< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

35/04/01

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : مسألة البداء
الى هنا قد تبين ان البداء منوط بعصمة الانبياء والاولياء فان من يقول بعصمة الانبياء والاولياء لابد له ان يلتزم بالبداء كما هو الحال في الشيعة فانه لابد ان يقولون بالبداء حيث انهم يعتقدون بعصمة الانبياء والاولياء ومن لا يعتقد بعصمة الانبياء والاولياء فلا موضوع للبداء في حقهم فاذاً البداء يتوقف على ذلك فان البي اذا اخبر عن وقوع حادثة كما اذا اخبر عن وقوع زلزلة في اليوم الفلاني وجاء ذلك اليوم ولم تقع الزلزلة فهذا الاخبار اما مبني على الخطأ والغفلة او السهو والنسياء او على الجهل او على السماع او انه مبني على البداء ولا ثالث في البين وحيث ان الشيعة لا تقول بالخطأ في النبي او الوصي ولا بالسهو ولا بالغفلة ولا بالجهل بالواقع فعندئذ لا مناص من القول بالبداء بمعنى الابداء فان الله تعالى اخبر بأصل وقوع الحادث ولم يخبره بموانعه او بشروطه فمن اجل ذلك ظهر الخلاف وهذا هو البداء بمعنى الابداء باعتبار ان علمه تعالى بالموانع والشروط وعدم اخبار النبي والوصي بها هو سبب للبداء أي ان الله تعالى اظهر ما خفي على النبي او الوصي هذا هو معنى البداء فان البداء اذا اسند لله تعالى انما هو بمعنى الابداء وحيث ان منشئ البداء انما هو علمه تعالى بالموانع وعدم اخبار النبي والوصي بها فمن اجل ذلك اسند البداء لله تعالى وهو اظهار ما خفي عن النبي والوصي فالشيعة ملتزمة بالبداء ولا مناص من ذلك فانه قد يظهر الخلاف بأخبار الانبياء والاوصياء ولا يمكن حمل ذلك الا على البداء ولا يمكن الحمل على الخطأ والجهل بالواقع وذكرنا ان البداء يتوقف على مقدمات تقدم الكلام فيها والنتائج المترتبة على هذه المقدمات امور ايضا تقدم الكلام في جملة منها بقي الكلام في الباقي
الامر الرابع : فقد ذكر السيد الاستاذ قدس سره ان حكمة البداء هي ان الانسان ملزم ومستر بالاعتراف والاقرار بان الله تعالى قادر على كل شيء وان العالم باسره وبكافة انواعه واصنافه واشكاله وخصائصه مربوط بذاته تعالى وتقدس وقدرته وسلطنته ولا يمكن افتراض خروج ذرة من تحت سلطنة الباري عز وجل والا لزم ان تكون تلك الذرة واجبة الوجوب وهذا خلف فاذا العالم باسره وبكافة اشكاله واصنافه وانواعه داخل تحت قدرته تعالى وتقدس وسلطنته فان الاحداث والابقاء والايجاد والاعدام كل ذلك بيده تعالى وتقدس هذا من ناحية ومن ناحية اخرى ان البداء علاقة بين الانسان وربه فان الانسان معترف وعالم بان كل شيء بيد لله تعالى وتقدس وله المحو والاثبات وله الايجاد والابقاء كل ذلك بيده تعالى فان ذلك يوجب توجه الانسان الى الله تعالى بالدعاء الى قضاء حاجياته وطلب حل مهماته وقيامه بالإحسان بالوالدين والمؤمنين وغيرهم فقيامه بالتصدق على الفقراء والضعفاء والايتام وما شاكل ذلك وكذا يتوجه الى الله تعالى ويتضرع بطول العمر والصحة والعافية وحسن العاقبة كل ذلك من جهة انه معتقد ان كل امر بيد الله تعالى وتقدس، واما اذا انكرنا البداء وقلنا ان كل ما جرى عليه قلم التقدير فهو ثابت ولا يتغير فعندئذ لا اثر للدعاء فان ما جرى عليه قلم التقدير فهو كائن وما يجري عليه التقدير فهو يستحيل ان يوجد دعا او لم يدعوا فاذاً لا اثر للدعاء ووجوده كالعدم فان لم يكن اثر للدعاء فهو سبب يئس الانسان عن رحمة الله تعالى فلهذا يترك الدعاء والتصدق على الفقراء او الاحسان بالوالدين وما شاكل ذلك، فاذاً حكمة البداء هو ان يتوجه الى الله تعالى ويتضرع بقضاء حاجياته وما شاكل ذلك من الامور الخيرية هكذا ذكره السيد الاستاذ قدس سره
ولنا تعليق على ذلك فان البداء يرتكز على ركزتين : الاولى : ان الحوادث الواقعة في الخارج على نحوين الاولى ان وقوعها حتمي وضروري وغير قابل للتغير، الثاني ان وقوعها منوط بعدم وجود الموانع ووجود الشرائط
الركيزة الثانية : ان الله تعالى اخبر نبيه ووصيه بوقوع حادثة ولم يخبره بموانعه او بشروطه ففي مثل ذلك ظهر الخلاف وهذا هو البداء أي بمعنى الابداء فالبداء منوط بهاتين الركيزتين معا وبانتفاء هاتين الركيزتين او احداهما ينتفي البداء فاذا انتفت الركيزة الثانية كما اذا اخبر تعالى نبيه او وصيه بأصل وقوع الحادث وموانعه ايضا وشروطه فعندئذ لم يقع البداء او لم يخبره اصلا لا بأصل القضية ولا بموانعه فاذاً لم يحدث البداء وظهور الخلاف فالبداء كما يتوقف على الركيزة الاولى وان الاشياء على قسمين قسم منها وقوعها حتمي وقسم منها وقوعها ليس بحتمي وبيده تعالى محوه واثباته كما يتوقف البداء على الركيزة الثانية بان الله تعالى اخبره بوقوع اصل القضية ولم يخبره بموانعه او بشروطه فالبداء يتوقف على توفر هاتين الركزتين معا وبانتفاء احداهما ينتفي البداء وهذا بخلاف الدعاء فانه يكفي في الدعاء والتوجه الى الله تعالى الركيزة الاولى فقط فان الاشياء اذا كانت بيد لله تعالى وله المحو والاثبات فهو منشأ للدعاء ومنشأ توجه الانسان له تعالى فاذاً فرق بين الدعاء وبين البداء فإنكار البداء لا بوجب لغوية الدعاء وكونه لغو وبلا اثر ووجوده كالعدم ليس كذلك انما البداء يتوقف على الركيزتين معا وبانتفاء احداهما ينتفي البداء واما الدعاء فهو يتوقف على الركيزة الاولى فقط فاذا كانت الاشياء بيد الله تعالى وله المحو الاثبات فهذا منشأ لتوجه الناس الى الله تعالى والتضرع والداء لطلب الحاجة منه تعالى فاذاً ما ذكره السيد الاستاذ قدس سره من ان حكمة البداء هي ان البداء يوجب توجه الناس الى الله تعالى وتقدس وانكارها يوجب لغوية الدعاء ووجوده كالعدم الامر ليس كذلك فانه فرق بين الدعاء والبداء فهو فالبداء يتوقف على كلتا الركيزتين المذكورتين واما الدعاء فهو يتوقف على الركيزة الاولى فقط دون الثانية فاذاً فرق بين الدعاء وبين البداء فما ذكره السيد الاستاذ قدس سره غير تام
الامر الخامس : فقد ذكر السيد الاستاذ قدس سره ان القول بعدم البداء يشترك مع القول بان الله تعالى لا يقدر على محو ما جرى عليه قلم التقدير ولا يمكن الالتزام بهذا القول، هكذا ذكره السيد الاستاذ
ولكن يرد عليه قدس سره ما ذكرناه من ان البداء يتوقف على المقدمات التي اشرنا اليها مع ضم المقدمة الخارجية اليها وهي عصمة الانبياء والاوصياء فان هذه المقدمة الخارجية بمثابة الجزء الاخير من العلة التامة للبداء فان القول بعصمة الانبياء والاولياء يستلزم ضرورة الالتزام بالبداء والقول بعدم عصمة الانبياء والاولياء يستلزم عدم القول بالبداء ولكن هذا لا يرتبط بنفي القدرة عن الله تعالى على محو ما جرى عليه قلم التقدير فان ما جرى عليه قلم التقدير على نوعين الاول على انه حتمي الثاني على انه غير حتمي ومحوه واثباته بيده تعالى وتقدس كما سيأتي بحثه، فالقول بعدم البداء لا يشترك مع القول بان الله تعالى لا يقدر محو ما جرى عليه قلم التقدير فان عدم القول بالبداء يدور مدار القول بعدم عصمة الانبياء والاولياء، وثانيا ان اراد بجريان القلم ان القلم قد جرى قلم التقدير ان اراد به العلم الازلي وان الله تعالى يعلم بجميع الاشياء التي لا مبدأ لها ولا منتهى بتمام سلسلتها الطولية والعرضية واصنافها المختلفة يعلم بالعلم الازلي ان اراد ذلك فيرد عليه ان العلم الازلي لا يكون علة تامة للأشياء لان العلم مهما كان لا يكون علة لمعلولها فان العلم هو كشف الواقع سواء اكان علم ازلي او علم تحصيلي لا فرق من هذه الناحية حقيقة العلم كشف الواقع على ما هو عليه فان الانسان اذا علم انه نام في الليل لا شبهة في ان هذا العلم لا يوجب اضطراره الى النوم وسلب الاختيار منه او علم الانسان انه يسافر غدا جزما هذا العلم لا يوجب اضطراره للسفر وله ان لا يسافر فالعلم ليس علة للمعلوم ولا يوجب الاضطرار اليه ولا فرق من هذه الناحية بين علم الله تعالى وعلم البشر .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo