< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

35/11/11

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع :أقسام القطع
الى هنا قد تبين ، انه لا مانع من جعل حكمين متماثلين لموضوع واحد ولا تنافي بينهما لا في مرحلة الجعل ولا في مرحلة الفعلية لأن فاعلية احدهما تندك في فاعلية الاخر فتصبحان فاعلية واحدة أقوى وأكد من فاعلية كل واحد منهما ، واما في مرحلة المبادي فملاك احدهما يندك في ملاك الاخر فلا تنافي بينهما في مرحلة المبادي ايضا .
ثم ان السيد الاستاذ (قده) ذكر في المقام انه لا مانع من اجتماع حكمين متماثلين في موضوع واحد اذا كان بين موضوعيهما عموم من وجه او عموم مطلق ، والاول كما اذا ورد في الدليل اكرم العالم وورد في دليل اخر اكرم الهاشمي ، فاذا كان الشخص واجدا لكلتا الصفتين بان يكون عالما وهاشميا معا فبطبيعة الحال يجتمع فيه وجوبان ويندك احدهما في الاخر فيصبحان وجوبا واحدا أقوى وأكد من وجوب كل واحد منهما في نفسه ، واما اذا كانت النسبة بينهما عموما مطلق فأيضا كذلك فان الحكمين قد اجتمعا في الخاص فلا محالة يندك احدهما في الاخر ، ومثل ذلك ما دل على حرمة الخمر وما دل على حرمة مقطوع الخمرية ، وبين هذين الدليلين عموم وخصوص مطلق فان الدليل الاول اعم من الدليل الثاني ، ثم ذكر ان بين الدليلين عموم وخصوص من وجه فان الدليل الاول الذي يدل على حرمة الخمر مطلق من ناحية كون المكلف قاطعا بحرمة الخمر في الواقع ام لم يكن قاطعا ، والدليل الثاني الذي يدل على حرمة مقطوع الخمرية مطلق من ناحية كون القطع مطابقا للواقع او غير مطابق للواقع ، فيكون في كل من الدليلين مورد للافتراق ومورد الالتقاء او الاجتماع هو القطع بحرمة مقطوع الخمرية المطابق للواقع ، فكل من الحكمين في مورد الاجتماع يندك احدهما في الاخر فيصبحان حكما واحدا أقوى وأكد من كل واحد منهما في نفسه .
هكذا ذكره (قده) [1].
وللمناقشة فيه مجال
فان أراد بالاندكاك اندكاك احد الحكمين مع الحكم الاخر في مرحلة الفعلية وان الحكم فعلي بفعلية موضوعه في الخارج ، فقد ذكرنا غير مرة ان الحكم يستحيل ان يصير فعليا وان يوجد في الخارج بوجود موضوعه فيه والا لزم كون الحكم امرا خارجيا وهو خلف فرض كونه امر اعتباري لا وجود له في الخارج لأنه لا وجود له الا في عالم الاعتبار والذهن ويستحيل وجوده في الخارج حتى يندك احدهما في الاخر ، ومن هنا قلنا ان المراد من فعلية الحكم فعلية فاعليته ، فان وجوب الصلاة لا يكون فاعلا ومحركا للمكلف طالما لم يدخل وقتها ، فاذا دخل وقتها وكان المكلف بالغا عاقلا يكون وجوب الصلاة محركا وفاعلا لأنه قبل دخول الوقت لم يكن فاعلا ومحركا وداعيا ، واما بعد دخول الوقت فسوف يكون فاعلا ومحركا للمكلف الى الاتيان بها وكذلك سائر الواجبات ، فوجوب الحج لا يكون محركا قبل استطاعة المكلف واما بعد استطاعته فيكون الوجوب محركا للمكلف نحو امتثاله أي ان فاعلية الحكم ومحركيته صارت فعلية هذا هو المراد من فعلية الحكم لا فعلية نفس الحكم ووجوده في الخارج لأنه مستحيل كما عرفت .
وإن أراد (قده) من الاندكاك في مرحلة الجعل والاعتبار ، ففي هذه المرحلة لا يمكن تصور الاندكاك ، فأن الجعل فعل اختياري للمولى مباشرة والاعتبار فعل اختياري للمولى مباشرة ، فلا يمكن اتحاد جعل مع جعل اخر او اندكاكهما معا ، هذا غير متصور وغير معقول ، هذا مضافا الى ان الجعل امر اعتباري وذكرنا ان الاندكاك انما يتصور في الامور الخارجية الواقعية ، مثلا بياض هذا الجسم يندك في بياض اخر اذا زاد عليه ، وكذلك العلية والمعلولية وما شاكل ذلك ، واما في الامور الاعتبارية التي لا وجود لها في الخارج فلا يتصور فيها الاندكاك الا ان يكون المراد من الاندكاك في عالم الجعل والاعتبار ان في مورد الاجتماع جعل واحد ومجعول واحد ، بمعنى ان هناك جعولا متعددة جعل الحكم لمورد الافتراق في احد الدليلين وجعل الحكم لمورد الافتراق في الدليل الاخر وجعل الحكم لمورد الالتقاء والاجتماع ، فتوجد جعول ثلاثة ، وهذا وان كان ممكنا ثبوتا بان يجعل الشارع وجوب الاكرام للشخص العالم فقط ويجعل وجوب الاكرام لشخص يكون هاشميا ويجعل وجوب الاكرام لشخص واجد لكلتا الصفتين ، ولكن لا يمكن اثبات ذلك بدليل فأن الدليل لا يدل على ذلك فلا يمكن اثبات ذلك بالدليل في مقام الاثبات ، واما في المقام فلا يمكن مثل هذا الامر حتى ثبوتا ، فان في المقام احد الدليلين يدل على حرمة الخمر والدليل الاخر يدل على حرمة مقطوع الخمرية فالدليل الاول مطلق من حيث كون المكلف قاطعا بحرمة الخمر او غير قاطع ، فالخمر حرام شربها سواء كان المكلف قاطعا بحرمة شربها او لم يكن قاطعا ، والدليل الثاني مطلق من حيث ان القطع بالخمر مطابقا للواقع او لم يكن فلكل من الدليلين مورد افتراق ولهما مورد التقاء واجتماع وهو القطع بحرمة الخمر المطابق للواقع ، فعندئذ لا يمكن تقييد اطلاق كل منهما بمورد الافتراق ، أي تقييد اطلاق الدليل الاول بمورد افتراقه ومعنى هذا التقييد جعل الحرمة لحصة خاصة من الخمر وهي الحصة التي لا يكون المكلف قاطعا بحرمتها ، وكذلك الدليل الثاني تقييده بالقطع بالخمر غير المطابق للواقع ومعنى هذا التقييد جعل الحرمة لحصة خاصة من مقطوع الخمرية وهي الحصة التي يكون القطع بها غير مطابق للواقع وكلا التقييدين مستحيل اما التقييد الاول فلأنه لا يمكن اخذ القطع بالحكم في موضوع نفسه أي لا يمكن جعل الحرمة لحصة خاصة من الخمر التي لا يكون المكلف قاطعا بحرمتها ، فالقطع بالحرمة مأخوذ في موضوع هذه الحصة ولازم ذلك ان القطع بالحكم مأخوذ في موضوع نفسه وهذا مستحيل ، فمن اجل ذلك يكون هذا التقييد مستحيل واما الثاني فالموضوع يكون مقيدا بان لا يكون قطعه مطابقا للواقع فموضوع جعل الحرمة لمقطوع الخمرية مقيد بعدم كون قطعه مطابقا للواقع ولا يمكن وصول هذا الحكم الى المكلف فأن وصول الحكم انما هو بوصول موضوعه فطالما لم يكن المكلف عالما بالموضوع ولم يصل اليه الموضوع لم يصل اليه الحكم ولم يكن الحكم منجزا عليه ، ومن الواضح ان القاطع لا يرى ان قطعه غير مطابق للواقع بل لا يحتمل ذلك ، فاذا كان الموضوع مقيدا بعدم مطابقة قطعه للواقع فلا يمكن احراز هذا الموضوع ولا يمكن وصول هذا الموضوع وحينئذٍ لا يمكن وصول الحكم اليه ولا يكون منجزا عليه ، فجعل مثل هذا الحكم يكون لغوا .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo