< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

35/03/25

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : الخطابات الشفاهية
الى هنا قد تبين ان هذه المسألة لا اصل لها فان الخطاب الحقيقي وهو الخطاب الخارجي فلا يمكن توجيهه الا الى الحاضر الموجود في الخارج الملتفت فلا يمكن توجيهه الى النائم او الغافل او الغائب فضلا عن المعدوم وهذا واضح، واما الخطاب الانشائي فهو عبارة عن جعل الاحكام الشرعية على نحو القضايا الحقيقية فان الخطاب الانشائي هو عبارة عن جعل الاحكام الشرعية وذكرنا ان الجعل فعل المولى مباشرةً وهو فعل آني حصوله فان المولى جعل الاحكام بتمام حصصها الاعتبارية وافرادها في عالم الاعتبار والذهن ولا يمكن تخصيص هذا الخطاب بطائفة دون اخرى فلا محال يعم الجميع من الحاضرين والغائبين والمعدومين الى يوم القيامة طالما لم يكن محدد بفترة زمنية خاصة من قبل الشارع
واما الكلام في المقام الثالث : فعلى تقدير تسليم ان الخطابات الشفاهية في الكتاب العزيز وفي السنة مختصة بالحاضرين في المجلس الملتفتين على تقدير تسليم ذلك فهل هذه الاحكام مختصة بالحاضرين او انها تشمل الغائبين والمعدومين ايضا فيها وجهان فذهب بعضهم الى الرأي الاول وهو تخصيصها بالحاضرين ولكن تعميمها للغائبين والمعدومين انما هو بقاعدة الاشتراك في التكليف او بقرينة ان هذه الشريعة شريعة خالدة وابدية ولا تختص بفترة زمنية او بطائفة دون اخرى على ضوء هذه القرينة فالأحكام المجعولة في هذه الخطابات تعم جميع المكلفين من الغائبين والمعدومين الى يوم القيامة
ولكن ظهر مما ذكرنا لا وجه لذلك فان وجهية الخطابات لا ترتبط بجعل الاحكام الشرعية فيها فان الاحكام الشرعية المجعولة فيها انما جعلت بنحو القضايا الحقيقية للموجودات المقدر وجودها في الخارج سواء موجوده في وقت الخطاب او وجدت بعد ذلك، فلا ترتبط احداهما بالأخر فاختصاص الخطاب بالحاضرين لا يقتضي اختصاص الاحكام المجعولة فيها ايضا للحاضرين لان الاحكام المجعولة فيها مجعولة للموضوعات المقدر وجودها بعنوان العام كالمؤمن والمسلم والمتقي وما شاكل ذلك فلا ترتبط احدى الجهتين بالأخرى فلا شبهة في شمول هذه الاحكام للجميع من الغائبين والمعدومين كالحاضرين فلا نحتاج في تعميم هذه الحكام الى قاعدة الاشتراك في التكليف او الى قرينة بان الشريعة المقدسة خالدة وابدية لا تختص بطائفة دون اخرى، ثم ذكر لهذه المسألة ثمرتان :
الثمرة الاولى : اننا لو قلنا باختصاص الخطابات الشفاهية بالحاضرين فلا تكون ظواهر هذه الخطابات حجة لغيرهم أي للغائبين فضلا عن المعدومين اما اذا قلنا بعموم هذه الخطابات فظواهرها حجة عليهم، ولكن هذه الثمرة لا اصل لها فان ظواهر اللفاظ حجة سواء كان الشخص مقصود بالأفهام او لم يكن مقصود فظواهر اللفاظ حجة وان لم يكن مقصود بالأفهام وسوف يأتي بحثه في مبحث حجية الخبر الواحد ان ظاهر اللفاظ حجة في الواقع سواء كان هذا الشخص مقصود بالأفهام او لم يكن مقصود فهذا التفصيل لا اصل له
الثمرة الثانية : انا لو قلنا باختصاص الخطابات الشفاهية بالكتاب والسنة بالحاضرين بمجلس الخطاب فلا يمكن للغائبين او المعدومين التمسك بعمومات هذه الخطابات او اطلاقاتها لان عموماتها لا تكون حجة لهم اما اذا قلنا بعدم اختصاص هذه الخطابات بالحاضرين بمجلس الخطاب وتشمل الغائبين والمعدومين فيجوز لهم التمسك بإطلاقاتها هذه الخطابات وهذه الثمرة كما ترى فان التمسك بأصالة العموم مبنية على حجية الظواهر وذكرنا ان حجية الظواهر لا تختص بالمقصودين بالإفهام فأنها كما تكون حجة عليهم حجة على غير المقصودين ايضا فاذاً اصالة العموم واصالة الاطلاق الجامع بينهما اصالة الظهور فالظهور حجة فاذا كان هكذا فيجوز التمسك بأصالة الظهور والا فلا وذكرنا ان حجية الظهور لا تختص بالحاضرين وان لم يكن مقصود بالإفهام وهذا تمام كلامنا في المسألة بقي مسالتان الاولى النسخ في الاحكام الشرعية الثانية البداء
اما المسألة الاولى : فقد تقدم ان حقيقة النسخ في مقام الثبوت انتهاء الحكم بانتهاء امده وعمره وليس في الواقع النسخ معناه رفع الحكم في مقام الثبوت وهذا مستحيل في حق المولى الحكيم العالم بالواقع لاستلزامه الجهل فلا يمكن للمولى ان يجعل حكما ثم ينسخه أي يرفعه هذا مستحيل اذ ان معناه يستلزم الجهل بالواقع وانه لا يدري ان الحكم الاول لا مصلحة له ولذا قام برفعه فمعنى النسخ حقيقتا انتهاء الحكم بانتهاء امده وان هذا الحكم مجعول في فترة زمنية محددة وان كنا لا نعلم به، واما في مقام الاثبات فهو رفع وتقدم ان هذا النسخ انما هو في مرحلة جعل هذا الحكم محدودا وفي فترة زمنية خاصة وينتهي هذا الجعل بانتهاء امده وعمره فان الجعل بيد المولى ويتبع المصلحة والملاك فتارة المصلحة تقتضي الجعل الى يوم القيامة المصلحة ثابتة الى يوم القيامة واخرى مصلحة محدودة بجعلها بهذه الفترة فقط فاذا انتهت هذه الفترة انتهى الحكم في مرحلة الجعل بانتهاء امده وعمره وذكرنا ان الجعل فعل المولى وهو آني الحصول بلا فرق بين ان يكون جعل الحكم ابدي او في فترة زمنية خاصة واما تدريجية هذا الحكم واستمراره فهي انما كانت في مرحلة الفعلية أي مرحلة الوجود فان مرحلة الوجود وجود الحكم بموضوعه في الخارج فاذا وجد موضوعه في الخارج فقد وجد الحكم يعني فاعليته ومحركيتها للمكلف فاذا وجدت الاستطاعة في الخارج فقد وجد وجوب الحج يعني فاعليته فوجوب الحج حينئذ يكون داعي للمكلف اما قبل وجود الاستطاعة فهو انما ثابت في مرحلة الجعل فقط ولا يترتب عليه اثر اما اذا تحقق موضوعه في الخارج صارت فاعليته فعلية يدعو المكلف الى الاتيان بالحج فالحدوث والبقاء انما يتصور في مرحلة الفعلية واما في مرحلة الجعل فقد ذكرنا ان الحدوث والبقاء غير متصور فان الجعل آني فاذا جعل وجوب الحج للمستطيع الى يوم القيامة في آن واحد وفي عرض واحد ولا يتصور حدوث وبقاء فيه انما الحدوث والبقاء يتصور في الامور التدريجية كما هو الحال في مرتبة الفعلية التي هي ليسمن مراتب الحكم فان احكم يحدث بحدوث موضوعه في الخارج ويبقى ببقائه مثلا النجاسة للماء المتغير بأحد او صاف النجس تحدث بحدوث التغير وتبقى ببقاء التغير فاذا شككنا في بقاء التغير فعندئذ هل يجري هذا الاستصحاب او لا جري فهو مبني على جريان الاستصحاب في الاحكام الكلية أي في الشبهات الحكمية فان قلنا بجريان الاستصحاب فيها لا مانع من استصحاب بقاء النجاسة بعد زوال التغير بنفسه واما اذا قلنا بعدم جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية فلا يجري استصحاب بقاء النجاسة فاذاً الحدوث والبقاء انما يتصور في مرحلة الفعلية وهذه المرحلة ذكرنا انها ليست من مراحل الحكم انما مرحلة الحكم هي مرحلة الجعل فقط واما مرحلة المجعول وهو فعلية الحكم بفعلية موضوعه فهي ليست من مراتب الحكم فمعنى النسخ انما هو في مرتبة الجعل انتهاء الجعل بانتهاء امده في مقام الثبوت وفي مقام الاثبات رفع الحكم فان دليل الناسخ يرفع الحكم عن دليل المنسوخ في مرحلة الاثبات والظاهر هذا كله في مسالة النسخ
المسالة الثانية : البداء وانما هو في التكوينيات والنسخ في التشريعيات الفرق بينهما من هذه الناحية ومعنى البداء ظهور الخلاف فهل يجوز البداء او لا يجوز هل يمكن الالتزام به او لا يمكن فيه خلاف بين الشيعة والعامة فان الشيعة تقول بالبداء واما العامة فانكروا البداء لأنه يستلزم الجهل على المولى تعالى وهو مستحيل ونتكلم به انشاء الله

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo