< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

36/03/19

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : قيام الامارات مقام القطع الموضوعي الصفتي
يقع الكلام في قيام الامارات مقام القطع الموضوعي الصفتي، ولكن ظهر مما تقدم ان الامارات بدليل حجيتها لا تقوم مقام القطع الموضوعي الطريقي فضلا عن قيامها مقام القطع الموضوعي الصفتي، واما لو سلمنا انها بدليل حجيتها تقوم مقام القطع الموضوعي الطريقي فهل تقوم مقام القطع الموضوعي الصفتي او لا تقوم مقامه؟ وقبل الدخول في هذا البحث ينبغي التنبيه والاشارة ان للعلم الصفتي تفسرين :
الاول : ان العلم الصفتي عبارة عن استقرار النفس وخروجها من التردد والقلق الى الثبات والاستقرار، ومن الواضح ان هذ التفسير مبني على ان حقيقة العلم حقيقة واحدة وليس للعلم حقيقتان احداهما العلم الطريقي والاخرى العلم الصفتي، فالعلم حقيقة واحدة بسيطة وعبارة عن اضافة العلم الى المعلوم بالذات وهذه الاضافة مرآة وكاشفة ومرآتيتها وكاشفيتها ذاتية، واما اضافة المعلوم بالذات الى المعلوم بالعرض فهي خارجة عن حقيقة العلم، فان هذه الاضافة اضافة محمولية بينما اضافة العلم الى المعلوم بالذات اضافة اشراقية ومقومة للمضاف اليه، وتقدم تفسير ذلك في الجملة سابقا . وعلى هذا فلا معنى للعلم الصفتي في مقابل العلم الطريقي الا ان يكون المراد من العلم الصفتي هو ثبات النفس واستقرارها فان ذلك كله من لوازم العلم وآثاره .
الثاني : ان اضافة العلم الى المعلوم بالذات عبارة عن العلم الصفتي أي المعلوم بالذات، وامام اضافة العلم الى المعلوم بالعرض فهي عبارة عن العلم الطريقي وهذا التفسير هو المعروف والمشهور بين الاصوليين حتى مدرسة المحقق النائيني(قده) .
اما على التفسير الاول، فلا شبهة في ان الامارات بدليل حجيتها لا تقوم مقام العلم الصفتي، لأنّا لو سلمنا ان الدليل على حجية الامارات دليل لفظي ومفاده التنزيل، فدليل الحجية يدل بالمطابقة على تنزيل المؤدى منزلة الواقع وبالالتزام على تنزيل الظن بالمؤدى التنزيلي منزلة القطع في الواقع الحقيقي وبهذين التنزيلين يتحقق الموضوع اذ ان موضوع الحكم مركب من القطع والواقع فالواقع جزء الموضوع وجزئه الاخر القطع كما اذا قال اذا قطعت بوجوب الصلاة فيجب عليك التصدق بدينار، فموضوع وجوب التصدق مركب من الواقع والقطع به، ودليل الحجية يدل على تنزيل المؤدى منزلة الواقع وحيث ان هذا التنزيل وحده لغو وحفظا لصون كلام المولى عن اللغوية لا بد من الالتزام بالدلالة الالتزامية وهي دلالة دليل حجية الامارات على تنزيل الظن بالمؤدى التنزيلي منزلة القطع بالواقع الحقيقي ومن الواضح ان دليل الحجية لا يدل على تنزيل الظن منزلة استقرار واطمئنان وثبات النفس بل لا اشعار فيه فضلا عن الدلالة، اذ ان المدلول المطابقي تنزيل الظن منزلة الواقع ومدلوله الالتزامي تنزيل الظن بالمؤدى التنزيلي منزلة القطع بالواقع الحقيقي، فمن اجل ذلك لا يمكن قيام الامارات بدليل حجيتها مقام القطع الموضوعي الصفتي بهذا التفسير، نعم لو كان هناك دليل خاص على تنزيل الظن منزلة استقرار النفس فلا مانع من الاخذ به الا انه ليس هنا دليل خاص هذا مضافا الى ان محل الكلام انما هو في دليل حجية الامارات وانها هل تقوم مقام القطع بدليل حجيتها او لا تقوم ؟ هذا مضافا الى ما ذكرنا من ان الدليل على حجية الامارات دليل لبي وليس لفظيا، لأن الدليل على حجيتها انما هي السيرة من العقلاء ومفادها قيام الامارات مقام القطع الطريقي المحض ولا تدل على قيام الامارات مقام القطع الموضوعي الطريقي فضلا عن القطع الصفتي .
فالنتيجة انه على ضوء هذا التفسير عدم قيام الامارات مقام القطع الموضوعي الصفتي .
واما على التفسير لثاني، الذي هو المعروف والمشهور بين الاصوليين فهل تقوم الامارات بدليل حجيتها مقام القطع الموضوعي الصفتي، فاذا فرض ان الدليل على حجية الامارات لفظي وله اطلاق ومفاده التنزيل فهل يدل عل قيام الامارات مقام القطع الموضوعي الصفتي ؟
ولا بد في المقام من التفصيل، فان القطع الصفتي اذا كان جزء الموضوع وجزئه الاخر هو الواقع بان يكون موضوع وجوب التصدق مثلا مركب من القطع الصفتي والواقع، وحينئذ لو كان دليل حجية الامارات لفظيا وله اطلاق ومفاده التنزيل فانه يدل بالمطابقة على تنزيل المؤدى منزلة الواقع وحيث ان هذا التنزيل وحده لغو وحفظا لكلام المولى عن اللغوية فلا بد من الالتزام بالدلالة الالتزامية، فيدل دليل حجية الامارات بالالتزام على تنزيل الظن بالمؤدى التنزيلي منزلة القطع بالواقع الحقيقي كما هو الحال فيما اذا كان الموضوع القطع الطريقي، وحينئذ يمكن قيام الامارات مقام القطع الموضوعي الصفتي على هذا الفرض .
واما اذا كان القطع الصفتي تمام الموضوع للحكم واما الواقع فلا يكون جزء الموضوع فعندئذ لا يمكن دلالة دليل حجية الامارات على قيامها قام القطع الصفتي حتى لو قلنا بان دليل حجية الامارات دليل لفظي ومفاده التنزيل فانه لا يصح تنزيل المؤدى منزلة الواقع لأن الواقع لا دخل له كما هو المفروض ولان التنزيل ناظر الى حكم المنزل عليه واسرائه الى المنزل والمفروض ان المنزل عليه هو الواقع ولا يكون دخيلا في الحكم ومن الواضح ان دليل الحجية لا يدل على تنزيل صفة الظن منزلة صفة القطع .
فالنتيجة : ان الامارات بدليل حجيتها لا تقوم مقام القطع الصفتي اذا كان تمام الموضوع .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo