< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

35/05/03

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : تقديم دليل المطلق على دليل المقيد
الصحيح في المقام ان يقال انه لا فرق بين المطلق والمقيد في الواجبات والمطلق والمقيد في المستحبات فان عدم الفرق بينهما غالبي ليس في كل الموارد، وبيان ذلك ان التقيد الوارد في المستحبات على ثلاثة اقسام : الاول ان يكون القيد مخالف للمطلق في السلب والايجاب فيكونا متنافيين سلبا او ايجابا، الثاني ان يكون القيد موافقا للمطلق وهذا ينقسم الى قسمين فتارة يكون الحكم المجعول في جانب المطلق حكما واحدا متعلق بصرف الوجود وغير قابل للانحلال واخرى يكون الحكم متعدد ومتعلق بمطلق وجود الطبيعة وينحل بانحلال افرادها في الخارج فيثبت لكل منها حكم مستقل، فالنتيجة ان المجموع على ثلاثة اقسام :-
القسم الاول : كما اذا قال المولى يستحب اكرام العماء ثم قال يكره اكرام العلماء الفساق فلا شبهة في تقيد المطلق في هذه الموارد فلابد من حمل المطلق على المقيد في هذه الموارد لان المقيد بنظر العرف قرينة لبيان المراد من المطلق ولا فرق من هذه الناحية بين الطلق والمقيد في الواجبات والمطلق والمقيد في المستحبات فكما ان القيد قرينة بنظر العرف والعقلاء لبيان المراد الجدي النهائي في الواجبات وكذلك في المستحبات فمعنى ذلك ان استحباب الاكرام مختص في العلماء الذين لا يكونون فساق
القسم الثاني : ما اذا كان الحكم واحدا وكان المقيد موافق للمطلق في الاثبات في الايجاب والنفي كما اذا ورد في الدليل يستحب عتق رقبة وورد في دليل اخر يستحب عتق رقبة مؤمنة فاذا ورد الامر الاستحبابي بعتق رقبة وورد امر اخر في عتق رقبة مؤمنة فاذا ورد مثل هذا لا مناص من حمل المطلق على المقيد باعتبار ان الحكم المجعول في المقام واحد وهو اما ثابت للمطلق او ثابت للمقيد ولا ثالث في البين، اما على تقدير ثبوته للمطلق فيكون القيد لغوا ولا يمكن صدوره من المولى الحكيم فمن اجل ذلك لابد من حمل المطلق على المقيد وانه ثابت لحصة خاصة منه وهي الحصة المقيدة والا لكان القيد لغوا هذا اذا كان لسان القيد لسان التكليف غاية الامر يكون التكليف استحبابي ولا فرق بين ان يكون المطلق والمقيد في الواجبات او المستحبات فلابد من حمل المطلق على المقيد والا يكون القيد لغوا، اما اذا كان مفاد الدليل المقيد الارشاد الى الجزئية كما اذا ورد في دليل صلي وورد في دليل اخر صلي عن طهور ومثلا ورد امر بصلاة الليل ثم ورد امر بصلاتها في الثلث الاخير من الليل او في النصف الاخير منه فبطبيعة الحال يكون لسان القيد لسان ارشاد الى جزئية القيد في الوقت والى شرطية الوقت وان وقت هذه الصلاة هو الثلث الاخير من الليل او النصف الاخير منه ففي مثل ذلك ايضا لا شبهة في حمل المطلق على المقيد لان مفاد المقيد ارشاد الى ان الوقت قيد للمستحب او اذا ورد امر بغسل الجمعة ثم ورد امر اخر بالغسل الى الزوال فان هذا التقيد يدل على ان الزوال شرط وهو وقت للغسل وانه موقت الى هذا الوقت وبعد الزوال انتهى وقت غسل الجمعة ففي مثل ذلك لابد من حمل المطلق على المقيد ولا فرق في ذلك بين المستحبات والواجبات فان الاوامر الواردة في العبادات سواء اكانت واجبات ام كانت مستحبات ظاهرة في الارشاد للجزئية او الشرطية كالأمر باستقبال القبل او الامر بالستر او الامر بطهارة البد او اللباس او الطهارة من الحدث الاكبر والاصغر او الطمأنينة في الصلاة فان هذه الاوامر جميعا مفادها الارشاد الى الشرطية والجزئية كالأمر بالقراءة فان مفاده ان القراءة جزء الصلاة كما ان النواهي الواردة فيها ظاهرة في الارشاد الى المانعية كالنهي عن الصلاة في النجس فظاهرا ان النجاسة مانعة عن الصلاة او النهي عن التلم في الصلاة فانه ظاهر انه مانع عن الصلاة لا انه محرم بل هو مانع عن الصلاة وناقض لها فالنهي ارشاد ولا فرق من هذه الناحية بين العبادات الواجبة والمستحبة .
اذاً تقديم المقيد على المطلق اما بملاك اللغوية اذا كان المقيد متكفل للحكم اللغوي او بمفاد الارشاد الى الجزئية او الشرطية وانه قيد للمأمور به فمن هذه الناحية لابد من تقديم المطلق على المقيد، او كان لسان القيد مباشرةً التقيد كما اذا ورد امر بصلاة الليل او الامر بغسل الجمعة ثم ورد فليكن ذلك الى النهار فان دليل المقيد مفاده مباشرةً تقيد وقت الغسل بالزوال او تقيد وقت صلاة الليل الى الثلث الاخير من الليل وهكذا فاذاً التقيد بأحد هذه الامور اما من باب اللغوية او من باب ان الدليل المقيد مفاده الارشاد الى الجزئية او الشرطية او ان مفادها تقيد المأمور به بهذا القيد مباشرةً بالوقت او بالقيد
القسم الثالث : وهو ما اذا كان الحكم انحلالي كما اذا ورد امر الاستحباب بإكرام الشعراء ثم ورد الامر بإكرام الشعراء الدول مثلا قال المولى يستحب اكرام الشعراء ثم قال يستحب اكرام العلماء العدول ففي مثل ذلك هل يحمل المطلق على المقيد يحمل المقيد على افضل الافراد
الظاهر انه لابد من حمل المقيد في باب المستحبات على افضل الافراد الا على مسلكنا من ان القضية الوصفية تدل على المفهوم فهي تدل على نفي الحكم عن المطلق في الجمة فعندئذ لا يمكن حمل المطلق على المقيد اما على المشهور فلابد من حمل المقيد على افضل الافراد فان المطلق على اطلاقه مستحب لكن المقيد استحبابه افضل من استحباب المطلق وهذا كما في زيارة النبي واله عليه وعليهم الصلاة والسلام فان الاوامر الواردة بزيارة النصف من شعبان او عاشوراء او عرفة او ليالي القدر او ليلة الجمعة او الاربعين او يوم العيد او شاكل ذلك فلا شبهة في انها محمولة على افضل الافراد فأنها لا تدل على نفي الاستحباب عن زيارة الحسين عليه السلام مطلقا اذ لا يمكن حمل المطلق على المقيد، فهذه الادلة المقيدة لا تدل على التقيد فعلى حمل المطلق على المقيد بل مفادها ان المقيد افضل من الطلق وان استحبابه اقوى من استحباب المطلق وهذا مما لا شبهة فيه فمرات الاستحباب وافراد المستحب تختلف شدة وضعفا من جهة اختلاف ادلتها، وهذا تمام الكلام في المطلق والمقيد في المستحبات لكن بقي امران :-
الاول : الاطلاق قد يكون شمولي وقد يكون بدلي ولا شبهة في ان الشمولية والبدلية لا تستفادان من مقدمات الحكمة فأنها لا تدل على ان الاطلاق شمولي او ان الاطلاق بدلي فان مقدمات الحكمة تثبت الاطلاق أي عدم التقيد بقيد اما ان طلاقه شمولي او انه بدلي فمقدمات الحكمة لا تدل على ذلك اصلا ولا اشعار فيها على البدلية او الشمولية، فالشمولية والبدلية مستفادة من خصوصيات المورد فانه قد يكون اطلاق فيه شمولي ولا يمكن ان يكون بدلي وقد يكون الاطلاق فيه بدلي ولا يمكن شمولي او في مورد واحد يمكن ان يكون الاطلاق شمولي ويمكن ان يكون بدلي فاذا قال المولى اكرم العالم فاطلاق الموضوع شمولي وهو اطلاق العالم فهو ينطبق على جميع افراده في الخارج او الاطلاق المتعلق بدلي وهو الاكرام اذ لا يجب على المكلف جميع افراد الاكرام انما الواجب عليه صرف وجوب الاكرام لا جميعه اقسامه فبالنسبة الى المتعلق بدلي وبالنسبة الى الموضوع شمولي ولهذا البدلية والشمولية تختلفان بحسب اختلاف الموارد وخصوصيات الموارد، اما في مقام الاثبات فان كان الموضوع منون فهو يدل على ان الاطلاق بدلي كما اذا قال المولى اكرم عالم فهو يدل على ان الاطلاق بدلي وان لك يكن منون فهو يدل على الاطلاق شمولي وقد تقدم تفصيله في بحث العام والخاص
الامر الثاني : ان الاطلاق اللفظي يختلف عن الاطلاق المقامي بأمور : اولا ان الحكم المجعول في الاطلاق اللفظي مجعول على الطبيعي بينما الحكم المجعول في الاطلاق المقامي مجعول على الافراد، ثانيا ان التقيد في الاطلاق اللفظي يوجب تضيق دائرة مدول المطلق ويكون قيدا ويكون قيدا للمراد من اللفظ بينما التقيد في الاطلاق المقامي لا يكون قيدا للمراد من اللفظ بل هو امر زائد على المراد اللفظي
الامر الثالث : ان التقيد اللفظي اذا كان المتكلم في مقام البيان وصدر منه كلام وكان في مراد البيان فظاهر حاله انه اراد تما مراده بكلامه فان كان مراده مقيدا اتى بالقيد وان كان مراده مطلقا لم يأتي به أي بالقيد بينما في الاطلاق المقامي فالقيد بحاجة الى امر زائد على ما دل عليه اللفظ، فالنتيجة ان الاطلاق المقامي يختلف عن الاطلاق اللفظي وهذا تمام الكلام في المطلق والمقيد .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo