< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

34/11/23

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : دوران الامر بين التخصيص والتخصص
كان كلامنا في ان ماء الاستنجاء هل هو طاهر فمن اجل ذلك لا يكون منجسا لملاقيه او انه نجس لا يكون منجسا لملاقيه،ذكرنا ان هناك ثلاثة طوائف من الروايات
الطائفة الاولى تدل على ان الملاقي لعين النجس نجس فان الماء القليل الملاقي للنجاسة نجس، والطائفة الثانية تدل على ان الماء القليل الملاقي للنجس نجس، الطائفة الثالثة تدل على ان ماء الاستنجاء طاهر، ويقع الكلام حينئذ بين الفقهاء في ان الملاقي لماء الاستنجاء طاهر هل هو من جهة طهارة ماء الاستنجاء او ان ماء الاستنجاء نجس لكنه لا ينجس ملاقيه ؟ فيه قولان المعروف والمشهور بين الاصحاب ان ماء الاستنجاء طاهر فمن اجل ذلك لا يكون منجس لملاقيه، القول الثاني انه نجس ولكنه لا ينجس ملاقيه وقد اختار هذا القول جماعة من المحققين، اما القول الاول فقد استدل عليه بوجوه :-
الوجه الاول : الاجماع او الروايات الخاصة، فأما الاجماع فلا يمكن الاستدلال به فانا ذكرنا في غير مورد ان حجية الاجماع انما هي بوصوله من زمن الائمة عليهم السلام الينا يدا بيد وطبقة بعد طبقة وليس لنا طريق الى ذلك ومن هنا ذكرنا ان حجية الاجماع منوطة بتوكل امرين : الاول ان يكون هذا الاجماع ثابت بين الفقهاء الذي يكون عصرهم قريب من عصر الائمة عليهم السلام، الثاني ان يكون هذا الاجماع واصل اليهم من زمن الائمة طبقة بعد طبقة
وكلا الامرين مفقود فأما ثبوت الاجماع بين الفقهاء فلو فرضنا ثبوته لكنه لم يصل الينا طبقة بعد طبقة ويد بيد فان وصول الاجماع المدعى في كلمات المتقدمين الينا منوط بان يكون لكل واحد منهم كتاب استدلالي في المسألة واستدل عليها بالإجماع ومن الواضح انه لم يصل الينا من الفقهاء جميعا كتاب استدلالي كذلك، اما بان لا يكون لكل واحد منهم كتاب كذلك او كان ولم يصل الينا فان الواصل الينا مجرد دعوى الاجماع من الفقهاء في المسألة وهذه الدعوى لا تدل على ان مدرك هذه المسألة الاجماع فلعل مدرك ثبوت هذه المسألة بغير الاجماع، واما الاجماع الثابت بين الفقهاء المتقدمين على تقدير ثبوته فان احرازه ايضا مشكل لان العلماء مختلفون بدعوا الاجماع كثيرا اما ان هذا الاجماع وصل اليهم من زمن الائمة عليهم السلام يدا بيد وطبقة بعد الطبقة فهو غير محتمل اذ لو كان كذلك لم يختلفوا في دعوى الاجماع، وكيف ما كان فليس لنا طريق الى ان اثبات الاجماع حجة مضافا الى ان الاجماع دليل لبي والقدر المتيقن منه غير ماء الاستنجاء فثبوته في ماء الاستنجاء لم نحرز الاجماع فيه
واما الروايات الخاصة فقد يناقش فيها انها قد وردت في موارد خاصة ولا يمكن التعدي عن مواردها الى ماء الاستنجاء فلا يمكن الاستدلال بها
ولكن هذا الجواب غير تام اذ لا شبهة في ان الارتكاز العرفي قرينة على الغاء الخصوصيات فان بنظر العرف لا فرق بين ان يكون ملاقي النجس الماء القليل او ماء الاستنجاء بين ملاقي وملاقيه ونجس واخر فان المرتكز في اذهان العرف عدم الفرق بينهما وهذه الروايات على ضوء هذه القرينة الارتكازية تدل على نجاسة ماء الاستنجاء بملاقاة عين النجس كما ان الماء القليل يتنجس بملاقاة العين النجس كذلك ماء الاستنجاء، مضافا الى ان عمدة الدليل في المقالم انما هو مفهوم روايات الكر وقد ذكرنا في بحث المفاهيم ان مفهوم روايات الكر مطلق وبإطلاقه يشمل ماء الاستنجاء فان روايات الكر بمفهومها تدل على ان الملاقي لعين النجس نجس وان كان ماء الاستنجاء، فلابد من تخصيص الطائفة الثانية بغير ماء الاستنجاء فانها تدل على الملاقي للنجس نجس ولابد من تخصيص عموم هذه الطائفة او تقيد اطلاقها بغير ماء الاستنجاء فانه متنجس ومع ذلك لا ينجس ملاقيه
فالنتيجة ان الاجماع لا يمكن الاستدلال به واما الروايات الخاصة فلا مانع بقرينة الارتكاز وكذا مفهوم روايات الكر فان مقتضى اطلاق مفهوم روايات الكر نجاسة ماء الاستنجاء
الوجه الثاني : ان ماء الاستنجاء لا يخلوا اما ان يكون طاهرا او يكون نجسا ولا ثالث لهما فان كان طاهرا فلابد من تخصيص الطائفة الاولى بغير ماء الاستنجاء فان الطائفة الاولى من الروايات تدل على ان الماء القليل الملاقي لعين النجس نجس واما ماء الاستنجاء فهو ملاقي لعين النجس ومع ذلك طاهر فان كان طاهرا لابد من تخصيص الطائفة الاولى ولكن خروجه من الطائفة الثانية انما هو بالتخصص وخروجه موضوعي فان الطائفة الثانية تدل على ان الماء القليل الملاقي للمتنجس نجس والمفروض ان ماء الاستنجاء ليس بمتنجس فماء الاستنجاء اذا كان طاهرا فهو خارج عن عموم الطائفة الاولى بالتحصيص او بالتقيد لكن بالنسبة الى الطائفة الثانية خروجه بالتخصص وبالتقيد، وان كان نجسا ماء الاستنجاء فلابد من تخصيص الطائفة الثانية فانها تدل على ان الملاقي للمتنجس نجس والمفروض ان ملاقي ماء الاستنجاء ليس بنجس فان كان نجسا فلابد من تخصيص الطائفة الثانية فيدور الامر بين التخصيص والتخصص وقد تقدم ان الامر اذا دار بينهما فلا يمكن التمسك باصالة العموم فلابد من تقديم اطلاق دليل المخصص في المقام ومقتضى اطلاقه تخصيص الطائفة الثانية فانه يدل على ان الملاقي لماء الاستنجاء ليس بنجس وهذه الروايات تدل بالملازمة على ان ماء الاستنجاء طاهر فان ما يدل على طهارة الملاقي بالمطابقة يدل بالالتزام على طهارة الملاقاة فلابد من تقديم اطلاق دليل المخصص في المقام وهو مانع عن التمسك باصالة العموم مضافا الى ان اصالة العموم في الطائفة الثاني معارضة باصالة العموم في الطائفة الاولى فانه في الاولى ان ماء الاستنجاء نجس ومقتضى الثانية ان ماء الاستنجاء طاهر فتقع المعارضة بينهما وحينئذ لابد من تقديم اصالة العموم في الطائفة الاولى على اصالة العموم في الطائفة الثانية لإمرين :
الامر الاول : ان الروايات التي تدل على ان الماء القليل الملاقي للمتنجس نجس هذه روايات خاصة لا يمكن التعدي من موردها الى ماء الاستنجاء لكن قد ظهر الجواب عن ذلك وان الارتكاز العرفي قرينة على الغاء الخصوصيات فهذه الروايات على ضوء هذه القرينة تدل على العموم
الامر الثاني : ان الروايات التي تدل على ان الماء القليل الملاقي لعين النجس روايات كثيرة وتبلغ من الكثرة حد التواتر الاجمالي فاذا بلغت حد التواتر الاجمالي فهي داخلة في السنة فعندئذ الطائفة الاثنية مخالفة للسنة فاذا كانت مخالفة فلا تكون حجة فانها تدخل في الروايات المخالفة للكتاب والسنة، فالطائفة الثانية حيث انها مخالفة للطائفة الاولى والاولى باعتبار انها بلغت حد التواتر فهي سنة فالثانية مخالفة للسنة فلا تكون حجة فلابد من تقديم الطائفة الاولى على الثانية والنتيجة ان ماء الاستنجاء نجس لكنه لا ينجس ملاقيه .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo