< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

35/12/03

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : أقسام القطع
الى هنا قد تبين امور
الاول : ان التقابل بين الاشياء انما لوحظ بلحاظ الموجودات الخارجية والتقابل بينها لا يخلو اما ان يكون بنحو الايجاب والسلب او بنحو التضاد او بنحو العدم والملكة ولا رابع في البين، والعدم في مقابل الملكة عدم خاص وهو العدم النعتي ووصف للموضوع كما ان الملكة وجود نعتي ووصف للموضوع .
الثاني : أن قابلية المحل المعتبرة بين العدم والملكة شخصية ولا يعقل ان تكون نوعية فالتقابل بين الاطلاق والتقييد والعلم والجهل من تقابل العدم والملكة كما هو المعروف والمشهور بين الاصحاب بل بين المحققين ايضا، واما التقابل بينهما في بعض الموارد كاستحالة العلم بذاته تعالى وتقدس وضرورة الجهل بها من تقابل التضاد اذا كان الجهل امرا وجوديا او من تقابل التناقض اذا كان الجهل امرا عدميا، ولكن اطلاق العدم والملكة انما هو بلحاظ نوع العلم والجهل، وقد ذكرنا ان هذا المعنى لا يرجع الى معنى محصل الا ان يكون مراد الفلاسفة من ان قابلية المحل تارة تكون شخصية واخرى تكون نوعية ان اطلاق العدم والملكة بين كل فردين من افر اد العلم والجهل انما هو من باب الغالب حيث ان غالب افراد العلم والجهل التقابل بينهما من التقابل بين العدم والملكة واما التوجيه الاخر الذي ذكرناه سابقا فلا يرجع الى معنى محصل .
الثالث : انه لا مانع من ان يكون التقابل بين فردين من افراد نوعين من تقابل العدم والملكة في بعض الموارد واما في مورد اخر فقد يكون التقابل بين فردين من افرادهما بنحو التضاد او التناقض كما هو الحال في العلم والجهل، فإن التقابل بينهما بالنسبة الى ذاته تعالى وتقدس بنحو التناقض او التضاد واما في سائر الموارد فهو بنحو العدم والملكة، وهذا لا يوجب الالتزام بان التقابل بينهما بلحاظ نوعيهما.
الرابع : لا وجه لما ذكره السيد الاستاذ (قده) و كذا غيره من التفصيل بين الاطلاق والتقييد وبين العلم والجهل، فإن السيد الاستاذ ذهب الى ان التقابل بين العلم والجهل من تقابل العدم والملكة واما التقابل بين الاطلاق والتقييد من تقابل التضاد مع انه لا فرق بينهما، فأن قابلية الموضوع كما هي موجودة بين العلم والجهل كذلك موجودة بين الاطلاق والتقييد ايضا، فإن الماهية قابلة للتقييد بقيد فاذا لم تقيد يصدق عليها عنوان الاطلاق، فاذا كانت هذه القابلية مناط التقابل بين العدم والملكة فهي موجودة بين الاطلاق والتقييد، فإن الطبيعي المطلق قابل للتقييد غالبا كما هو الحال في الجهل والعلم فإن الجاهل غالبا قابل لأن يتصف بالعلم وهذه القابلية هي المنشئ لكون التقابل بين الجهل والعلم من تقابل العدم والملكة وهي موجودة في الطبيعي المطلق غالبا الا نادرا، فاذا لم يقيد بقيد اطلق عليه المطلق، وعليه فلا وجه للتفصيل بين العلم والجهل وبين الاطلاق والتقييد من ان التقابل بين الاولين من تقابل العدم والملكة وان التقابل بين الاخيرين من تقابل التضاد، والصحيح ان التقابل بين العلم والجهل ايضا من تقابل التضاد او التناقض اذا كان الجهل امرا عدميا، والوجه في ذلك انه لا تعتبر في صدق الجاهل على الانسان ان يكون قابلا للاتصاف بالعلم وان كانت هذه القابلية موجودة فيه الا انها ليست مقومة لصدق الجاهل عليه كما هو الحال بين الاطلاق والتقييد، فإن قابلية المطلق لا تعتبر في صدق الاطلاق عليه سواء أ كان المطلق قابلا للتقييد بقيد ام لم يكن، وعليه فيصح اطلاق الجهل على الانسان وان لم يكن قابلا للعلم في مورد لأنه يكفي في صدق الجهل عليه عدم العلم بنحو العدم المحمولي .
واما التعليق الثالث الذي ذكره السيد الاستاذ على المحقق النائيني من تفسيره الاهمال الوارد في كلام المحقق النائيني بالفرد المردد وجوده في الخارج، فإنه لا ينسجم مع شيء من المباني الموجودة بين الاطلاق والتقييد، اما على المبنى الصحيح من ان التقابل بينهما هو تقابل التناقض فمعنى الاهمال حينئذ هو عدم الاطلاق وعدم التقييد، وعدم الاطلاق وعدم التقييد في الواقع وان كان مستحيلا لأنه ارتفاع للنقيضين الا انه ليس من الفرد المردد وجوده في الخارج، واما على مبنى السيد الاستاذ من ان التقابل بينهما من تقابل التضاد فمعنى الاهمال هو عدم لحاظ الاطلاق وعدم لحاظ التقييد وهو وان كان مستحيلا في الواقع الا انه ليس من الفرد المردد وجوده في الخارج، واما على مبنى المحقق النائيني (قده) من ان التقابل بينهما من تقابل العدم والملكة يكون معنى الاهمال على هذا المبنى عدم قابلية المحل للإطلاق والتقييد لا تردده بين الوجود والعدم في الخارج فما ذكره السيد الاستاذ من تفسيره الاهمال في كلام المحقق النائيني بالفرد المردد وجوده في الخارج لا ينسجم مع شيء من المباني الموجودة في الاطلاق والتقييد .
هذا تمام كلامنا في اخذ العلم بالحكم في موضوع نفسه، وقد ظهر مما ذكرنا ان اخذ العلم بالحكم في موضوع نفسه في مرتبة واحدة مستحيل لاستلزامه توقف الشيء على نفسه مباشرة، واما اخذ العلم بالحكم في موضوع نفسه في مرتبة المجعول فلا مانع منه ولكن وقوعه في مقام الاثبات بحاجة الى دليل .
بقي الكلام في مسألتين :
الاولى : هل يمكن اخذ عدم العلم بالحكم في موضوع نفسه ؟
الثانية : هل يمكن اخذ الظن بالحكم في موضوع نفس هذا الحكم ؟
اما الكلام في المسألة الاولى فقد تعرض شيخنا الانصاري له في باب القطع في مقام توجيه ما نسب الى الاخباريين، فإنه قد نسب لهم المنع عن حجية القطع الحاصل من المقدمات العقلية اما الحاصل من المقدمات الشرعية فهو حجة، حيث قام شيخنا الانصاري بتوجيه هذا الكلام وذكر ان المنع من حجية القطع غير معقول ولا يمكن نسبته الى الاخباريين فلا بد من توجيه كلام الاخباريين، بأن يقال ان مرادهم التصرف بالحكم المقطوع به أي ان العلم الحاصل بالأحكام الشرعية من المقدمات العقلية يكون مانعا عن فعليتها، فاذا كان العلم مانعا عن فعليتها فعدمه لا محالة يكون مأخوذا في موضوعها، فإن ما كان عدمه مأخوذا في الموضوع فلا محالة يكون وجوده مانعا، فاذا كان العلم الحاصل من المقدمات العقلية بالأحكام الشرعية فهذا العلم مانعا عن فعلية تلك الاحكام وتنجزها وحينئذ بطبيعة الحال يكون عدمه مأخوذا في موضوع هذه الاحكام، وما نحن فيه من هذا القبيل.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo