< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

35/03/26

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : مسألة البداء
اما الكلام في مسالة البداء والبداء انما هو بالتكوينيات وشبيه بالنسخ في التشريعيات كما ان النسخ في مرحلة التشريع والواقع انتهاء الحكم بانتهاء امده وليس رفع الحكم لأنه يستلزم الجهل فمن اجل ذلك هو محال انما هو انتهاء الحكم بانتهاء جعله واما في مرحلة الاثبات والظاهر فهو رفع الحكم والبداء في التكوينيات كذلك فانه في مقام الاثبات ظهور خلاف الواقع واما في مقام الثبوت ليس الامر كذلك فاذا فرضنا ان النبي الاكرم صلى الله عليه واله وسلم اخبر عن موت زيد غدا ثم لم يمت زيد وظهر خلافه فهذا هو البداء فان ظهور خلاف الواقع في مقام الاثبات دون مقام الثبوت فان في مقام الثبوت ان الله تعالى يعلم انه لم يمت فاذاً هذا هو البداء وهل يمكن الالتزام به او لا يمكن فيه قولان، ذهبت طائفة الى الالتزام به وخالفهم في ذلك العامة وقالوا باستحالة البداء فان الالتزام بالبداء يستلزم الجهل على الله تعالى وهو مستحيل ولكن غير خفي ان اعتراض العامة على الشيعة مبني على ان معنى البداء هو ظهور ما خفي على الله تعالى وتقدس والبداء بهذا المعنى مستحيل ولا تقول به لا الشيعة ولا السنة ولا أي طائفة من المسلمين فانه يستلزم الجهل على الله تعالى وهو مستحيل والشيعة تقول بالبداء بالنسبة الى الرسول الاكرم والائمة المعصومين عليهم جميعا صلوات الله
ومعنى بدا لله تعالى يعني ان الله اظهر ما خفي عن النبي الاكرم صلى الله عليه واله وسلم فان النبي اخبر بموت زيد وهو لم يمت فاظهر الله تعالى ما خفي على النبي هذا هو معنى البداء فاذاً يقع الكلام في مقامين المقام الاول في مقتضى القاعدة هل الالتزام بالبداء على مقتضى القاعدة فلا يحتاج الى دليل او انه ليس مقتضى القاعدة، المقام الثاني في الروايات التي تدل على البداء هل يمكن الالتزام بها او لا يمكن قبل الدخول في صلب الموضوع ينبغي تقديم مجموعة من المقدمات :
المقدمة الاولى : ان البشر مهما ما بلغ من الكمال فهو محدود من جميع الجهات زمانا ومكانا وكمالً كنبينا محمد صلى الله عليه واله وسلم فانه بلغ الكمال ذروته وهو افضل البشر من الاولين والاخرين ومع ذلك فانه محدود مكانا وزمانا وعلما وقدرة فلا يمكن ان يحيط بجميع ما في علم لله تعالى وتقدس هذا مستحيل ان النبي يحيط بجميع ما في علم الله تعالى فان معلوماته تعالى غير متناهية فلا يمكن احاطة المتناهي لما لا يتناها هذا مستحيل فلا يمكن ان يحيط النبي بجميع ما في علم الله تعالى
المقدمة الثانية : ان علمه تعالى ذاتي وحضوري واما علم الانبياء والاولياء اكتسابي وعرضي وسعته بمقدار ما علمهم الله تعالى وليس علم الانبياء ذاتي وحضوري بل انما هو اكتسابي وعرضي وسعته تدور مدار ما علمهم الله تعالى ومن الواضح ان الله تعالى لم يعلم الانبياء والاولياء بجميع معلوماته وهو لا يمكن احاطتهم بجميع معلوماته تعالى فهي غير متناهية ولا يمكن احاطتهم به
المقدمة الثالثة : ان الله تعالى علم انبيائه واوليائه ببعض معلوماته الغيبية وتدل على اصل تعليم الله تعالى انبيائه واوليائه الآية المباركة (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه احد الا من ارتضى من رسول)[1] فان الآية تدل على ان الله تعلى علم انبيائه واوليائه ببعض معلوماته
المقدمة الرابعة : ان الله تعالى قد علم انبيائه واوليائه بالقضايا التي وقوعها في الخارج حتمي وبالحوادث التي وقوعها في الخارج حتمي واخرى يعلم انبيائه واوليائه بالحوادث المعلقة في القضايا التي لها تعليق على شيء اخر ان الله تعالى قد يعلم الانبياء بأصل القضية ولا يعلمهم بالتعليق ولا يعلمهم بان القضية معلقة على شيء اخر ومن هنا نشئ البداء بالنسبة الى الانبياء والاولياء فان الله تعالى اخبر نبيه بان زيد يموت غدا ولكن لم يخبره ان موته معلق على عدم تصدقه او عدم احسانه بالوالدين واما اذا كان محسنا بوالديه فهو لم يمت او يتصدق فهو لم يمت فان الله تعالى لم يعلم نبيه بهذا التعليق فاخبر النبي صلى الله عليه واله وسلم بموت زيد وهو لا يعلم ان موته معلق على عدم تصدقه فاذا تصدق لم يمت او اذا احسن لوالديه لم يمت ومن هنا ظهر البداء فالقضايا في الخارج على نحوين القضايا الحتمية التي وقوعها في الخارج حتمي فلا يمكن ظهور البداء فيها، واخرى القضايا المعلقة في الخارج فان وقوع تلك القضايا معلق كموت زيد معلق على عدم تصدقه او عدم احسانه بوالديه وما شاكل ذلك من القضايا فان كان تعليمه تعالى انبيائه واوليائه بالقضايا الحتمية فلا يمكن ظهور فيها الخلاف ولا بداء فيها واما اذا علم انبيائه واوليائه بالقضايا التي هي معلقة ولكن علمهم بأصل القضية دون تعليقها وهذا هو منشئ ظهور البداء
المقدمة الخامسة : ذكرنا في بحث الامر بين الامرين ان الكون بتمام اصنافه وانواعه واشكاله مرتبط ذاتا وحقيقتا بقدرته تعالى ومشيئته واختياره وليس هذا الارتباط كارتباط القلم بالكاتب وكارتباط ادوات النجارة لدا النجار او ادوات الطب بالطبيب وما شاكل ذلك بل هذا الارتباط معناه ان الكون عين الارتباط لا انهم شيئان مستقلان احدهما مربوط بالأخر بل الكون بتمام اشكاله وانواعه واصنافه مرتبط ذاتا وحقيقتا بقدرته تعالى ومشيئته واختياره لان امكانه الوجودي عين الارتباط بقدرته تعالى ومشيئته واختياره
النتيجة : خلاصة هذه المقدمات الخمس المقدمة الاولى ان البشر مهما بلغ من الكمال فهو محدود ولا يمكن احاطته بجميع ما عند الله تعالى وتقدس، ونتيجة المقدمة الثانية ان علم الانبياء والاولياء اكتسابي وعرضي وسعته تتبع تعليم الله تعالى لهم، ونتيجة المقدمة الثالثة ان علمه تعالى ذاتي وحضوري بينما علم الانبياء والاولياء اكتسابي، ونتيجة المقدمة الرابعة ان القضايا على قسمين احدهما حتمي وقعها في الخارج والاخرى معلقة، ونتيجة المقدمة الخامسة ان الكون بتمام اشكاله مرتبط بقدرته تعالى ومشيئته واختياره كما فصلنا الحديث في ذلك في بحث الامر بين الامرين .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo