامارات وحجيتها من باب حجية الظهور فمثبتاتها تكون حجة فاذا كما ان اصالة العموم تكون حجة بالنسبة لمداليلها المطابقية كذلك تكون حجة بالنسبة الى مداليلها الالتزامية للملازمة بينهما فان الملازمة في المقام ثابته بين ما اذا لم يكن خروجه بالتخصيص فلا محال يكون خروجه بالتخصص ، فاذا اصالة العموم تدل على ان خروجه بالتخصص بالدلالة الالتزامية وبالدلالة المطابقية تدل على عدم التخصيص وبالدلالة الالتزامية تكون حجة اذا كان الدليل على اصالة العموم وكذلك الحال في اصالة الاطلاق فلا فرق من هذه الناحية بين العام والمطلق كما انه يمكن التمسك باصالة العموم بأثبات التخصص كذلك يمكن التمسك باصالة الاطلاق لإثبات التقيد فان الامر يدور بين التقيد والتقيد هل هو خروج زيد من باب التقيد او من باب التقيد فأصالة الاطلاق تدل على ان خروجه ليس من باب التقيد بالمطابقة وبالالتزام يدل على ان خروجه انما هو بالتقيد وهذه الدلالة الالتزامية تكون حجة كما هو الحال في العام فان اصالة العموم تدل بالمطابقة على ان خروجه ليس بالتخصيص بالمطابقة وبالالتزام تدل على ان خروجه بالتخصص وهذه الدلالة الالتزامية تكون حجة
 القول الثاني : وذهب جماعة من المحققين على انه لا يمكن التمسك باصالة العموم في المقام منهم السيد الاستاذ قدس سره وقد افاد في وجه ذلك ان الدليل على حجية اصالة العموم ليس دليل لفظي حتى يمكن التمسك بأطلاقه بل الدليل على حجية اصالة العموم انما هو دليل لبي وهو السيرة القطعية من العقلاء فأنها قد جرت على العمل بالظواهر وحجيت الظواهر والسيرة العقلانية دليل لبي فلا اطلاق لها وعلى هذا فالقدر المتيقن من هذه السيرة ما اذا علمنا بان هذا الفرد من افراد العام وشككنا في خروجه عن حكم العام نعلم بان زيد عالم وهو من افراد العام ونشك في وجوب اكرامه هل يجب اكرامه او لا ففي مثل ذلك نتمسك باصالة العموم ونحكم بوجوب اكرامه فالقدر المتيقن من السيرة هذا المورد ما اذا علمنا ان هذا الفرد من افراد العام والشك انما هو في خروجه من العام حكما لا موضوعا والشك انما هو في وجوب اكرامه ففي مثل ذلك نتمسك باصالة العموم او اصالة الاطلاق لإثبات وجوب اكرامه ، واما اذا علمنا بعدم وجوب اكرامه وعلمنا بخروجه عن العام حكما وان زيد لا يجب اكرامه قطعا ولكن لا ندري ان عدم وجوب اكرامه من جهة انه ليس بعالم او عدم وجوب اكرامه انما هو بالتخصيص وانه عالم مع ذلك لا يجب اكرامه وفي المقام نعلم بعدم وجوب اكرام هذا الفرد ولكن نشك في فرديته وانه فرد للعام او ليس فردا للعام ففي مثل ذلك لم نحرز قيام السيرة على اصالة العموم ولا يمكن التمسك بها لإثبات انه ليس من افارد العام فالسيرة انما هي قائمة على التمسك باصالة العموم لاثبات وجوب الاكرام بعد احراز فرديته للعام ولم نحرز حجية اصالة العموم لاثبات عدم فرديته للعام فان عدم وجوب اكرام هذا الفرد معلوم والشك انما هو في فرديته وانه فرد للعام او ليس فردا للعام ففي مثل ذلك لا يمكن التمسك باصالة العموم لاثبات انه ليس من افراد العام وان خروجه انما هو بالتخصص وخروج موضوعي وليس خروجا حكميا لعدم احراز قيام السيرة على اصالة العموم في مثل المقام
 هكذا ذكره السيد الاستاذ قدس سره ولنا تعليق على كلا القولين في المسألة ، اما القول الثاني الذي ذكره السيد الاستاذ قدس سره فهو غير تام فان محل الكلام انما هو في ما اذا ورد عام من المولى بان قال المولى اكرم كل عالم ثم ورد في دليل اخر خاص لا تكرم زيدا وشككنا ان زيد عالم او غير عالم وشككنا ان خروجه بالتخصص او خروجه بالتخصيص هذا هو محل الكلام ، فاذا بين اطلاق المخصص وبين عموم العام تنافي فان مقتضى اطلاق المخصص عدم وجوب اكرام زيد وان كان عالم لا تكرم زيدا فانه يدل على عدم وجوب اكرام زيد وان كان عالم ومقتضى عموم العام وجوب اكرامه ان كان عالم ، فاذا بين عموم العام وبين الطلاق الدليل الخاص تعارض وتهافت بالنفي والاثبات وحيث ان الخاص قرينة على العام وبيان للمراد الجدي النهائي من العام فمن اجل ذلك يقدم الخاص على العام فان الخاص بمثابة القرينة على العام وفي الحقيقة خاص مفسر للمراد النهائي الجدي للعام فمن اجل ذلك لابد من تقديم الخاص على العام بل كلا قرينية فعندئذ لا يمكن التمسك باصالة العموم فلا بد من الاخذ باطلاق الخاص بملاك انه قرينة على العام ومفسر للمراد النهائي الجدي فلابد من الاخذ باطلاقه وعدم وجوب اكرام زيد وان كان عالما ولا يمكن التمسك باصالة العموم فان معنى التمسك باصالة العموم تقديم العام على الخاص وهذا لا يمكن
 هذا مضافا الى ان الدليل الخاص بقولنا لا تكرم زيدا ظاهر في انه دليل مولوي فان كل دليل صادر من المولى ظاهر في انه مولوي واما حمله على الارشاد او على الاخبار فهو بحاجة الى قرينة ، طالما لم تكن قرينة في البين فكل دليل صدر من المولى ظاهر في المولوية فاذا هذا الدليل الخاص لا تكرم زيدا هذا الدليل الخاص ظاهر في انه دليل مولوي يعني في مقام جعل الحكم او نفي الجعل كما ان دليل العام الصادر من المولى ظاهر في انه دليل مولوي وفي مقام الجعل ولا يمكن حمل الدليل الخاص في المقام على الاخبار والارشاد فانه بحاجة الى قرينة
 وعلى هذا فلو رفعنا عن اطلاق دليل خاص بالتمسك بعموم العام وخصصنا الدليل الخاص بزيد غير العالم فعندئذ لا يكون الدليل الخاص دليل مولوي بل هو مجرد اخبار بل هو لغو صدوره ولا فائدة فيه فان عدم وجوب اكرام الجاهل معلوم ولا حاجة الى البيان فلو رفعنا عن اطلاق الدليل الخاص وتمسكنا باصالة العموم ورفعنا اليد عن اطلاق الدليل الخاص بحمله على ان زيد جاهل وغير عالم فعندئذ لا يكون الدليل الخاص دليل مولوي بل هو اخبار بل هو لغو فان بيان ان الجاهل لا يجب اكرامه لا يحتاج الى البيان فان الواجب انما هو اكرام العالم واما عدم وجوب اكرام الجاهل لا يحتاج الى بيان ، فاذا الدليل الخاص مجرد اخبار وارشاد الى انه جاهل وهذا خلاف الظاهر ولا يمكن رفع اليد عن اطلاق الدليل الخاص بالتمسك باصالة العموم بل لابد من الاخذ باطلاق الدليل الخاص ورفع اليد عن اصالة العموم او عن اصالة الاطلاق
 ومن هنا يظهر الفرق بين هذه المسألة والمسألة الاخر وهي في ما اذا شككنا في ان اكرام زيد واجب او ليس بواجب ومنشئ هذا الشك والشك في انه عالم او جاهل فان كان عالم وجب اكرامه وان كان جاهل لم يجب اكرامه فالشك انما هو في الموضوع والشك بوجوب اكرامه انما هو من جهة الشك في انه جاهل حتى لا يجب اكرامه او عالم حتى يجب اكرامه فلا يمكن التمسك باصالة العموم في مثل ذلك لانه من التمسك باصالة العموم في الشبهات المصداقية والتمسك باصالة العموم في الشبهات المصداقية لا يمكن ذلك وهذا بخلاف المقام فان الدليل الخاص مثل قوله لا تكرم زيدا لا نعلم ان زيد عالم حتى يكون هذا تخصيصا لعموم العام او غير عالم حتى يكون تخصصا فالشك انما هو في التخصص الزائد ففي مثل ذلك اذا فرضنا ان لدليل الخاص مجمل او دليل لبي لا اطلاق له ففي مثل ذلك لا مانع من التمسك باصالة العموم لان الشك انما هو في التخصيص الزائد فاذا شككنا في التخصيص الزائد فالمرجع اصالة العموم طالما يكون الدليل الخاص مطلقا ولم يكن مجملا ولا دليل لبي فهو المرجع ولابد من الاخذ به ورفع اليد عن عموم العام او عن اطلاق المطلق أي رفع اليد عن اصالة العموم واصالة الاطلاق ، واما اذا كان الخاص مجملا او كان دليل لبي لا اطلاق له فعندئذ المرجع اصالة العموم لانه شك بالتخصيص الزائد
 ومن هنا يظهر ان ما ذكره السيد الاستاذ قدس سره من ان السيرة العقلائية لا تشمل اصالة العموم في مثل المقام ليس الامر كذلك فان السيرة العقلائية تدل على ان اصالة العموم حجة من باب الطريقيه والكاشفيه فلا فرق ان يكون فردية الفرد للعام محرزة والشك انما هو في حكمه وان اصالة العموم تبت الحكم وطريق الى اثبات الحكم او كان الشك هل من افارد العام او لا ونعلم بعدم وجوب اكرامه ولكن نشك من باب التخصيص او التخصص فلا مانع من التمسك باصالة العموم لاثبات انه ليس من افراد العام لان اصالة العموم طريق الى ذلك وكاشف وحجية الاصالة من باب الطريقيه والكاشفيه فما ذكره السيد الاستاذ قدس سره من ان السيرة العقلائية لا تشمل هذا المورد ليس الامر كذلك

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo