< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

34/12/15

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : التمسك بالعام
الى هنا قد تبين ان ما ذكره المحقق النائيني (قده) من المقدمتين لعدم جواز التمسك باصالة العموم واصالة الاطلاق قبل الفحص فالمقدمة الاولى ان اداة العموم موضوعة للدلالة على استيعاب تمام ما يراد من مدخولها ولابد من اثبات اطلاق مدخولها بإجراء مقدمات الحكمة في المرتبة السابقة، والمقدمة الثانية ان طريقة المولى الحقيقي في بيان مرادته الجدية النهائية من خطاباته انما هي في مجالس متعددة وبقرائن منفصلة وبأزمنة مختلفة فليس غرضه بيان مراده الجدي في مجلس واحد، وعلى هذا فاذا صدر مطلق من الشارع ولم ينصب قرينة على التقيد في مجلس واحد فلا يمكن التمسك بأطلاقه لان مقدمات الحكمة لا تجري اذ من المقدمات الحكمة ان يكون المتكلم في بيان تمام مراده والمفروض ان الشارع ليس في مقام بيان تمام مراده في مجلس واحد وقد ذرك ان نتيجة هذين المقدمتين وجوب الفحص وعدم جواز التمسك باصالة العموم واصالة الاطلاق قبل الفحص، ولكن كلتا المقدمتين خاطئة ولا واقع موضوعي لها
اما المقدمة الاولى : فلا شبهة في ان اداة العموم كلفظة كل او ما شاكلها موضوعة للدلالة على العموم واستيعاب تمام افراد مدخولها أي تمام ما يمكن ان ينطبق عليه مدخولها فاذا لم يكن مدخولها مقيد بقيد فكلمة الكل تدل على استيعاب تمام ما يمكن ان ينطبق عليه مدخولها وضوعة لهذا المعنى بدلالة وضعية فان دلالة لفظ كل على العموم انما هي بالوضع والدلالة الوضعية انما هي دلالة تصورية فاذا سمع الانسان بلفظ الكل فينتقل ذهنه الى العموم واستيعاب تمام افراد مدخولها فما ذكره المحقق النائيني (قده) من انه لابد اولا من اثبات مدخولها بإجراء مقدمات الحكمة في المرتبة السابقة ثم اداة العموم واستيعاب تمام ما يراد منه فما ذكره غير معقول وذلك لان مدلول الادة مدلول وضعي والمدلول الوضعي مدلول تصوري، واما مدلول مقدمات الحكمة مدلول تصديقي فلا يعقل ان يكون المدلول الوضعي الذي هو تصوري وقهري يتوقف على المدلول التصديقي لمدخولها وقد ذكرنا في مستهل بحث الاصول في مسألة الوضع انه لا يعقل ان يكون المعنى الموضوع مركبا من جزء تصوري وجزء تصديقي وهذا غير معقول او مقيدا بقيد تصديقي فهذا غير معقول وفي المقام لا يمكن ان تكون الارادة مأخوذة في المعنى الموضوع لإدة العموم فان ظاهر كلام المحقق النائيني ان لفظة كل او ما شاكلها موضوعة للدلالة على استيعاب عموم ما يراد من مدخولها وان الارادة مأخوذة في معناها الموضوع له اذ لا يعقل ان يكون المعلول الوضعي مركبا من جزء تصوري وجزء تصديقي او مقيدا بقيد تصديقي فما ذكره المحقق النائيني (قده) لا يرجع الى معنى محصل
اما المقدمة الثانية : فقد استشكل عليه السيد الاستاذ (قده) بان طريقة الشارع على بيان مراداته الجدية من خطاباته بقرائن منفصلة المختلفة بحسب الازمنة وبحسب المجالس فان العام صدر في زمن الرسول الاكرم صلى الله عليه واله وسلم او المطلق صدر في ذلك الزمان واما الخاص او المقيد صدر في زمن الائمة الاطهار عليهم السلام فان طريقة الشارع وان كانت بيان مراداته الجدية من خطاباته بقرائن منفصلة الا ان ذلك لا يمنع من ظهور كلامه في الاطلاق او العموم فاذا صدر من الشارع مطلق ولم ينصب قرينة على التقيد وكان في مقام البيان انعقد ظهوره في الاطلاق فاذا صدر مطلق من الشارع وكان في مقام البيان ولم يصدر منه تقيد متصل انعقد ظهوره في الاطلاق وهذا الظهور حجة فما ذكره المحقق النائيني من ان هذا الظهور لا ينعقد فان الامر ليس كذلك وقد ذكر (قده) في وجه ذلك ان عدم القرينة المتصلة هو جزء مقدمات الحكمة فان مقدمات الحكمة مركبة من ثلاثة عناصر الاول جعل الحكم على الطبيعي لا على حصة خاصة الثاني كون المتكلم في مقام البيان الثالث عدم نصب قرينة متصلة فالجزء الاخير لمقدمات الحكمة هو عدم القرينة المتصلة واما عدم القرينة المنفصلة فهو ليس جزء مقدمات الحكمة وعلى هذا فاذا صدر مطلق من الشارع وكان في مقام البيان ولم ينصب قرينة على التقيد بمتصل تحقق المقدمات فاذا تحققت مقدمات الحكمة انعقد ظهور المطلق في الاطلاق واما عدم القرينة المنفصلة فهو ليس جزء مقدمات الحكمة هكذا ذكره السيد الاستاذ (قده)
وما ذكره هنا مخالف لما ذكره في مبحث التعادل والترجيح فانه قد ذكر هنا في مسألة تقديم العام الوضعي على العام الاطلاقي فقد ذكر في هذه المسألة ان جزء مقدمات الحكمة اعم من عدم القرينة المتصلة وعدم القرينة المنفصلة كما ان عدم القرينة المتصلة جزء مقدمات الحكمة فكذلك عدم القرينة المتصلة جزء مقدمات الحكمة ولكن يرد على ذلك ان عدم القرينة المنفصلة لو كان جزء مقدمات الحكمة لزم محذور اجمال جملة من المطلقات الواردة في الكتاب والسنة اذ يحتمل وجود مقيد منفصل لها ومع هذا الاحتمال لم يحرز تمامية مقدمات الحكمة فاذا لم يحرز تمامية مقدمات الحكمة لم ينعقد للمطلق ظهور في الاطلاق ويصبح مجملا فلازم ذلك أي لازم كون عدم القرينة المنفصلة جزء مقدمات الحكمة فلا زم ان تكون جملة من المطلقات الواردة في الكتاب والسنة مجملة ولا يمكن التمسك بإطلاقها لاحتمال وجود قرائن صادرة من الائمة الاطهار عليهم السلام على تقيدها وعلى هذا الاحتمال لم نحرز تمامية مقدمات الحكمة فاذا كان كذلك لم نحرز اطلاق المطلق فيصبح المطلق مجملا وهذا مما لا يمكن الالتزام به بل هو خلاف الضرورة الفقهية اذ لا شبهة في جواز التمسك بإطلاقات الكتاب والسنة وليس هذه الاطلاقات مجملة، وقد اجاب عن ذلك (قده) فانه التفت الى هذا الاشكال وحاصل جوابه
ان عدم القرينة منفصلة ليس جزء مقدمات الحكمة مطلقة بل عدم القرينة المنفصلة جزء مقدمات الحكمة في وقتها فقط فاذا صدر مطلق من الشارع وكان في مقام البيان ولم ينصب قرينة متصلة تمت مقدمات الحكمة فاذا تمت انعقد ظهور المطلق في الاطلاق وهذا الظهور مستمر الى ان جاء بالقرينة المنفصلة فاذا جاء بالقرينة المنفصلة فهذه القرينة في وقتها رافعة لهذا الظهور، فعدم القرينة المنفصلة في وقتها جزء مقدمات الحكمة فاذا جاء الشارع بالقرينة المنفصلة فهي رافعة لظهور المطلق في الاطلاق في وقتها وهذا معنى ان عدم القرينة المنفصلة جزء مقدمات الحكمة
فالنتيجة ان عدم القرينة المنفصلة ليس جزء مقدمات الحكمة مطلقا حتى يلزم محذور الاجمال في جملة من المطلقات الواردة في الكتاب والسنة بل عدم القرينة في وقتها جزء مقدمات الحكمة هكذا ذكره (قده) وللمناقشة في هذا الجواب مجال فان اراد من عدم القرينة المنفصلة في وقتها عدم وصولها وعدم العلم بها فيرد عليه ان العلم بوجود القرينة المنفصلة ووصولها لا يكون رافعا للظهور وانما يكون مانعا عن حجية ظهور المطلق في الاطلاق لا انه مانع عن الظهور او رافعا له والوجه في ذلك واضح فان العلم شأنه الكشف عن الواقع من دون ا يؤثر فيه لا نفيا ولا اثباتا فاذا علم بالقرينة المنفصلة ووصلت اليه فهذا العلم مانع عن حجية اصالة العموم ولا يعقل ان يكون رافعا لظهور المطلق في الاطلاق فان الظهور امر تكويني ولا يعقل ان يكون العلم بوجود القرينة المنفصلة مؤثرا في هذا الظهور ورافعا له وهو غير معقول، وان اراد (قده) من عدم القرينة المنفصلة في وقتها عدم وجودها في الواقع فان ارد ذلك يلزم على هذا نفس المحذور المتقدم وهو محذور اجمال المطلقات الواردة في الكتاب والسنة اذ احتمال وجود القرينة في وقتها موجود فيحتل ان المولى ينصب قرينة على تقيد هذه المطلقات في وقتها وهذا الاحتمال موجود ولم يحرز تمامية مقدمات الحكمة فاذا لم نحرز تمامية مقدمات الحكمة لم نحرز ظهور المطلق في الاطلاق فبطبيعة الحال يصبح المطلق مجملا
فالنتيجة ان ما ذكره السيد الاستاذ غير تام والصحيح ان جزء مقدمات الحكمة هو عدم القرينة المتصلة واما عدم القرينة المنفصلة فليس جزء مقدمات الحكمة لا مطلقا ولا في وقتها .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo