< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

35/11/05

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : أقسام القطع
الى هنا قد تبين ان العلم امر بسيط وله حقيقة واحدة بسيطة وهي الكشف والظهور والبروز، فان ظهور كل شيء في الذهن انما هو بالعلم واما ظهور العلم فهو بنفسه وليست له حيثيتان ذاتيتان متباينتان وهما حيثية الصفتية وحيثية الطريقية، اذ معنى ذلك ان العلم متقوم بحيثية الصفتية تارة وبحيثية الطريقية تارة اخرى وهذا لا ينسجم مع بساطة العلم .
فإذن العلم له حيثية ذاتية واحدة وهي حيثية الكشف، فالعلم مأخوذ في الموضوع من هذه الحيثية .
فما ذكره شيخنا الانصاري (قده) وتبعه جماعة من المحققين منهم مدرسة المحقق النائيني (قدهم) لا يمكن المساعدة عليه .
واما الوجهين اللذين استدل بهما على ذلك وهما :
الاول : اضافة العلم الى المعلوم، فان العلم من الصفات الحقيقية ذات الاضافة وهذه الاضافة هي الطريقية، فان اريد من هذه الاضافة اضافة العلم الى المعلوم بالعرض فهذه الاضافة ليست مقومة للعلم بل وليست لازمة للعلم فضلا عن كونها مقومة فإنها منوطة بمطابقتها للواقع اي ان كان الواقع موجودا فالإضافة موجودة وان لم يكن الواقع موجودا فلا اضافة لأن الاضافة كالنسبة متقومة ذاتا وحقيقة بشخص وجود طرفيها واحد طرفي هذه الاضافة هو الواقع فان كان موجودا فالإضافة موجودة بوجود طرفيها وان لم يكن الواقع موجودا فلا وجود لهذه الاضافة .
فإذن هذه الاضافة ليست حيثية ذاتية ومقومة للعلم بل ليست من لوازمه .
وان اريد من هذه الاضافة الإضافة الى المعلوم بالذات، فالعلم عين المعلوم بالذات ولا تعدد بينهما ولا اثنينية وهذه الاضافة اضافة اشراقية باصطلاح الفلاسفة وليست اضافة مقولية حتى تتقوم بوجود طرفيها بل المضاف عين المضاف اليه ولا تعدد في البين والاختلاف بينهما انما هو بالاعتبار .
والثاني : وهو ان العلم له حيثيتين متباينتين ذاتيتين، فقد ظهر مما ذكرنا ان ليس للعلم الا حيثية ذاتية واحدة وهي حيثية الكشف والظهور وليست للعلم حيثيتان ذاتيتان متباينتان ومقومتان له .
فما ذكره شيخنا الانصاري (قده) وتبعه جماعة من المحققين من ان العلم قد يؤخذ في الموضوع على نحو الصفتية وقد يؤخذ في الموضوع على نحو الطريقية لا يمكن المساعدة عليه .
وان اريد بالعلم الصفتي العلم التصوري وبالعلم الطريقي العلم التصديقي فيرد عليه
اولا : ان العلم التصوري خارج عن محل الكلام فان محل الكلام انما هو في العلم التصديقي الذي هو موضوع للأثار الشرعية لأنه هو الذي يكون موضوعا للأثار الشرعية .
وثانيا : ان المعلوم في العلم التصديقي هو عين المعلوم في العلم التصوري، فان صورة الشيء في الذهن اذا كانت موضوعا للتصور فهي علم تصوري وان كانت موضوعا للتصديق فهي علم تصديقي، فالمعلوم واحد ذاتا في العلم التصوري والعلم التصديقي معا غاية الامر قد يكون المعلوم معروضا للعلم التصوري وقد يكون معروضا للعلم التصديقي، فهذا الاحتمال غير صحيح .
وان اريد بالعلم الصفتي (المأخوذ في موضوع الحكم على نحو الصفتية) العلم الذاتي وأريد بالعلم الطريقي العلم الموضوعي فيرد عليه
ان العلم الذاتي وهو صورة الشيء في الذهن من دون ان يكون لها واقع موضوعي لا في عالم الخارج ولا في العلم الذهن، ومن الواضح ان العلم المأخوذ في الموضوع على نحو الصفتية هو العلم الواقعي والعلم الموضوعي أي يكون له واقع موضوعي لا انه مجرد تخيل في عالم الذهن والا فلا معنى لأخذه في موضوع الحكم .
الى هنا قد تبين ان ما ذكره شيخنا الانصاري من التقسيم وتبعه فيه جماعة من المحققين لا يمكن المساعدة عليه .
وقد ذكر بعض المحققين (قده) على ما في تقرير بحثه ان الصحيح في المقام ان يقال في تصوير هذا التقسيم (تقسيم العلم الى الصفتية والطريقية ) على وجهين :
الاول : ان العلم وان كان انكشافا الا انه له ملازمات وجودية وعدمية في الخارج كسكون النفس واستقرارها واطمئنانها وراحتها فإنها من لوازم العلم وصفات نفسانية ومن هنا المعروف ان اليأس احدى الراحتين، فالعلم بشيء سبب لسكون النفس فالعلم له ملازمات في الخارج وجودية وعدمية .
فإن اخذ العلم في موضوع الحكم بما له من هذه الصفات النفسانية فهو علم مأخوذ على نحو الصفتية، وهذا هو المراد من اخذ العلم في موضوع الحكم على نحو الصفتية أي اخذه بما له من هذه الصفات النفسانية .
هكذا ذكره (قده) على ما في تقرير بحثه [1].
ويرد عليه :
اولا: ان هذا خارج عن محل الكلام فان محل الكلام في اخذ العلم في موضوع الحكم تارة بنحو الصفتية باعتبار ان العلم صفة من صفات النفس كسائر الصفات النفسانية وتارة يؤخذ في موضوع الحكم بنحو الطريقية باعتبار اضافته الى المعلوم فمحل الكلام بين الاصحاب انما هو في اخذ العلم في موضوع الحكم، هذا مضافا الى ان المصرح به في كلام الشيخ (قده) وكذا في كلمات جماعة من المحققين ان العلم على قسمين تارة يؤخذ في الموضوع على نحو الصفتية واخرى على نحو الطريقية، فما ذكره (قده) من التوجيه لا يمكن المساعدة عليه - وان كان هذا التوجيه ممكنا ولا مانع منه - .
ثانيا : ان العلم وان كان انكشافا الا ان له جنبتين :
الاولى : انه انكشاف للعالم
الثانية : وهي انكشافه للمنكشَف وللمعلوم ليست مقومة للعلم، بدليل ثبوت العلم بالباري تعالى مع انه عين المنكشف له .
فإذن خصوصية انكشاف العلم للمعلوم ليست خصوصية ذاتية مقومة للعلم اما خصوصية انه انكشاف للعالم فهي خصوصية ذاتية .
وعلى هذا، فان لوحظ في مقام اخذ العلم في الموضوع انه انكشاف للعالم فهو مأخوذ على نحو الطريقية وان لوحظ انه انكشاف في النفس للمعلوم فهو مأخوذ على نحو الصفتية، فلا مانع من هذا التقسيم .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo