< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

35/05/23

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : المباحث العملية
كنا كلامنا في مسألة التقليد وينبغي قبل الدخول في تفصيل هذه المسألة تقديم امور
الامر الاول : ما اشرنا اليه من ان الاجتهاد على نوعين اجتهاد ذاتي واجتهاد موضوعي ونقصد بالأول المعلوم بالذات وبالثاني المعلوم بالعرض الخارج عن افق الذهن وهو محكي بالمعلوم بالذات فانه مرآة للمعلوم بالعرض في خارج الافق، والاثر الشرعي انما يترتب على الاجتهاد الموضوعي واما الاجتهاد الذاتي فلا اثر له ولا يترتب عليه أي اثر لأنه صورة الحكم في الذهن كسائر صور الاشياء ولا يترتب عليه أي اثر شرعي والاثر الشرعي مترتب على الاجتهاد الموضوعي الذي هو خارج عن افق الذهن كالفتوى بوجوب السورة في الصلاة او وجوب جلسة الاستراحة فيها فان هذه الفتوى اجتهاد موضوعي ويترتب عليه اثر شرعي وهو مصب لوجوب التقليد
الامر الثاني : ان الاجتهاد الذاتي ينتفي بموت المجتهد فانه صورة ذهنية ثابتة في ذهن المجتهد وبطبيعة الحال ينتفي بموته اما الاجتهاد الموضوعي فلا ينتفي بموته فانه خارج عن افق الذهن وهو يبقى بعد موته فاذا افتى بوجوب السورة في الصلاة او بوجوب جلسة الصلاة فيها فان هذه الفتى تبقى بعد موته ايضا كما هو الحال في وصفة الطبيب فان الطبيب اذا عين الدواء للمريض وبعد ذلك مات فان هذا الدواء وهذا القول للطبيب باقي سواء كان حيا او كان ميتا وكذلك الحال في المهندس وغيرهما، فالمجتهد انما ينتفي الاجتهاد الذاتي بموته دون الاجتهاد الموضوعي ولعل الخلط بينهما ادى الى القول بعدم جواز البقاء على تقليد الميت لكن ظهر انه لا مانع منه فان الاجتهاد الموضوعي لا ينتفي بموته بل التفصيل بين جواز البقاء وجواز تقليد الميت ابتداء لا وجه له ايضا فان المشهور بين الفقهاء يجوز البقاء على تقليد الميت ولكن لا يجوز تقليده ابتداءً فان كان موضوع التقليد هو الاجتهاد الذاتي فلا فرق بين البقاء والحدوث فان البقاء ايضا حدوث غاية الامر مسبوقا بالوجود، واما التقليد الابتدائي فانه ليس مسبوق بالوجود فلا فرق بينهما ولا وجه للتفصيل بين جواز البقاء وعدم جواز تقليد الميت ابتداءً غاية الامر الفرق بينهما انه يجوز البقاء على تقليد الميت بعد موته ان لم يحرز في الاحياء اعلم منه واما تقليده ابتداءً فانه مشروط بإحرازه انه اعلم من الاحياء والاموات السبقين جميعا فاذا علم ذلك فلا مانع من تقليده
ثم انه لا شبهة في ان فتوى المجتهد حجة على نفسه لأنه مستنبط من ادلة الكتاب والسنة التي هي حجة عليه وايضا لا طريق الى المجتهد الى الاحكام الا فتواه ولهذا يجب عليه العمل بفتواه ووجوبه ضروري بعد ما كان معتقدا بالدين والمذهب ولا طريق له على العمل بالدين الا بهذا الطريق، وكذا فتوى المجتهد حجة على العامي باعتبار انه معتقد بالدين ولابد ان يعمل به فمن اجل ذلك يكون التقليد امرا ضروري لا انه امر نظري لأنه مقتضى تبعية العامي للدين ولا يمكن له العمل الا من طريق فتوى المجتهد، ومن هنا قلنا ان عملية الاجتهاد وعملية التقليد هما ضروريتان في الشريعة المقدسة
الامر الثالث : ان عملية الاجتهاد واجب كفائي على كل فرد بإمكانه الوصول الى هذه المرتبة فأنها واجبة كفاية على كل فرد بإمكانه الوصول اليها ولهذا لا شبهة في ان تحصيل العلم اقوى من جميع المستحبات على كل فرد مكلف فاذا دار الامر بين الزيارة وبين تحصيل العلم فتحصيل العلم اقوى منه واذا دار الامر بين صلاة الليل وبين تحصيل العلم فلا شك ان تحصيل العلم افضل لأنه واجب كفائي واما صلاة الليل ليست بواجبة كفائي، فاذاً لا شك ان الاجتهاد امر كفائي على كل من يستطيع الوصول الى هذه المرحلة على اساس ان الحركة الفكرية الاجتهادية لابد ان تتطور وتتوسع وتتعمق بتطور الحياة العامة في كل عصر وزمان من الوسائل المستحدثة المرتبطة بالحياة العامة للإنسان فمن اجل ذلك لابد من تطوير الفكرة الاجتهادية في كل زمان وعصر وهذه الحركة الاجتهادية تؤكد في المسلمين اصالتهم وشخصيتهم التشريعية المستبدة من الكتاب والسنة في كل عصر وفي كل زمن وانها تحل مشكلة الانسان الكبرى في تمام مجالاتها الحياتية واتجاهاتها فان الدين الاسلامي ينسجم مع كل زمان ويحل مشاكل الانسان الكبرى في كل عصر وفي كل قرن .
وبعد هذه الامور يقع الكلام في ان التقليد هل هو من صغريات كبرى رجوع الجاهل الى العالم والرجوع الى اهل الخبرة وقد افاد في وجه ذلك ان الرجوع الى اهل الخبرة هو فيما اذا كان الواقع مشترك بين الجاهل والعالم وبين اهل الخبرة وغيرهم فمن اجل ذلك يجب على الجاهل الرجوع الى العالم او الى اهل الخبرة فاذاً مسألة التقليد ليست من صغريات هذه الكبرى أي رجوع العالم الى الجاهل بالواقع فان مسألة التقليد سواء كان في موارد الامارة ام كان في موارد الاصول العملية فالمجتهد ليس عالما بالواقع حتى في موارد الامارات حتى تدخل هذه المسألة التقليد في هذه الكبرى وهي كبرى رجوع الجاهل الى العالم والرجوع الى اهل الخبرة فضلا عما اذا كان اجتهاده مبني على موارد الاصول العملية فانه ليس عالم بالواقع حتى يرجع الجاهل اليه فاذاً مسألة التقليد ليست من صغريات كبرى رجوع الجاهل الى العالم والرجوع الى اهل الخبرة هكذا ذكره قدس سره وللمناقشة فيه مجال .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo