< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

35/11/19

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : أقسام القطع
ذكرنا انه لو امكن اخذ العلم بالحكم في موضوع نفسه في مرتبة الجعل كبرويا فلا مانع من فعليته ووصوله الى المكلف ولا يلزم منه اي محذور، فان وصول هذا الحكم الى المكلف بنفس العلم به لا بعلم اخر والا لذهب الى ما لا نهاية له فان حضور العلم في افق النفس بذاته وبنفسه، فاذا علم المكلف به في مرتبة الفعلية فقد وصل اليه الحكم بنفس العلم به وليس في افق النفس الا علم واحد وهو العلم بالحكم لا ان في افق النفس علمان احدهما موضوع والاخر محمول لأنه خلاف الضرورة والوجدان بل في افق النفس علم واحد بالحكم، فما ذكر في هذا الوجه من ان العلم بالحكم ووصوله يتوقف على العلم بالحكم ووصوله من باب توقف الحكم على موضوعه لا يرجع الى معنى محصل ومعقول .
ونمثل لذلك بمثالين :
المثال الاول : ما اذا فرضنا ان الشارع جعل وجوب القصر للمسافر الذي يكون عالما بالوجوب، ومعنى ذلك ان الشارع اخذ العلم بوجوب القصر في موضوع نفسه وهذا معنى اختصاص جعل وجوب القصر للمسافر الذي يكون عالما به .
فإذن هنا صغرى وكبرى، والكبرى هو جعل وجوب القصر للمسافر الذي يكون عالما به في مرحلة الجعل كبرويا، واما صغرى هذه المسألة فهي السفر، فاذا علم المكلف بوجوب القصر على المسافر الذي يكون عالما به فقد علم بالكبرى، واذا كان مسافرا فقد تحققت الصغرى ايضا فتنطبق الكبرى على الصغرى وتكون النتيجة هي العلم بوجوب القصر وهذا العلم علم واحد بوجوب القصر في افق النفس وليس هنا علمان بوجوب القصر احدهما الكبرى والاخر الصغرى احدهما الموضوع والاخر الحكم بل في افق النفس وجدانا علما واحدا وهو العلم بوجوب القصر .
المثال الثاني : ما اذا فرضنا ان الشارع جعل وجوب الحج على المستطيع العالم به ومعنى ذلك ان الشارع اخذ العلم بوجوب الحج في موضوع نفسه في مرحلة الجعل كبرويا، فجعل المولى وجوب الحج على المستطيع العالم به كبرى المسألة والاستطاعة صغراها، فاذا علم المكلف ان الشارع جعل وجوب الحج على المستطيع العالم به في مرحلة الجعل فقد علم بالكبرى واذا علم باستطاعته فقد علم بالصغرى ايضا، وعندئذ تنطبق عليه الكبرى ومعه تكون النتيجة العلم بوجوب الحج عليه، وهذا علم واحد في افق النفس وهو العلم بوجوب الحج .
فالنتيجة انه لو امكن اخذ الحكم في موضوع نفسه في مرتبة الجعل كبرويا ولا يلزم منه اي محذور في هذه المرتبة فلا مانع من فعليته ووصوله الى المكلف، وعليه فوصول الحكم منوط بوصول الكبرى ووصول الصغرى بعد العلم بالجعل سواء أ كان في القضايا الوجدانية ام في غيرها .
الى هنا قد تبين ان اخذ العلم بالحكم في موضوع نفسه في مرتبة واحدة كمرتبة الجعل فهو غير معقول وغير ممكن ومستحيل في موردين :
احدهما : ان يكون العلم طريقا .
والاخر : ان يكون العلم صفة لكنه جزء الموضوع لا تمام الموضوع .
ففي هذين الفرضين مستحيل واقعا .
وايضا اخذ العلم بالحكم في موضوع نفسه في مرتبة واحدة مستحيل بنظر القاطع مطلقا اما من جهة لزوم الدور او من جهة لزوم الخلف والتناقض، واما في الواقع فهو محال في فرضين لا في جميع الفروض الثلاثة .
ثم انه هل يمكن اخذ العلم بالحكم في مرتبة الفعلية في موضوع نفسه في هذه المرتبة ام لا يمكن ؟
والجواب عن ذلك : انه لا يمكن من جهة انه لا حكم في مرتبة الفعلية حتى يكون العلم به مأخوذا في موضوع نفسه، لما ذكرناه غير مرة من ان مرتبة الفعلية ليست من مراتب الحكم لأن مرتبة الفعلية امر قهري وهي فعلية الحكم بفعلية موضوعه ولا صلة له بالشارع، فلأجل ذلك لا يكون الشارع متصرفا في هذه المرحلة ومن هنا قلنا ان المراد من فعلية الحكم فعلية فاعليته ومحركيته لا فعلية نفس الحكم فان فعلية نفس الحكم مستحيلة للزومها الخلف وهو ان يكون الحكم امرا خارجيا وهو خلف فرض انه امر اعتباري .
هذا تمام كلامنا في المقام الاول وهو اخذ العلم بالحكم في موضوع نفسه في مرتبة واحدة .
وقد ظهر مما تقدم انه مستحيل .
المقام الثاني : في اخذ العلم بالحكم في موضوع نفسه في مرتبتين، اخذ الحكم في مرتبة الجعل في موضوع نفسه في مرتبة المجعول وهي مرتبة الفعلية، وهل هذا ممكن ام انه ليس بممكن ؟
فيه قولان : والصحيح هو القول الاول وانه ممكن ولا مانع من اخذ العلم بالحكم في مرتبة الجعل في موضوع نفس هذا الحكم في مرتبة المجعول ولا يلزم منه اي محذور لا توقف الشيء على نفسه ولا الدور ولا الخلف بنظر القاطع .
فإن العلم يتوقف على جعل الحكم واما جعل الحكم فهو لا يتوقف على العلم فإن الجعل انما هو من قبل المولى فالعلم يتوقف على جعل الحكم من باب توقفه على متعلقه واما الحكم المجعول في مرتبة الفعلية فهو يتوقف على العلم من باب توقف الحكم على موضوعه، فما يتوقف عليه العلم غير ما يوقف العلم عليه فإن العلم يتوقف على الحكم في مرتبة الجعل واما الحكم في مرتبة الجعل فهو لا يتوقف على العلم واما في مرتبة المجعول فهو ييتوقف على العلم من باب توقف الحكم على الموضوع فلا دور في البين ولا توقف الشيء على نفسه ولا خلف في البين، فشيء من هذه المحاذير غير لازم، فمن اجل ذلك لا مانع من اخذ العلم بالحكم في مرتبة الجعل في موضوع نفس هذا الحكم في مرتبة المجعول .
ولكن ذهب المحقق النائيني (قده) والسيد الاستاذ (قده) الى استحالة ذلك ايضا .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo