< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

35/03/24

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : الخطابات الشفاهية
الى هنا قد وصلنا الى هذه النتيجة وهي انه لا يمكن تعين محل النزاع في هذه المسألة بالأقوال الثلاثة المتقدمة، واما بناءً على ما ذكرناه من ان ادوات الخطاب موضوعة للدلالة على واقع النسبة المتقومة ذاتا وحقيقتا وبشخص وجود طرفيها ومتعلقيها بحيث تتكون نسبتهما اليها كنسبة الجنس والفصل الى النوع فعلى هذا ايضا لا يمكن تعين محل النزاع بوضع الادوات فان ادوات الخطاب على هذا انما تدل على واقع النسبة اما ان متعلقها مختص بالحاضرين والموجودين او يعم الغائبين او المعدومين فأدوات الخطاب لا تدل على ذلك وانما تدل على واقع النسبة المتقومة ذاتا وحقيقتا بشخص وجود متعلقيها اما ان متعلقها كالمخاطب هل اعم من الحاضر والغائب او اعم من الموجود والمعدوم فأدوات الخطاب لا تدل على ذلك هذا مضافا الى ان هذه المدلولات مدلولات تصديقية والمفروض ان مدلول ادوات الخطاب بالوضع مدلول تصوري فاذاً لا يمكن ان يكون محل النزاع في وضع ادوات الخطاب في المسالة كما لا يمكن ان يكون محل النزاع في هذه المسألة في الخطاب الحقيقي اذ لا شبهته في ان الخطاب الحقيقي مختص بالحاضرين الملتفتين في المجلس ولا يشمل الحاضرين الغافلين فضلا عن الغائبين والمعدومين ولهذا لا يمكن ان يكون محل النزاع في هذه المسألة في الخطاب الحقيقي ومن هنا يحتمل ان يكون محل النزاع في هذه المسألة مبني على الخلط بين التخاطب بالخطابات الشفاهية وبين الاحكام الشرعية التي تتضمنها تلك الخطابات فان من يقول باختصاص تلك الخطابات بالحاضرين في المجلس يقول بان التخاطب بالخطابات الشفاهية لا يمكن الا الى الحاضرين في المجلس، واما من يقول بان الخطابات الشفاهية تشمل الغائبين والمعدومين والحاضرين جميعا يقول ان مضامين هذه الخطابات احكام شرعية مجعولة في الشريعة المقدسة وتلك الاحكام تعم جميع اصناف المكلفين من الحاضرين والغائبين والمعدومين بعد تنزيلهم منزلة الموجود فاذاً يحتمل ان يكون هذا النزاع مبني على الخلط ونتيجة ذلك ان هذا النزاع يرجع الى النزاع اللفظي ليس الى النزاع الواقعي اذ لا شبهة ان التخاطب بالخطابات الشفاهية مختصة بالحاضرين كما انه لا شبهة في ان الاحكام المجعولة فيها تعم جميع اصناف المكلفين من الحاضرين والغائبين والمعدومين الى يوم القيامة لما تقدم من ان للحكم مرتبة واحدة وهي مرتبة الجعل والجعل امر آني وليس امرا تدريجيا وطولي بل هو امر آني فان المولى جعل الاحكام الشرعية بتمام حصصها وافرادها في عالم الاعتبار الى يوم القيامة في آن واحد وفي عرض واحد والتدريجية والطولية انما هي في مرحلة الفعلية أي مرحلة الوجود الخارجي فان فعلية الاحكام تدريجية بتدريجية موضوعاتها ومستمرة باستمرار موضوعاتها في الخارج متى وجدت الاستطاعة فوجوب الحج فعلي أي فاعليتها وتستمر باستمرارها وكذلك سائر الاحكام الشرعية فالنتيجة ان محل النزاع لا يمكن ان يكون في وضع الادوات فان الادوات موضوعة لواقع النسبة ولا تدل على ان متعلقها مختص بالحاضرين او يشمل الغائبين والمعدومين ايضا هذا كله في المقام الاول
واما المقام الثاني : فالخطابات الواردة في الكتاب والسنة هل هي مختصة بالحاضرين بالمجلس او تشمل الغائبين والمعدومين ايضا فيه وجهان والظاهر هو الوجه الثاني وان هذه الخطابات وان كانت شفاهية الا انها تشمل الغائبين والمعدومين ايضا وذلك لسببين :
السبب الاول : ان المتكلم تارة يقصد افهام المخاطب من خطابه افهام الحاضرين في المجلس من خطاباته كما هو الحال في الخطابات الشخصية المتبادلة بين الاشخاص فان الغرض افهام الطرف الاخر الموجود سواء اكان بين الاثنين او كان المخاطب جماد لا فرق من هذه الناحية فتارة يكون المكلف قاصدا لإفهام الحاضرين في المجلس من خطابات ته وهذا في الخطابات الشخصية المتبادلة بين الاشخاص والافراد في المجالس وهذا النحو من الخطابات لا كلام فيه وهو خارج عن محل الكلام، واخرى يكون المكلف قاصدا افهام خطابه لكل من وصل اليه خطابهُ فهو مقصود من الافهام خطابه سواء واصل اليه حين القائه للخطاب او وصل بعد يوم او بعد شهر او بعد سنة او اكثر فالغرض منه فهام كل من وصل اليه خطابهُ سواء اكان خطابه مسجلا ووصل الى كل من سمع هذا الخطاب بعد فترة زمنية او مكتوبا قد وصل الى الطرف الاخر بعد فترة زمنية وهو مقصود بالأفهام او كتاب مؤلف فان المؤلف اراد افهام كل من وصل اليه كتابه بيده سواء وصل فعلا ام وصل بعد سنين، والخطابات الواردة في الكتاب والسنة كذلك فان الخطاب وصل الى النبي الاكرم صلى الله عليه واله وسلم بواسطة الامين جبرائيل واما القاء النبي هذه الخطابات وان كان القائه الى الحاضرين في المجلس الا ان غرضه افهام كل من وصل اليه هذا الخطاب وعلى هذا فبطبيعة الحال الخطابات الشفاهية لا تختص بالحاضرين في المجلس بل تخص الحاضرين والغائبين الى يوم القيامة فان غرض النبي صلى الله عليه واله افهام كل من وصل اليه خطاباته القرآنية اوفي السنة كل من وصل اليه بعد فترة زمنية الى يوم القيامة وهو مقصود ومخاطب بالأفهام، وعلى هذا فلا اشكال في ان هذه الخطابات هل هي مختصة بالحاضرين في المجلس او انها تعم الغائبين والمعدومين ولا شبهة في ان الخطابات تعم الغائبين والمعدومين جميعا الى يوم القيامة، ومن ما يؤكد ذلك ان الشريعة المحمدية شريعة ابدية فبطبيعة الحال تكون احكامها كذلك ابدية ثابتة الى يوم القيامة والخطابات القرآنية للجميع ولا يمكن اختصاصها بطائفة دون اخرى، فالنتيجة انه لا وجه لهذا النزاع لأنه لا شبهة في عموم هذه الخطابات
السبب الثاني : ان خطاب النبي الاكرم صلى الله عليه واله وسلم الحاضرين في المجلس ليس بنحو الموضوعية بل هو بنحو المعرفية والمرئية خطابه يعني هو مصداق للمسلمين والمؤمنين والمتقين فان الخطابات القرآنية متعلقها عناوين عامة كعنوان المؤمنين وعنوان المتقين وعنوان المسلمين (يا ايها الذي امنو اذا قمتم للصلاة)[1] او (يأيها الذين امنو اذا تودي للصلاة من يوم الجمعة)[2] خطاب النبي الاكرم وان كان موجه الى الحاضرين الا انه بما هم مصداق للمؤمنين او للمسلمين او للمتقين وعلى هذا فمتعلق هذه الخطابات الشفاهية عناوين عامة وهذه العناوين لا تختص بالحاضرين في المجلس بل تعم جميع المؤمنين الى يوم القيامة والاحكام الشرعية مجعولة لهذه العناوين العامة بنحو القضية الحقيقية أي بنحو القضية الحقيقية المأخوذة مفروضة الوجود في الخارج سواء اكانت هذه العناوين موجودة وقت صدور الخطاب ام لم تكن موجودة بل وجدت بعد ذلك فهي مشمولة لها فاذاً هذه الخطابات وان كانت ملقات الى الحاضرين الا انه ملقات اليهم بعنوان انهم مؤمنون او مسلمون او متقون ومن الواضح ان المؤمنون لا يختص بالمؤمنين بزمن النبي صلى الله عليه واله فهو يعم الجميع الى يوم القيامة
فمن اجل ذلك لا وجه لهذا النزاع اصلا فالنزاع في ان الخطابات الشفاهية هل هي مختصة في الحاضرين في المجلس او تشمل الغائبين والحاضرين ولا وجه لهذا النزاع اذ لا شبهة في انع تشمل الغائبين والمعدومين، هذا كله في المقام الثاني اما المقام الثالث يأتي انشاء الله

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo