< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

35/03/19

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : دوران الامر بين التخصيص والنسخ
الى هنا قد تبين ان الجعل آني حصوله ان المولى جعل الحكم في آن واحد الى يوم القيامة فان الحكم وجد بتمام حصصه الاعتبارية الى يوم القيامة في عرض واحد وفي آن واحد فاذا جعل المولى وجوب الحج على المستطيع فقد جعل في آن واحد الى يوم القيامة فالوجوب قد وجد بتمام حصصه الاعتبارية في عالم الاعتبار في عرض واحد وآن واحد ولا تتصور الطولية والتدريجية في عالم الاعتبار فان الامور الاعتبارية ليس بشيء حتى تتصور الطولية والتدريجية بينهما فأنها نفس الاعتبار ولا وجود له الا في عالم الاعتبار والذهن فقط فالاستمرار والطولية والتدريج انما تتصور في الامور الخارجية أي في مرحلة الفعلية فان الحكم الفعلي أي فاعليته تستمر باستمرار موضوعه في الخارج فان فاعلية وجوب الحج تستمر باستمرار موضوعه في الخارج فمتى تحقق موضوعه وهو المستطيع صارت فاعلية وجوب الحج فعلية فالمجعول في عالم الاعتبار عين الجعل والمنشئ في عالم الانشاء عين الانشاء والمعتبر في عالم الاعتبار عين الاعتبار فالوجوب اعتبار ومعتبر معا اعتبار بلحاظ اسناده الى موضوعه المقدر وجوده في الخارج، فالاعتبار والمعتبر في عالم الواحد شيء واحد ذاتا والاختلاف بينهم بالاعتبار كالإيجاد والوجود في الامور التكوينية فان الوجود عين الايجاد والاختلاف بينهم بالاعتبار وكذا الحال بين الجعل والمجعول والاعتبار والمعتبر فانهم شيء واحد ذاتا والاختلاف بينهم بالاعتبار بلحاظ اسناده الى الفاعل وباعتبار اسناده الى الموضوع مجعول ومنشئ ومعتبر والا فلا فرق بينهما فالمولى اذا اعتبر وجوب الحج على المستطيع اعتبره في آن واحد الى يوم القيامة فجميع حصص الوجوب الاعتبارية توجب في آن واحد وعرض واحد ولا تتصور الطولية في عالم الاعتبار والطولية انما تتصور في عالم الخارج في مرحلة الفعلية ولهذا لا تتصور في عالم الاعتبار الحدوث والبقاء والتقدم والتأخر وان كل ذلك انما يتصور في عالم الفعلية واما في عالم الجعل والاعتبار فلا يتصور الحدوث والبقاء والتقدم والتأخر، ومن هنا يظهر ان الشك في النسخ لا يرجع في الشك في بقاء الجعل فانه لا يتصور الشك في البقاء في عالم الجعل فاذاً الجعل في نسخ الحكم في مرحلة الجعل لا يرجع الى الجعل في مقام الشك بل مرد هذا الشك الى سعة هذا الجعل وضيقه وان هذا الجعل متسع الى يوم القيامة او انه محدود بفترة زمنية خاصة فمرجع الشك في نسخ الحكم مرجعه الى ان جعل هذا الحكم هل هو بنحو السعة او بنحو الضيق يني انه متسع الى يوم القيامة او انه محدود بفترة زمنية خاصة وهل يرجع الشك الى الشك في الجعل الزائد او انه لا يرجع الى الجعل الزائد والجواب انه لا يرجع في الشك الزائد فان الجعل جعل واحد متصل الى يوم القيامة او انه جعل محدود بفترة زمنية خاصة فلا يتصور فيه زيادة في الجعل نعم قد يكون الجعل تدريجي كما اذا فرضنا ان المولى امر عبده بقراءة القراءان في يوم الجمعة او في يوم شهر رمضان فان مقتضى كلام المولى انه جعل وجوب قراءة القران في شهر رمضان في آن واحد فيجب عليه قراءة القران في تمام الشهر واخرى يقول المولى اقرأ القران في اليوم الاولى وفي اليوم الثاني والثالث فجعل الامر تدريجي وفي اليوم الرابع ففي مثل ذلك قد يتصور الشك في الجعل الزائد هل جعل المولى وجوب قراءة القران في اليوم الخامس او لم يجعل فعند ذلك لا مانع من استصحاب عدم الجعل فاذا كان الجعل تدريجي فيمكن تصير الشك في الجعل الزائد واما اذا لم يكن تدريجيا فلا يتصور فيه الشك في الزائد وتمام الكلام من هذه الناحية قد ذكرناه موسعا في الشبهات الحكمية وعدم جريانه وقد ذكر السيد الاستاذ ان الاستصحاب لا يجري في الشبهات الحكمية لكن بتقريب اخر وتفصيل الكلام هنا، فالنتيجة ان الجعل آني الحصول وهو اعتبار من المولى وجوب الحج الى يوم القيامة في آن واحد للموضوع المقدر وجوده في الخارج هذا كله في مقام الثبوت
واما في مقام الاثبات فلا شبهة في ان الادلة أي مفاد الادلة ومدلولها ثبوت الحكم في مرحلة الجعل للموضوع المقدر وجوده في الخارج بلا فرق بين ان تكون الادلة بصيغة خاصة او بصيغة عامة او بصيغة ثالثة فان جعل الحكم في الشريعة المقدسة انما هو على نحو القضية الحقيقية فالموضوع فيها قد اخذ فيها مفروض الوجود في الخارج سواء كان موجود حين الجعل او لم يكن موجود كما اذا فرضنا ان المولى جعل وجوب الحج على المستطيع ولم يكن المستطيع موجودا او جعل وجوب الزكاة على من ملك خمسة من الابل ولم يكن شخص موجود مالك لخمسة من الابل لكن الموضوع قد اخذ مفروض الوجود ولهذا ترجع القضية الحقيقية الى قضية شرطية مقدمها وجود الموضوع وتاليها ثبوت المحول، فاذاً الدليل يدل على ثبوت الحكم وجعله للموضوع المقدر وجوده في الخارج ولا يعقل ان يكون الدليل يدل على استمرار الحكم فانه انما هو في مرتبة الفعلية وهذه المرتبة خارجة عن مدلول الادلة فمدلول الادلة انما هو جعل الحكم وثبوته في مرحلة الجعل والانشاء ومرحلة الاعتبار فقط فاذاً يستحيل ان يدل دليل خاص على استمرار الحكم ولا بالإطلاق الثابت بمقدمات الحكمة فان استمرار الحكم انما هو في مرحلة الفعلية باستمرار موضوعه في الخارج وهو خارج عنة مدلول الادلة فالأدلة انما تدل على ثبوت الحكم في مرحلة الجعل للموضوع المقدر وجوده في الخارج واما مرحلة الفعلية وهي فعلية الحكم بفعلية موضوعه أي وجود الحكم في الخارج بوجود بموضوعه فيه أي وجود فاعليته فهو خارج عن مدلول الادلة، وعلى هذا فما ذكره صاحب الكفاية قدس سره من ان الدليل الخاص يدل على استمرار الحكم بالإطلاق الثابت بمقدمات الحكمة لا يمكن المساعدة عليه وان استمرار الحكم باستمرار موضوعه انما يكون في مرتبة الفعلية وهذه المرتبة خارجة عن مدلول الادلة فالأدلة لا تدل الا على ثبوت الحكم في مرحلة الجعل فقط للموضوع المقدر وجوده ولا نظر لها الى مرحلة الفعلية وهو فعلية الحكم بفعلية موضوعه امر قهري فلا يعقل ان تكون مدلول للفظ فاذاً استمرار الحكم باستمرار موضعه امر قهري فلا يعقل ان يكون مدلول للدليل سواء كان دليل الخاص او العام فما ذكره صاحب الكفاية فلا يمكن المساعدة عليه
واما ما ذكره المحقق النائيني يظهر منه انه لا مانع من دلالة الخاص على استمرار الحكم ولكن الجمع بين دلالة الخاص على ثبوت الحكم وعلى استمراره معا لا يمكن الجمع اما دلالة الخاص على ثبوت الحكم على استمراره فلا مانع منه لكن مما ذكرنا يظهر انه لا يمكن ان يكون الخاص يدل على استمرار الحكم لا يمكن دلالته على استمرار الحكم لأنه انما هو في مرتبة الفعلية وهي خارجة عن مدلول الدليل واستمرار الحكم باستمرار موضوعه امر قهري فلا يكون مدلول للدليل
واما ما ذكره السيد الاستاذ قدس سره من الاشكال على المحقق الخراساني قدس سره فان المحقق الخرساني قد ذكر ان الخاص يدل على استمرار الحكم بالإطلاق الثابت بمقدمات الحكمة ومع ذلك حكم بتقديم الخاص على العام وان كانت دلالة العام على العموم بالوضع ودلالة الخاص على استمرار الحكم بالإطلاق ومقدمات الحكمة ومع ذلك يتقدم الخاص على العام، اشكل على ذلك السيد الاستاذ قدس سره بان دلالة الخاص على استمرار الحكم لو كانت بالإطلاق الثابت بمقدمات الحكمة ودلالة العام على العموم كانت بالوضع فالعام يصلح ان يكون قرينة مانعة عن مقدمات الحكمة فان من اجزاء مقدمات الحكمة عدم القرينة والعام اذا كانت دلالته على العموم بالوضع فهي تصلح ان تكون قرينة كاملة عن تمامية مقدمات الحكمة فاذا لم تتم مقدمات الحكمة فلا ينعقد للخاص ظهور في الاستمرار، هذا الاشكال من السيد الاستاذ قدس سره مبني على مسلكه قدس سره فان السيد الاستاذ يرى ان عدم القرينة التي هي جزء مقدمات الحكمة اعم من عدم القرينة المتصلة وعدم القرينة المنفصلة لكن بشرط وهذا المسلك غير تام كما تقدم الكلام فيه موسعا فهذا المسلك غير تام وان جزء مقدمات الحكمة بعدم القرينة المتصلة فقط اما عدم قرينة المنفصلة فلا يكون جزء مقدمات الحكمة
فالصحيح في المقام ان الخاص المتقدم مخصص للعام المتأخر والعام المتأخر لا يصلح ان يكون ناسخ للخاص، اما كون الخاص المتقدم مخصص باعتبار ان الخاص يحكي عن ثبوت مضمونه في الشريعة المقدسة وان مضمونه ثابت في الشريعة والخاص يحكي عنه الخاص من جهة حكايته عن ثبوت مضمونه في الشريعة قرينة على ثبوت العام، فالعام يدل ويحكي على ان المراد الجدي النهائي منه في الشريعة المقدسة من الاول هو الخاص لا العام، واما اذا جعلنا العام ناسخ للخاص فلابد من الالتزام بأمرين :
الاول : التحديد بحاجة الى قرينة ولا قرينة على هذا التحديد باعتبار ان معنى النسخ هو انتهاء الحكم بانتهاء امده وليس معنى النسخ رفع الحكم فان النسخ بهذا المعنى من المولى الحكيم غير معقول اذ معنى ذلك ان المولى جعل الحكم ثم نسخه رفعه وهذا غير متصور في حق المولى الحقيقي فالنسخ عبارة عن انتهاء الحكم بانتهاء امده وعمره فلابد من فرض ان مضمون الخاص ومدلوله محدد بفترة زمنية خاصة
ثانيا : لابد من الالتزام بان مدلول العام ومضمونه مجعول من الان ولم يكن مجعول في السابق ولا يمكن الالتزام بذلك فان شأن الائمة عليهم السلام الاخبار عن الاحكام المجعولة في الشريعة المقدسة فان الجعل والتشريع بيد الله تعالى لا من غيره ولا سيما ان الوحي قد انقطع بعد النبي الاكرم صلى الله عليه واله وسلم فكيف يمكن جعل مضمون هذا العام ومدلوله من الائمة الاطهار عليهم السلام وهو غير متصور فمن اجل ذلك لا يمكن الالتزام بالنسخ وان العام ناسخ للخاص لا يمكن الالتزام بذلك، فيتعين كون الخاص المتقدم مخصص للعام المتأخر والتخصيص بملاك قرينية الخاص ولا فرق بين الخاص المتقدم والخاص المتأخر من هذه الناحية فكما ان الخاص المتأخر قرينة فكذلك الخاص المتقدم قرينة
هذا تمام كلامنا في دوران الامر بين التخصيص والنسخ وبعد ذلك يقع الكلام في الخطابات الشفاهية .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo