< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

35/02/06

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : تخصيص عمومات الكتاب والسنة
المعروف والمشهور بين الاصحاب جواز تخصيص عمومات الكتاب ومطلقاته بخبر الواحد بعد حجيته وقد نسب الخلاف الى العامة فقط ولكن لا حاجة الى البحث الى وجود المخالف فان تخصيص الكتاب عموم الكتاب او السنة بخبر الواحد موافق للقاعدة فلا حاجة الى البحث عن ان هناك مخالف او لا ، لا شبهة في ان خبر الواحد لا يكون مخالف لسند الكتاب اذ لا تنافي بين كون الخبر قطعي سندا وصادرا عن المولى جزما وبين الكتاب والمعارضة والمخالفة انما هي في موردين
المورد الاول ان دليل حجية خبر الواحد سندا معارض لدليل حجية عموم الكتاب دلالةً فالتعارض بين حجية اصالة الصدور وبين دليل حجية اصالة العموم فالتعارض انما هو بينهما
المورد الثاني التعارض والتخالف انما هو بين دلالة الخبر على المعنى الخاص ودلالة الكتاب على المعنى العام فالتعارض بالعموم والخصوص المطلق والمخالفة انما هي بينهما ففي هذين الموردين يكون التعارض بين خبر الواحد وبين عموم الكتاب واطلاقه وهذا التعارض في كلا الموردين غير مستقر ولا يسري من مرحلة الدلالة الى مرحلة السند فهذا التعارض تعارض غير مستقر ويمكن علاجه
اما المورد الاول فلا شبهة في تقديم حجية خبر الواحد سندا على دليل حجية عموم الكتاب دلالةً وانما الكلام في وجه هذا التقديم هل هو بنحو الحكومة او بنحو الورود بمعنى ان الخبر الواحد بعد حجيته كخبر الثقة او خبر العدول هل هو حاكم على عموم الكتاب والسنة او انه وارد عليه فيه قولان
القول الاول ان الخبر الواحد بدليل حجيته حاكم على دليل حجية اصالة العموم في الكتاب والسنة او اصالة الاطلاق فيهما فدليل حجية خبر الواحد سندا حاكم على دليل حجية اصالة العموم دلالة في الكتاب والسنة وقد اختار هذا القول مدرسة المحقق النائيني قدس سره وقد افاد في وجه ذلك السيد الاستاذ قدس سره بتقريب ان المجعول في باب الامارة هو الطريقة والكاشفية عن الواقع فمعنى ان خبر الثقة حجة يعني ان الشارع جعله علم تعبديا فخبر الثقة بعد حجيته علم تعبدي ويترتب عليه اثار العلم بعد حجيته والمفروض ان الشك مأخوذ في مفهوم اصالة العموم فأنها انما تجري في ما اذا كان الشك في مراد المتكلم هل هو العام او الخاص او اذا شك في ان هذا الفرد خرج عن العام او لم يخرج يعني ان هذا الفرض مراد او غير مراد فاذا شك في مراد المتكلم فالمرجع هو اصالة العموم فالشك في المراد مأخوذ في مفهوم اصالة العموم وعلى هذا فاذا كان خبر الواحد كخبر الثقة او خبر العدل اذا كان علما تعبديا بحكم الشارع فهو رافع لموضوع اصالة العموم تعبدا وهذا معنى حكومته على اصالة العموم فان موضوع دليل حجية اصالة العموم مقرون بالشك في المراد فالشك في المراد قد اخذ في موضوعه فموضوعه مقيد بالشك في المراد وخبر الواحد بعد حجيته رافع لهذا الشك تعبدا فمن هذه الناحية يكون حاكما عليها فاذاً دليل حجية خبر الواحد حاكم على دليل حجية اصالة العموم ورافع لموضوعه تعبدا ، وذكرنا ان عمدة الدليل على حجية اخبار الثقة هي السيرة القطعية من العقلاء الممضاة شرعا فان السيرة القطعية من العقلاء قد جرت على حجية اخبار الثقة وانها علم تعبدا فاذاً يكون خبر الواحد بعد حجيته حاكم على دليل حجية اصالة العموم هكذا ذكره السيد الاستاذ قدس سره ، ولكن للمناقشة فيه مجال فتقدم الاشارة اليه
اولا ان الجعل في مقام الثبوت غير معقول فان كاشفية خبر الثقة عن الواقع وطريقيته الى الواقع ذاتية الى الخبر وتكوينيه فان خبر الثقة في نفسه كاشف عن الواقع وطريق له وهذه الطريقة الظنية ذاتية للخبر وتكوينية وهذه الطريقية النوعية الذاتية لأخبار الثقة هي سبب لبناء العقلاء على العمل بها فان بناء العقلاء على العمل بشيء لا يمكن ان يكون جزافا وبلا مبرر والمبرر لبناء العقلاء على العمل بأخبار الثقة دون اخبار غير الثقة هو اقربيتها الى الواقع نوعا وكاشفيتها الى الواقع نوعا اقوى من طريقية غيرها فمن هذه الناحية قد بنا العقلاء على العمل بها فاذاً لا جاعلة في المقام ولا مجعول لا من قبل العقلاء فانهم ليس من شأنهم جعل الاحكام الشرعية ولا من قبل الشارع فان مقبل الشارع امضاء هذه السيرة ويكفي في الامضاء سكوت المولى عن عمل اتباعه بالسيرة اذا عمل اتباعه من العقلاء بالسيرة القطعية وعمل بأخبار الثقة والمولى ساكت عن ذلك كفى هذا في امضاء هذه السيرة فاذا كانت السيرة ممضات ينتزع منها حجية هذا الخبر الحجية بمعنى المنجزية والمعذرية لا بمعنى جعل الطريقة ، وعلى هذا فجعل الشارع طريقة اخبار الثقة لغو فان الطريقة الاعتبارية المجعولة من قبل الشارع لا تؤثر في طريقية اخبار الثقة لا توجب طريقية اخبار الثقة فان الامر الاعتباري يستحيل ان يكون مؤثر في الامر التكويني لان الامر الاعتباري لا وجود له في الخارج الا في عالم الاعتبار والذهن فكيف يعقل ان يكون مؤثرا في الامر التكويني الخارجي فاذا جعل الحجية بمعنى الطريقة والكاشفية مجرد لقلقة لسان وبلا مبرر ويكون جزافا وهذا مستحيل من المولى الحكيم فاذاً الجعل في نفسه في مقام الثبوت غير معقول ومع الاغماض عن ذلك وتسليم انه امر معقول في مقام الثبوت الا انه لا دليل عليه في مقام الاثبات فان عمدة الدليل على حجية اخبار الثقة السيرة القطعية من العقلاء ومن الواضح ان عمل العقلاء ليس جعلا عمل خارجي العقلاء يعملون بأخبار الثقة والشارع امضى بذلك وامضاء الشارع ليس جعلا فانه يكفي بالإثبات سكوت المولى عن عمل اتباعه بالسيرة فاذا سكت عن عمل اتباعه في السيرة ولم يردع فهذا السكوت كاشف عن الامضاء
واما الآيات والروايات التي استدل بها على حجية اخبار الثقة او اخبار العدول فعلى تقدير تسليم دلالة تلك الآيات على حجية اخبار الثقة وتسليم ان هذه الآيات والروايات تدل على ذلك والا ذكرنا في محله ان الآيات والروايات لا تدل على حجية اخبار الثقة فالدليل الوحيد على حجية اخبار الثقة هو السيرة العقلائية على تقدير تسليم ان الآيات والروايات تدل على حجية اخبار الثقة الا ان مفادها ليس تأسيس للحجية بل مفادها تقرير لبناء العقلاء وامضاء لبناء العقلاء وليسم مفاد تلك الآيات والروايات جعل الحجية تأسيسا بل مفادها تقريرُ لبناء العقلاء وامضاء للسيرة العقلائية ، ويظهر ذلك من بعض الروايات فانه قد ورد في صحيحة السؤال عن ان يونس ابن عبد الرحمان ثقة اخذ عنه معالم ديني ، فيظهر من ذلك قول الثقة حجة ارتكازا ولهذا لم يسأل عن حجية خبر الثقة انما سئل عن وثاقته هل هو ثقة حتى يؤخذ عنه معالم ديني او انه ليس بثقة فهذا يدل بوضوح ان حجية خبر الثقة امر مرتكز بالأذهان ولهذا لم يسئل عن حجيته انما سئل عن وثاقة الراوي فاذا هذه الآيات والروايات على تقدير تسليم على انها تدل على حجية اخبار الثقة فمفادها ليس تأسيسا بل مفادها لسيرة العقلاء وتقريرا لها هذا اولا
وثانيا مع الاغماض عن ذلك وتسليم ان معنى الحجية هو جعل الطريقة هو الكاشفية عن الواقع سلمنا ذلك الا انه لا فرق بين حجية اصالة الصدور وحجية اصالة العموم كما ان حجية الخاص وهو خبر الواحد كما ان حجيته بمعنى جعل الطريقية والكاشفية وانه علم تعبدا كذلك جعل حجية اصالة العموم أي عموم الكتاب حجيته بمعنى الطريقية والكاشفية وانه علم تعبدا فلا فرق من هذه الناحية بين حجية الخاص سندا وحجية العام دلالةً فان معنى الحجية جعل الطريقة والكاشفية والعلمية فاذاً كما ان الخاص علم تعبدا فكذلك العام علم تعبدا وعليه فلا يكون المأخوذ في موضوع دليل حجية العام الشك في المراد فان دليل حجية العام يدل على ان العام علم تعبدي كما ان دليل حجية الخاص يدل على ان الخاص علم تعبدي فاذا كان كل منهما علم فلا وجه للحكومة دليل حجية الخاص على دليل حجية العام فان الدليل الخاص لا يكون رافعا لموضوع دليل حجية العام فان دليل حجية الخاص مفاده انه الخاص علم وكذلك دليل حجية العام مفاده ان العام علم تعبدي وكلاهما علم فاذاً لا موضوع للحكومة أي حكومة الخاص على العام .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo