< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

36/04/20

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: حقيقة العلم الاجمالي
الى هنا قد تبين ان الجامع الذاتي كمفهوم الانسان ونحوه منتزع من الحيثية الذاتية المشتركة بين افراده ومن الواضح ان هذا المفهوم لا ينطبق الا على تلك الحيثية، لأنه منتزع منها ولا ينطبق على الفرد بحده الفردي وبخصوصياته وانطباقه على الفرد باعتبار تلك الحيثية أي الحيثية الذاتية الذاتية المشتركة بين افراده لا بلحاظ خصوصية الفرد، والا فمفهوم الانسان لا يصدق على زيد بحده الفردي بقطع النظر عن الحيثية المشتركة الجامعة بين افراده .
واما المفهوم العرضي فهو منتزع من الفرد الخارجي بحده الفردي كمفهوم الجزئي ومفهوم الفرد ومفهوم الاحد ومفهوم الشخص وما شاكل ذلك من المفاهيم فان العقل ينتزع هذه المفاهيم ويخترعها للإشارة الى ما في الخارج فان مفهوم الفرد ينطبق على الفرد بحده الفردي وكذلك مفهوم الشخص وما شاكل ذلك ومتعلق العلم الاجمالي هو العنوان العرضي أي عنوان احدها او احدهما فمفهوم الاحد مفهوم عرضي ينطبق على الفرد بحده الفردي غاية الامر المردد بين فردين او اكثر والتردد انما هو عندنا من جهة جهلنا بالواقع، واما في الواقع وعلم الله فهو غير مردد .
فإذاً متعلق العلم الاجمالي هو الجامع العرضي فانه مأخوذ للإشارة الى الواقع الخارجي وهو الفرد بحده الفردي غاية الامر مردد بين هذا وذاك، فاذا علمنا اجمالاً بحرمة احد الاناءين احدهما شرقي والاخر غربي فعنوان الاحد عنوان عرضي مشير الى الواقع الخارجي فهو ينطبق على حرمة كل من الاناءين بحده الشخصي ولكنه مردد عندنا من جهة الجهل بالواقع واما في الواقع وعلم الله فهو غير مردد ولا تردد في الواقع وعلم الله .
فإذاً متعلق العلم الاجمالي ليس مفهوما ذاتيا او ليس جامعا ذاتيا بل جامعا عرضيا.
وعلى هذا، فهل يمكن حمل الاتجاهات الثلاثة على هذا الاتجاه؟
اما حمل ما ذكره المحقق الخراساني (قده)، من ان الوجوب التخييري في الواجب التخييري متعلق بالفرد المردد كما هو الحال في العلم الاجمالي مراده من الفرد المردد أي المردد بين احد فردين في الخارج او احد الافراد في الخارج وليس مراده من الفرد المردد الفرد المردد في نفسه فانه غير معقول فان كل فرد في الخارج متعين في الواقع وعلم الله ولا يعقل التردد بين وجود نفسه ووجود غيره فالمراد من الفرد المردد الفرد المردد بين فردين في الخارج وهذا امر معقول لأنه مردد عندنا من جهة جهلنا بالواقع لا انه مردد في الواقع وعلم الله لأنه ليس كذلك في الواقع وعلم الله .
واما حمل ما ذكرته مدرسة المحقق النائيني (قده) على ذلك فهو لا يمكن حيث قد صرح في هذه المدرسة ان متعلق العلم الاجمالي هو الجامع العنواني الذي لا واقع موضوعي له في الخارج فلا ينطبق على الخارج، واما العنوان العرضي فهو مشير الى الخارج وينطبق عليه ولهذا لا يمكن حمل ما ذكرته هذه المدرسة على هذا الاتجاه .
واما حمل ما ذكره المحقق العراقي على ذلك فهو ايضا لا يمكن، حيث انه (قده) قد صرح بان العلم الاجمالي لو كان متعلقا بالجامع فلا يمكن انطباقه على الفرد، وهو متعلق بالفرد اما متعلق بواقع الفرد او متعلق بصورة الفرد وليس متعلقا بالجامع العنواني العرضي وهو عنوان احدهما او احدها والا فلا يمكن انطباقه على الفرد الخارجي بحده الفردي .
فالصحيح في المقام هو ان متعلق العلم الاجمالي الجامع العرضي والجامع العنواني العرضي المشير الى الواقع وينطبق على الواقع بتمام خصوصيته وهو عنوان احدهما، فاذا علمنا بنجاسة احد الاناءين ونجاسة احدهما تنطبق على نجاسة الاناء الشرقي بحده الفردي وتنطبق على نجاسة الاناء الغربي بحده الفردي غاية الامر مرددا عندنا من جهة جهلنا بالواقع واما في الواقع وعلم الله فلا تردد في البين .
هذا تمام كلامنا في حقيقة العلم الاجمالي .

الجهة الثالثة في تنجيز العلم الاجمالي لحرمة المخالفة القطعية العملية
ولا شبهة في ان العلم الاجمالي منجز للحكم المتعلق بالجامع لأن الجامع معلوم وجدانا ومعلوم تفصيلا ولا شبهة في ان العلم الاجمالي منجز للحكم المتعلق بالجامع وهو عنوان احدهما او احدها .
فلا يمكن التمسك بقاعدة قبح العقاب بلا بيان بالنسبة الى الجامع لأنه معلوم تفصيلا فالعلم الاجمالي بالنسبة الى الجامع وارد على القاعدة ورافع لموضوعها وجدانا، فإن موضوع القاعدة عدم البيان والعلم الاجمالي بيان على الجامع وجدانا .
فإذاً العلم الاجمالي وارد على القاعدة ورافع لموضوعها وجدانا، هذا مما لا كلام فيه ولا اشكال .
وانما الكلام في امكان التمسك بقاعدة قبح العقاب بلا بيان في كل طرف من اطراف العلم الاجمالي فان كل طرف منه مشكوك ولا نعلم بوجود البيان وموضوع القاعدة محقق في كل طرف من اطراف العلم الاجمالي فان نجاسة الاناء الشرقي مجهولة ولم يقم بيان عليها وكذلك نجاسة الاناء الغربي مشكوكة ولم يقم لبيان عليها فموضوع القاعدة محقق وهل يمكن التمسك بهذه القاعدة في اطراف العلم الاجمالي او لا يمكن ؟
والجواب ان العلم الاجمالي على القول بانه علة تامة للتنجيز بالنسبة الى حرمة المخالفة القطعية العملية فلا يمكن التمسك بهذه القاعدة، لأن هذه القاعدة حينئذ لا تصلح ان تكون مانعة عن تنجيز العلم الاجالي لأنه علة تامة للتنجيز ومعنى العلة التامة انه لا يتصور وجود المانع عنه وفرض وجود المانع خلف فان معنى كون العلم الاجمالي علة تامة للتنجيز فرض عدم تصور وجود المانع عنه، ففرض وجود المانع خلف فرض انه علة تامة، فلا يمكن التمسك بقاعدة قبح العقاب بلا بيان وكذلك لا يمكن التمسك بسائر الاصول العملية المؤمنة الشرعية كأصالة البراءة الشرعية او قاعدة الطهارة او ما شاكل ذلك، لأن فرض وجود المانع عن تنجيز العلم الاجمالي فرض وجود المانع عن العلة التامة وهذا لا يمكن لأن معنى كونه علة تامة انه لا مانع منه فلو فرض وجود المانع وهو لا يجمتع مع فرض كونه علة تامة .
فإذاً لا يمكن جريان الاصول المؤمنة في اطراف العلم الاجمالي لا قاعدة قبح العقاب بلا بيان ولا سائر الاصول المؤمن الشرعية، بل لا تجري حتى فيما اذا فرضنا ان الاصول المؤمنة قد سقطت في بعض اطراف العلم الاجمالي ولا تجري بسبب من الاسباب ولكن العلم الاجمالي باقٍ بحاله، فلا تجري الاصول المؤمنة في سائر الاطراف ايضا وان لم يكن لها معارض مع ذلك لا تجري من جهة ان العلم الاجمالي علة تامة للتنجيز فلا يمكن فرض وجود المانع عنه فان فرض وجود المانع هو فرض انه ليس علة تامة للتنجيز وهذا خلف .
ولكن هذا البيان غير تام ولا يمكن ان يكون العلم الاجمالي علة تامة للتنجيز بل ذكرنا في مبحث الاشتغال ان العلم التفصيلي ليس علة تامة للتنجيز فضلا عن العلم الاجمالي لأن تنجيز العلم الاجمالي معلق على ثبوت حق للمولى على العبد في المرتبة السابقة وهو حق الطاعة فاذا ثبت هذا الحق في المرتبة السابقة فلا محال يكون العلم الاجمالي منجزا وكذلك العلم التفصيلي .
فإذاً تنجزه معلق على ثبوت حق الطاعة للمولى على العبد في المرتبة السابقة واما اذا فرضنا ان المولى قد رخص في ترك طاعته ورفع اليد عن حقه وهو حق الطاعة فلا يكون العلم الاجمالي او التفصيلي منجزا، فإن المولى رخص في ترك طاعته ورفع اليد عن حقه وهو حق الطاعة فاذا رخص في ترك حقه فلا يكون مخالفا للمولى بل موافقا لترخيصه وجعله مرخصا في ترك الطاعة وعندئذ لا يكون العلم الاجمالي منجزا وكذلك العلم التفصيلي لانتفاء المعلق عليه.
فالنتيجة ان العلم الاجمالي لا يكون علة تامة للتنجيز بالنسبة الى حرمة المخالفة القطعية العملية

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo