< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

36/03/18

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : قيام الامارات مقام القطع الموضوعي
الى هنا قد تبين ان عمدة الدليل على حجية الامارات هو السيرة القطعية من العقلاء الجارية على العمل بأخبار الثقات وظواهر الالفاظ وقد امضى الشارع هذه السيرة، ويكفي في تحقق الامضاء سكوت المولى عن الردع عنها، لان هذه السيرة مرتكزة في اذهان الناس وثابتة في اعماق نفوسهم وهم يعملون بها بدون ادنى شيء فعدم العمل بحاجة الى الردع ومع عدم الردع من المولى نستكشف امضائه لهذه السيرة .
وذكرنا ان هذه السيرة دليل لبي ولا لسان له والقدر المتيقن منها حجية اخبار الثقة وقيامها مقام القطع الطريقي المحض، لأنها حجة لأثبات الواقع تنجيزا وتعذيرا وتقوم مقام القطع في التنجيز والتعذير، ولا سيرة من العقلاء على ان ما يترتب من الالتزامات والاحكام على طريقية القطع يترتب ايضا على طريقية الامارات، وعليه فلا تقوم الامارات مقام القطع الموضوعي الطريقي .
وبكلمة واضحة : ان الاقوال في حجية الامارات خمسة :
الاول : ان مفاد حجية الامارات تنزيل مؤدى الامارة منزلة الواقع، وتدل بالالتزام على تنزيل الظن بالمؤدى منزلة القطع بالواقع وبذلك تقوم الامارة مقام القطع الموضوعي الطريقي ايضا،كما يظهر ذلك من صاحب الكفاية في تعليقته على الرسائل، ولكن تقدم ان هذا القول لا يمكن الالتزام به ثبوتا واثباتا على تفصيل تقدم، اذ ان ادلة حجية الامارات على تقدير تسليم انها دليل لفظي ليس لسانها لسان التنزيل فضلا عن كون دليل الحجية هو السيرة ولا لسان لها .
الثاني : ان المجعول في باب الامارات هو المنجزية والمعذرية كما يظهر ذلك من الكفاية.
الثالث : ما ذكرته مدرسة المحقق النائيني من ان المجعول في باب الامارات الطريقية والكاشفية والعلم التعبدي .
الرابع : ان المجعول في باب الامارات هو الحكم الظاهري، فان الامارة ان كانت مطابقة للواقع فالمجعول الحكم الظاهري والا فليس هنا أي جعل، ويظهر ذلك من شيخنا الانصاري في بعض كلماته .
الخامس : ما اخترناه من ان الحجية ليست مجعولة بل هي امر منتزع من امضاء الشارع للسيرة فانه لا جعل في سيرة العقلاء ولا مجعول وكذلك الامضاء ليس متكفلا للجعل لأنه يكفي في الامضاء سكوت المولى عن الردع، فاذا امضى الشارع انتزع العقل حجية الامارة بمعنى انها منجزة للواقع عند الاصابة ومعذرة عند الخطأ .
واما القول بان المجعول في باب الامارات المنجزية والمعذرية فهو مما لا يمكن الالتزام به ثبوتا واثباتا .
اما ثبوتا فلأن المنجزية والمعذرية من اثار الحجية، لأن المنجزية عبارة عن حكم العقل باستحقاق العبد العقوبة والادانة على مخالفة الواقع، وحكمه بعدم استحقاق العقوبة على تقدير الخطأ ومن الواضح ان هذا الاثر انما يترتب على الامارة بعد اتصافها بالحجية، وهما حكمان عقليان غير قابلين للجعل .
واما اثباتا، فلأن الدليل لا يدل على ان المجعول في باب الامارات هو المنجزية والمعذرية حتى لو كان الدليل لفظيا فضلا عن كونه دليلا لبيا، اذ لا شبهة في ان المتفاهم العرفي من ادلة الحجية ان المنجزية والمعذرية من آثار اتصاف الامارات بالحجية فالمنجزية والمعذرية انما هي حكم العقل .
فالنتيجة ان هذا القول ساقط ثبوتا واثباتا .
اما القول الثالث، من ان المجعول في باب الامارات الطريقية والكاشفية والعلم التعبدي فهو ايضا لا يمكن الالتزام به ثبوتا واثباتا.
اما ثبوتا، فانه لامعنى لجعل الطريقية لأخبار الثقة لأن طريقيتها ذاتية وتكوينية وان كانت ناقصة، لأن هذا الجعل لا يمكن ان يؤثر في طريقية اخبار الثقة بان يجعل طريقيتها اقوى من السابق لاستحالة تأثير الجعل التشريعي بالأمر التكويني والا لكان امرا تكوينيا وهو خلف كونه امرا اعتباريا، فيكون هذا الجعل لغوا ولا يترتب عليه أي اثر الا اذا رجع الى تنزيل الامارات منزلة القطع في اثبات الاثار الشرعية والمفروض ان مدرسة المحقق النائيني لا تقول بالتنزيل .
واما اثباتا، فان عمدة الدليل على حجية اخبار الثقة وظواهر الالفاظ السيرة العقلائية وهي عبارة عن عمل العقلاء بأخبار الثقة في الاحكام والالتزامات بينهم وبين عبيدهم ولا جعل ولا مجعول فيها، أي ليس من شأن العقلاء جعل الاحكام الشرعية، فالعقلاء انما يعملون بأخبار الثقة وظواهر الالفاظ وكذا لا جعل في امضاء الشارع اذ يكفي في الامضاء سكوت المولى عن الردع.
فالنتيجة ان ما ذكرته مدرسة المحقق النائيني (قده) لا يمكن الالتزام به .
واما القول الرابع وهو ما يظهر من الشيخ (قده) من ان المجعول في باب الامارات هو الحكم الظاهري المماثل لمؤدى الامارات على تقدير مطابقتها للواقع والمخالف على تقدير عدم المطابقة، فهو ان كان ممكنا ثبوتا الا ان الدليل في مقام الاثبات لا يساعد عليه، لأن دليل حجية الامارات غاية ما يدل عليه ان ما يترتب على مؤدى الامارات يترتب على الواقع ظاهرا ولا يدل على ان ما يترتب على طريقية القطع يترتب على طريقية الامارات ايضا سواء كان دليل الحجية دليلا لفظيا ام كان دليلا لبيا .
واما القول الخامس، فهو وان كان ممكنا ثبوتا قيام الامارة مقام القطع الموضوعي الطريقي الا ان الدليل في مقام الاثبات قاصر لأن الدليل هو السيرة ومفادها هو عمل العقلاء بأخبار الثقة لأثبات الواقع تنجيزا او تعذيرا ولا سيرة من العقلاء على ان ما يترتب على طريقة القطع يترتب على طريقية الامارة ايضا .
هذا تمام كلامنا في قيام الامارات مقام القطع الموضوعي الطريقي.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo