< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

35/04/24

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : حمل المطلق على المقيد
يقع الكلام في المطلق والمقيد، والكلام فيه في مقامين الاول في التقيد بالمتصل المقام الثاني في التقيد بالمنفصل
اما التقيد بالمتصل : فتارة يكون تقيد بالوصف مثل اكرم العالم العادل او الهاشمي وهكذا، فالتقيد انما هو بالوصف فاذا كان التقيد بالوصف فلا ينعقد للمطلق ظهور حتى في مرحلة الاستعمال، انما ينعقد له ظهور واحد في مرحلة الاستعمال ومرحلة الارادة الجدية في كلتا المرحلتين لهذا الكلام ظهور واحد ولا يوجد ظهوران احدهما ظهوره في مرحلة الارادة الاستعمالية و الاخر ظهوره في مرحلة الارادة الجدية وهذا القسم من التقيد وهو التقيد بالوضع خارج عن محل الكلام، واخرى يكون بجملة مستقلة لكن لسانها لسان التقيد مثلا يقول المولى اعتق رقبة ثم قال فلتكن هذه الرقبة مؤمنة فان جملة المقيد جملة مستقلة لكن لسانها لسان التقيد، فعندئذ تكون الجملة الثانية التي هي الجملة المقيدة تقيد الجملة الاولى فأنها مخالة للجملة الثانية في مرحلة الارادة التصورية، فان المولى اراد استعمال الرقبة في الجامع بين الرقبة المؤمنة وغيرها ولكن بلحاظ الارادة الجدية فكلتا الجملتين واحدة فان المراد الجدي هو ارادة عتق رقبة مؤمنة لا اعم من ان تكون مطلقا، وثالثة يكون التقيد بجملة مستقلة لكن هذه الجملة لسانها لسان النهي كما اذا قال المولى اعتق رقبة ثم قال لا تعتق رقبة كافرة .
يقع الكلام في هذه الامور الثلاثة : اما الكلام في الفرض الاول فهو خارج عن محل الكلام اذ لا موضوع للتقيد فيه فان الظهور من الاول ينعقد في المقيد من مرحلة التصور الى مرحلة التصديق بلحاظ الارادة الاستعمالية، ورحلة التصديق النهائي بلحاظ الارادة الجدية النهائية ولا موضوع للتقيد فيه اصلا، فلهذا هذا الفرض خارج عن محل الكلام
الفرض الثاني : فهو داخل في محل الكلام فان الجملة المقيد ظهورها في الاطلاق تصورا وتصديقا بلحاظ الارادة الاستعمالية، فان قول المولى اعتق رقبة فهي جملة مستقلة لها ظهور تصوري في الاطلاق وظهور تصديقي بلحاظ الارادة الاستعمالية وكذلك لجملة المقيد ظهور تصوري في المقيد وظهور تصديقي بلحاظ الارادة الاستعمالية، فهنا ظهورات ثلاث، ظهور الجملة الاولى بلحاظ الارادة الاستعمالية وظهور الجملة الثانية في المقيد بلحاظ الارادة الاستعمالية وهنا ظهور ثالث وهذا الظهور الثالث نشئ من ضم الجملة الثانية الى الجملة الاولى ويسمى بالظهور السياقي وهذا الظهور ثابت من مرحلة التصور الى مرحلة التصديق النهائي فهو وصل الى مرحلة التصديق النهائي وهو التصديق بلحاظ الارادة الجدية، وهو الظهور السياقي في وجوب عتق رقبة مؤمنة فان هذا الظهور الحاصل من مجموع الجملتين سياق الجملة الثاني في الاولى هذا الظهور في وجوب عتق رقبة مؤمنة وهذا وصل من مرحلة التصور الى مرحلة التصديق النهائي وهي مرحلة الارادة الجدية وهذا الظهور هو موضوع للأثر وموضوع للحجية، واما ظهور الجملة الاولى فقط فحدها الارادة الاستعمالية وكذا ظهور الجملة الثانية بحدها فحد هذا الظهور ايضا الارادة الاستعمالية ولا يتجاوز عنها، اما ظهور مجموع الجملتين المسمى بالظهور السياقي فانه يصل الى المرتبة الاخيرة والارادة الجدية وهو الظهور المستقر وموضوع للحجية وموضوع للأثار الشرعية فان منها الحجة مترتبة على هذا الظهور فانه الظهور المستقر وهذا هو معنى حمل المطلق على المقيد، بينما نرى هذا الظهور هو في وجوب عتق رقبة مؤمنة وفي وجوب اكرام عالم عادل فان هذا الظهور هو معناه حلم المطلق على المقيد هو الظهور السياقي
اما الفرض الثالث : فان كان مفاد النهي اكرم عالم ثم قال لا تكرم عالم فاسقا او اعتق رقبة ثم قال لا تعتق رقبة كافرة فان هذا النهي ان كان مفاده النهي مفاد ارشادي ويكون ارشادا الى مانعية الكفر فلا شبهة في حمل المطلق على المقيد او هذا النهي ارشاد الى مانعية الفسق عن وجوب الاكرام فلا شبهة حينئذ من حمل المطلق على المقيد
فالنتيجة : ان الواجب هو عتق رقبة لا تكون كافرة واكرام عالم بان لا يكون فاسق فهو الواجب وهذا الظهور ظهور ثالث ايضا، فان ظهور الجملة الاولى بحدها لا يتجاوز عن مرحلة التصديق البدائي وهو التصديق بلحاظ الارادة الاستعمالية، وظهور الجملة الثانية بحدها ايضا كذلك، والظهور الثالث وهو ضم الجملة الثانية الى الجملة الاولى الذي يشكل ظهورا ثالثا فهو الظهور السياقي وهو الظهور في وجوب اكرام العالم بان لا يكون فاسق فهو يصل الى المرحلة النهائية وهي مرحلة الارادة الجدية وهو موضوع للحجية وموضوع للأثار الشرعية
اما اذا كان هذا النهي مجملا ولا ندري ان مفاده الارشاد الى مانعية الكفر او مانعية الفسق او مفاده الحرمة المولوية اكرام العالم الفاسق محرم شرعا او عتق رقبة كافرة محرم شرعا، فعندئذ هذا الاجمال يسري الى المطلق لا ندري ان المراد وجوب عتق مطلق الرقبة وان كانت كافرة او الواجب عتق رقبة بان لا تكون كافرة فلابد من الاخذ بالمقدار المتيقن وفي الزائد نرجع الى الاصل العملي، اما اذا كان النهي ظاهرا في حرمة عتق رقبة كافرة فيدخل في مسألة اجتماع الامر والنهي في شيء واحد فان اكرام العالم الفاسق موردا للأمر والنهي وعتق رقبة كافرة موردا للأمر والنهي وايضا مورد للوجوب والحرمة فان قلنا بجواز اجتماع الامر والنهي في شيء واحد فلا موجب لحمل المطلق على المقيد، وان قلنا بالامتناع واستحالة اجتماع الامر والنهي في شيء واحد فانه يستحيل اجتماع مبادي الامر والنهي في شيء واحد فان اجتماع المصلحة الملزمة مع المفسدة الملزمة لا يمكن ان يكون في شيء واحد واجتماع المبغوضية والمحبوبية لا يمكن، فيستحيل اجتماع الوجوب والحرمة في شيء واحد من جهة استحالة اجتماع المفسدة الملزمة مع المصلحة الملزمة، هذا اذا كان المطلق بدلي بمعنى انه متكفل لحكم واحد
اما اذا كان المطلق شمولي متكفل لإحكام متعددة بان يكون الحكم انحلالي كما اذا قال المولى اكرم العالم ثم قال لا تكرم العالم الفاسق فعندئذ ان كان النهي ارشادي فلا شبهة في حمل المطلق على المقيد اما اذا كان النهي مولوي فان قلنا بجواز اجتماع الامر والنهي في شيء واحد فلا موجب حينئذ لحمل المطلق على المقيد، اما اذا قلنا باستحالة اجتماع الامر والنهي بشيء واحد فلابد من تقيد بغير الحصة المنهي عنها العالم الفاسق فلابد من تقيد وجوب اكرام العالم بغير العالم الفاسق لاستحالة اجتماع الامر والنهي في شيء واحد، هذا كله في ما اذا كان المقيد متصلا
اما اذا كان المقيد منفصلا : فتارة يكون الحكم المجعول في طرف المطلق متعلق بصرف وجود الطبيعة واخرى يكون متعلق لمطلق وجود الطبيعة فعلى الاول الحكم ليس بانحلالي بل الحكم المجعول في طرف المطلق حكم واحد وعلى الثاني الحكم انحلالي
اما على الاول : فتارة يكون الدليل المقيد مخالف لدليل المطلق كما اذا ورد الامر بالصلاة صلي ثم قال المولى لا تصلي بالأرض المغصوبة او لا تصلي بالثوب المتنجس او اعتق رقبة ولا تعتق رقبة كافرة، فالحكم المجعول حكم واحد فلابد من تقيد المطلق بغير الفرد المقيد بعد استحالة اجتماع الامر والنهي في شيء واحد فلابد من التقيد، اما اذا كان الدليل المقيد مثبتا كما اذا ورد في الدليل صلي ثم ورد بدليل اخر صلي بطهور او صلي مستقبل القبلة او اعتق رقبة ثم ورد في دليل اخر اعتق رقبة مؤمنة ففي مثل ذلك ايضا لابد من حمل المطلق على المقيد فان الحكم المجعول حكم واحد وهو اما ثابت للمطلق او للمقيد، اما اذا كان ثابت لطبيعي المطلق لكان القيد لغوا، فمن اجل ذلك لا يمكن القول بان هذا الحكم ثابت لطبيعي المطلق والا لزم محذور كون القيد لغوا فمن اجل ذلك لابد من التقيد وان هذا الحكم ثابت لحصة خاصة من الطبيعي وهي الحصة المقيدة بهذا القيد أي الرقبة المؤمنة او الصلاة المقيدة بالطهارة او باستقبال القبلة وما شاكل ذلك فلابد من التقيد
هذا كله في ما اذا كان الحكم واحدا، اما اذا كان الحكم المجعول في طرف المطلق متعدد كما اذا قال المولى اكرم العلماء ثم قال لا تكرم الفساق منه فهذا على قسمين، فتارة يكون الدليل المقيد مخالف لدليل المطلق وتارة يكون موافق له
اما اذا كان مخالف لدليل المطلق فلا شبهة في تقيد المطلق بالمقيد كما اذا ورد في الدليل اكرم العلماء ثم قال لا تكرم الفساق منهم، فلا شبهة في تقيد المطلق بدليل المقيد باعتبار ان دليل المقيد قرينة لدى العرف لتصرف المطلق ولبيان المراد الجدي النهائي منه، ومن الواضح ان العرف لا يرى تنافي بين القرينة وذيها ويرى ان القرينة مفسرة للمراد النهائي من ذيها ومبينة له ومن هنا يكون تقيد القرينة على ذيها من باب الحكومة ولا تنافي بين دليل الحاكم والمحكوم، فاذاً الدليل المقيد حيث انه قرينة بنظر العرف قرينة على التصرف بالمطلق ومبين للمراد النهائي الجدي فلابد من تقديمها عليه وليس تقديمه من باب الاقوائية والظهور والاظهرية بل الدليل المقيد يقدم على الدليل المطلق وان كان اضعف منه دلالة باعتبار ان المقدمة تتقدم على ذيها وان كانت اضعف دلالة من وتقديمها من باب انها مفسرة لبيان المراد الجدي النهائي منه، ومن الواضح انه لا تنافي بين المفسر والمفسر والحاكم والمحكوم، هذا اذا كان الدليل المطلق متكفل للحكم الانحلالي ودليل المقيد مخالف له، اما اذا كان الدليل المقيد موافق لدليل المطلق كما اذا قال المولى اكرم العلماء ثم قال اكرم العلماء العدول ففي مثل ذلك هل يحمل الدليل المطلق على المقيد او يحمل على افضل الافراد، المشهور والمعروف عند الاصوليين حمل المطلق على افضل الافراد في مثل ذلك .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo