< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

36/03/12

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : قيام الامارات مقام القطع الموضوعي
الى هنا قد تبين ان ما ذكره المحقق العراقي (قده) من ان المترتب على الجزء هو الحكم التعليقي لا يرجع الى معنى محصل، لأنه ان اراد من الحكم التعليقي الحكم الانحلالي فهو خلف الفرض، فإن الحكم المتعلق بالمركب حكم واحد ولا ينحل الى حكمين وان اراد منه الحكم الضمني المعبر عنه بحصة من الحكم فهو ليس بحكم شرعي بل هو بتحليل من العقل ومنتزع عقلا من تعلق الامر بالمركب فاذا امر المولى بالصلاة من التكبيرة الى التسليمة فالعقل ينتزع الوجوب الضمني لكل جزء من اجزاء الصلاة ويتعلق بكل جزء حصة من الوجوب وهذه الحصة ليست حكما شرعيا فلا يكون مصححا للترتب، هذا مضافا الى ان الحكم التعليقي مرجعه الى الملازمة بين الاجزاء فان العقل يحكم بالملازمة والترابط بين الاجزاء بعد تعلق الحكم بالمركب، فاذا تعلق الوجوب بالصلاة من التكبيرة الى التسليمة فهو منشأ لانتزاع الملازمة بين الاجزاء اذ ان اجزاء الصلاة متربطة ثبوتا وسقوطا أي اذا ثبت جزء ثبتت جميع الاجزاء والا فلا يعقل ثبوته و اذا سقط جزء منها سقط جميع الاجزاء والا فلا يعقل ان يكون جزءا له وهذا الترابط والتلازم امر انتزاعي من قبل العقل لجعل الشارع الوجوب على المركب،هذا من ناحية .
ومن ناحية اخرى، هل يمكن تنزيل شيء منزلة جزء الموضوع بلحاظ الحكم المترتب على المركب او لا يمكن ؟ مثلا الحرمة المترتبة على المركب كحرمة شرب الخمر الواقعي فان الحرمة مترتبة على الخمر الواقعي والقطع فالقطع احد جزئي الموضوع والخمر الجزء الآخر للموضوع والحكم مترتب على المجموع فهل يمكن تنزيل شيء منزلة جزء الموضوع بلحاظ هذا الحكم المترتب على المركب او لا يمكن ؟
الظاهر بل المقطوع به انه لا يمكن، فان دليل التنزيل ناظر الى المنزل عليه والى الحكم الثابت له واسراء ذلك الحكم الى المنزل وهذا هو مفاد التنزيل بمعنى جعل حكم مماثل لحكم المنزل عليه من قبل الشارع للمنزل والا اسراء شخص هذا الحكم غير معقول، فمعنى التنزيل انه ناظر الى الحكم الثابت للمنزل عليه واسرائه الى المنزل، والمفروض ان الحكم لا يترتب على المنزل عليه فان المنزل عليه هو الجزء وهذا الحكم لا يترتب على الجزء وانما يترتب على المركب منه ومن غيره والمركب ليس المنزل عليه والمنزل عليه هو الجزء فهذا التنزيل غير معقول لأنه ينتفي بانتفاء احد اركانه ومن اركانه هو ترتب الاثر الشرعي الثابت للمنزل عليه والاثر الشرعي هنا ليس ثابتا للمنزل عليه بل هو مترتب على شيء اخر وهو ليس منزلا عليه، فلا يصح تنزيل شيء منزلة جزء الموضوع بلحاظ الحكم المترتب على الموضوع المركب .
واما اذا قيل ان هذا التنزيل أي تنزيل المؤدى منزلة الواقع بلحاظ انه اذا انضم اليه التنزيل الثاني تحقق الحكم، فان المولى اذا نزل المؤدى منزلة الواقع وهو الخمر الواقعي ومع ضم التنزيل الثاني اليه وهو تنزيل الظن بالمؤدى التنزيلي منزلة القطع بالواقع الحقيقي تحققت الحرمة .
قلنا : مضافا الى ما ذكرنا من ان هذا التنزيل غير صحيح لأن المنزل عليه ليس مما يترتب عليه الاثر الشرعي انه يلزم الدور، فان التنزيل الاول يتوقف على انضمام التنزيل الثاني اليه والتنزيل الثاني يتوقف على انضمام التنزيل الاول اليه وهو كما ترى، فلأجل ذلك لا يمكن تنزيل شيء منزلة جزء الموضوع بلحاظ الحكم الثابت للموضوع المركب من جزئين .
فالنتيجة : انه كما لا يمكن تنزيل شيء منزلة جزء الموضوع مستقلا وفي نفسه كذلك لا يمكن تنزيل شيء منزلة جزء الموضوع بلحاظ الحكم المترتب على الكل .
بقي هنا امران :
احدهما : ان تنزيل المؤدى منزلة الواقع تنزيل ظاهري، لأن الشك مأخوذ في موضوع هذا التنزيل اذ المكلف شاك في ان هذا المؤدى مطابق للواقع ام انه ليس مطابقا للواقع وشاك في ثبوت الواقع وشاك في عدم ثبوته كما اذا فرضنا ان الامارة قامت على حرمة شرب التتن فنشك ان الحرمة لشرب التتن ثابتة في الواقع حتى تكون الامارة مطابقة للواقع او ان هذه الحرمة غير ثابتة في الواقع حتى تكون الامارة غير مطابقة للواقع، فبطبيعة الحال يشك المكلف في مطابقة مؤدى هذه الامارة للواقع وعدم مطابقته للواقع وفي مثل ذلك لا معنى للتنزيل اذ ان حكم المنزل عليه مشكوك الثبوت فلا معنى لإسرائه الى المنزل فلا بد من تقييد ان حكم المنزل عليه متيقن، ومع افتراض اليقين بحكم المنزل عليه ينتفي التنزيل بانتفاء موضوعه لأن الشك مأخوذ في موضوع هذا التنزيل ومع العلم ينتفي الشك، وعليه فلا يعقل تنزيل المؤدى منزلة الواقع وتنزيل الظن بالمؤدى التنزيلي منزلة القطع بالواقع اذ ان التنزيل الاول غير معقول حتى تصل النوبة الى التنزيل الثاني، نعم هذا انما يتصور في التنزيلين الواقعيين كما اذا فرضنا ان المولى نزل البذل بمنزلة الاستطاعة ونزل الرشد بمنزلة البلوغ فاذا انضم احد التنزيلين الى الاخر تحقق وجوب الحج فكما ان وجوب الحج يتحقق بالاستطاعة والبلوغ معا كذلك يتحقق بالرشد والبذل معا، ولكن تقدم ان هذا التنزيل غير صحيح لأن المنزل عليه ليس موضوعا للحكم حتى يكون التنزيل ناظرا الى اسراء حكمه الى المنزل والحكم انما يترتب على المركب وهو ليس المنزل عليه ومع الانضمام يستلزم الدور .
بقي هنا امران احدهما ثبوتي والاخر اثباتي .
اما الثبوتي فقد ظهر مما تقدم ان تنزيل شيء منزلة جزء الموضوع كما هو المعروف والمشهور ان تنزيل شيء منزلة جزء الموضوع صحيح اذا كان جزئه الاخر محرزا بالوجدان او بالتعبد في عرض التنزيل الاول، ولكن ظهر مما مر ان هذا التنزيل ايضا غير صحيح لعدم ثبوت الحكم للمنزل عليه وانما هو ثابت للمركب منه ومن غيره، فما هو المنزل عليه ليس موضوعا للحكم وما هو موضوع للحكم ليس بمنزل عليه فلا يصح هذا التنزيل حتى فيما اذا كان الجزء الاخر محرزا بالوجدان او بالتعبد في عرض التنزيل الاول .
واما الاثباتي فان مفاد دليل حجية الامارات ليس تنزيل المؤدى منزلة الواقع لأن المستفاد من ادلة الحجية تنزيل الامارة منزلة الواقع المقطوع به أي ان هنا تنزيل واحد لكلا الجزئين معا أي تنزيل الامارة مع المؤدى منزلة الواقع مع القطع به هذا هو مفاد دليل الحجية وليس مفاده تنزيل المؤدى منزلة الوقع حتى يدل بالدلالة الالتزامية على تنزيل الظن بالمؤدى منزلة القطع بالواقع لو ثبت هذه الدلالة حتى يكون موردا للإشكال، فلا مانع من تنزيل كلا الجزئين بدليل واحد لأن الاشكال انما هو فيما اذا كان كل جزء بحاجة الى تنزيل مستقل هذا تمام كلامنا فيما ذكره صاحب الكفاية (قده) والمناقشة فيه

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo